مسيرة عيد الأضحى بالدار البيضاء

مسيرة عيد الأضحى بالدار البيضاء
الإثنين 26 شتنبر 2016 - 14:22

وقعت مسيرة شعبية بالدار البيضاء يوم 18 شتنبر 2016 تنكرت لها الإدارة المخزنية وأحزابها، ونقاباتها لأنها حسب أقوالها لا تعرف من قام بها، وهناك من اعتبرها مؤامرة ، وهناك من اعتبرها غير محسوبة العواقب، وهناك من أشبعها قذفا وسبا واعتبرها لقيطة وخطيرة ، وهناك من سكت عنها لأنه إما لم يتابع أحداثها، أو لم يستطع الكلام في موضوع مخيف ومحرج له، وتعددت المواقف والتأويلات، وهناك من تابعها باهتمام وصور من فوق السطوح وبالشوارع جميع جمهورها ، وهناك من حرر بشأنها تقارير علنية أو سرية للغاية، وهناك جهات مضللة تنشر في صفوف المشاركين في تلك المسيرة بأنها نظمت من اجل محاربة الإرهاب، أو من أجل محاربة الإسلاميين المتحزبين….

وظهر من الضروري أن يدرس الناس العاديون والمثقفون الديموقراطيون هذه المسيرة التي نبدأ الكلام عنها بتبيان خصائصها التي منها:

-إنها شعبية قام بها نساء ورجال من الشباب وغيرهم، ينتمون من الناحية الاجتماعية إلى الشعب الفقير البسيط قدم من البوادي والمدن، ونعني بالشعبية غياب النخب التي تطبخ السياسة ظاهريا بالمغرب وتستثمرها وتربح منها الأموال والمناصب والنفوذ، كما نعني بالشعبية أنها كثيرة العدد، ومثيرة لوسائل الإعلام بالداخل والخارج وشارك فيها البدو القادمون من مختلف الأقاليم …..

-إنها وقعت في عيد الأضحى مما يخولنا اقتراح تسميتها في التاريخ السياسي “مسيرة عيد الأضحى،عيد اللحم Tafaska كما يعرف لدى بعض الأمازيغ بالمغرب، وهو عيد هيجان الفقراء بسبب سفك الكثير من دماء الحيوانات، وكثرة دخان الشحم وحرق شعر البهائم، واضطرار الأسر الفقيرة إلى شراء حيوانات لا يمتلكون ثمنها، ومنها ما نقلته الصحافة الالكترونية عن امرأة فقيرة هائجة تقول “عاش زروال لأنه اشترى لي أضحية العيد” فهي لم تقل عاش أي حاكم أو زعيم أو مرشح حزبي، إنها امرأة مجهولة تحيي زروال المجهول كذلك.

-إنها متنوعة الشعارات والمطالب مابين الأغراض الشخصية للمشاركين في المسيرة مثل الذين نفذوا أوامر “المقدم”من مدينة بني ملال أو من منطقة الخميسات لأنه طلب منهم السفر إلى الدار البيضاء واستجابوا له ليقضي لهم أغراضهم الشخصية مثل التستر على البناء العشوائي، وتسهيل الحصول على بعض الأغراض الإدارية، أو الذين تقاضوا بعض المال الذي يحتاجون إليه في العيد…..أو الذين قاموا برحلة وزيارة للدار البيضاء لأهداف السياحة…. وشمل التنوع حمل صور ضحايا القمع مثل عمر بنجلون، والمناداة برحيل بنكران من الحكومة، أي الشعارات ذات الطبيعة السياسية، مثل ترديد كلمة :”ارحل”الراسخة في مظاهرات الجمهور منذ 20 فبراير2011.

-إنها نظمت بعد ساعات معدودة من فتح باب الترشيح لانتخابات 7 أكتوبر2016 مما يؤكد أن لها علاقة بالترشيح لهذه الانتخابات.

-إنها مسيرة نظمت في مدينة الدار البيضاء، بدلا من الرباط الذي عرف هذا العام المسيرة المخزنية ضد بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة، ولم تكن الدار البيضاء موقعا مفضلا لتنظيم المسيرات المخزنية باستثناء إحدى المسيرات المليونية التي نظمتها ضد حزب إسباني يوم28نونبر2010 والتي تغنى فيها المخزنيون بأنهم ساقوا ثلاثة ملايين من الشعب المغربي، وتحكموا فيه بصفة نهائية، مما يؤكد خاصة أن بعض اللوبيات الانتخابية بالعاصمة الاقتصادية مستاءة من توقعات فوز بعض المرشحين المحسوبين على الحركة الإسلامية التي تهدد بالسيطرة على مقاعد البرلمان في تلك المدينة.

وبعد ذكر بعض الخصائص يمكن الانتقال إلى عمق هذه المسيرة لنقول بأنها:

وقعت من طرف جمهور يحضر عادة عندما تسوقه السلطات الحاكمة بالقوة والأوامر، ولكنه جمهور يشبه مسيرات حركة 20فبراير2011، والمهم منه أنه جمهور موجود وحاضر، يتكون من الأميين والفقراء، والمرضى عقليا، والمشردين، والسكارى والمخدرين، والعاطلين، ويمكن أن يكون بينه مناضلون شرفاء يغتنمون الفرصة لممارسة الاحتجاج ضد سياسة السلطة، وهو جمهور يمكن أن ينزل إلى الشوارع من أجل الخير والشر حسب الأحوال، ويمكن أن يخرج من تلقاء نفسه لارتكاب الجرائم، أو لأداء الطقوس الدينية، ويمكن أن يخرج بدوافع سلطوية، أو بدوافع القهر والجوع والبطالة، والذين يقولون بأنه مجهول ولا يعرفونه نعطيهم أمثلة بأنهم لم يكونوا يعرفون الجمهور الذي نظم مخيم أكديم ازيك في10/10/2010، ولا عرفوا الجمهور الذي يسمى حركة 20 فبراير سنة2011 وليس هذه الحركة بذلك العام، ولوا عرفوها لعرقلوها ونسفوها ولن تظهر في الشوارع.

من المهم إذن أن يبرز وجود هذا النوع من الجمهور في عمليات التظاهر بالشوارع ليتعلم الاحتجاج، ويتعلم ممارسة السياسة العلنية، ويفضح الأحزاب السياسية التي تمولها السلطة، ويفضح المقدمين والشيوخ الذين كذبوا عليه ، ويفضح الأحزاب التي تدعي أنها تمثله.

ومن النتائج الإيجابية أن الأحزاب والحكومة تجاوزتها هذه المسيرة ولو ظاهريا، واضطرتها إلى الاعتراف صراحة بان هناك جمهور لا تعرف ولا تتوقع ما يمكن أن يقوم به إما لأنه يساق كالبهائم إلى الشوارع بسرعة، وإما لأنه يستطيع أن يتحرك بسرعة تتجاوز قدرة المخزن على المنع، لأن وزارة الداخلية لم تستطع على عادتها إرسال قواتها إلى شوارع الدار البيضاء لتفرق المسيرة، فهي تعترف إنها لا تعرف من قام بها وتركتها تمر ضد قانون الحريات العامة الذي يفرض التصريح بالمسيرات لدى السلطات المحلية، ولم تقل وزارة الداخلية بان المسيرة غير قانونية وإنما لا تعرف من قام بها…..والفاهم يفهم كما تقول الدارجة المغربية.

وقد قلت مرات عديدة بان الأحزاب المخزنية والنقابات المتواجدة حاليا لا تكفي لاستيعاب عناصر الشعب وفئاته وطبقاته، وهو ما جعلنا نحاول تجديد الحزبية، والعمل على تطوير التنظيمات الحزبية والنقابية لتتوسع القواعد المنظمة لتلافي مخاطر المفاجأة التي تحدثها الجماهير التي تظن السلطة أنها تابعة لها وتتحكم فيها.

‫تعليقات الزوار

4
  • الزواقي
    الإثنين 26 شتنبر 2016 - 20:18

    "عيد هيجان الفقراء بسبب سفك الكثير من دماء الحيوانات" ماهذه العبارة أحمد الدغرني أليس الانسان لحمي وعليه فكم يزهق الانسان من حيوان من أجل التغذية مهما كان هذا الانسان متدينا ملحدا . ولكن حقدك على كل ما هو ديني يجعلك تشفق على ذاك الحيوان الذي يتغذى منه المسلم. فماذا بك وكل هذا الحقد تجاه المسلمين وخصوصا العرب منهم. فهذا قمة الكراهية والعنصرية التي بالمناسبة من خصالك.

  • امازيغي سوسي
    الإثنين 26 شتنبر 2016 - 21:44

    اين انت يا استاد الدغرني.نحن نشتاق الى مواضيعك المهة في تحليل الوقائع السياسية بالمغرب.نحن نريد الحزب الوطني الديموقراطي الامازيغي وارجاع ايام زمان في النضال جنبا الى جنب.تحية نضالية من امازيغي سوسي الى الاستاد الدغرني.تنمرت

  • مقدم مقاطعة هو رئيس جمعية
    الثلاثاء 27 شتنبر 2016 - 01:37

    القارء لما ورد في هذا المقال يتضح له ان الكثير من المقاربات و المفاهيم لا تختلف كثيرا عن تلك التي استعملت في مضاهرة الداربيضاء ضد بن بنكيران .كاتب المقال وقع في تناقد مع نفسه حين أشار الى (، ويفضح المقدمين والشيوخ الذين كذبوا عليه ، ويفضح الأحزاب التي تدعي أنها تمثله) نفس الاسلوب يستعمله القومجيون البربر في تجييش أبناء القرى و البوادي الى حد التناحر بالسيوف في الحرم الجامعي و قتل بعضهم البعض.
    الواقع على الارض يشير الى ان مقدم المقاطعة هو نفسه مقدم و رئيس الجمعية البربرية .

  • غسيل الدماغ
    الأربعاء 28 شتنبر 2016 - 11:43

    الجوع هو محرك الشعوب والمخزن منع الناس من التضامن الاجتماعي تحت دريعة تفريق السياسي عن الدين والديموقراطيون ماهم غير اكدوبة فهم اغلبهم يشنغلون في المناصب المكيفة ويكتبون المقالات الجوفاء ولايعملون على ارض الواقع ،انهم بدل مساندة مثلا حكومة العدالة والتنمية في مواجهة الشر وطاغوة الطبقة الفاسدة في البلاد يسكتون ويغيرون النقاش حسدا من عند انفسهم وهدا مايتبته هدا المقال ،اين المصلحون ؟فتركو دالك الشعب تتلاعب به الامواج في براتن الجهل والدولة العميقة تستهزئ بالديموقراطيون وتخاف من الاسلاميين لانهم عصب الاصلاح الحقيقي

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب