الصحراء مغربية، السويد حتى هي

الصحراء مغربية، السويد حتى هي
الأحد 4 أكتوبر 2015 - 00:04

الانفصال مطلب عقاري:

إن الصحراء صحراؤنا وكفى،الواقعة جنوبا؛دون مواصلة التأكيد ،إلى ما لانهاية،على أنها مغربية.

هل هناك داع لنعت جهة الشرق والريف– مثلا- بأنها مغربية؟ لن نظل مُطالَبين ،خلال كل حديث عن الصحراء،بأن نقرأ تاريخنا وجغرافيتنا للآخرين؛فنعت “المغربية” الذي يتكرر تلقائيا على ألسنتنا، فائض مرافعة لا لزوم لها ؛بل تضر بقضيتنا،لأنها تغري الآخر بالتوجس من تأكيد،ملحاح، لا ينتهي .

لا شوفينية في هذا ؛ ولا شك في استيفاء مغاربة الصحراء،تاريخا وحاضرا، لكافة شروط المواطنة . بل حتى الانفصاليون منهم يؤكدون على مغربيتهم بطرحهم الذي ليس سوى انفصالي:مغاربة ،نعم، لكن يرغبون في حيازة ملكية عقارية مغربية ،تسجل أمميا في اسمهم.

انفصاليون اختاروا –أو أريد لهم- السكن العشوائي (الاستفزازي)في تندوف ؛في وجود مدن مغربية على كامل الاستعداد لاستقبالهم ،في كل الجهات،وليس في الصحراء فقط.

هل حل الاتحاد الأوروبي ،بل العالم بأسره، مشكل اللاجئين السوريين ،العراقيين ،الليبيين واليمنيين ، حتى تنشغل بعض دوله بمن لا مشكل سكنيا له؛بل حتى سياسيا و اقتصاديا وثقافيا؟

ولا يخفى أن مثل هذا المطلب،العقاري غالبا- أستثني هنا حالات مناهضة الاستعمار- شائع عالميا ؛وهو مرتبط بالمراحل السحيقة التي تطورت فيها المجتمعات البشرية،من حالة اللاقيود ،في المعاش ،والانتشار السلمي والاقتتالي؛إلى وضع الدولة والسلطة المركزية.

ولو استجابت كل الدول المعنية، اليوم، بمطلب الانفصال،لشهدنا تناسلا دولتيا شبيها بانقسام الخلايا في المجال البيولوجي؛مع كل ما يعنيه هذا لنظام دولي ينحو نحو العولمة .نظام رغم كونه راسخ المؤسسات،تنخره حروب ومشاكل إنسانية لا حصر لها ؛إضافة إلى معضلات عقدية،ترتدي أسمال التاريخ،و لا تزيدها حلول المنتظم الدولي- السلمية والقتالية- إلا تمنعا وشراسة.

وعليه فالصحراء لن تستفيد من تكرار الإلحاح على مغربيتها ؛بل من إعادة تربية المواطنين على الاستحضار الدائم لبعدهم الصحراوي ؛كما يستحضرون بعدهم البحري، النهري،الجبلي،الغابوي.تربية مجالية ومكانية ليس إلا ؛كما تفعل السويد ،مثلا، مع مواطنيها ذوي العقيدة البيئية الطبيعية الظاهرة على كل العقائد.

لماذا يحضر في تربيتنا البعد السياسي فقط ،وكأننا ،بخصوص الصحراء، نجتهد في إخفاء مسروق،أو مغصوب؟

لقد سبق أن تحدثت عن العقيدة العسكرية المغربية ،ونسبت تشكلها –مدرسة ضمن المدارس العالمية- للصحراء؛بدءا من حرب الرمال ،ومرورا بكل الحروب الصحراوية الأخرى التي أتخمتنا انتصارات لأننا مدافعين وغير مهاجمين.

لماذا يستمر لدينا هاجس التخوف،ونحشر الصحراء في الزاوية السياسية الضيقة؛بدل جعلها موضوعا للتربية على المواطنة النظرية والميدانية؟ لماذا لا تُشد رحال المخيمات التلاميذية إلى الصحراء؟

لماذا تتوجس خيفة كاميرات سينمائيينا ،إزاء فتح الصحراء للمغاربة وللعالم؟

لماذا لا تنزل لجان البحث المتخصصة ،بجامعاتنا، إلى الصحراء ،وتقتفي خطوات “مونود” عالم الصحراء،وغيره،لتكشف لنا عن خبايا هذا العالم الذي سحر الأوروبيين ،على مدى القرن التاسع عشر ،وغامروا فيه بأرواحهم ؟ لماذا نجهل كلية هذا المجال الذي ثبَّت أركان الدولة المغربية عبر التاريخ ؟

لماذا تقف السياحة الدولية في حدود مراكش وأكادير ولا تتمدد صوب الصحراء ؟ لماذا لا تمتد طرقنا السيارة إلى عمق الصحراء لتقريبها أكثر من قلوب المواطنين؟

لا أعتقد أن هناك صحراء تتمتع بحماية عسكرية أكيدة،بتجربة حروب عدة ،أكثر من صحرائنا ؛لكن ربما لا يوجد شعب مقبل على صحرائه سياسيا ، ومعرض عنها سياحيا وثقافيا وعلميا ،مثل الشعب المغربي .

ومرة أخرى ،بدل اللازمة غير المنتجة (الصحراء مغربية) يجب التفكير في خريطة طريق تجعل كافة أبعاد الصحراء دائمة الحياة والتوقد في وجدان المواطنين . إن سياسة النفير ،أو الحركة القديمة لا تفيد كثيرا ؛إن لم تكن ضارة.

إن الصحراء يجب ألا تظل شأنا مناسباتيا ،نستنفر له الأحزاب والنشرات والسفارات حينما يدعو الداعي.

إن الصحراء وطننا ؛وأبجدية المواطنة هي حب الوطن،حب العارف الصوفي ؛وليس المالك العقاري.

من نقنع في السويد؟

إن العالم من حولنا يعرف ما بُذل من جهود تنموية في الصحراء؛ويعرف أن ما بعد “لا اله إلا الله محمد رسول الله” لا يتشهد المغاربة إلا بمغربية الصحراء ؛لكنه يعرف أيضا أن الأغلبية الساحقة من المغاربة لم تطأ رمل الصحراء ،ولا اكتوت بحرها ،ولا سمرت مع سمارها .هل هذا هو حال مواطني الدول الاسكندينافية،مع منافي الصقيع و الثلوج في أوطانهم ؟ هل تقف حدود المواطنة السويدية عند الحواضر الدافئة فقط؟ لا أعتقد.

إن الدول التي تشكك في مغربية صحرائنا ،لا تواجه سوى خطاب الدولة الرسمي ،وتغيب كلية شعور المغاربة إزاء صحرائهم ؛لأن حوامل هذا الشعور منعدمة أو قليلة. يجب أن يعرف العالم إلى أي حد يحب المغاربة مجالهم الصحراوي ،وليس خريطتهم السياسية فقط.

حتى سفاراتنا في الخارج لا تستحضر هذا البعد إلا لماما لأنها تظل – إن نشطت للأمر،وامتلكت مؤهلاته- سفارات منافحة عن مغربية الصحراء ،وليس عن صحراوية المواطن المغربي ،ولو كان بطنجة.الفرق واضح ، ومن هنا كون القضية عادلة ،لكن المحامي فاشل.

إن النظام السياسي في مملكة السويد،وهو ديمقراطي نيابي ،يضع المواطن في صلب اهتمامه لأنه مصدر وجود كل السلط العمومية. من هنا رضوخ الحكومة –مهما تكن علاقات الدولة ومصالحها الخارجية- للمجتمع المدني ،من خلال جمعياته النشيطة دوما ،لأنها محترمة ومسموعة الكلمة،ومن خلال برلمانه.

مشكلتنا اليوم ليست مع الحكومة السويدية ،بل مع المجتمع المدني ،الذي حصده نشاط الانفصاليين، حينما لم نعرف نحن ماذا نزرع ،وأين؟ اسألوا سفارة السويد – وغدا سفارات أخرى- عن عدد المرات التي قاربت فيها المجتمع المدني السويدي ،بشبابه وسياسييه ومثقفيه؟ كم عدد المرات التي قاربت فيها المجتمع المدني المغربي ،لتقيم جسور التواصل ،من خلالها، مع الفاعلين السويديين؟

لعلها،وغيرها من السفارات والقنصليات، لم ترق إلى هذا المستوى من العمل الديبلوماسي؛خصوصا حينما نستحضر الخطاب الملكي الذي أدان العديد من التمثيليات في الخارج.إن من يفشلون في خدمة الجالية إداريا،فقط، لا يمكن أن ننتظر منهم كثيرا ،حينما يتعلق الأمر بقضايا مغربية سيادية ومصيرية.

يجب أن نقرأ ما بين كلمات وزيرة الخارجية السويدية ،وهي تصرح بأن نقاش الاعتراف بجبهة البوليساريو يستند إلى قوة الضغط التي يشكلها المجتمع المدني السويدي،وليس إلى أهواء برلمانيين ووزراء.

إن تصريحها يوجه الأحزاب ،المحتشدة للرحيل، صوب جبهات “القتال “الحقيقية؛جبهات المجتمع المدني ،ولا جبهات غيرها.

نخطئ كثيرا حينما نسقط اشتغال النظام المغربي على دول موغلة في الديمقراطية،كالدولة السويدية ؛وكأننا نقول لها لماذا تعجزين عن حسم أمور الدولة بالسرعة التي نحسم بها نحن أمورنا؟

إن الخارجية السويدية ليست ملحقة للخارجية المغربية حتى تتلقى منها التنبيهات(وهي على كل حال موجهة للاستهلاك الداخلي) كما أن الأحزاب السويدية لا يمكن أن تُحَكِّم خطاب الأحزاب المغربية في قضايا يتبناها المجتمع المدني السويدي .

إن المجتمع المدني السويدي يمتلك آليات إسقاط الحكومة ،كلما اضطر إلى ذلك.

وعليه فحمله على الانتصار لقضيتنا لا يمر عبر ممثلي الدولة ،بل عبر نظيره المغربي.فهل للمجتمع المدني المغربي حضور داخلي قوي حتى يكون له حضور خارجي،في مملكة السويد؟

سيذهب رؤساء الأحزاب إلى السويد ،وسيكون عليهم أن يستندوا في طرحهم المحاجج إلى الإجماع المغربي حول القضية .أي سيحتمون بالمجتمع المدني أساسا؛لكن ضمن مجالسهم ستكون هناك كراسي فارغة ،ينظر إليها السويديون ويتساءلون:

لكن أين المجتمع المدني المغربي؟

Ramdane3.ahlablog.com

‫تعليقات الزوار

10
  • المهدي
    الأحد 4 أكتوبر 2015 - 06:21

    هذا المجتمع المدني عوضه ، للأسف ، اطفال الشوارع في ستوكهولم الذين باتوا مادة خصبة للإعلام السويدي والروبورطاجات المتلفزة في تزامن مدروس مع حملة إعداد الرأي العام لقبول تبني أطروحة الانفصاليين ، فالتركيز مؤخراً على هؤلاء الأطفال انما لترسيخ ابشع الصور في الأذهان عن مغرب يقذف بأطفاله الى حيث التسول والدعارة والسرقة وبالتالي كل ما يزعج المجتمع السويدي الآمن ويلوث بقذارته بيئته النظيفة ، هذا في الوقت الذي يعمل الجرذ الانفصالي بهمة ونشاط على قرض حبل الود والعلاقات بين المملكتين المغربية والسويدية ، ان القرارات الكبرى تبدأ من قناعات صغرى تنموا لتأخذ أحجاما يصعب احتواؤها ، فالقناعات التي تشكلت وتتشكل حول مغرب لا يهتم بأطفاله والنفخ في مساوئ ومخاطر وجودهم فوق التراب السويدي انما يوغل صدور المواطنين اكثر ، وكما صرحت الوزيرة ان القرارات تعكس رغبة المجتمع المدني ، فهذا المجتمع المدني بالذات هو المستهدف الذي يتم التحكم في توجيهه عبر شحنه بالصور السلبية التي ستحدد كخلفية لاشعورية موقفه من المغرب ككل واضطرادا من قضيته الاساسية اي الصحراء موضوع الأزمة بين البلدين اليوم .

  • الزموري
    الأحد 4 أكتوبر 2015 - 06:21

    تحليل رائع
    يمكن اعتباره كوثيقة وارساله ااى من يهمه الامر

  • منا رشدي
    الأحد 4 أكتوبر 2015 - 10:42

    أعراض مرض المجتمع السويدي بدأت تظهر 2010 بدخول اليمين المتطرف لأول مرة إلى البرلمان السويدي ! في ٱخر إنتخابات أجريت بهذا البلد سنة 2014 ؛ أصبح اليمين المتطرف القوة السياسية الثالثة في البلاد ! ٱخر إستطلاع للرأي أجري شهر غشت عبر سويدي واحد من كل أربعة سويديين على نيته التصويت لليمين المتطرف الذي حل " أولا " ب 25% ثم تلاه اليسار ب 23% فيمين الوسط ب 21% ! هذا التسونامي السياسي الذي لا يعرف مثيلا له أي مجتمع أوربي لم يثر إنتباه المجتمع المدني السويدي ! ما أثاره هو قضية وحدتنا الترابية ليضغط على الأغلبية البرلمانية الحالية المشكلة من اليسار واليمين لتعترف بجمهورية الوهم العربية ! لتتخذه حكومة السويد حجة لتهديدنا بالإعتراف بحجة أنها تعكس تعبير المجتمع المدني ! إن كانت كذلك ؛ فأحرى بها أن تبدأ بطرد المسلمين بما أن المجتمع المدني أعطى الريادة لليمين المتطرف مع علمه بشعاره الأساسي ( لا لأسلمة المجتمع السويدي ) ! أم ؛ كما يقولون ؛ لا منطق للسياسة !

  • بنسالم
    الأحد 4 أكتوبر 2015 - 13:20

    وا حسرتاه، منازلنا في زمن "الطبالة و الغياطة"!!!!!!

  • amazigh
    الأحد 4 أكتوبر 2015 - 14:51

    شكرا جزيلا اشفيت غليلي يعجبني حضور المثقف والامي والعامل والعاطل في قضية المغاربة اجمعين مزيدا من التنوير والحضور الداءم لصد اعداء الوحدة الذين انكفت اعينهم وندعو الله ان يبصرهم يوما ما ويقفوا على حقيقة الوحدة.

  • طالب جامعي
    الإثنين 5 أكتوبر 2015 - 11:11

    مالا يعلمه كاتب هدا المقال ان مدن الصحراء تعرف إستقطابا سياحيا كبيرا خصوصا مدينة الداخلة و
    وموانيء الصيد البحري اﻷولى على الصعيد الوطني

  • محمادي
    الإثنين 5 أكتوبر 2015 - 11:39

    ادا كانت السويد تعتبر الصحراء غير مغربية فان السويد فرنسية

  • استاذ من الصحراء المغربية
    الإثنين 5 أكتوبر 2015 - 14:17

    المجتمع المدني لايتكلم الا في حقوق المراة والطفل المجتمع المدني اغلب جمعياته يهمهم الاستفادة من موقع في الساحة اما القضايا الوطنية فهي لاتهمه كثيرا ولايجتهد لمعرفة كل مصير شعبنا وهذا المجتمع الذي ينشطون فيه في مناسبات معينة من اجل الظهور المتلفز ولاشيئ غيره لتحصيل فوائد ما هم من يعلمونها اتاسف فعلا ان يكون المغرب قد اصبحت تزعجه اصوات نشاز من هنا وهناك ونعتقد ان فعلا اميي المرادية او انفصاليون مرتزقة هم من البوا دول ببروباغنداتهم المجتمع الدولي يريد ان يجعل من الدول المسلمة وخاصة التي تمتلك تاريخا معينا ان تفصله على شكل قبائل وان ما وحده ونبذه الاسلام يضربونه في العمق على اي يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين نؤمن نحن الشعب اولا انها صحراءنا مغربية ونؤكدها لمزيد من التوكيد ولانمل في اعادة نفس العبارة ليسمع من به صمم او ان يخبط راسه مع الحيط اعترافات السويد او غيرها لاتهمنا ولايجب ان تثير فينا كل هذا السخط لتعلم السويد او غيرها اننا لسنا عشيرة بل دولة كانت قائمة الذات قبل اي دولة اخرى في هذا المجال المتعفن

  • السالك ولد الناجم
    الثلاثاء 6 أكتوبر 2015 - 04:23

    عاش المغرب من طنجة الى الكويرة والله نطلب من الاخوان لي ف تيندوف يرجعو الى بلدهم ونطلب من الجزاير تطلق سراح المحتجزيين الصحراويين راه حنا مسلمين اليو م الدنية وغدا اخرة لوجه الله طلقو سراح خوتنا راه حنا بشر ماشي عبيد بلادكم جنة الله فوق ارضه وسعدتنا ب مالكنا الحنين حيد النفخى من شي بعضين

  • mhanbazi
    الأربعاء 7 أكتوبر 2015 - 10:15

    للرَّد على كل الجزائريين المتنطعين والذين للأسف لايعلمون من تاريخ بلادهم شيئا إلاقولهم مليوني شهيد وهذه أكبر كذبة ملفقة في تاريخ الجزائر الــــمكذوب للأسف٠
    تذكروا دائما أنه كان للمغرب فضل كبير في تحرير ذلك البلد٠ واذا كنت تنعم بشئ من الحرية فيه فبفظل الــــمـــغـــرب٠

صوت وصورة
مغاربة والتعادل مع موريتانيا
الأربعاء 27 مارس 2024 - 01:07 9

مغاربة والتعادل مع موريتانيا

صوت وصورة
المخارق والزيادة في الأجور
الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:30 3

المخارق والزيادة في الأجور

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30 1

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47 1

معرض تضامني مع فلسطين