نداء إلى الشباب ...

نداء إلى الشباب ...
السبت 21 ماي 2016 - 00:18

أي مستقبل نريده لمغربنا في عالم متصل مترابط لم يسبق أن رأته البشرية؟ هل سنقبل التغيير والتجديد والعالمية؟ كيف ستكون عليه اختياراتنا، انتماءاتنا، هوياتنا الجماعية؟ هل سننضم لركب الحداثة والانفتاح والهوية الإنسانية؟ وكيف سيكون أهل المغرب في السنوات الموالية؟ من تراه سيهجرنا بلا عودة ومن سيأتي إلينا طالبا في الجنسية؟ من منا سيساهم في البناء ومن منا سيهدم الأبنية؟ أسئلة تهمنا جميعا وتهم بالخصوص شبابنا لأنهم ثروتنا وعليهم نعلق آمالنا وأحلامنا الوردية.

الشباب هم من يحملون دوما مسؤولية البناء والتشييد لأنهم قريبون جدا من نبض الشارع وملمون بكل ما هو جديد. والحديث هنا عن شباب لا يقوض أمانتهم واستقامتهم انهماك بعيوب الآخرين، أو تثبط عزيمتهم ما بهم من نقيصة. شباب يدفعهم الوعي بإخفاقات المجتمع إلى العمل من أجل تغييره لا النأي بأنفسهم عنه. شباب يواجهون التحديات الماثلة أمامهم بكل صبر وعزيمة، ويوحدهم هدف مشترك وهو المساهمة في مُقدّرات بلدهم ومُقدّرات البشرية.

عالمنا اليوم مليء بالتحديات والإغراءات ويرضخ تحت تأثير القوى الهدامة وتغلب عليه مشاعر الانتقاد والسلبية، فلا يمكننا إذن أن نلوم شبابنا إذا هم أصبحوا سلبيين ولا يجدون إلى التغيير سبيلا ويرون السلام والوحدة شيئا مستحيلا. إنهم يستفيقون على وقع القنابل وصراخ الأرامل، يرون الجور والفساد في كل مكان ويتساءلون ما هذا الإنسان؟ هل هذا هو الذي خلقه الله على صورته وجعله في الأرض خليفة؟ هل هذا هو الذي يدعي العقل والنبوغ والأحاسيس الرهيفة؟ أين هي الحقوق والحريات الفردية؟ أن هي المنظمات والمحافل الدولية؟ أين هو العدل والمساواة؟ أين هي العهود والاتفاقيات؟ … حقّاً حين ننظر إلى كل هذه السلبيات، قد يجد البعض منا أن الحديث عن الشباب ودورهم في بناء المجتمع مسرحية من أسخر المسرحيات !!

ماذا عسانا نفعل؟ نستسلم للهدم وننحني أمام الظلم؟ ننساق لدعوات التعصب بكل أشكالها؟ ننتصر لجماعتنا وإن لم تكن على حق وننسى أننا سواسية وكل الخلق؟ نقول بأن هذا هو حال الدنيا وما نحن بقادرين؟ وأن القدر هو المسؤول وما نحن بمسؤولين؟ فمن غيرنا يقتل ويفجر؟ ومن غيرنا ينتهك ويدمر؟ فالخير منا والشر منا وما الدنيا علينا بمسيطر. لذلك فشبابنا في حاجة إلى الإيمان بقَدَره وقدرته، وبأصله الجميل وهدفه النبيل. ولا يلزمه إلا اكتساب بصيرة روحانية تساعده على فهم الذات والوجود وبأن قدراته ليست لها حدود.

ولعل إدراك الشباب بكل هذه المخاطر والتحديات تجعلهم أكثر وعيا بمسؤولياتهم تجاه من هم يصغرونهم سنا لكي يرافقونهم في فترة المراهقة الحساسة جدا. إنها فترة الانتقال والتحول من الطفولة إلى الشباب والتي تتميز عادة بتغييرات مفاجئة وسريعة، تغييرات فسيولوجية وعقلية وعاطفية تؤثر على السلوك بطرق عدة. فأثناء هذه السنوات القليلة تتشكل المفاهيم الأساسية عن حياة الفرد والجماعة في عقولنا، نبدأ في التساؤل حول معظم ما تم تعليمنا إياه في السابق ونصبح واعين بالتناقضات التي تحيط بنا. فنحن لا نرغب كما كنا في السابق إتباع المعايير التي يضعها الكبار بصورة آلية. أثناء هذا الزمن الانتقالي يبحث المرء بصورة مستمرة عن إجابات لتساؤلاته التي غالباً ما تكون فلسفية. هذا سن يتطور خلاله وعيٌ جديد بصورة سريعة.

ويمكن توجيه الوعي الصاعد أثناء فترة المراهقة في اتجاهين معاكسين: الأول يقود إلى الإذعان لإرادة الله والخدمة المتفانية للإنسانية، والآخر إلى الأسر في سجن النفس والهوى وتحكم القوى السلبية. فالانحطاط الأخلاقي، انحلال وفساد المجتمع المتساهل، الموقف اللامسؤول نحو الزواج وتصاعد موجة الطلاق كنتيجة لذلك، ضعف التماسك الأُسَري والتراخي المستمر للتوجيه الأبوي، السعي المحموم وراء الأمجاد الدنيوية والثروات والملذات، الانغماس في الترف المسرف، انحطاط الفن والموسيقى، تدهور مستوى الأدب والصحافة، … كل ذلك من شأنه ان يؤثر على الشباب الناشئ بصورة خاصة.

وهنا تكمن أهمية الشباب ودورهم المحوري في بناء مجتمع سليم، حين يرافقون هؤلاء الناشئة ويمكنونهم من إطلاق القوى الكامنة فيهم ويساعدونهم على اجتياز هذه الفترة الصعبة من عمرهم وهم واعون بدورهم والهدف من خلقهم وكيف سيعملون في شبابهم على إصلاح مجتمعهم والعالم من حولهم. وهذا عمل له هدف ثنائي لأنه يساعد الشباب أنفسهم في تحولهم الفردي ويمدهم بالبصيرة الروحانية وينمي فيهم الحس بالهدف والمسؤولية. شباب كهؤلاء لا يحتاجون منا سوى الاهتمام والرعاية، وتمكينهم لبناء المقدرة، ومرافقتهم في درب الخدمة، ودعم مبادراتهم بكل عناية.

وبلدنا يزخر بشباب ولا أجمل !! … فقد التقيت في الأيام القليلة الماضية شبابا بأخلاق عالية تواقين لخدمة بلدهم ولخدمة الإنسانية، يحدوهم الأمل في غد أفضل، غد مشرق ينعم الجميع فيه بالعدل والسلام وتكون الحقيقة فيه أجمل من الأحلام. لقد آمنت بهم وبقدراتهم، وأدركت حينها أن هذا الجيل سيرسم بعزيمته وتضحياته منعرجا جديدا في تاريخ البشرية.

في عالم حزين يبحث له عن هوية، عن تفسير لهذه المآسي والحروب الدموية، هناك بذور زرعت بأياد رحمانية تسقى بمياه سماوية وترعاها العناية الإلهية. ستصبح هذه البذور أشجارا مترنحة في قادم الأيام وستؤتي أكلها لكل الأنام. كلي ثقة في هذا الشباب الذي بدأ يرسم معالم الوحدة في العالم الإنساني، رغم دعوات التعصب والحمية والانتقاد العشوائي والسلبية. وكلي إيمان بأن شبابنا يمتلك من الحكمة والعزيمة ما يجعله يسمو بعالمه ويمحو عنه الأيام الأليمة …

#لنبن_مغربا_أفضل

#لنبن_عالما_أفضل

‫تعليقات الزوار

8
  • malika
    السبت 21 ماي 2016 - 05:57

    Excelente article,les jeunes sont vraiment l espoir du pays ,ils ont le pouvoir de tout changer et de construire un monde meilleur,unie dans la diversité pour en finir avec tous les malheurs auquels on asiste de nos jours-ci..

  • amahrouch
    السبت 21 ماي 2016 - 12:30

    Réveillons-nous,déssillons-nous les yeux,regardons autour de nous !Ne voit-on pas que nous nous entretuons et que nous éprouvons une haine tellement forte envers le reste du monde que si nous avions de quoi le détruire nous n hésitons pas une seconde !Pourquoi,donc, sommes-nous animé de cette animosité qui nous torture et menace les autres ?Pourquoi nous sommes comme ça et pas comme les autres ?Réfléchissons !Avions-nous bu quelque élexir enivrant ou inhalé une substance allucinogène ?Réfléchissons encore !Que mangeons-nous tous les jours ?Thé,pain,légumes légumineuses…De ce coté-ci,ça va.Qui a-t-il d autres ?Je suspecte fort bien la nourriture spirituelle !Elle est bourrée d ingrédients chargés positivement et négativement !!Le moins et le plus me dit quelque chose !N aurions-nous pas ingurgité des explosifs qui déchirent nos entraille et nous font vomir la haine en jet ?Examinons ces ingrédient,nous y trouverons sans doute l origine de notre mal si les chouyoukhne nous retiennent pa

  • sami
    السبت 21 ماي 2016 - 12:52

    تحية لك استاذي محمد
    يمكن احسن مقاله مفيد و جدي قراته في هذه الجريدة و ينم بدون شك عن احساس بالمسؤولية و بصيرة و تشخيص صحيح لحال بلدنا في و الوقت الحاضر الذي للاسف الشديد اختلت فيه الموازين صالح القوى الهدامة و اصبح معظم الشباب يفضل الناي بنفسه عن اي مسؤولية جماعية او التفكير بالهجرة .

  • Jakha Mohamed
    السبت 21 ماي 2016 - 21:22

    السلام عليكم الشكر موصول لكم أستاذي الفاضل على هذا المجهود الجبار الذي تقومون به لكتابة هذه المقالات التي تشحذ هممنا و تقوي إرادتنا و عزيمتنا كشباب غيورين على هذا الوطن الحبيب المغرب. ناديتنا يا أستاذ و سنلبي نداءك نعم نحن مغربيون و نفتخر. نحن الأمل الوحيد لهذا المجتمع سننهض للتغيير. سنساهم في تنمية و تقدم و ازدهار وطننا. سنقف حجر عثرة أمام كل من يتربص شرا بهذا الوطن.شكرا و السلام

  • رضوان
    السبت 21 ماي 2016 - 21:54

    حقا كما قلت أستاذي الفاضل لنبني مغربا أفضل يتسع للجميع والمسؤولية تقع على عاتق الشباب لما تتميز به مرحلتهم من يناعة وإقدام لأنه لولا سواعدهم لما شيدت الحصون والقلاع ولولا أفكارهم لما اقتربت الثقافات شكرا لك كاتبنا المفضل ، هيا بنا يا شباب المغرب نبحث عن الاتحاد والسلام

  • استاذ
    السبت 21 ماي 2016 - 22:22

    حينما كنت شابا اي سنة1976 انخرطت في شبيبة حزب سياسي وفي سنة 1992اصبحت مستشارا جماعيا و ساهمت في تنمية جماعتي اقتصاديا و اجتماعيا.المشكل الكبير الذي نعاني منه الان هو ان شبابنا ينظر اكثر الى المادة لان الاحزاب السياسية زاغت عن هدفها النبيل و هو تاطير المواطنين لقد استحود عليها اصحاب المال و صاروا يستغلونها الاجل قضاء مصالحهم الخاصة.اكبر مشكل في السياسة بالمغرب هو ادخال اللائحة في الانتخابات لانها تفرز بعض المستشارين الجماعيين لاعلاقة لهم بالسياسة .وجب التفكير في تغيير نمط الاقتراع ليكون فرديا كما كان من قبل.

  • مغربي
    الأحد 22 ماي 2016 - 00:55

    بعيدا عن الايديولوجيا جاءت هذه الدعوة ايجابية جدا لان ما يحتاجه الشباب هو شحد همهم وارشادهم لما يخدم مصلحة المجتمع الذي يشترك الجميع في صنعه لان اليد الواحدة لاتصفق حثهم على العمل بشكل مجدي ومفيد واعتماد طريقة العمل ضمن فريق كما هو الحال في الدول المتقدمة على ان ما يهم هو الاحترام المتبادل والتعاون تلك بعض الابجديات لاطلاق ممكنات الشباب دون الخوض كثيرا في عقائد الناس لان ذلك ببساطة يعد وصاية

  • mouad boutaleb
    الإثنين 23 ماي 2016 - 17:24

    نعم إنه صديقي الدكتور محمد المنصوري إختصاصي امراض السرطان و علم الجينات في محاولة فذة لاستئصال سرطان مخرب للمجتمع و نشر خبر وراثي عنوانه السلام و البناء و الحضارة و الانسانية
    تحية إنسانية من قلب العاصمة المغربية

صوت وصورة
إفطار رمضاني داخل كنيسة
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 09:31

إفطار رمضاني داخل كنيسة

صوت وصورة
حقيقة خلاف زياش ودياز
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:58 5

حقيقة خلاف زياش ودياز

صوت وصورة
هشاشة "سوق النور" في سلا
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:30 1

هشاشة "سوق النور" في سلا

صوت وصورة
الركراكي والنجاعة الهجومية
الإثنين 25 مارس 2024 - 23:04 1

الركراكي والنجاعة الهجومية

صوت وصورة
كاريزما | محمد الريفي
الإثنين 25 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | محمد الريفي

صوت وصورة
رمضانهم | الصيام في كوريا
الإثنين 25 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | الصيام في كوريا