من أجل بناء مؤسسة تشريعية قوية، يتحتم وجود أولا نظام سياسي ديمقراطي، وأحزاب سياسية ديمقراطية مؤهلة لممارسة السلطة، وتعزيز روح التعددية والتناوب الديمقراطي.
وأن يسود داخلها النفس الديمقراطي الذي لا يحابي أحدا، محترمة القوانين العضوية والعادية والقيم الإنسانية. ومعززة الحريات والحقوق الأساسية داخليا وخارجيا.
وأي مس بالاختيار الديمقراطي مس بالدستور باعتباره ثابتا من الثوابت الجامعة للأمة المغربية. فإلى إي حد تعمل الأحزاب على احترام ما ذكر وما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية؟
وكون المؤسسة التشريعية مشكلة من أغلبية ومعارضة، فإن كلا منهما لها أدوار فاعلة من أجل ضمان صلاحيات المؤسسة التشريعية. والأغلبية ليست صدى ميكانيكيا للمؤسسة التنفيذية بل هي مساند ومدعم في إطار النقد الديمقراطي من أجل التجويد والتحسين.
أما المعارضة فكل حقوقها مباحة ومشروعة بناء على المشاركة الفعلية في كل ما هو معروض على أنظار المؤسسة التشريعية. تشريعيا ورقابيا ومساءلة وتمثيلية ورئاسة وتوفيرا للوسائل المساعدة على العمل. ودبلوماسيا، ودفاعا على القضايا العادلة، وتأطيرا وتمثيلا ومساهمة في تعزيز التناوب الديمقراطي…
ومن تم لابد من حرص الجميع خاصة الذين تقلدوا المسؤولية على تعزيز التمثيل الديمقراطي انطلاقا من انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. مدعمين هذا الخيار بالحياد التام، وحسن التنظيم، والملاحظة المستقلة للانتخابات، وتسهيل المشاركة في الانتخابات على كل المواطنين.
إذن البرلماني يستمد عضويته داخل المؤسسة التشريعية من الأمة. فمن واجبه أن يحترم الأمة ويعمل من أجلها. والانتماء السياسي محدد أساسي لاستمرار وجوده داخل المؤسسة. تجنبا للعبث السياسي والتلاعب بالانتماءات التي تشكل جزءا من هويته. كما يضمن له القانون الحق في التعبير والحرية في التصويت مع احترام الثوابت.
ومن المفروض على الوزراء والمندوبين الحضور إلى المؤسسة التشريعية من أجل تفعيل التداول المستمر بين السلطتين. وحتى يقع الانسجام بين مؤسستي البرلمان من اللازم وجود تناغم بين النظامين الداخلين للمجلسين لأن المشترك بينهما كثير.
ومن أجل ضمان الاستقرار أصبح الترحال السياسي محظورا ويترتب عنه إلغاء المقعد. إضافة إلى وجود فرق تجاوزا للفردانية وتكريسا للمؤسساتية.
مع استحضار الجلسات العامة والعمل المتواصل للجان. وضبط عملية الحضور كل هذا يساهم في بناء حكامة بناء المؤسسة التشريعية.
وبالتالي تصبح المؤسسة التشريعية مؤهلة لممارسة السلطة، والتصويت على القوانين، ومراقبة الحكومة، وتقويم السياسات العمومية…..
وتحديد مجالات القانون التي من الواجب الاشتغال عليها من قبل المؤسسة التشريعية مؤشر على التمييز بين ما هو قانوني وما هو تنظيمي.
ومن أهم المحطات التشريعية السنوية نذكر قانون المالية، المتبوع طبعا بقانون التصفية وإن كان هذا الأخير إجراء تقنيا من أجل تبيان أوجه ومسالك المصاريف المحددة بالقانون المالي خاصة على مستوى ميزانية التجهيز.
ورغم البعد التنظيمي الذي بذل فيه مجهود كبير من أجل ضبط الحكامة التنظيمية والإدارية والقانونية، فإن بناء المؤسسة التشريعية سياسي بامتياز وديمقراطي في العمق ويمتح مشروعيته من درجة الدمقرطة للنظام السياسي الذي يحكم البلاد.