الحريات من خلال تفسير وزير العدل للقانون الجنائي

الحريات من خلال تفسير وزير العدل للقانون الجنائي
الجمعة 24 يونيو 2016 - 11:26

قدم مصطفى الرميد وزير العدل والحريات خلال مناقشة مشروع القانون الجنائي الذي أعده السنة الماضية، ودفاعه عن الحقوق والحريات التي ادعى أن هذا القانون يحميها، قدم عدة تصريحات وعبر عن عدة تأويلات أو تفسيرات في شأن موضوع الحريات وفصول مشروع القانون الجنائي الذي أعده، ومن هذه التصريحات:

– خرجته الإعلامية خلال ندوة “ليكونوميست”، والتي هَدَدَ فيها مُفطري رمضان من المغاربة بالخروج للشارع للتأكد من ردة فعل المجتمع.

– لكنه أضاف بأن “العقوبات الجنائية ستختفي أو تتعطل بقدر ما يقبل المجتمع بتلك الممارسات لاعتبارها حريات”.

– “لا يجوز تكسير الأبواب على الناس، والتجسس على حياتهم الخاصة، ولكن إذا جاهروا بمخالفة القانون، فينبغي أن يتدخّل القانون”.

– وأضاف ” من تستر ستره الله، ومن جاهر عاقبه القانون الجنائي”. (الندوة التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية).

– “ملي إكون شي واحد فشي قنيتة مخبي أش قربنا ليه؟ بينه وبين ربه، وأنا مالي؟”

– “وجهنا توجيهات للنيابة العامة للتمييز بين الفضاءات الخاصة والعامة في ممارسة الحريات الفردية.

يطرح هذا التفسير وتوظيفا ته القانونية والزجرية في المغرب مجموعة من الأسئلة:

بالنسبة للفضاء الخاص، فمن خلال مضمون التصريحات المذكورة يتضح أن يرتبط في تقدير وزير العدل بالتستر والاختفاء، والاختلاء، وب”القنيتات” -أي الأماكن الضيقة والبعيدة وربما المظلمة-، والبيوت، والسيارات والابتعاد عن أعين الناس.

ومن خلال مضمون ذات التصريحات يتضح أن مفهوم الفضاء العام يقترن بدوره في تصور مصطفى الرميد بالجهر، والعلن، والظهور للناس واستفزازهم.

فهل يتحقق مفهوم الحرية ويختزل الفضاء الخاص في شروط التستر والاختلاء والأماكن المظلمة؟ وهل يقترن الفضاء العام بالضرورة بالاستفزاز والمس بالآخرين؟ وهل يحق للمجتمع أن يحمي قيم الأغلبية مثلا، بنفسه وبردود الفعل والتدخل والعنف ورفع الشكايات والمطالبة بالزجر، ما دام تعريف الحريات الفردية يحدها بالمس المادي بحريات الآخرين؟

توقف وزير العدل خلال تفسيره لمشروع القانون الجنائي الذي أعده عند بعض الجزئيات التي اختزل من خلالها مفهوم الحريات الفردية بشكل مثير، وهو اختزال لروح القانون وخلفيته الثقافية ولمفهوم الحرية في بعدها الإنسي والفكري العميق إلى مستوى وقائع سلوكية وكأن الأمر يتعلق برغبات شاذة ومعزولة مما يجرد المطلب الحقوقي والثقافي من قيمته ومحتواه، ويقحمه في الغموض القانوني القابل لكل تأويل وتعاط حسب الظروف والأشخاص والتوظيفات الأمنية والسياسية.

وما رد وزير العدل حول حالات محاكم التفتيش التي حدثت مؤخرا ومنها اقتحام الفضاءات الخاصة والبيوت واعتقال المواطنين في الفضاء العام اعتمادا على تخمينات أو تفسير للنوايا ولسرائر الإيمان والأعذار؟

ويبقى السؤال الأخير الذي يطرحه تحليل تصريحات وتأويلات وزير العدل، وبشكل عام مناقشة قضية الحريات وتدبير العيش المشترك في الفضاء العام، سواء على مستوى الخلفية الحقوقية والاجتماعية والثقافية أو على مستوى الممارسة القانونية الجنائية هو: هل يحصل تطور المجتمع للقبول بالحريات من تلقاء ذاته أم الأمر نتيجة للتشريعات واختيارات الدولة وقوى التغيير، أي هل المطلوب تغيير القوانين حفظا للحريات وتطويرا للواقع، أم حماية الواقع وإعادة إنتاجه عبر القانون ولو كان ذلك على حساب الحقوق والحريات، والتي بدونها لا يمكن الحديث عن الديمقراطية، فعلا، أي الديمقراطية باعتبارها منظومة ثقافية وقيمية حديثة تحمي كل أفراد ومكونات المجتمع وتدبر اختلافها وعيشها المشترك، وليس مجرد زيارة الراغبين لمكاتب الاقتراع وفرز للأصوات المشاركة لكي يصل البعض لكراسي الحكم كل خمس سنوات ؟

‫تعليقات الزوار

3
  • Fassi
    الجمعة 24 يونيو 2016 - 13:56

    الحرية لها حدود: حريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الغير.
    أقترح على السيد وزير العدل عرض مشروع القانون الجنائي على الاستفتاء الشعبي حتى يسكت الأفواه المنتقدة.

  • SPOTNIK
    الجمعة 24 يونيو 2016 - 23:10

    وزير العدل ينطلق مما ينص عليه الدستور أي أن الإسلام هو دين الدولة
    ومن تم بات الحفاظ على الدين من مهام كل السلطات
    نحن ندري جيدا ان الكهنوتية هي التي تهز هواجسكم الوثنية وعليه فليس بغريب ولا سيما في شهر رمضان أن تشهروا بمواقفكم المعادية للدين الإسلامي بعد هذا ستنادون بأنا نكفركم في حين أنتم لا تتوارون بالأشهار بكفركم كلما دعت الضرورة لذلك
    أن تفطر أنت وغيرك هذا لن يزعزع عقيدة المغاربة في شيء
    أما أن تستفز الشعب المغربي فإني أرى أن السيد الوزير بقي متسامحا معكم لإقصى حد، وكان أولى بك أن تشكره
    لإن الشعب المغربي لن يسمح لك بذلك

    مليار ونصف من المسلمين يصومون للواحد القهار ومنهم 99.9999 من البرابرة
    فكم تمثل أنت وذويك؟

  • amazigh
    السبت 25 يونيو 2016 - 10:08

    الكاتب ناقش موضوع الحريات وضرورة تدبير العيش المشترك بكل موضوعية اتطلاقا من نفسير وزير العدل للقانون الذي أعده وباستحضار حالات العنف ومحاكمة نوايا الناس في الشارع والترامواي واقتحام البيوت…وهذا ضد منطق التطور الاجتماعي والتاريخي الذي يزعج الخوانجية وتجار الدين. لو كانت بيد البواجدة وفريقهم الداعشي السلطة لشكلوا شرطة الحدود البغدادية ومحاكم التفتيش ونصيوا المشانق في الساحات وتلذذوا بالطغيان والعودة إلى عصر الظلمات…اما عدد المسلمين غب العالم فبفوقه عدد المسيحيين ب2 مليار والبوديين بمليار ونصف وعشرات الأديان والمعتقدات ولا أحد يسمع سوى عن الاسلاميون العرب الارهابيون مثلكم الذين أساءوا إلى الاسلام والينا….

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41

حملة ضد العربات المجرورة