ليس منكم سياسي حكيم ورشيد؟

ليس منكم سياسي حكيم ورشيد؟
الأربعاء 29 يونيو 2016 - 13:29

تدور دوائر الزمن السياسي في حلقات مفرغة تضرب في الصميم أي إمكانية في انقشاع الحكمة السياسية مقابل الاستمساك المحكم والمعتم في تدبير شؤون الناس والعباد، وعمه البصيرة هو الثابت والراسخ،ولم تعد الحكمة ضالة السياسي الذي ظل عن الطريق السوي والرأي السديد، وراح يبث سمومه في معاقل التسيير والتدبير وينثر أمراضه النفسية الفتاكة في أي صرح سياسي معقول قد ينفع ،فمعاول الهدم هي الراجحة وهواجس الردم هي الرائجة،وسلعة السياسي كاسدة.

فالسياسي الذي يضل عن الحكمة ولا يصدح بها ويهجرها، حتما تفارقه القيم والأخلاق ويسقط في المحظور ،والرشد السياسي مطلوب والتعقل ونكران الذات وتحمل المسؤولية، كلها مكنات مطلوبة في حماية وصون المصلحة العامة، وخدمة المواطن، ودرئ المفاسد،وهجران عقيدة الحزب الفاسدة ومجابهة شرور النفس الأمارة بالسوء والزائغة عن الطريق القويم، والشاردة في الدفاع عن مصالح الناس في بيئة الفعل السياسي.

لم يعد السياسي يملك الحكمة العلمية والعملية التي ترشده إلى فعل الخير وخدمة الصالح العام، بقدر ما أضحى يبرع في صنع التحذلق و الانتصار المرضي لمصالحه، ويحسن فن اللعب والمناورة والسعي وراء رفعته وصلاحه وفلاحه، والبحث عن قارب النجاة لنفسه، و”العيش من وعلى السياسة”، وامتهان الكذب والخداع.والعيش من أجل السياسة بحسب تعبير “ماكس فيبر”، مبدأ لم تعد له قائمة في غياهب الاسترزاق السياسي المدوي والمحصن حتى بقواعد معيارية وقيمية حاضنة له، وتيسر له السبيل نحو بلوغ القمة.حيث يبحث السياسي دائما عن الخلود ويتوخى الفخامة والعيش في بحبوحة غير متناهية.

والاحتكام إلى الضمير والإيمان بقضايا الناس وحاجياتهم والسعي الحثيث وراء تحقيقها، عملة نادرة في زمن كثرت فيه الرتابة والرداءة والمفسدة المطلقة، إنه زمن التكالب على المال العام،وقل فيه “التبصر السياسي”في اتخاذ القرارات واعتماد السياسات ،فالسياسي الحكيم دائما ما يراعي ظروف الحال والأحوال ويتخذ القرارات في أوانها دون بطء أو عجل أو تخبط أو مكيدة بالناس، تحشرهم في زمرة الضيق وفلك المعاناة،والشيء الأفظع بحسب تعبير “حنا أرندت” هو “أن يتخذ السياسي قرارا خاطئا فهذه مشكلة، لكن ألا يعرف كيف يقدم قراره للناس فهذه كارثة”.أو يتماهى في التبرير والتسويغ لدرجة أن يجعل حتى من القتل مسألة مقبولة كما يقول “جورج أورويل”، ذلك هو المنطق الذي يحكم منطق لغة السياسي عندنا.

فلم يعد هناك سياسي حصيف تغريك خطابته وتبحر بك في عوالم المعرفة السياسية و المطارحات الفكرية الثاقبة والتنظير الراقي المترفع عن استغلال شجون الناس ومعاناتهم، بقدر ما هناك من يتقن المتاجرة بالأحلام ويسوق الأوهام و اقتياد قلوب الناس بغير صدق وبغير أمانة ،حيث تتغذى جهالته من جهالة الناس، ولا يحسن إلا زراعة الأشواك والألغام في خاسرة كل من يتوق إلى الإنعتاق من ربقة الفقر، الذي يحاصره من كل الزوايا. وطبعا كل الرهان منصب على حصان خاسر لا يرى إلا نفسه ولا يمجد إلا ذاته ولا ينفخ إلا جيوبه.فقول السياسي ما هو بقول فصل، إنما قول هزل/ماكر يبتغي هوان الناس ويثبط عزيمة الإصلاح و الإقلاع عن إدمان العبث .

أليس منكم سياسي حكيم ورشيد يصنع الحدث ويرفع سقف الرهان على خدمة مصالح الناس ويرعاها ويحتكم لصوت الضمير والعقل ويعيد للسياسة اعتبارها ويصالح الناس معها.تبا لكم

“إن السلطة المطلقة تخرج أسوا ما في النفوس البشرية” فيليب زيمباردو

‫تعليقات الزوار

4
  • عاجل
    الأربعاء 29 يونيو 2016 - 15:57

    لهذا على المغاربة ان يكتبوا دستورهم بأيديهم اي الابتعاد عن فقهاء النظام الحاليين المنافقين.
    كيف نريد ان نعيش ،ماذا نريد تحقيقه لكل المغاربة على جميع الاصعدة،كل هذا يجب كتابته من طرف الشعب في شبه مدونة حقوقية وذلك من خلال التطرق الى كل صغيرة وكبيرة تهم عيشة اي انسان مغربي منذ الولادة الى الى ان يفارق الحياة.
    عندئذ من يريد خدمة الانسان المغربي عبر تنزيل تل الحقوق على ارض الواقع حتى يعيشها كل المغاربة فأهلا وسهلا،عبر المكتوب وفقط المكتوب والمدون والمتفق عليه سنظمن لكل المغاربة عيشة هنية،عندها فقط سيستطيع الشعب التمييز بين من يريد العمل للصالح العام ومن يريد بناء القصور لنفسه ولأولادها.

  • د عوض عثمان عبدالله
    الأربعاء 29 يونيو 2016 - 18:18

    الدكتور المحترم عثمان الزيانى الحال من بعضه كما عنونت أنفا فبيع الاوهام والانسلاخ عن هموم وأوجاع الشعوب وتخديرها هو سمة تتقاسمها العديد من الأنظمة ولاحياة لمن تنادى فالسياسة أضحت حرفة الكثير ممن لا يحملون ذرة من الاحترام لهذه الشعوب المقهورة بل يبيعون الأوهام التى لاتنطلى الا على الدهماء

  • معلقh
    الخميس 30 يونيو 2016 - 01:15

    الرشيد والحكيم هو من يوجه افعالا معينة بدقة متناهية استنادا الى العقل لتحقيق اهداف محددة مسبقا بامعان.ويفترض في رجل السياسة ان يتصف بالرشد والحكمة اكثر من غيره لانه يتحمل مسؤولية انسانية عظيمة وجليلة.في المجتمعات الديموقراطية الغربية فان من صفات الحاكم الحكمة وهو لا يدعي امتلاكها بل يمارسها في سلوكه وافعاله السياسية.اما نحن فاغلب سياسيينا لا يعرفون منها سوى الاسم.فالحكم الرشيد يتنافى مع الاهواء الذاتية والمنافع الشخصية لانه يستهدف المصلحة العامة والاصلاح ما استطاع الانسان ذلك.بينما اصبح احتلال الكرسي عند اغلب سياسيينا مكسبا شخصيا ووسيلة للاغتناء وارضاء متطلبات شخصية وعائلية ومصدرا للفساد والمحسوبية والزبونية.فقد ورد في صحف اليوم ان رئيس الحكومة الذي كنا ننتظر منه الاصلاح اذا صح ما يقال قد وظف ابنته بعد ان منح لابنه منحة من قبل.وهذا ااسلوك يبدو انه تصرف جماعي من لدن هيئات بكاملها وهو ما يزيد من شعورنا بالغثيان والاشمئزاز والنفور من سياستنا وسياسيينا.

  • عزيز
    الجمعة 1 يوليوز 2016 - 01:53

    نريد ساسة ينزلون عند شعوبهم ويحسون بالامهم ويرفعون عنهم الحيف والظلم والفقروالتهميش الذي طالهم .انذاك سيشعر المواطن انه في وطنه وان الاحزاب التي تتبناه تخدمه حقا ولا يحس بهوة عميقة بينه وبين من يمثلونه.وبذلك يصبح الوطن عبارة عن سفينة يركبها الجميع في امن وامان.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس