"تنورة" الحرية و"فستان" الديمقراطية

"تنورة" الحرية و"فستان" الديمقراطية
الأحد 5 يوليوز 2015 - 22:05

شهد الشارع المغربي في الآونة الأخيرة حراك شعبي بسبب ما أصبح يطلق عليه “صاية” انزكان، احتجاجا على متابعة “سهام و سناء” بتهمة الإخلال بالحياء.

و إذا كان من الطبيعي أن يستنكر المغاربة اجتياح حرية الشباب بخلفية ثقافة تعصبية ظلامية، فإن المخاض الطويل من الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، و أزمة الميلاد السياسي المتنور، و إعادة البناء الاجتماعي في أفق الديمقراطية و الحداثة، من العقبات التي لازالت تطالبنا بإسهام حقيقي في معركة تحويل الشحنة العاطفية النموذجية إلى مساهمة في تثبيت فكرة الوطن و المواطن، و تخليص المغاربة من حمى “الشيخ ألظلامي” و التمسك بالحقوق، و عدم تجزيئها، و سيادة القانون.

إن ما تعرضت له فتاتي إنزكان بات يسائلنا عن حقيقة ما يحدث في بلادنا من تراجع خطير على مستوى المس بحقوق الأفراد و الجماعات، فماذا عسانا أن نقول؟

إن هذا الحدث الرجعي، يذكرنا بنفس الحدث الذي شهدته الشقيقة الجزائر في شهر ماي من السنة الجارية، حين أثارت “التنورة” القصيرة جدلا واسعا بعد منع طالبة من دخول الامتحان بسبب تنورتها.

و بسرعة قياسية، تحولت قضية “التنورة” إلى قضية رأي عام انقسم حولها الجزائريون إلى معارض و مؤيد، بين الحداثيين و رجال الدين..و النتيجة هي حرمان الطالبة من حقها في اجتياز امتحانها في كلية الحقوق، بسبب الموقف من “السيقان”.

و لقد اعتبر العديد من المتتبعين من داخل الجزائر و من خارجها موضوع تحويل جسم المرأة إلى “ساحة معارك”، دليلا على ضرب حرية النساء و تشجيعا عل العنف ضدهن، خاصة بعدما اعتبر رجل الدين الجزائري عبد الفتاح حمداش أن الطالبة أساءت إلى المجتمع من خلال خروجها من بيتها بلباس غير محتشم، بل و اعتبر رجال الدين أن من ساند الطالبة فهو خارج الشريعة.

والواقع أنه إذا كانت جميع هذه الأوصاف الحقيرة قابلة للتبرير، في خاتمة مطاف أنصار الرجعية و التخلف، بما دلل عليه الأسلوب الشيطاني النكوصي من عجز عن الوصول إلى هدف من أهدافهم، و من فشل في انجاز أية نقلة نوعية و كيانية بالمجتمع المنشود، فإن المسيرة التحررية النسائية، هنا و هناك، غير قابلة للمساومة، و بالوجود النضالي و الكفاحي للتقدميين، على أرض الواقع، لن تتخلى عن دعم حركة التقدم في شموليتها.

إن ما يعيشه المغرب اليوم، يمثل مفصلا حاسما من مفاصل التطور في الصراع بين تجار الدين و من يساندهم في أجهزة البنية الفوقية من جهة ، وبين من يعشقون الحرية و يناضلون ضد كل مساس بحرية الأفراد و الجماعات في كل المستويات و الميادين من جهة أخرى.

هذا المفصل تجسده اليوم “قضية سهام و سناء”، و هو نقطة بزوغ قوة حقيقية و طاقات هائلة جديدة، عنوانها التحرر و الديمقراطية حتى و ان كانت التنورة و الفستان رموزهما.

إن دور المرأة البارز في كل القضايا التحررية، كان و لا يزال دورا مركزيا و محوريا في عملية بناء مجتمع مستقل و متحرر من أي نوع من الاحتلال الفكري و الاستبداد السياسي.

لقد عانت المرأة الفلسطينية هي الأخرى من نفس الممارسات في عز الانتفاضة، حينما كانت تقذف غير المحجبات بالبيض، رغم مناصرة الديمقراطيات و التقدميات و اليساريات و المستقلات للانتفاضة أو مقاومة الحصار اللبناني أو أثناء حرب الخليج أو دعما للمهدي عامل و نصر حامد أبو زيد و فرج فودة…

إن ما فجرته “التنورة” من غضب، يؤكد معاناة المرأة المغربية مع القهرالاجتماعي و مع كافة الأسباب المؤدية إليهما و التي تتضمن بالضرورة الاستغلال الطبقي.

و إن عشقها للفستان المغربي التقليدي منه و العصري يؤكد اختيارها الديمقراطي المرتبط بحقوقها الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية كحق من حقوق الإنسان.

إن المرأة المغربية لم تعد تقبل النضال الخيري الذي يقتصر على وضع المرأة و حقها في التعليم و الأكل و السكن و الرعاية الصحية، بل تريد أن تلعب دورا سياسيا و تفرض مشاركتها في كل الرؤى و الأهداف.

إن قصة “التنورة”، قصة مفتعلة من طرف الفاشلين، و المرضى الذين يسكنهم هاجس الخوف من شعار التنمية الشاملة للمرأة، و من التقدمية كرؤية مستقبلية لعالم تسوده العدالة و المساواة و الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان.

إن من يعتبر “التنورة” تعري و كشف ل”سيقان” المرأة، و من يعتبر أن جسم المرأة كله عورة، و من لا زال يربط الأخلاق بالملابس، و من ينظر إلى عيون المنقبات كشيء يخطف الأبصار، فيجب أن يعرض نفسه على إحصائي في الأمراض النفسية.

أخيرا، مهما تعددت فرائض سماسرة الدين، لا بد من التذكير بثقافة و منطق الاستحقاق، و أن المؤمنون بالحرية و بالديمقراطية و الحداثة، هم من يؤسس اليوم لفضاء الابتكار و الإبداع، من أجل تأسيس و عي نقدي تسنده “تنورة” الحرية و “فستان” الديمقراطية.

و لأن الصمود في وجه النكوصية، ممارسة نضالية يومية، فإنه ثقافة موصولة بالحياة و بنبل الأفكار و المواقف..ضد الاستهجان و الابتذال.

‫تعليقات الزوار

11
  • منا رشدي
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 01:22

    حان الوقت كي نشير للخونة بأسماءهم ! " الريسوني " خائن لوطنه ولدينه الذي إرتضاه المغاربة وليس المشارقة ! كل من إستحلى ركوب الطائرات الخليجية ذهابا وإيابا لغرض في نفس يعقوب شيطان لا يختلف في شيء مع شيطان الجزيرة الذي باع وطنه مصر وزاد بأن نعت الصحافيين المغاربة بوصف ( القوادة ) ! ماذا تقدمه قطر من بديل ديمقراطي غير نرجسية جريحة لا تجد بلسما لجروجها إلا شراء الدمم ! ما أرخص الحثالى الذين ينحنون للمال مع علم ٱل قطر أن مالهم جاذبيتهم فقط ! ما أرخص من يتحالف مع الإخوان ضد أبناء بلده طمعا في وساطة " القرضاوي " لبلوغ مال الجمعيات الخيرية !!!! لا وقت للحديث عن مزايا الديمقراطية فالخارجون من الكهوف لا يؤمنون بها مهما أظهروا من كلام معسول يتسلون به ويضحكون على الأغبياء ! لن يردعهم إلا غلق صنابير المال الخليجي السايب الذي توجه إلى المغرب بعد إقتلاع أنابيب الجمعيات الإسلامية في أوربا وأمريكا !

  • د.أحمد
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 01:56

    لم يبق في المغرب الحبيب ،مغرب السلوك الحميد،وبلد أمة الوقار والحشمة، لم يبق في هذاالمغرب مكان للرجولة ولاللأنوثة،وإنما هو مرتع للشاذين العهرة،خدمة الماسونية الشيطانة، بكل الوسائل الظاهرة والخفية، وآخرها : الدعوة إلى الشذوذ والعهارة العلنية،وأكل رمضان في الأماكن العمومية،وشرب الخمر في الحدائق والشوارع ، وكأن مانحن فيه من مهانة وسخافة ورذالة لايكفي ، بل لابد من أن يمشي الشواذ في شوارعنا عراة،كما ولدتهم أمهاتهم "أحرار"، نزوعا إلى الحيوانية الغابوية، وإلى الهمجية الرعناء، لينتحول هذا البشر إلى القردوة والخنازير،وطوابر من العاهرات والعاهرين،بلا حدود،ليتحقق مبدأ المساواة بين االحنسين في ممارسة الشذوذ بلاحدود . فمرحى لكل شاذ ، فقدوجد في المغرب الضائع من يتاصره ويدافع عنه، من الفسقة الفجرة،الذين شاعت فيه الفاحشة ،وأحبو شيوعها في الذين أمنوا. °°°° الله غلى الفاعلين،ولهم عذاب جهنم.

  • مغربي حر
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 04:50

    لا شيئ مما ذكرت يمت بصلة إلى الواقع، فظاهرة التنورة ليس ظاهرة منعدمة حتى تستوجب منك كل هدا التهويل والترهيب لتفعيلها وتكتب عنها هذه المكبوتات النفسية الداخلية التي كان يمكن أن تفرغها في أي لحظة من دون أن يكون سبب إفراغها تنورتي انزكان بالضرورة، ربما كان السبب بناء مسجد بجوارك برعاية وزارة الأوقاف، التنورة ظاهرة موجودة منذ زمان، وما دون التنورة كذلك موجود، ارتبط وجودها بظهور شركات الأزياء العملاقة خاصة، وليس بنضال العراة الحفاة، وأعتقد أن سبب هذه الضجة الحاصلة حولها في هذه الأيام العصيبة له علاقة بحملة انتخابية سابقة لأوانها..
    والأقلام التي تدافع عن التنورة وكل أشكال التعري الموسمية نوعان مأجور يدافع عن مصالح هذه الشركات العملاقة، ونوع مهووس يرغب في تعميم التنورات قصد الإطلاع على ما تبقى من السيقان الخفية النادرة… ولكن لهؤلاء أقول فلتبدؤوا بمن تعولون والْبسوهن التنورات، آخر موضة ما أمكن، لنرى هل أنتم صادقون ترضونه لأهليكم..؟

  • zorro
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 05:42

    مبروك لكم نهضتكم فبكم سنتقدم الى الامام من أجل خرقة رفعتمها علما لنصر والحرب و حشدتم الغوغائيين في المعمة تحت صرير حناجرهم واعازيج المعاقيين عقليا صارخيين ناهقيين لاصوت يعلو فوق صوت المعركة يبارك المناضلين بعضهم في ساحة الوغى وعند انتهاء الحفلة وتخفت الاصوات ويغادر سرب الفضولين المتطفليين القطيع يسدل الستار على مسرحية منفوخة وينتهي مفعول التخذير و تحت جنح الليل يتسامرون ويتقاسمون العناق بعضهم ويتبادلون التجارب المخبرية ، صفقوا لحلبة التيران الهائجة التى تنطح وتشطح في كل شيء تافه سيرك من المهرجيين والمعطليين البيروقراطيين وفارغي الاوقات الملل يقتلهم والروتين ينهكم اعطوهم مخدر ليدمنوا أكثر على الصياح في الفارغ كائنات فطرية، فائضيين عن اللزوم،لم يتركوا القانون يعمل ففضلوا استعراض القوة واستباق الاحداث وتجيش البهائم ولوي يد الدولة، سلوك العصابات السياسية الفاشية و المافيات الحزبية لسعار الانتخابي القادم ، صانعي الفخاخ والضجات الاعلامية الفارغة فرقعات وفقعات صابون تتطاير في الفراغ ، ينفخ فيها أصحاب العاهات العقلية فروا من المصحة وأصبحوا حكماء لشعب مغلوب عليه بمواضيع ساذجة. ومزالنا سنرى أكثر

  • koumira83
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 06:39

    إنه مضحك أن يكتب رجل في قضية إمرأة ، هل معركتك مع الإ سلامين أو الإسلام، فالإسلام أمر المرأة بالستر وأنت تريد تعريت سيقانها لإثارتك جنسيا ،إذا كنت تعادي الدين فقلها مباشرة
    هل ترضى لبنتك أختك أمك جدتك تنورة قصيرة
    انشري هسبريس

  • democracy
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 11:48

    أخيرا، مهما تعددت فرائض سماسرة الدين، لا بد من التذكير بثقافة و منطق الاستحقاق، و أن المؤمنون بالحرية و بالديمقراطية و الحداثة، هم من يؤسس اليوم لفضاء الابتكار و الإبداع، من أجل تأسيس و عي نقدي تسنده "تنورة" الحرية و "فستان" الديمقراطية. excellent artile well done

  • l'ennui du barbu
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 11:58

    les obscurantistes veulent interdire l'habillement court des jeunes filles car ces habillements montrent leurs jambes , et montrer ses jambes peut conduire la fille à l'enfer comme le prétendent les barbus,et si par malheur beaucoup de filles montrent leurs jambes, l'enfer les attend,
    alors les barbus vont se trouver seuls au paradis sans houriates,sans femmes,
    or les barbus ont été fidèles à la religion et attendent la réponse promise d'avoir des houriates au paradis , ce paradis se retrouve vide de houriates,
    donc le bon sens barbu les conduit à interdire les habits courts,c'est compréhensible,un barbu avec un autre barbu sans femme au paradis,que vont-ils faire?ils s'ennuient ,attention, le chitane est là!

  • أسكور
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 12:39

    لقد نسيت أن تقول كذلك بيكيني وسترينك التقدم الديمقراطي والحرية الحداثية العلمانية. لقد شوهتم هذه الديمقراطية وميعتموها ولم تعد لها أي معنى سوى الانحلال والشذوذ الجنسي وأكل رمضان علنا والعبثية واللاأخلاق والفوضى وخالف تعرف.
    إن ما حدث هو شيء عادي والمحكمة ستقول كلمتها، فلماذا هذا التجييش والهضرة الخاوية والعويل والبكاء والندب من أجل لاشيئ فقط من أجل الانتخابات وضمان الكراسي

  • rinace
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 12:44

    قضايا الراءي لا طاءل لنا على صناعتها حيت يصنعها سادة العالم . نصنعها نحن على ارصفة الاسواق .وادواتنا سيقان النساء وتنانيرهن .وقادة الفكر عندنا اصحاب الفراشات.هده ضريبة رؤية بدو الصحراء بنو وهاب للاسلام. رؤية تختصر الاسلام في في لباس النساء وسيقانهن .ضريبة ضرب تواجهاتنا الفكرية الدينية المغربية الامازيغية المعتدلة العقلانية .ودفعها الى الهامش بببلدوزر دولارات البترول .ضريبة رايح جاي على الخليج باسم الاسلام وكان ملايير المسلمين الاخرين عجزو عن التنضير للدين ومابقي الا بدو الخليج ليعلموننا امور ديننا .ولكن لله در البترول صانع الحدت عندنا فسيقان نساءنا تبرز طمعا في منح لابسي الشماغ .ليتلقف شيوخ الشماغ وسفراءهم و خطاباتهم هنا بعضا من لحم سيقان نساءنا ليرفعوا به لواء الاخلاق ….تفهت ان تختصر منظومة الاخلاق الطويلة العريضة في قطعة قماش او ساق امرءة….الاخلاق اكتشاف دواء يخفف الام بعضهم .او اكتشاف طبي يمنح او يعزز حق الحياة . او اكتشاف زراعي يطعم الجياع …

  • feministe
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 19:40

    Bon, liberté pour liberté, je veux savoir votre avis sur l'interdiction du port du voile dans les écoles françaises, parce que ça fait un peu blizzard de défendre les prostituées et de combattre celles qui veulent paraître indépendantes de leur sexe, je vous invite donc à acheter deux ou trois minijupes pour votre femmes et filles.

  • RAMEN
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 02:41

    تحياتي للمغربي الحر أشفيت غليل قلم حبسته كثيرا لألا يرد على أقلام تفتعل قضايا لتركب عالى هشاشتها في محاولة عبثية لركوب ليس حملة انتخابية سابقة لأوانها فحسب بل ركوب حملة عالمية مسعورة تستهدف ضرب كل القيم الانسانية الجميلة ونشر قيم الدناءة والرداءة والميوعة باسم الحداثة !!!!!!!

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة