في أسبوع واحد تلقيت مرتين كلاما جارحا من أناس حسبتهم متحضرين، يشتكون من “المورو” مفجر باريس.
“المورو” الذي يخرج من فاههم كل ما جرحوا من طرف كل ما هو عربي أو شبه عربي، كل ما هو مسلم أو شبه مسلم، كل ما هو مغربي أو شبه مغربي، فهنا لا يهمهم التدقيق أكثر، فحسبهم كلنا واحد، وكل واحد يمثل فينا الكل.
إنه من الغباء أن يحمّلني أحد ما يقع اليوم من قتل وإجرام في الكثير من المناطق في العالم، بحجة أن هؤلاء مسلمون مثلي.
ما وقع في باريس شيء رهيب لا محالة، لا يقل عن ما وقع في لبنان ومالي وتونس وفي الكثير من الاماكن عبر العالم، ويحزنني كثيرا عندما يموت أبرياء أينما كانوا، وأنبذ الارهاب كيفما كان نوعه ومنفذه وحجته.
إن أي حدث مثل هذا، وخاصة عندما يقع في الغرب، يرجعنا الى الوراء نحن مغاربة العالم، ويجلب الينا متاعب نحن في غنى عنها، كما يعطي الفرصة لتطرف اخر اسمه “اليمين المتطرف” ليبسط ايديه ضد كل ما هو أجنبي أو من أصول غير غربية.
ما ذنبنا نحن اذا كانوا هؤلاء الذين يفجرون انفسهم ويقتلون الابرياء، قد عانقوا اسلاما ليس لنا، ودخلوا حربا ليست بحربنا، فإسلامنا لايسفك الدماء، اسلامنا دين السلم والسلام.
الغرب يجب أن يتفهم أن الكثير من هؤلاء الذين شاركوا في أحداث باريس وغيرها ولدوا وترعرعوا في الغرب، فلذا يجب أن تكون لهم الشجاعة الكافية ليعترفوا أن سيساتهم العمومية اتجاه التعددية الثقافية لم تستطع ان تتجنب هذه الظاهرة الاجتماعية.
إنهم أناس لم يستطيعوا أن يستقروا على أي هوية، فكانوا فريسة التطرف وتجار الموت، لذلك يجب الاعتراف أن هناك خصاص كبير في التربية والارشاد الدينى للمسلمين في تلك البلدان الغربية، حيث المسلمون أقلية.
فعكس المسحيين الذين يشكلون الاكثرية، والذين يجدون الكنائس ومعلمي الدين رهن اشارتهم لتلقينهم مبادئ دينهم بكل ضمانات الجودة والامان، فالمسلم غالبا ما يلجأ الى أماكن خارج تغطية المؤسسات الرسمية، وهذا يسهل الامر على تجار الدين لعرض بضائعهم القابلة للاشتعال والانفجار.
الغرب يجب عليه أن يتفهم أيضا أن تدبير الشان الديني وسط مجتمع متعدد الثقافات والهويات ليس بالامر السهل، وأنه ليس عيبا أن يلجؤوا إلى من له تجربة أكبر وبصيرة، الى من تبنوا اسلام التعايش والتسامح.
اليوم، ونحن مغاربة العالم، نعيش في المهجر أياما صعبة، وقد تطول الى سنوات، من الواجب علينا أن نتماسك فيما بيننا، ونوحد الجهود، ونندد بهؤلاء الذين يقتلون باسم ديننا الحنيف.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، نحن في أمس الحاجة الى مؤسساتنا التي تقوم على تدبير الهجرة، لمؤازرتنا والاخذ بـأيدينا، فأسهمنا في بورصة الجنسيات تتأثر سلبا من جراء تجار الموت، وعلى هذه المؤسسات أن تشمر السواعد لحمايتنا وحماية أبنائنا، فاليمين المتطرف سيزحف لا محالة وسيتقوى أكثر فأكثر.