كلنا مغاربة العالم

كلنا مغاربة العالم
الأحد 28 غشت 2016 - 06:45

مرة أخرى، يعود الملك محمد السادس في خطابه السامي الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب إلى الحديث عن مغاربة العالم، مجددا اهتمامه بما يقرب 5‚4 ملايين مهاجر مغربي خارج الوطن.

ويأتي هذا الاهتمام استمرارية للمواقف التاريخية التي عبّر عنها الملك في مناسبات عديدة، والتي تخص حقوق وكرامة المهاجرين وحمايتهم من العنصرية والتطرف والعنف، في زمن عالم متحول ومتوحش يأكل كل من لا يقوى على المنافسة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

ولعل ما يثير انتباه كل المتتبعين لقضايا الهجرة والمهاجرين هو الخطاب المزدوج الذي يتغنى بحقوق المهاجرين وبدورهم هنا وهناك؛ في حين يثبت الواقع السطو على حقوقهم الدستورية تحت مبررات تافهة لا تقنع أي كان.

ومن دون النبش في الماضي بحثا عن أمجاد وصمود نضالات المهاجرين من أجل الكرامة هناك ودولة الحق والقانون هنا، أو البحث في مسارات القلق الانتقالي وتواريخه، وما صاحبها من قراءات فكرية ومقاربات علمية لمسألة الهوية والتراث والحضور والغياب والوجود والخوف، تظل حقوق المواطنة في مهب الريح ومرتكنة في الظل.

إن هذا الزمان المتوقف ومجهول المصير والاحتمالات أصبح مغامرة ومخاطرة غير محسوبة العواقب، تندر بأزمة أخلاقية وحقوقية بين مؤسسات الدولة وبين مغاربة العالم والرأي العام المساند لهم ولحقوقهم.

فمنذ أزيد من عقد ونصف العقد، ومغاربة العالم ينتظرون الاعتراف الكامل بمواطنتهم، وفي كل مناسبة تصير الوعود والالتزامات أكذوبة وتمويه، وتتحول مطالبهم إلى مزايدات سياسوية وحقوقية، يحركها وعي سطحي وغريزة أمنية بالية وسمفونية مبحوحة تذكرنا بألغام وحجج اليمين المتطرف.

إن هذه اللحظة المفصلية من عمرنا الوطني لا يمكن أن نسكت فيها عن مطالب القوى الديمقراطية المدافعة عن مغاربة العالم، ولا يمكن الاستمرار في التعامل مع “المهاجر المغربي” كـ”أجنبي، غريب ومجهول ومخيف”، يجب التعامل معه بحذر والبحث عن كيفية فهمه والتعرف عليه. فكم من دراسات أنجزت حول مغاربة العالم؟ وكم كلفت هذه الدراسات خزينة الدولة؟ وما تداعيات هذه الدراسات؟ وكم من مؤتمرات أقيمت هنا وهناك؟ وماذا كانت النتيجة؟

لقد قطعت مسيرة الهجرة المغربية مسافات تاريخية وحضارية وثقافية ومدنية لتغيير سمات العلاقات الإنسانية مع جغرافية وبشرية الاستقبال من دون أن تنسى الحنين إلى قساوة الوطن ومرارته وغربته، في زمن عجز فيه التلاقح الثقافي والحضاري والمعاهدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديبلوماسية عن إلحاق مغاربة العالم بالركب الديمقراطي وبهيآت المناصفة ومؤسسات المجتمع المدني وبأفكار حقوق الإنسان المنتشرة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1984.

حق مغاربة العالم في المشاركة السياسية وفي باقي الحقوق لا يمكن تأجيله مهما كانت الأسباب، ولا يمكن تسييسه كيفما كانت المبررات، ولا يمكن تجزئته على أقساط.

إن إسهامات مغاربة العالم إسهام الممكن والمستحيل في مجتمعات ذات تقاليد عريقة في المواطنة والديمقراطية. إنها تشكل، اليوم، مرجعا أساسيا في خبرة تنظيم وتدبير التنظيمات والمؤسسات الجهوية. كما تعدّ رافدا من روافد المد الديمقراطي الأصيل في بلادنا. ومن هنا، يعتبر إشراك مغاربة العالم في حلم بناء المغرب الحداثي الديمقراطي مسألة ضرورية لتقوية الروابط مع الوطن ومع المشترك الذي يجمعنا نساء وشبابا ورجالا، للإسهام في كل الأوراش الاقتصادية والاجتماعية، لقطع الطريق على التطرف والعنف والإرهاب وبناء مؤسسات قوية تحافظ على المكتسبات وتطورها وتخلق بدائل جديدة، أساسها التنمية المستدامة والعدالة المجالية القائمة على التضامن والعقلنة والتواصل والتعاون والقرب.

إن تمكين مغاربة العالم من المواطنة الكاملة شرط ضروري لبناء مغرب الغد، كما أن تفعيل حق المشاركة السياسية في الانتخابات التشريعية المقبلة وضمان حق التصويت حق من حقوق الإنسان، من أجل الوفاء للمعاهدة الدولية لحماية العمال المهاجرين وأسرهم والتي صادق عليها المغرب مع رفع كل التحفظات حولها.

‫تعليقات الزوار

2
  • أبو هاجوج الجاهلي
    الأحد 28 غشت 2016 - 11:03

    شكرا للاستاذ الكريم على هذا المقال الجيد والمهم. استاذي الكريم لو حسنوا الاستقبال في الحدود المغربية وكذلك الادارات التي يقصدها المهاجر من اجل انجاز العمل الورقي لكانوا احسن امة اخرجت للناس ولكن لا حياة لمن تنادي. النظري والشفوي شيء والتطبيق شيء اخر. اما حقوق المواطنة وحق المشاركة الانتخابية بعيد المنال في الوقت الحالي. وحتى المهاجر البسيط اصبح يدرك لعبة ( التجرجير) كم من الاموال اهدرت ومازالت تهدر. في سبعينيات القرن الماضي أسست مايسمى بالوداديات ليس من أجل المواطنة وتشجيع الروابط مع البلد الأصل ولكن من أجل هواجس أمنية. والآن نتوفر على مجلس الجالية الذي لم يصوت عليه أحد بل أسس وعين رئيسه. والان ( راه كيتبورد على ظهر خيل الضياف) وشكرا

  • hassia
    الأحد 28 غشت 2016 - 13:39

    شكرا الأخ مصطفى على صراحتك,إنها الدمقراطية المزيفة وخرق للدستور,كل جاليات العالم تترشح وتصوت إلا مغاربة العالم وإن كان البعض ينعتنا بالعبيد فهم على حق

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس