يتبوأ البرلمان في الأنظمة السياسية مكانة خاصة؛ ذلك أنه يستمد شرعيته من الانتخابات الحرة والنزيهة، ويعكس بالتالي إرادة الهيئة الناخبة الأمة. ويتكلف مكانها بالعديد من الوظائف؛ منها، على الخصوص، مراقبة عمل وأداء الحكومة.
تعمل الدساتير على تقنين تلك المراقبة وبيان أشكالها ووسائلها وشروط ممارستها. وقد بيّن الدستور المغربي لسنة 2011 في فصله الـ70 -على غرار الدساتير السابقة- هذه المراقبة، بنصه على أن البرلمان يصوت “على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية”.
إن هذه المراقبة التي يضطلع بها البرلمان وبالرغم من ضرورتها، فإنها أصبحت مع مرور الوقت، وكنتيجة للعقلنة البرلمانية الشديدة، نمطية وكلاسيكية وفي كثير من الأحيان تكاد تكون ضعيفة. وحتى نكون واضحين لا يمكن لأي شخص طبيعيا كان أو اعتباريا أن يتولى مراقبة نفسه بالشكل المطلوب؛ فعلاقة الأغلبية البرلمانية بالحكومة تستند إلى مبدأ “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”.
لذلك، يمكن القول إن المراقبة التي يمارسها الناخب على البرلمان ومن ثَمَّ على الحكومة، بمناسبة الانتخابات، أصبحت هي الأكثر فاعلية ونجاعة. ومعنى ذلك أن الانتخابات تشكل في الدول الديمقراطية محطة سياسية حاسمة، يتولى فيها الناخب التقرير عن طريق اختيار ممثليه في المؤسسات المنتخبة. كما تشكل الانتخابات القناة الرئيسة التي تمارس الأمة عبرها سيادتها بطريقة غير مباشرة. فالأمة -كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من الفصل الثاني من الدستور المغربي- تختار “ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم”.
وبالتالي، فإن أعضاء البرلمان -بمجلسيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)- يستمدون نيابتهم من الأمة.
إن هذه النيابة ليست عامة ولا مطلقة؛ لأنها متجددة ودورية. فإذا كان أعضاء مجلس المستشارين ينتخبون بالاقتراع العام غير المباشر، فإن أعضاء مجلس النواب ينتخبون بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات.
إن الانتخاب المباشر لأعضاء مجلس النواب من قبل الناخبين المواطنين الأمة الشعب، والصلاحيات المهمة التي يمارسها في مجال التشريع ومراقبة الحكومة وتقييم السياسات العمومية، تضفي على انتخابات 07 أكتوبر 2016 أهمية خاصة، وتضع الناخبالمواطن أمام مسؤوليته ليتولى محاسبة وتقييم عمل من أنابهم عنه في تدبير شؤونه.
إن هذه المحاسبة والتقييم اللذين يمكن جمعهما في كلمة مراقبة تنصب بالدرجة الأولى على طريقة تشكيل الحكومة وعدد أعضائها وكفاءاتهم. كما تطال عملها وطريقة اشتغالها واتخاذها للقرارات وتنفيذ السياسات العمومية ومدى التزامها بالبرامج والوعود الانتخابية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
وغني عن البيان أن الحكومة في النظام البرلماني لا يمكنها أن تباشر عملها ولا أن تستمر فيه بدون مساندة ودعم الأغلبية في مجلس النواب. من هنا، فإن محاسبتها ومساءلتها معناه محاسبة ومساءلة أحزاب الأغلبية.
إن نهاية ولاية الحكومة الحالية المنبثقة عن اقتراع 25 نونبر 2011 وتنظيم اقتراع السابع من أكتوبر 2016 لانتخاب أعضاء جدد في مجلس النواب يشكلان محطة ذات أهمية خاصة أمام الناخب؛ لأنه يملك سلطة القرار والاختيار، ولا شك في أن الناخب سيؤسس اختياره بناء على تقييمه لعمل الحكومة، ومن ثم للأغلبية البرلمانية، وما إذا كانت ستحظى بثقته مرة ثانية أم أنه سيسحب منها تلك الثقة ليضعها في المعارضة التي ستتحول إلى أغلبية في هذه الحالة.
ومن باب الإنصاف، وجب القول إن المحاسبة والمساءلة المذكورتين واللتين يقوم بهما الناخبالمواطن بمناسبة الانتخابات التشريعية لا تقتصر فقط على الأغلبية البرلمانية؛ بل تطال كذلك الأقلية المعارضة، فالمعارضة -كما ينص على ذلك الدستور- “مكون أساسي… وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة”…
تلعب المعارضة، ومن دون شك، الدور الفاعل في مراقبة عمل الحكومة وأدائها، لا سيما أن دستور 2011 ضمن لها مكانة تخولها حقوقا تمكنها من النهوض بمهامها على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية. ولعل أهم تلك الحقوق حرية الرأي والتعبير والاجتماع إلى جانب المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لا سيما عن طريق ملتمس الرقابة ومساءلة الحكومة واللجان النيابية لتقصي الحقائق.
إن المعارضة في أيّ نظام برلمانيّ على الخصوص تعرف مسبقا أن حظوظها في إسقاط الحكومة عن طريق ملتمسات الرقابة تكاد تكون منعدمة، بفعل أن الحكومات تستند إلى أغلبية برلمانية تجنبها مثل هذه الهزات. لذلك، يبقى أمامها (أي المعارضة) انتقاد العمل الحكومي وطرح البدائل في أفق تحكيم الهيئة الناخبة التي إما ستزكي الأغلبية الحاكمة ومن ثم الحكومة أو ستسحب منها “الثقة” وتصوت لصالح المعارضة التي ستتولى الحكم في حالة فوزها بأغلبية أصوات الناخبين في إطار التناوب الديمقراطي.
إن التناوب على السلطة يشكل جوهر الديمقراطية في الأنظمة السياسية، كيفما كان شكلها. ولا بد من الإشارة بهذا الخصوص إلى أن الدستور المغربي يضمن للمعارضة في فصله العاشر (10) ممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي، محليا وجهويا ووطنيا، في نطاق أحكام الدستور.
إن هذه المعارضة التي يفترض فيها تقديم البدائل هي نفسها خاضعة لمراقبة المواطن الناخب. وهو يملك في ذلك من الوسائل ما يكفي ليضطلع بهذا الدور؛ منها جدية طرح الأسئلة الشفوية والكتابية، ولجان تقصي الحقائق، ونسبة التصويت على القوانين لا سيما ذات الكلفة الاجتماعية والاقتصادية والحضور في مجلس النواب…
خلف هذه الثنائية أغلبية/معارضة تتحمل الأحزاب السياسية المسؤولية الأولى والمباشرة في تحديد اختيارات الناخبين يوم السابع من أكتوبر؛ وذلك من خلال جدية وواقعية برامجها الانتخابية ومدى ترجمتها لانشغالات وانتظارات الهيئة الناخبة، ومن خلال كفاءة ومصداقية مرشحيها.
إن الدستور المغربي أوكل للأحزاب السياسية مهمة العمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وتدبير الشأن العام، والإسهام في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية. والأهم من ذلك هو طرح خيارات وبدائل أمام الناخب تستجيب لتطلعاته وتواكب التطورات الحاصلة في الحقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي المغربي.
فهل المواطنون راضون ومقتنعون بأداء أول حكومة في ظل دستور 2011؟ إذا لم يكونوا كذلك هل وفرت لهم المعارضة البدائل الكفيلة لتصحيح المسار؟ ذلك هو السؤال الذي سيجيب عنه صندوق الاقتراع يوم السابع (07) من أكتوبر 2016.
نعم بالفعل، أغلب الموطنين راضون على أداء الحكومة، خاصة عند عدم وجود البديل، فكل أحزاب المعارضة لم يأتوا ببرنامج منطقي، لأن مضمون تدخلاتهم يتمحور فقط في مهاجمة حزب العدالة و التنمية ، وهذا سينعكس بالإيجاب في مصلحة هذا الأخير ، وسلبا على باقي الأحزاب ، خصوصا بعد مهزلة مظاهرة الدار البيضاء،لأن الشعب المغربي ليس لم يعد أمي سياسيا ، بل أصبح يدرك أن الأحزاب التي بدأت حملتها بالكذب و تزييف الحقائق، لا أمل فيها…
من وجهة نظري، حزب العدالة و التنمية سيفوز بالإنتخابات، لكن وكما هو شبه أكيد، هذه الأخيرة سيتم تزييفها لصالح البام لأسباب معلومة… وشكرا.
Hitler was also ELECTED in 1933.