وقفة تاريخية للقضاة بمحكمة النقض: الأساس والمسببات والنتائج؟

وقفة تاريخية للقضاة بمحكمة النقض: الأساس والمسببات والنتائج؟
السبت 4 يوليوز 2015 - 15:15

شكلت وقفة القضاة يومه الجمعة 3/7/2015 حدثا تاريخيا واستثنائيا بكل المقاييس على الدرب الطويل والشاق في دفاع نادي قضاة المغرب على استقلالية السلطة القضائية في مواجهة مشاريع الانتكاسة والردة الدستورية لما سمي ظلما وزورا بإصلاح القضاء، لأنها تعتبر في الحقيقة هجمة شرسة من طرف السلطة التنفيذية وأغلبتها البرلمانية على استقلال القضاء الفردي والمؤسساتي،وهو ما يزكي منطق دولة “وزارة العدل” لكونها تعاملت مع القضاء “كخصم يوجد في حالة صراع معها ويتنازعها الصلاحيات كما تتوهم “وليس قضاء الوطن وسلطة قضائية بما تعنيه الكلمة من معنى ، كما يجب أن تكون دستوريا وواقعيا على قدم المساواة والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ،مما اقتضى تحجيمه وإضعاف دوره حتى لا يكون سيدا في قراراته ،وهكذا تم بطريقة انتقامية الإجهاز عليه وعلى حقوق القضاة وحرياتهم لكي لا يقوموا بدورهم الطبيعي في إحقاق العدالة وحماية الحقوق والحريات،فصار القضاة لديها موظفين والمحاكم مصالح خارجية تابعة لها ،والمجلس الأعلى للسلطة القضائية مجرد لجنة تخضع لها وتأتمر بأوامرها بدون استقلال مالي ولا إداري ،هيئة ناقصة وضعيفة الصلاحيات وجسم بدون روح ،لأن الوزارة تخشى استقلال القضاء أن يعود عليها بالخسارة لأن منطقها الربح وليس مصلحة الوطن ومرتكزات الدستور ،فضحت إن لم نقل أعدمت وجوده من اجل البقاء في كرسي الحكم وفقا لتصور الهيمنة والتحكم ضاربة عرض الحائط بالمرجعيتين الملكية والدستورية والوثائق الدولية لاستقلال السلطة القضائية والتراكمات الإيجابية لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وللفعل الحقوقي المغربي ولاسيما تصورات النسيج المدني لاستقلال السلطة القضائية.

ويمكن حصر أهم النقط السلبية في مشاريع العبث القضائي :

– تخويل وزارة العدل الإشراف على الإدارة القضائية للمحاكم وتقييم أداء المسؤولين القضائيين؛ و حدود مسألة التنسيق و محاوره بين المسؤولين المذكورين و بين جهاز كتابة الضبط.

2 ـ ضعف الضمانات المخولة للقضاة بمناسبة تدبير المجلس الأعلى للسلطة القضائية لوضعيتهم المهنية في غياب مقتضيات و إجراءات عملية تحمي استقلال القاضي والقضاء؛

3 ـ عدم الأخذ بمقاربة النوع بخصوص المناصفة في تنظيم آليات انتخاب ممثلي القضاة وضمان تمثيلية النساء القاضيات ،وفي تدبير الوضعية المهنية للمرأة القاضية على مستوى التعيين والترقية والانتداب والمسؤولية؛

4 ـ التضييق على حرية تأسيس الجمعيات، و المساس الحق في التعبير الفردي والجماعي للقضاة.

5 ـ عدم التنصيص على إحداث مجلس الدولة، المخول له حق مراقبة مشروعية و ملائمة قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

6 ـ إشكالية الآليات العملية المصاحبة للنص القانوني الداعم لإستقلالية السلطة القضائية.

7 – إشكالية إستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل و الحريات.

8 – إشكالية دور مكونات الجسم القضائي في تكريس مبدأ استقلال السلطة القضائية.

وفيما يتعلق بالمــــــــداخل الكبرى التي يتعين أخذها بعين الاعتبار فيمكن حصرها في النقط التالية :

*تقوية استقلالية القضاء رآسة ونيابة عامة وتعزيز دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية كهيئة دستورية ناظمة لها ولاية كاملة على تسيير الشأن القضائي والإشراف على الإدارة القضائية للمحاكم بما يتيح إخراج وزارة العدل من حقل القضاء نهائيا باعتبارها من عنصر أزمة .

• إحداث و تكريس مجلس الدولة باعتباره أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة.

• دعم مبادئ الشفافية والمساواة والإنصاف والعدالة في تدبير الوضعية الفردية للقضاة.

• تكريس حق القضاة في التعبير الفردي والجماعي والانتماء للجمعيات.

• النيابة العامة واستقلال السلطة القضائية:

-تخويل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض باعتباره رئيس النيابة العامة الإشراف وتتبع أعمال النيابة العامة.

– استقلال سلطة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية بشكل مطلق،

– صلاحية السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في تبليغ السياسة الجنائية العامة للوكيل العام للملك بمحكمة النقض على أن تكون كتابة و غير متعلقة بحالات محددة.

– نقل الإشراف الكلي على الضابطة القضائية إلى سلطة النيابة العامة، و جعلها من أجهزة السلطة القضائية.

– إحداث مجلس الوكلاء العامين للملك تحت السلطة المباشرة للوكيل العام للملك بمحكمة النقض يخول له إقتراح موجهات السياسة الجنائية و السهر على تنفيذها.

– تخويل هذا المجلس حق مراجعة قرارات النيابة العامة المتصلة بحفظ الشكايات، و سائر التظلمات ضد القرارات المتعلقة بها.

– تخويل مجلس الوكلاء العامين للملك صلاحية مراقبة أعمال النيابة العامة.

– تعزيز إستقلالية قاض النيابة العامة، في إبداء آرائه بكل حرية و إستقلال في الجلسات العلنية.

– تنظيم قاعدة التبعية و التسلسل الرئاسي و حدوده التي يخضع لها قضاة النيابة العامة.

– تمتيع قضاة النيابة العامة بنفس الحصانة ضد النقل و العزل التي يتمتع بها قضاة الأحكام.

وفي الأخير فإن نادي قضاة المغرب كجمعة مهنية قضائية مستقلة أثبت في وقفته الثالثة صوابية مواقفه ورصانتة مذكراته الترافعية ،والأهم من هذا أنه يظل صوت القضاء الأول والحر لاستقلالية قراراته النابعة من اختياراته وحده معتبرا أن استقلالية القضاء لا تراجع فيها ولا تنازل ولا مساومة،ولم يقبل بمنطق تأجيل الوقفة الوطنية التي حاولت باقي الجمعيات المهنية التحجج به ،لعدم صدور أي ضمانات تفيد الاستجابة لمطالب القضاة العادلة والمشروعة ،لهذا فهو يظل مستعدا لتصعيد مواقفه واحتجاحاته النضالية وفقا لتطور الأوضاع على الساحة التشريعية من أجل التفعيل الديمقراطي لدستور 2011 في أفق بلوغ سلطة قضائية مستقلة تعد امتيازا للمواطن للاحتماء بقضاء مستقل ومحايد وكفئ بعيدا عن وزارة العدل الذي لن ينصلح أمر القضاء إلا بإخراجها من مجاله،لأنها مكمن الداء وعلامة الفشل،وسر كل الانتقادات لأجهزة العدالة؟فمتى يعلنون إلغاء وزارة العدل ؟كدواء للانتكاسة والعبت التشريعي والهيمنة الإدارية على القضاء والقضاة.

‫تعليقات الزوار

4
  • حافظ
    السبت 4 يوليوز 2015 - 23:46

    تحية للقاضي المتميز الدكتور محمد الهيني احد ضحايا تغول السلطة التنفيذية ووزارة العدل التي نقلته من القضاء الاداري المستقل لقضاء النيابة العامة . يبدو ان الاحكام التي ساهم الدكتور الهيني في اصدارها ازعجت السلطات . لكن لا يهمك طالما انك مرتاح الضمير .

  • انس
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 02:15

    وقفة تاريخيةّ، وتحليل تاريخي دقيق ومتميز ، تحية للعميد الدكتور محمد الهيني على المقال المتميز الذي يؤرخ لمرحلة دقيقة من تاريخ هذه الأمة ، انها شهادة حق من شاهد على العصر، عاش التجربة من الداخل .

  • أنس
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 02:37

    الدكتور محمد الهيني رقم صعب في معادلة القضاء المستقل في مغرب دستور 2011، يشكل الى جانب ثلة من القضاة الشرفاء في نادي القضاة نموذجا يحتذى به في الكفاءة والوطنية الصادقة، والتفاني والتضحية والابداع لذا فانه يثير دائما غضب خصوم استقلال القضاء .

  • الجيلالي الهلاش
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 09:57

    نادي قضاة المغرب كجمعة مهنية قضائية مستقلة أثبت في وقفته الثالثة صوابية مواقفه ورصانتة مذكراته الترافعية ،والأهم من هذا أنه يظل صوت القضاء الأول والحر لاستقلالية قراراته النابعة من اختياراته وحده معتبرا أن استقلالية القضاء لا تراجع فيها ولا تنازل ولا مساومة

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 8

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 18

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب