سؤال لرئيس الحكومة: هل التحكم موجود أم غير موجود؟

سؤال لرئيس الحكومة: هل التحكم موجود أم غير موجود؟
الخميس 29 شتنبر 2016 - 11:00

اختفت كلمة ” التحكم” من القاموس الحكومي المغربي، أحجم السيد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة عن تداول هذه الكلمة في حملته الانتخابية. لم يعد يستعملها وهجرها كليا منذ أن تم إصدار بيان عن الديوان الملكي يندد بتصريح للسيد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير لأنه كان قد أشار بدوره إلى وجود التحكم، واتهم مستشار الملك السيد فؤاد عالي الهمة بوقوفه خلف انتشار هذه الممارسة المتنافية مع الدستور والتي تعيق عمل الحكومة، وفقا لما يقع استنتاجه من الاستعمال المتواتر لكلمة التحكم التي ظلت سائدة لفترة طويلة وتتردد لمرات متعددة على ألسنة أعضاء في الجهاز التنفيذي.

وواضح أن قرارا تم اتخاذه من طرف الحكومة والسيد عبد الإله بنكيران تحديدا يقضي بتحاشي استعمال هذه الكلمة وسحبها من التداول في الساحة السياسية الوطنية، بعد رد الفعل الغاضب الذي نتج بسببها عن الديوان الملكي.

فماذا يعني إلغاء كلمة التحكم من التداول على لسان رئيس الحكومة؟ وماذا يمكن استنتاجه من تحاشيه التلفظ بها بعد أن جرَّت عليه غضبة ملكية؟؟؟ وألا يؤشر ذلك إلى حالة سياسية يوجد عليها المغرب، وإلى وضعية الحكومة الحالية ومدى السيادة التي تتمتع بها في استعمال حتى المصطلحات التي تبدو لها مناسبة لتوصيف الواقع السياسي المغربي بكل الالتباسات التي تحيط به في الظروف الراهنة؟؟

فإما أن التحكم غير موجود بتاتا، وأن المجال كان مفتوحا، بما فيه الكفاية، أمام الحكومة لاتخاذ التدابير والإجراءات التي تقتضيها المصلحة العامة لتبلور سياستها العمومية، وتنفذها بما يتماشى مع البرنامج الذي خطته بنفسها، وأن توظيف هذه المفردة من طرف رئيس الحكومة كان بمثابة مشجب يعلق عليه عجز الجهاز التنفيذي عن الوفاء بالعهود والالتزامات التي قطعها للناخب، ويختلق المبررات والأعذار الواهية لإخفاء عدم تمكنه من النجاح في أداء مهمته، حتى وإن كان في ذلك، مساس ببعض مستشاري الملك والمقربين منه، وتدليس على الجمهور، وقلب للحقائق، وهروب من مصارحة الشعب بها، وعدم تحمُّل المسؤولية عن الأوضاع المزرية التي توجد عليها البلاد، والاعتراف بذلك والدفاع عن الحصيلة الحكومية بإنجازاتها وإخفاقاتها.

وإما أن التحكم كممارسة سياسية غير دستورية كان واقعا قائما، وما زال كذلك، وأنه هو الذي حال دون الحكومة وتنفيذ ما كانت تطمح إليه وتريد إنجازه للمغاربة، كما ظلت تردد ذلك لمدة طويلة، وكان لزاما على السيد رئيس الحكومة التمسك بهذا القول، والجهر به، ورفض سحبه من التداول، ما دام أمرا واقعا، وأن يحث الجمهور في جميع المناسبات على التصدي للتحكم وعدم القبول به، وأن يجعل من فضحه والتشهير به محورا مركزيا في حملته الانتخابية، وأن يرهن المشاركة في أي حكومة قادمة، حتى إن فاز البيجيدي بالانتخابات، بالقطع مع التحكم، ووضع حد نهائي له في الولاية الثانية للحكومة الحالية.

رئيس الحكومة في وضعية لا يحسد عليها، إذا كان التحكم غير موجود فإن السيد بنكيران ظل لسنوات يُحدِّث الرأي العام المغربي عن غول التحكم، ويصفه بأنه كان يمنع الحكومة من أداء وظائفها، ليتبين الرأي العام اليوم أن هذا الغول المسمى التحكم كان وهما مفبركا، وأن لا أثر له في الواقع، ما دام رئيس الحكومة يتفادى الحديث عنه في حملته الانتخابية، على اعتبار أنه غير موجود أساسا. وإذا كان التحكم قائما حقا، ورئيس الحكومة لا يقدر حتى أن يجهر أمام الجمهور بوجوده وبعرقلته لأداء الجهاز التنفيذي، فكيف لرئيس حكومتنا، في هذه الحالة، أن يستطيع محاربة هذا الوحش الكاسر المسمى التحكم والقضاء عليه، ومن أين تأتيه القدرة على مواجهته وترويضه والتصدي له وهو عاجز حتى عن مصارحة الشعب بوجوده؟؟؟

مع حكاية التحكم أضحى السيد بنكيران في حالة من التخبط يرثى لها، فبالنسبة له تارة التحكم موجود ويعرقل عمل الحكومة، وتارة أخرى، عندما يحمرون العين فيه، يصبح التحكم منعدما، وإن كان موجودا، فإن رئيس الحكومة يفرُّ من مواجهته إيثارا للسلامة، وطمعا في ولاية حكومية ثانية قابلة بالتحكم، ومتعايشة معه، وراضخة لضغوطاته، ومبررة لها.

‫تعليقات الزوار

9
  • taxi driver
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 11:16

    في اعتقــادي…وحتى نكــون موضــوعيين…فإن الحالتان اللتان ذكرهما كاتب المقال..موجودتان…فهناك تحكم…كان ولا زال…وسيبقــى…كما أن رئيس الحكومة ألصق مجموعة من إخفاقاته على شماعة التحكم…

  • Rinace
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 11:55

    التحكم الحقيقي …وفي صوره المبكية هو الدي يمارس من موزة …واشياخ الخليج الدي يحاول السادة المعلومون…التزلف والتملق له بشتى انواع التمتيل البءيس تارة بحلقات التنكيت بالمغاربة …وتارة بالهرولة لتقبيل الايادي والاكتاف …وربما يوما بملاقات الانوف..في ابشع صور ضرب سؤدد المغاربة بصلابة معدن برميل البترول ….التحكم الحقيقي هو ضرب تاريخ المغاربة وعلماء المغاربة المتءصلين في التاريخ بعلمهم وتسامحهم ..بخزعبلات اشياخ برامج الدين شو ..التي فرقت وبخرت طمءنينة الشرق ….التحكم الحقيقي هو ان ترك ما بعدك وقبلك لتستغل خطبة او خطابة او ربما تاجر رقيق لعتات العمر فقط لانهم يقيمون في جزيرة الكنز القطرية …او يضهرون في دلوعتها المقسمة قناة الجزيرة…او زيد او زيد……..

  • المهدي
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 12:38

    التحكم هذا المصطلح الدخيل فكرة متوهمة تستوطن عقل العاجز عن مجاراة المتميزين فيختلق الاعذار لتبرير فشله ، الفاشل يجد التحكم أمامه ووراءه ، تماماً كما الراسب في الامتحانات فيعلق رسوبه على ظروف يختلقها قد تكون محاباة المعلم للآخرين وعرقلته هو ، او ذاك الذي يقول : الوقت عطات غير للكوانب حتى لا أقول شيئا آخر ، لكن بمجرد ما يبتسم له الحظ تجده يمدح الظروف ويثني على المعلم ، عندما انتشى بنكيران بفوز حزبه في انتخابات 2011 ، لم نسمع يومها عن شيء اسمه التحكم لا منه طبعا ولا من الأحزاب التي منيت بهزيمة قاسية ، ألم يكن نفس التحكم من هيء له الظروف لرئاسة الحكومة ؟ ام ان جوكير التحكم لم يخرجه الا بعد ان بدأت الرياح تهب بما لا تشتهيه سفنه ؟ ومادام هناك تحكم فلم كل هذه الاستماتة من اجل ولاية ثانية ألن يستمر نفس المتحكمين في ضبط رقصاته كما يتحكم الحلايقي في حركات نسناسه ؟ التحكم يعني وجود قوى تفعل ما تراه خارج اشراك بنكيران وعكس ما يراه ، وعزة النفس هنا تقتضي مغادرة المضمار وتقديم الاستقالة وليس التمسك بعناد بالكرسي لأجل ولاية ثانية ، انتهى .

  • TAMAZGHA
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 12:45

    هذا السؤال يشبه سؤالا آخر وهو :

    هل الله موجود أم غير موجود ؟
    سؤال أبدي لا جواب له. لا يوجد دليل على وجود الله ولا يوجد دليل على انعدام الله .

    إدن : لا يوجد دليل على وجود التحكم ولا يوجد دليل على انعدام التحكم

  • الرياحي
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 14:10

    رصد الكاتب نقطة جوهرية في خطاب بن كيران وقدم له مرآة لكي يرى حقيقته بدون مساحق ووضعه في الزاوية ليعلم القاصي والداني ما هو التحايل وما هو الخنوع والإنبطاح والمرواغة والكذب بكل أنواعه وإستحمار هذا الشعب المنهوك.طبعا لن يرد بن كيران لأنها لأن عدم الرد تدخل في تركيبته السياسية.
    أعتمد الكاتب على المنطق بكل حذافره ."لا حيلة مع المنطق" إلا الصراخ ورمي الكرة أو فشّها.

  • KITAB
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 14:38

    الشعور بالتحكم لا أراه وليد الساعة التي ستغادر فيها الحكومة منصبها، بل كان منذ تنصيبها لكن لم يجرؤ أحد على الجهر به من خلال الأوامر والبرامج الصادرة لهم من فوق، بيد أنه في ظل تعاظم هذا الإحساس بالضيم وأنهم مجرد آلة مسخرة لتنفيذ الأوامر والتعليمات ورصد خطوات كل عضو داخل الحكومة في ظل أكثر من هذا وهو الجهر علانية أن السلطات التنفيذية في يد المؤسسة الملكية، لجأ رئيس الحكومة إلى تبرير ساحته أمام منتخبيه بأنه حتى ولو لوحظ عليه تقصير في تنفيذ وعوده فإن التحكم هو السبب كمشجب يعلق عليه أوزاره.

  • المهدي
    الخميس 29 شتنبر 2016 - 15:02

    هل اللجوء الى صندوق النقد الدولي مثلا للاقتراض او الحصول على خط ائتماني ليس اختيارا بمحض الإرادة لتحكم الصندوق واشتراطاته المؤلمة ونحن صاغرون ؟ هل بوسع من ليس سيد قراره ان يتحدى او يحتج ؟ دول باكملها تحت سيطرة المتحكمين فما بالك باسفنجة شاءت لها ظروف طارئة ان تطفو لتمتص حرارة ربيع عربي اسود ؟ لولا القوى الصامتة التي تتحرك في المجالات الكبرى التي تتطلب من الدراية والكفاءة وعمق الرؤيا ودقة التحليل واستشراف الآفاق الشيء الكثير لكان البلد في خبر كان سياسيا واقتصاديا واستثماراتيا بل وهوياتيا حتى ، من يسميه الفاشلون بالتحكم هو في الواقع صمام أمان هذا البلد الذي يتنازعه فريقان : اهل الشفوي والغوغائية والبكائيات والتكفير والزندقة والتذكير بتسعير جهنم ونعيم الفردوس ودفق الكوثر ، وأهل التكنوقراط العمليون الصامتون مهندسو الإنجازات المرئية والمحاورون الثقاة للقوى السياسية والاقتصادية الأجنبية ، ان كانت فرامل السيارة تعتبر تحكما في اندفاعها فبدونها النتائج معروفة .

  • التحكم دواء الإكتساح
    الجمعة 30 شتنبر 2016 - 00:26

    قال تعالى : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ، وقال :" أكثرهم لا يعقلون".
    القرآن الكريم يحذر من جهل عامة الناس والديموقراطية ترى عكس ذلك وتعتمد عليهم لاختيار أهل الحل و العقد ( البرلمان والحكومة).
    وبما أن العامة يستهويهم مدغدغو العواطف ، يبقى الإنزلاق واردا في كل انتخابات ، كما حدث في ألمانيا لما فاز "هتلر" سنة 1933 ، وحل الخراب بالبلاد سنة 1945.
    وكذلك ما حدث في الجزائر لما أكتسح الإسلاميون انتخابات 1991 ، فتسبب ذلك في حرب أهلية دامت 10 سنوات ، وحدث في مصر وتسبب في انقلاب عسكري دموي سنة 2013.
    لا أحد يستطيع أن يكسر التحكمات الأصلية ، منها مثلا "تحكم الطبيعة" كاستنزال المطر او تفجير العيون ، لتخصيب الأرض و تحقيق الرفاه ، أو ملأ باطن الأرض بالغاز أو النفط.
    "تحكم التاريخ " الذي قدم مجتمعات وقواها ، و أخر أخرى وأضعفها.
    "تحكم المجتمع" بجهله وفقره ، و كثرة تناسله ، وهجرة سكان بواديه إلى مدنه.
    هذه التحكمات الأصلية هي التي فرضت التحكمات الفرعية الدولية والوطنية .
    أرباب المال و الأعمال المستثمرون ، الوطنيون منهم و الدوليون ، حريصون على حماية مصالحهم ،ويكرهون المفاجئات والإكتساحات.

  • عويشة الدويبة
    الجمعة 30 شتنبر 2016 - 03:54

    التحكم لا أراه وليد الساعة التي ستغادر فيها الحكومة منصبها، بل كان منذ تنصيبها لكن لم يجرؤ أحد على الجهر به من خلال الأوامر والبرامج الصادرة لهم من فوق كلنا نعلم لكن لا احد يمكنه الكلام فلماذا السؤال هل لاءحراج السيد رئيس الحكومة هو على الاقل قالها مراتو مرات فان كنت حينها لقد اخبرنا الملك ان في الانتخابات قيامة وكل امناء الاحزاب يدركون التحكم واااااسدي التحكم موجود والا قولنا كيف ان مسيرة مجهولة في بلادنا اوقت لي الاتخباراتنا تساعد الاروبيين من هنا في المغرب قاليك واش كاين التحكم ولي امثل كثييييييييييييرة ونوض تقدي حاجة راسك

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب