التنمية المستدامة رهان التربية البيئية

التنمية المستدامة رهان التربية البيئية
السبت 10 دجنبر 2016 - 10:00

تسعى التربية في الوقت الحاضر، إلى تعريف الأفراد بمقومات بيئتهم الطبيعية والتي يعتمدون عليها في حياتهم ورفاهيتم. وهي تتخطى الفرد إلى المجتمع الذي تسعى إلى تطويره وإنمائه وتحقيق رخائه. وهي رغبة امتلكت الإنسان وأخذت بلبه في تحقيق أقصى معدلات التنمية وفي كل المجالات، غافلا عن كل الموانع وعلامات التشوير الطبيعية، حتى اصطدمت الأجيال الحالية بواقع يستحيل معه الاستمرار في الحياة، دون إعادة النظر في الأساليب المنتهجة في سعينا التنموي. فكان أن طرح ما اصطلح عليه بالتنمية المستدامة. فما المقصود منها؟ وما دور مؤسساتنا التربوية في تنشئة الأجيال على قيمها؟

التنمية المستدامة:

بعد الحرب العالمية الثانية كان المتداول هو التنمية. حتى سنة1978 والتي عرفت صدور تقرير« مستقبلنا المشترك» عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة. فتم الاستخدام المكثف للمفهوم وخصوصا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ يجري الحديث عن « التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر، دون أن يعرض للخطر قدرة الأجيال التالية على إشباع حاجياتها » وذلك باستغلال الموارد الطبيعية والمنجزات العلمية في تحسين نوعية الحياة وجودتها، وزيادة الدخل القومي دونما تدمير للوسط الحيوي مجال عيشنا.

وعلى أساس هذا المفهوم، فهي تتم على ثلاث مجالات رئيسية هي:

– النمو الاقتصادي: الزيادة في الدخل لتحقيق الرفاه الاقتصادي.

– التنمية الاجتماعية: الرعاية الصحية والوقائية، وضمان الحصول على سكن بالمرافق الصحية وشروط العيش الكريم.

– حفظ الموارد الطبيعية: تأمين الحصول على المياه، وتحقيق الأمن الغذائي في نطاق الاستخدام الأمثل للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية.

بالإضافة إلى تعزيز حضور التقنية المعلوماتية في كل العمليات التنموية، بحثا وتطويرا لتكنولوجيات المواد الجديدة والحيوية، واعتماد آليات قابلة للاستدامة. وهي الفكرة التي تم التصديق عليها في مؤتمر قمة الأرض بريودي جانيرو 1992 وليس آخرها كوب 22 بمراكش. وهي توصيات تهدف إلى التبشير بقيم بيئية جديدة، إن التزم بها الإنسان أفرادا وجماعات، عشنا ومن بعدنا في انسجام مع الطبيعة والكون، وإن نحن تنكرنا لها وضربنا عنها صفحا، غرقنا وانقطع نسلنا. وهذا ما تم التنبيه إليه مع الحركات الاحتجاجية المطالبة بحماية البيئة مطلع الستينات، كرد فعل لما أنتجته الصناعة من تدهور بيئي.

مفهوم البيئة:

يشمل الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على مقومات حياته، المادية والرمزية، ويمارس فيه علاقاته مع بني جنسه، تأثيرا وتأثرا. كما أنها فضاء حيوي لكائنات أخرى، تساهم بشكل أو آخر في تقديم خدمات له بشكل مباشر أو غير مباشر.

مشكلات البيئة:

تعددت مشكلات البيئة، منها التلوث الذي كان ولا يزال سببا رئيسيا لقلق الإنسان، بما له من انعكاس اقتصادي واجتماعي. فيما انصبت جهود أخرى على الانفجار السكاني في علاقته بالغذاء والمياه التي تشكل ندرتها تحديا حقيقيا لكثير من شعوب الأرض. ناهيك عن مشكلة الطاقة الأحفورية منها خصوصا، التي لا يخفى خطرها على الدول المتقدمة الصناعية والدول النامية التي حظها منها النفايات والغازات السامة.

وقد فطنت المجتمعات الزراعية القديمة إلى هذه المشاكل، فسنت قوانين تحميها من ويلاتها. فكان لها عادات وتقاليد تهدف إلى تنظيم عملية المحاصيل والتحطيب، وكذا التنصيص على نوعية الحيوانات التي يتم ذبحها. كما قام الصينيون القدامى، بتعيين مفتشين لضمان عدم تدهور الأراضي الزراعية نتيجة سوء الاستخدام. ومن قبل كتب أفلاطون في قوانينه ما يمكن اعتباره مبادئ تغريم مسبب التلوث، كما صدر قانون في بريطانيا للتخفيف من انبعاث الدخان وتصريف النفايات عام 1273 . ثم تلاحقت المؤتمرات تثرى داعية إلى العمل على إيجاد وعي بيئي لدى كل فرد يؤدي به إلى المشاركة في حماية البيئة ورعايتها. ومن بينه برز اتجاه يهتم بالتربية البيئية.

مفهوم التربية البيئية:

عرفتها جامعة أليوني الامريكية بأنها « نمط من التربية ، يهدف إلى معرفة القيم وتوضيح المفاهيم وتنمية المهارات اللازمة لفهم العلاقات التي تربط الإنسان وثقافته وبيئته البيوفيزيائية » وما بها من موارد ، لغاية إكساب طفل اليوم وراشد الغد خبرات ومفاهيم واتجاهات بيئية. فهي جهد تعليمي موجه لفهم وتكوين علاقات سليمة بين الإنسان وبيئته، حتى يتحصل لديه وعي بمشكلاتها، والقدرة على اتخاذ القرار بشأن صيانتها والمساهمة في حل مشكلاتها، وقبل ذلك تفاديها باكتساب السلوك الإيجابي عن طريق مواضيع تخترق جميع مواد البرنامج المدرسي، بطرائق نشيطة ووسائل فعالة، وجعل الحياة المدرسية مفعمة بالمناولات ذات طابع بيئي، بدءا من الاهتمام بحديقة المؤسسة ونظافتها، وليس آخرا بدراسة الظواهر البيئية في الميدان، وذلك بالقيام بخرجات حتى يتسنى للمتعلم جمع المعلومات وتحليلها والاستنتاج منها خلاصات التي تغدو قناعات ومبادئ، تستقر في عقله، وتنفذ إلى وجدانه معلنا الالتزام بها. أنذاك تؤدي التعلمات وظيفتها، ودافعة إلى تغيير واقع الحال، فإذا كانت « التربية هي الحياة » كما قال جون ديوي، فينبغي أن تكون بالحياة وللحياة كما نادى آخرون.

دور المدرس:

إن المدرس هو عصب الرحى الذي تتوقف عنده فعالية المناهج من عدمها. فإذا كان الحديث اليوم عن الطرق النشيطة، والتعلم الفعال، الذي يتجسد في حل المشكلات والعمل بالمجموعات، والتعلم الذاتي أسمى الغايات. فإن المدرس لا يتجاوز كونه موجه ومثير لاهتمام المتعلم إلى قضايا وظواهر تطرح أمامه تحديات ينبغي عليه تجاوزها، فإن هذا وغيره ينطبق على الدرس البيئي ، حيث لا غنى له عن الدراسات العيانية، والاسترشاد بالخرائط والجداول، التي إن ألم بها الأستاذ وذلل صعوباتها للمتعلمين، كان لدرسه أعظم الأثر ونجح في مسعاه، انطلاقا من البيئة المحلية ثم الأخرى الأكثر اتساعا.

كما يقتضي أيضا تكييف المناهج حسب البيئة، وهي الدعوة التي طالما نادى بها أهل التربية والتكوين، وإتاحة الفرصة لهم بتخصيص حيز زمني لما هو محلي وجهوي. ولئن كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد نص بشكل لا لبس فيه على أهمية هذا التوجه البيداغوجي، فإن تفعيله لا يزال بعيد المنال. كما تلح الدراسات الحالية على ضرورة استغلال المدرس لمصادر البيئة وإمكانياتها لإثراء خبرات المتعلم المتصلة بالبيئة ومشكلاتها. ومساعدته على الإسهام الفعال في تحسينها وحمايتها، من خلال إشرافه على نوادي تجعل من انشغالاتها التصدي للمشكلات البيئية التي تعرفها المدرسة ومحيطها، والاهتمام ببستنتها كبعد جمالي ووظيفي، الكمين بتنمية القيم الأخلاقية وإكساب السلوكات الإيجابية ونبذ النزعة العدائية نحو البيئة. حتى نصل إلى يوم يكون فيه الإنسان هو الصديق الأول للبيئة، وليس عدوها الأول كما هو حاصل اليوم.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين