كفانا حقدا وتدميرا...

كفانا حقدا وتدميرا...
الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 07:31

عادة أتجول بين ردهات مواقع الكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، أقرأ التعليقات، أو بالأحرى أقرأ ذهنيات مجتمعية مختلفة، ولأكثر ما يحز في نفسي، أن هناك فئات معينة من مجتمعنا تنتظر سقوط البقرة لتشهر كل سكاكينها بكل حماسة وتأهب، ضاجة بالكثير من الضغينة والكراهية، ديدنها كيل وابل من الشتائم والقذف والتشهير بشخصية سياسية أوثقافية أو فنية، دون أن تكلف نفسها عناء البحث والتقصي والسؤال، ودون الاحتماء بثقافة التفكير، جاهلة أن هذا المشتل الخصب من الحقد لا ينتج سوى صحراء من العنف الأعمى غير المنتج ولا المحفز.

يكفي أن يتلقف شخص عن خطأ أو سوء فهم أو حقيقة، خبرا أو إشاعة عن شخصية فنية أو سياسية أو ثقافية، حتى يصبح كورقة شجرة في مهب الريح، تتقاذفه رياح الإشاعة والقيل والقال التي تنتشر في العوالم الافتراضية أو الواقعية، ويهب لنشر الخبر والتلذذ به بمثل انتشار النار في الهشيم، وتحطيم تاريخها و منجزاتها أو ذاكرتها بلا رحمة، بمخيلة مفبركة مريضة لا تجيد المحاججة والمحاكمة إلا بالتشهير والتجريح.

هناك بعض الصحف أو الأعمدة للأسف امتهنت حرفة تعتيم الحياة، والاتهام بلا أدلة أو إثبات، والتشهير بأعراض الناس، فساهمت في تجريع القارئ كؤوس الكراهية اتجاه الآخر، وتلبيد سمائه بغيوم اليأس، وعوض تحفيز القارئ على الحب والتفكير والحلم والأمل والسؤال وخلخلة الجاهز، تقدم له وصفات جاهزة من اليأس واللاجدوى والعدوانية، بشكل يفسر قمامات الشتائم التي ترشح بها بعض التعليقات في مواقع الكترونية وفضاءات عمومية بشكل يبعث على الغثيان.

من حقنا محاسبة الآخر و محاججته حول قلمه أو سياسته أو فنه بروية وعقلانية وبصيرة وبسيف اللسان الذي يقنع ولا يجرح، ولكن من حقنا أيضا الاعتراف بذاكرته بتاريخه، والإقرار بأن هذا الإنسان غير معصوم من الخطأ كأي إنسان، دون أن يكون خطأه نقطة حبر تندلق على بياض من المنجزات ربما نتغاضى عنها أو نتجاهلها لحاجة في نفس يعقوب.

أنا لست من هواة تزييف الحقائق وتجميلها أو التستر على الخطأ، ولكني من هواة إشعال شموع الأمل في كهف مظلم، ومع الوفاء لذاكرة الآخر والاعتراف بمنجزاته، وضد سلاطة اللسان ونهج أرخص الأساليب لتحطيم الآخر والتشكيك في مقدراته، وضد الوصفات الجاهزة من اليأس والتشاؤم التي يقدمها لنا الإعلام وبعض المواقع الالكترونية بشكل يفسر انتشار ظاهرة الانتحار وتدمير الذات، وبشكل يفسر حالات الإحباط والقنوط التي تسم خطابات شبابنا وحتى أطفالنا.

لكن المثير، أن هناك أشخاص أو جهات أو مؤسسات تخطئ بالنوايا، لكن لا نصوب نحوها كل سهام القذف، ويتم التغاضي عن هفواتها بسماحة ورحابة خلق، ويتم الجزع من نقدها أو محاسبتها، ربما لأنها محمية بمرجعية دينية قدسية تشفع لها، ليتم لمس لها الأعذار والتفكير أن هناك من ينصب لها الفخاخ ولا يتركها تؤدي نواياها الطيبة.

فليست كل سمائنا ملبدة بغيوم الألم والخطأ والفجيعة والانتحار والأمية والفقر…. هناك كوات ضوء، هناك ابتسامات تتوهج هنا وهناك، هناك التماعات في عيون تحلم بغد أجمل وأفضل، هناك نثارات شعرية قد نتوهج في حضرتها، لمسات تشكيلية تؤكد لنا أن الحياة ليس بالأبيض والأسود بل بالألوان، وهناك قوة احتمال وأمل وحب يجب أن يملأ كياننا ويجعلنا أجدر بهاته الحياة التي نحياها، هناك إيمان وحب لله يجعلان حياتنا محتملة وإن كانت أحيانا لا تطاق.

‫تعليقات الزوار

9
  • سلوى
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 09:07

    إنها الحرية التي يستغلها كل من أراد الإنحراف يتخذها تقية لشعبنا مشكلته أنه منحت له عن طريق الجمعيات أشياء لم يتربا عليها وبالتالي لا يحسن التعامل معها وبما أننا نعتبر من الشعوب الغشاشة.فانتظروا الأسوأ

  • KITAB
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 09:09

    الأستاذة تثير موضوعا أضحى ظاهرة لدى القارئ العربي والمغربي خاصة ، ويتعلق الأمر بجاهزية القذف والت تجاه كل عمل لا يتوافق مع نزواتنا ، وهذه ظاهرة مرضية متصلة بسوء القيم التربوية التي نتلقاها داخل أسرنا من جهة وضحالة التكوين والهشاشة الثقافية التي نحتمي وراءها ، فهي لا تعدو كونها ثقافة الشارع أو المقاهي في أحسن الأحوال ، نعم يمكن الوقوف على هذه العدوانية في التفكير في ردود بعض القراء سيما تجاه المواضيع التي يرونها عنصرية تشكل بالنسبة لهم أرضية خصبة لتفريغ حقدهم وقيح نفوسهم مثل اللغة العربية واللغة الأمازيغية…

  • zawja mona9a
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 09:49

    Tout réside dans l'education.
    ,? qui a délaissé son rôle,
    la famille ? l'ecole ? la mosquée

    e

  • ABD
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 13:38

    حسب راي المتواضع اني ارى ان المسؤولية الكبرى في تنامي هده الظاهرة يتحملها من يسمح بنشر هده السلبيات بل وتشجيعها والعكس صحيح اد ان هناك من المواقف والافكار والتحاليل ما لا يسمح بنشرها لاسباب منها سياسية واخرى واهية خصوصا ادا ما تعلق الامر بشخصية توجد في موقع معين.
    واخيرا ارى ان الضاءقة المادية والكبت يكون سببا مباشرا في التعبير عن الصخط ………

  • عواد
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 16:34

    الى التعليق 4 – ABD
    مع التحيه
    صحح الجمله سببا مباشرا في التعبير عن الصخط ………
    السخط بالسين وليس بالصاد
    ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ }محمد28
    نكتب الايه لتبين ان الكلمه تكتب بالسين

  • فاضل
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 20:44

    قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ).

    و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت…" رواه البخاري ومسلم .

    و قال صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم.

    و قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)

    فالمطلوب من المسلم أن لا يتكلم إلا بعد التثبت من الأخبار، فلا يصدق كل ما يسمعه، ولا يُحدث بكل مايصله، ولا يتكلم إلا إذا علم أن كلامه مفيد وفيه خير، وبدون تحامل على الأشخاص؛ وهذا قليل منا من يستطيعه!

  • فاضل
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 21:12

    * قال تعالى: قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )

    قال العلامة أبو زهرة،في ( زهرة التفاسير ):" …لا يصح أن يكون البغض الشديد حاملا على الاعتداء، ولا أن يكون البغض الشديد حاملا على منع الحقوق، بل يعطى كل ذي حق حقه، ولو كان عدوا مبينا، فالحق ليس منحة من شخص لشخص يسلبه إن أبغض، ويعطيه إن أحب، بل إن التمكين منه واجب مقدس أمر الله سبحانه وتعالى به، وحث عليه، وقد روي في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا". ولا ينتظم الوجود الإنساني بغير العدل، وقد روى الطبراني عن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو" ومعنى هذا الحديث: أنه لا يصح أن يظلم غير المسلم الذي يعيش مع المسلمين، والدولة إذا ظلمت رعاياها من غير المسلمين لا تكون دولة الإسلام بل تكون دولة الأعداء".

  • فاضل
    الثلاثاء 26 أبريل 2016 - 23:51

    قيل لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – : أَيُّ الناس أفضل ؟ قال: كل مَخْمُومِ القلب صدوق اللسان. قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب ؟ قال: هو النقي، التقي، لا إثم عليه، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، ولا حسد. رواه ابن ماجه، والبيهقي في ( شعب الإيمان ).

    ولقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جالساَ، ذات يوم مع أصحابه، فمرّ عليهم رجل، فأخبرهم – صلى الله عليه وسلم – بأنه من أصحاب الجنة؛ فتبعه عبد الله بن عمرو، وبات معه ثلاث ليال لينظر عمله، ويقتدي به، فلم يره يعمل عملا آخر غير المحافظة على صلواته! فتعجب من أمره وقال له: ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما ولّيتُ دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك.رواه أحمد وغيره.

    فهذا الرجل بلغ منزلة عظيمة عند الله، حتى استحق الجنة؛ بسبب صفاء قلبه، وخلوه من الحقد والحسد لإخوانه! وهذه الصفاء قلّما يوجد في الناس!

  • ismael
    الأربعاء 27 أبريل 2016 - 02:32

    t'as bcp raison chere Ikram pcq on a l'exemple de Dounia Boutazoute que tout le monde l'a accuse de mechante et de tous sortes d'insultes que j'ai jamais cru que les marocains sont comme ca.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين