العدل والإحسان ليست وقُـودا انتخابويا

العدل والإحسان ليست وقُـودا انتخابويا
الثلاثاء 1 شتنبر 2015 - 23:13

هل تصطف العدل والإحسان مع خصوم حزب العدالة والتنمية استهدافا لتجربتهم الفتية في تدبير الشأن العام؟ هل تقدم العدل والإحسان خدمة مجانية ــــــ وربما بحسن نية ــــــ لمناهضي التجربة الإسلامية في الحكم؟

في خضم التنافس الانتخابي، ومع اقتراب موعد الحسم يوم الجمعة 04 شتنبر، تنتقل الأحزاب، لا سيما المتنافسة على الرتب الأولى إلى السرعة القصوى، موظفة ما تذخره من “أسلحة” انتخابية للنيل من الخصومة. وإذا كان حزب العدالة والتنمية من بين المستهدفين انتخابيا لسببين، أحدهما مرجعيته الإسلامية وما تثيره من حساسية لدى الفاعل السياسي سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، وثانيهما قيادته للائتلاف الحكومي وما يثيره تصديه للشأن العام من انتقادات تترجم انتخابا عقابيا أو تأييد يفتل في شعبيته؛ فإن بعض المنافسين لا يتردد في توظيف موقف العدل والإحسان من المشاركة في الانتخابات لاستمالة جزء من الكتلة الانتخابية المتعاطفة مع المشروع الإسلامي، عملا بـــ”وشهد شاهد من أهلها”.

ورفعا لأي لبس وجب التذكير بأن موقف العدل والإحسان لا يختزل في الانتخابات، بل في الإطار العام الذي يسيج الحياة السياسية، فالجماعة تنتقد الاستبداد في كلياته، وأما الانتخابات فهي آلية ووسيلة لتصريف ذلك التصور، لذلك ركز بيان العدل والإحسان على الأسس الدستورية والسياسية قبل التنظيمية، للتأكيد على أن التصدي لتدبير الشأن العام في ظل البيئة السياسية القائمة لا تتوفر له الشروط الموضوعية لتحقيق أي نجاح أو اختراق لحصون الفساد، وما تجربة حكومة التناوب بقيادة الاتحاد الاشتراكي ببعيدة، حيث لم تشفع لها تجربة الحزب الطويلة في المعارضة، كما لم تشفع لها كرزمية الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي ولم تقها من السقوط المدوي.

إن موقف العدل والإحسان من الانتخابات اليوم هو نفسه قبل عقود، ولا ينبغي توظيفه للنيل من تجربة العدالة والتنمية، مثلما لم يكن كذلك ضد الحكومات المتوالية، وهذا ما ألحت عليه رسالة الجماعة إلى المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بتاريخ: 08 يناير 2012، غداة تعيين الأستاذ عبد الإله بن كيران رئيسا للائتلاف الحكومي: “إننا نعتبر الحديث عن المؤسسات وتعددها واختصاصاتها في ظل الحكم الفردي ومشروعه السلطوي الاستبدادي ضربا من الخيال، ونحسب العمل من داخلها وفق شروطه وابتزازه مخاطرة سياسية بل انتحارا حقيقيا، وهذا ما يدفعنا إلى الخوف الشديد عليكم وعلى مستقبل رجال ونساء من خيرة أبناء هذا الوطن، ولا نزكي على الله أحدا، بذلوا ويبذلون، وما أظننا نخطئ إذا قلنا إنهم سيبذلون جهودا كبيرة، ولكن مع الأسف في الاتجاه الخطإ وفي الزمان الخطإ.

معاذ الله أن نتمنى لكم -أحبتنا- الفشل، أو تحدثنا أنفسنا بذلك، ونحن لا نتمناه لكل صادق مخلص، كيفما كان لونه أو توجهه، يريد مصلحة لهذا الشعب المستضعف، وإنما الذي لا نتمناه هو أن يستمر الاستبداد في الاستخفاف بالناس…”.

إن جماعة العدل والإحسان تقف على مسافة واحدة من الأحزاب ذات الاعتبار في المشهد السياسي منطلقا وحضورا مجتمعيا ورسالة، وتتعامل معها بنفس الأسلوب، وما مسارعتها لتهنئة الكتاب/الأمناء العامين لهذه الأحزاب ــــــــ الاتحاد الاشتراكي، العدالة والتنمية، الاستقلال ــــــــــ بعد انتخابهم من طرف المؤسسات الحزبية، كما في غيرها من المناسبات، إلا دليل وحرص كبير من الجماعة على بناء علاقات مع الهيئات السياسية والحقوقية والجمعوية على أساس الحضور المجتمعي، بصرف النظر عن المرجعيات الفكرية أو الإيديولوجية، انسجاما مع إيمانها الراسخ بخيار “الميثاق الوطني” مدخلا للتغيير والتأسيس للإصلاح.

إن موقف الجماعة وما يصدر عن قيادتها من تحليلات أو تصريحات نقد للبيئة والشروط الموضوعية التي تفرغ أي مشاركة في تدبير الشأن العام من جدواها، مهما صلحت النيات، لأنه إذا فسد المنطلقات أنّى للمآلات السداد والنجاح؛ بل إن مطمح العدل والإحسان ومنتهى غايتها أن تؤسس لمرحلة القطع مع معيقات الإصلاح ممثلة في الهيمنة والتحكم في مفاصل الحياة السياسية، فتستحيل القوى السياسية ـــــــــ على ديناميتها ورصيدها النضالي ـــــــــ وسائل لتزيين الاستبداد وإخفاء بشاعته وتمكينه من فرص الاستمرار، بل و”للتطور”. بمعنى آخر، إذا رضيت هيئات سياسية معينة العمل على الإصلاح من داخل النسق السياسي القائم، فإن العدل والإحسان تسعى لتوسيع دائرة الحرية وتحقيق شروط النزاهة والتنافسية والمصداقية للعمل السياسي من خارج المؤسسات، وبالتالي فخيارها إضافة نوعية للنضال من أجل تحقيق الإصلاح والتغيير المنشودين، والخياران ــــــــ من داخل النسق القائم أو من خارجه ـــــــــ معروضان للاختبار، والواقع والميدان هو من سيثبت نجاعة هذا أو ذاك أو يثبت تكاملها.

وعليه، فالجماعة ترفض وتربأ بنفسها أن توظف وقودا انتخابويا لصالح هذا أو ضد آخر، ومعركتها مع الاستبداد والفساد، وما الانتخابات التي يمتد مسلسلها لأكثر من نصف قرن، إلا محطة عابرة، سيدرك، بعد هدوء عواصف حماها، من اختاروا المشاركة في وليمة الاستبداد ترشيحا وتصويتا أن الهيئات المنتخبة، ونتيجة هشاشة تحالفاتها، لا تملك لهم من أمر تحسين حاجياتهم الخدماتية شيئا، إلا ما كان ذرا للرماد في عيون الهشاشة والحرمان وامتصاصا لبراكين الاحتقان الشعبي. “والمايَّ كذبت الغطاس”. كما يقول المثل الشعبي المصري.

‫تعليقات الزوار

7
  • سلوى
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 00:48

    اعتقد ان عدد المنتمين للعدل والإحسان إذا قسموا على الدوائرالإنتخابية لن يشكلو قوة انتخابية محورية كما أنها تستفيذ من وضعها الحالي افضل من ترشحها للإنتخابات ومشاركتها في
    التسيير فيوم ستشارك سياسيا ستنقسم إلى ثلاثة مجموعات

  • galaoui
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 01:58

    العدل والاحسان هي ضمير الشعب وهي من توجه البوصلة هي كالأسد زأرت مرة واحدة في 20 فبراير فاستيقظ القصر مذعورا ودعى لاصلاح دستوري وزيادة 600 درهم في اجزر الموظفين، نحن ننتظر خروجكم يا عدليين فرجاء لا تدعونا ننتظر فانتم الامل.

  • الجوهري
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 08:54

    هذه المجموعة او الجماعة صراحتا نصفها إجابي وما بقي سلبي
    فالإجابي هو موقفها من جبروت وتكبر المخزن في تعامله مع القوانين و التقاليد المدلة و الجانب السلبي هو عدم استفادة المواطن من نهجها وافكارها التي تبقا كلام في كلام وليس عمل ملموس و الخطير عندهم ما نسمعه من تقديس لشيخهم حتى انني سمعت والعلم لله انهم كانوا يأكلون ما بقايا طعامه للتبرك
    المهم اتمنى ان تشتعل هذه الجماعة في العلن كي يتعرف عليها
    المواطن ولو كجمعية او حزب وليس كزاوية وشكرا

  • othmane
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 11:29

    عند قراءتي للمقال زاد احترامي للسيسي أمتاله صمام الأمل للوطن ، تانياً متى خرجت العدل والأحسان بكترة أليس في 30 مارس بعد خطاب الملك واستمر الخروج طيلة السنة لا تحصلو على شيء المهم أحلام سديدة

  • أبو خليل
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 14:27

    قطار التغيير انطلق منذ عقد ونصف، ومن يرفض ركوبه لينَمْ ويحلُمْ، لأن تذكرة القطار مكتوب عليها : وإن لم تحضر في وقت السفر لن تقبل منك شكاية !!!

  • chamakour
    الأربعاء 2 شتنبر 2015 - 19:54

    bravo
    c'est une bonne analyse,nette,claire,et forte,mais elle est aussi douce envers vos frères.

  • A. A.
    الخميس 3 شتنبر 2015 - 12:56

    Le mouvement de Al Adle wa El Ihssane est une carte de l'état réservée pour l'avenir si et seulement si le rôle du PJD prendra fin. Faites attention !!!!!!

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة