نعومة السلطة وديمقراطية الضحايا

نعومة السلطة وديمقراطية الضحايا
الإثنين 30 نونبر 2015 - 16:06

يبدو أن السيد المستشار عبد العالي حامي الدين لا يكل ولا يمل من تكرار نفس الجمل بترتيبات مختلفة ذات حمولة إتهامية لجهات هلامية، كأن العدالة والتنمية هي المنتصرة الأولى وكأنها الوحيدة المقاتلة لكل أعداء الله عفوا لكل أعداء الديمقراطية، والغريب في الأمر أن الأستاذ الجامعي ينهج منهجا غير علميا عندما ينطلق من أحكام جاهزة ليحولها إلى مطية تجعل منه المظلوم المالك للسلطة ضد الظالمين الوهميين الذين يملكون مقاليد قرار وهمي، فالدولة في منطقه حين قبلت بالإسلاميين في السلطة ولأنهم كذلك عاقبت الشعب على قرارها، وهذه معادلة غريبة، لكون الدولة إذا كانت تملك القدرة على معاقبة الشعب كله بحجمه وجلال قدره أليست لها القدرة أن تمنع العدالة والتنمية من ممارسة كل ما تمنحه السلطة للحكومة من اختصاصات؟.

إن الأستاذ المحترم يزر تصرفات الحكومة على الآخرين، فوزير العدل رفيق دربه ورئيس الحكومة ولي نعمته غير مسؤولين على مؤشر الحريات، بل هم ضحية لها، وكأن السيد رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران معتقل سياسي في سجن سري يدعى مقر الحكومة بالمشور السعيد بأمر من وزيره في العدل، ثم ينطلق أستاذنا المحترم في تحليله إلى المجال الدولي ويربط الأمور ببعضها تعسفا أو براكماتيا ليصدر حكما بأن الجيش أجهض الديمقراطية في مصر، والجميع يعرف ما وقع في مصر ومن أجهض ديمقراطيتها قبل وصول الجيش بالحرب على القضاء، والحرب على المحكمة الدستورية وعلى الجيش، ومشروع الوحدة الإسلامية الذي كان سينجز انطلاقا من القاهرة إلى تونس العاصمة بواسطة الجيش المصري، بل يجعل أستاذنا من تونس نموذج لتضحيات الأحزاب الإسلامية والكل ملم بخلفيات اغتيالات بعض القيادات الوطنية الديمقراطية والانزلاقات السياسية والأخلاقية والمالية لبعض أعضاء حزب النهضة الإسلامي في تونس، وقضية الصين ووزير الخارجية شقيق الزعيم راشد الغنوشي والمليون دولار التي بين يدي القضاء التونسي كنموذج فقط.

يبدو أن هؤلاء الديمقراطيون الضحايا المالكون للسلطة لا يؤمنون بالحريات، فهم يمارسون السلطة بدعوى الانضباط الحديدي، وأن خروج حزب سياسي من الحكومة بقرار سياسي هو خروج عن الدين والملة وحزب “التحكم” هو المسؤول، غير أنه سرعان ما يناقض نفسه حينما يصرح بأن الأحداث الأخيرة حركت مياه راكضة داخل الأحزاب الوطنية، غير أنه لا يجوز لها أن تعاكس حزب أستاذنا، ولأنها تحركت هذه المياه الراكضة فعليها أن تخضع خضوعا مطلقا لزعماء الأمة الإسلامية الذين هم الملائكة يزهدون عن السلطة غير أنهم يرتكبون آثامها ولا يستقيلون، تسحب منهم الاختصاصات حسب قولهم ولا يستقيلون، يفشلون أمام قضايا كبرى يبكون ولا يستقيلون، لأن الديمقراطية في نظرهم هي أن يظلوا في السلطة والكل آثم إلا من رحم حزب العدالة والتنمية، فهل يجوز هذا الخطاب لحزب يمارس السلطة لمدة أربع سنوات؟ هل يجوز هذا الخطاب من يدخل المؤسسات و يتموقع ليقرر بنفسه وينازع القرار الذي أصدره؟ هل من الدفاع عن الديمقراطية أن ندوس السلطة بأرجلنا ليلا ونقبلها نهارا؟ أم كان على الذين يبكون مثل الخنساء أن يدافعوا على الديمقراطية من خلال الدفاع على حقوقهم المؤسساتية والسلطات الدستورية التي خولتها لهم الديمقراطية وعندما يكتشفون أنهم عاجزين يزهدون فعلا عن السلطة؟ أم أنهم يوثرون الكراسي الوثيرة حتى ولو سحبت منهم الاختصاصات حتى أصبحوا مجرد ممثلين رديئين في مسرحية رديئة، ثم يرفعون شعار نحن الاستثناء وبعدها يبكون من جديد ليتحولوا إلى ضحايا نعومة السلطة؟.

إن الديمقراطي الحقيقي لا يدافع عن شكل الديمقراطية فقط بل يدافع عن مضمونها كذلك، ثم أو ليس اغتيال الديمقراطية يكفي في أن نوهم الرأي العام بأننا نمتلك السلطة لغة ونفتقدها ممارسة تم نبكي لنعلن للعالم أننا الضحايا وأن الآخر شيطان؟ وأنه إذا أردتم أن تختاروا فالشيطان شر يجب إبادته؟، هل من الديمقراطية أن يختاروا المنافس و المعارض وأن يدعو إلى شيطنة المختلف معهم ووصفه بأوصاف تبرر إبادته سياسيا على الأقل؟ صعب أن يأكلون الغلة ويشتمون الملة، فهذه ليست أخلاق الإنسان على الأقل، أما الإسلام فذلك مسألة مرتبطة بالضمير وحكم الواحد الأحد.

*محام ونائب رئيس مجلس النواب.

‫تعليقات الزوار

3
  • مصطفى أزعوم
    الإثنين 30 نونبر 2015 - 20:08

    الإنسان المغربي تتقادفه الأفكار السياسية وأضحى بغير
    بوصلة يسير نحو المجهول وكما أصابه الشلل في البحث
    عن المستقبل وتحول الى ماكينة تعمل كالعبيد أيام الفراعنة ،
    الكل ما يقع سسبه الطبقات السياسية

  • citoyen
    الإثنين 30 نونبر 2015 - 21:08

    اذا ما افترضنا بآن الآحزاب السياسية تعبر عن كل التوجهات السياسية وتدافع كذلك عن فئات متعددة فآننا نستنتج وتبعا لمنطق عجز الحكومة الحالية بتنفيذ ماتعهدت به في الآنتخابات بآن المفسدين يتواجدون داخل واحدة آو آكثر من هاته الآحزاب التي تتقن كلام الخشب
    هي من تضع العصا في العجلة وآمام الشعب هي نفسها تحكم آمام الشعب على آحزاب حاكمة بالفشل في محاربة الفساد
    كيف يمكن محاربة فساد هو في حد ذاته احزاب آو توجهات تضلل الرآي العام
    آرجوكم لاتستهينوا بذكاء النخب المثقفة في المغرب

  • مصطفى الخراطي
    الإثنين 30 نونبر 2015 - 21:38

    أغلب ما يمتهن السياسة في مغربنا إما كذابون وإما فاسدون
    وهناك قلة قليلة صادقة ونظيفة الأيادي وكما يقول المناطقة
    الإستثناء لايغير جوهر القضية . إذا كان حال السياسة
    عندنا غير مقبول فلامحال أن التربية وحدها للشعب قادرة
    على كسر أفعال وأقوال الكذابين والمفسدين .

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات