الديموقراطية الأمريكية والديموقراطية العربية

الديموقراطية الأمريكية والديموقراطية العربية
الجمعة 20 يناير 2017 - 13:09

هل الديموقراطية نمط واحد، أو أنماط وأنواع ؟

أليست الديموقراطية أنموذجا موحدا يسري على جميع البلدان والأقطار في القارات الست؛ أو هي نماذج متنوعة ومتعددة بحسب التربة التي تستنبت فيها بذورها ؟

إذا كانت الديموقراطية في أبسط تعاريفها “هي حكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق اختيار ممثليه بالاقتراع”، فلماذا تقدّم الغرب الأوروبي والأمريكي الشمالي؛ بعدما تبنى الديموقراطية خيارا استراتيجيا في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، وتخلّفت دول الجنوب؛ على الرغم من اعتناق كثير منها الديموقراطية منهجا واختيارا؟

هل ديموقراطية الشمال ليست هي ديموقراطية الجنوب؟

ما نصيب دولنا العربية من الديموقراطية ؟

هل للعرب ديموقراطيتهم الخاصة التي تباين ديموقراطية الغرب؟

هل الفروق بين الديموقراطية الغربية والعربية؛ تقتصر على منهجية وأليات التنزيل، أو تتعلق بالجوهر والمضمون؟

ألا تتشبث دول الجنوب عامة، والدول العربية خاصة، بالجوانب الشكلية والمظهرية للديموقراطية بعيدا عن لبها وعمقها الأساسيين؟

أليست المقارنة بين الشمال والجنوب، من حيث تطبيقات الديموقراطية؛ إساءة كبيرة لمفهوم الديموقراطية كما ترعرع في الغرب؟

تقتضي الإجابة عن هذه الأسئلة المقلقة؛ الانتقال للممارسة على أرض الواقع؛ من أجل التحليل واستخلاص الفروق المائزة بين ديموقراطيتهم وديموقراطيتنا..

في الثامن من نونبر 2016 الماضي؛ أجريت الانتخابات الأمريكية، والتي حددت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المقبل؛ والذي لم يكن سوى المرشح دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، والذي حقق فيها المفاجأة؛ وذلك بفوزه الكبير على مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون؛ التي بوأتها استطلاعات الرأي المتكررة، ناهيك عن المناظرات التلفزيونية المباشرة الثلاث، المرتبة الأولى بفار ق النقط عن منافسها..

ما يثير الانتباه من الزاوية الديموقراطية، أن هناك بونا شاسعا بين المرشحين؛ من حيث الخبرة السياسية، والتجربة في ممارسة التدبير الحكومي؛ فإذا كان دونالد ترامب، لا يملك أي رصيد سابق في المناصب السياسية أو الحكومية، فإن هيلاري كلينتون، فضلا عن كونها وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابقة (2009،2012 )؛ في عهد الرئيس المنتهية ولايته الثانية؛ باراك أوباما (2012، 2016)، فهي زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون (1993،2001)…

لكن كل هذه الاعتبارات؛ لم ترجح كفتها في هذه الانتخابات…لماذا؟

لأن النظام السياسي الأمريكي الذي راكم تجربة هائلة في الديموقراطية؛ كما أن الشعب الأمريكي الواعي والمتشبع بقيمها ومبادئها الراسخة المنظمة لكيفية التداول السلمي على السلطة بأسلوب سلس، وبعيدا عن التلاعب بأصوات الناخبين؛ أو تغيير إرادتهم…

في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن أن ترجح العلاقات العائلية، والقرب من الزعامات السابقة، كفة المتنافسين في الانتخابات…وأن تكون لصالح مرشح على حساب المرشح المنافس مهما كان لونه أو عرقه…

لقد قال الشعب الأمريكي كلمته في نونبر 2008 و2012، حين اختار مرشح الحزب الديموقراطي؛ الرئيس أوباما؛ بغض النظر عن لون بشرته، وأصوله الافريقية، وعَبّر يوم الثامن نونبر 2016، عن اختياره مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وليس مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون؛ التي لم يشفع لها أمام الناخبين الأمريكيين سواء الكبار أو الصغار، كونها أول امرأة ترشح لهذا المنصب الكبير، أو باعتبارها زاولت مهاما سامية على رأس كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية خلال ولاية أوباما الأولى؛ أو بصفتها زوجة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون (1993،2001)…

لكن؛ ماذا لو انتقلنا لعالمنا العربي، هل يمكن لزوجة رئيس سابق، إذا قررت الترشح، أو طلب منها الماسكون بالزمام ذلك، هل سَيُتْرَكُ الناخبون والناخبات لإرادتهم ؟

ألن يمارس التاريخ السياسي لعائلة هذه المرشحة في عالمنا العربي، نفوذا وتأثيرا على المصوتين والمصوتات ؟

أولا؛ لابد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، قد شهدت تقلد مرشحين من عائلة واحدة منصب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية، مثل جورج بوش الأب (1989–1993) وجورج بوش الابن 20) يناير2001 إلى 20 يناير( 2009؛ كما أن هيلاري كلنتون؛ ترشحت للانتخابات في الثامن من نونبر 2016، أما زوجها فقد تقلد الرئاسة ما بين (1993،2001) .

بمعنى آخر، فالمرشحون الذين تربطهم أواصر القرابة العائلية أو الزوجية مع الرؤساء السابقين؛ لا يترشحون في السنوات التي يغادر فيها أقاربهم سدة الحكم…وهذا السلوك يدفع عنهم كل شبهة أو ظن باستعمال النفوذ أو احتمال ممارسة التأثير في الناخبين والناخبات…

لكن ماذا عن عالمنا العربي؟

إن الأمر هنا مختلف تماما؛ فقد رأينا في الجمهورية السورية العربية؛ كيف وَرَّثَ الرئيس الراحل حافظ الأسد(1971/ 2000)، الحكم لنجله الطبيب بشار الأسد؛ والذي عوض شقيقه الأكبر باسل الأسد؛ الذي وافته المنية في حادث قبل موت أبيه…صحيح أن بشار الأسد تمت تزكيته في استفتاء عام؛ ولكن تأثير والده، وقبضته العسكرية، ساهمتا في تيسير وصول ابنه للحكم…ولم يتقدم لمنافسته أي مواطن من المواطنين…

الأمر نفسه كان يُعِدُّ له الرئيس المصري المخلوع؛ حسني مبارك؛ بواسطة نجله جمال مبارك؛ لتقلد الحكم خلفا له؛ لولا ثورة الشعب المصري يوم 25 يناير 2011؛ الذي ملأ ساحات مصر وميدان جيش التحرير؛ مما دفع بالمجلس العسكري إلى الإطاحة بالرئيس السابق؛ الذي تلا بيان تنحيه…نائبه عمر سليمان

وهو السلوك ذاته الذي كان يحضر له الرئيس الليبي المنقلب عليه من الثوار؛ حيث كان يهيئ نجله سيف الإسلام لتولي الحكم بعده…

والتصرف نفسه؛ كان يستعد له الرئيس المخلوع عبد الله صالح؛ لولا أن أسقطته المظاهرات الشعبية والاعتصامات؛ التي عجلت بالمبادرة الخليجية التي منحته طوق النجاة من الملاحقة…لكنه جنّد ميلشياته العسكرية؛ بزعامة ابنه الذي كان يتولى مهام عسكرية كبيرة؛ وتحالف مع الحوثيين من أجل مهاجمة نائبه الذي تولى السلطة خلفا له…

هذه أمثلة عربية؛ تعكس فهم بعض زعماء الجمهوريات العربية في المشرق والمغرب؛ للمسألة الديموقراطية؛ وكيفية تنزيلها على أرض الواقع…حيث نجد هناك رغبة لديهم لتحويل الجمهوريات لملكيات يتم فيها توارث الحكم؛ وشتان بين ترشح أمريكيين ينتمون للعائلة نفسها للانتخابات الرئاسية؛ وسعي بعض الأنظمة العربية، أو بعض الزعامات العربية، إلى توريث منصب رئيس الجمهورية لأبنائهم؛ مما يعد ريعا سياسيا وانقلابا على مبادئ الديموقراطية وقواعدها ومعاييرها؛ كما هو متعارف عليها عالميا…ناهيك عن كونها استخفافا بالشعب وإرادته في التغيير واختيار ممثليه بواسطة الاقتراع المباشر الحر والنزيه…

‫تعليقات الزوار

5
  • Yinox
    الجمعة 20 يناير 2017 - 15:04

    ﻣﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ
    ﺗُﺸًﻜﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ (Y)..

  • خرافة حكم الشعب بالشعب
    الجمعة 20 يناير 2017 - 17:41

    ديمقراطية أثينا القديمة كانت مقتصرة على الأقلية الأرستقراطية ، ولم تكن تشمل أغلبية السكان المحسوبين من العبيد.
    الديموقراطيات المعاصرة تشبه القديمة ، فهي تداول سلمي على السلطة بين تنظيمات ومجموعات نافذة من أرباب المال والأعمال المتنافسين فيما بينهم على الحكم.
    الإجتماع يبنى دائما على الإقتصاد ، ولهذا تختلف طبيعته وشكله وتركيبه حسب وفرة المعاييش أوندرتها .
    فمن أسباب تقدم المجتمعات الشمالية جود السماء بالثلوج والأمطار و جود الأرض بالنعم ، أما الجنوبية فهي تعاني من شح السماء والأرض.
    وبعد سقوط ديموقراطيات الحزب الواحد ،لم يبق إلا الديموقراطيات التعددية. وتكون راشدة عند العقلاء المتقدمين وقاصرة عند الجهال المتخلفين.
    – "راشدة" في الدول المتقدمة لكونها مبنية على تركيب إقتصادي واجتماعي خاص ، يحرك فيه أصحاب الإستثمارات الكبيرة عجلة الإقتصاد ،والتي ترتبط بها استثمارات متوسطة وصغيرة لطبقة متوسطة ميسورة تمثل أكثرية السكان ، وتستفيد فيها الطبقة الفقيرة من أنظمة التكافل الإجتماعي.
    – "قاصرة" في البلدان المتخلفة بسبب ضعف الإستثمارات الكبرى وعسر الطبقة المتوسطة وكثرة الطبقة الفقيرة.

  • محمد أيوب
    الجمعة 20 يناير 2017 - 21:53

    لا قياس…
    لا قياس بيننا وبينهم..فالفروق شاسعة سواء على مستوى الممارسة وتطبيق القانون على الجميع:حكاما ومحكومين أو على مستوى الوعي الفردي والجماعي هناك لا يوجد مفدم أو شيخ أو سلطة توجه الناخب غير سلطة القانون رغم توظيف المال بشكل مكثف هناك لكن تحت مراقبة القانون..هنا يمكن تشكيل مكتب مجلس منتخب في ظرف24ساعة والتصويت على قانون في أقل من ذلك بغض النظر عن موضوع القانون حتى ولو تعلق بسيادة الوطن لا يتم استشارة المواطن اطلاقا الا عبر توجيه من أصحاب القرار والنفوذ..فلا عبرة لهذا المواطن الا كونه رقما احصائيا يسكن هذه البقعة من الجغرافيا العالمية..لذلك لا مجال للمقارنة بين ديموقراطيتهم وما يوجد عندنا..هناك لا يوجد ريع سياسي أو اقتصادي..والويل ثم الويل لمن يتم ضبطه من المسؤولين يستغل المال العام بأي صورة يكون هذا الاستغلال..
    هنا يخلط المسؤولون بين ممتلكاتهم والممتلكات العامة فيتصرفوا في هذه الأخيرة وكأنها لهم من غير حسيب ولا رقيب..هناك لا يمكن تصور انتخاب رئيس لمجلس النواب من الأقلية..هنا يحدث ذلك..هناك لا يسمع القاضي للتعليمات بل لضميره فيطبق القانون..هنا لا يمكن ذلك..اذن لا مقارنة..

  • Moulay
    الجمعة 20 يناير 2017 - 22:21

    Tu parles de la Syrie de l'Egypte du Mozanbik…et tu oublies ton pays vous êtes incapable de mettre en face la réalité donc pas la peine de parler de la démocratie c'est le dernière chose pour vous

  • apprendre la démocratie
    السبت 21 يناير 2017 - 10:28

    on parle de démocratie sur les sites et on compare les démocraties occidentales aux pouvoirs des pays arabes:
    il est plus profitable aux jeunes d'apprendre la démocratie par des exemples:
    exemple, avancé par les barbus qui veulent que les marocains payent leurs études dans les écoles publiques:
    l'état marocain ne dispose d'aucun compte des fortunes des marocains pour lui permettre de décider de la gratuité ou non des études et pour la simple raison que ceux qui nous gouvernent ne veulent pas montrer leurs fortunes amassées depuis l'indépendance,
    autre exemple :l'IVG,interruption volontaire de grossesse,la personne dispose t elle de sa liberté pour se faire opérer légalement,
    à travers d'autres exemples pratiques on apprend aux jeunes marocains la démocratie,
    allez au travail,au maroc,les autres pays arabes ne peuvent être des exemples,la démocratie se construit à petits pas sans bousculer personne

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش