عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي .. القرار الصائب

عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي .. القرار الصائب
الإثنين 23 يناير 2017 - 21:03

ستنعقد يومي 30 و31 يناير الجاري القمة الإفريقية لبحث طلب عودة المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي، وللعلم فإن هذا الطلب قد حصل على توقيع 39 دولة، قبل انعقاد قمة الاتحاد الثامنة والعشرين المقرر في نهاية يناير الجاري بأديس أبابا، العاصمة الإثيوبية. وبهذا العدد يكون المغرب قد تجاوز حاجز ثلثي الأعضاء؛ أي 37 دولة، من مجموع الدول الإفريقية الـ53، ما يعني قبول طلبه.

وكما هو معلوم، فقد سبق للمغرب له أن انسحب، بقرار من المرحوم الملك الحسن الثاني، من منظمة الوحدة الإفريقية التي أنشئت في 25 مايو 1963، رداً على انضمام ما يسمى “الجمهورية الصحراوية العربية” إلى المنظمة في نوفمبر 1984، مستدلاً بأنها لا تتوفر على شرط “الدولة المستقلة ذات السيادة”، باعتبار أنها مجرد جماعة تطالب بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة المغربية.

وكان هذا القرار في ذلك العهد شر لابد منه، أملته عوامل موضوعية واستراتيجية تتعلق باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمغرب التي تعد من ثوابت النظام المغربي ووسيلة ضغط على الدول المساندة والمؤيدة لمنظمة “البوليساريو”، باعتبار أن المغرب دولة ذات مكانة معتبرة في إفريقيا ولا يمكن بأي حال من الأحوال القفز على دولة ذات حضارة وموقع جيو-استراتيجي يشكل صلة وصل بين إفريقيا وأوروبا؛ إذ لا يمكن أن تتقوى إفريقيا اقتصاديا أو معرفيا بدونه.

وقد اختار المغرب سياسة المقعد الشاغر منذ ذلك الحين وإلى حدود انعقاد الدورة السابعة والعشرين للاتحاد الإفريقي في العاصمة الرواندية كيغالي السنة الماضية؛ حيث وجه جلالة الملك محمد السادس إلى هذه القمة رسالة بخصوص رغبة المغرب في العودة إلى الاتحاد، من أهم ما جاء فيها:

“أتوجه إليكم بصفتي حفيد جلالة الملك محمد الخامس، أحد أقوى رموز تحرر الوعي الإفريقي، وواحد من الرواد الملتزمين، إلى جانب الرؤساء جمال عبد الناصر، فرحات عباس، مديبو كايتا، سيكو توري، وكوامي نيكروما، صناع قمة الدار البيضاء التاريخية، سنة 1961، التي أعلنت عن انبثاق إفريقيا متحررة، وأسست للاندماج الإفريقي. وأتوجه إليكم أيضا، بصفتي ابن جلالة الملك الحسن الثاني، الذي جمع في نفس تلك السنة، مؤتمر حركات تحرر الدول التي كانت خاضعة للسيطرة البرتغالية، وساهم بكل أناة وروية في استتباب الاستقرار في عدة مناطق من قارتنا، وفي تعزيز روابط الأخوة والصداقة مع مجموعة من الدول الإفريقية”.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد أكد جلالة الملك محمد السادس في خطاب ألقاه يوم 6 نونبر 2015 من العاصمة السنغالية دكار، بمناسبة ذكرى مرور 41 عاما على المسيرة الخضراء، أن المغرب راجع إلى مكانه الطبيعي، ويتوفر على الأغلبية الساحقة لشغل مقعده داخل الأسرة المؤسسية الأفريقية. وقال إن هذه العودة ستمكن المغرب من الدفاع عن حقوقه المشروعة، وتصحيح المغالطات التي يروج لها خصومه داخل المنظمة الأفريقية.

إن الأسباب الأساسية التي دعت المغرب إلى العودة إلى الإتحاد الإفريقية يمكن إجمالها في ما يلي:

إن العديد من الدول الإفريقية غيرت من موقفها حيال قضية الصحراء، فضلا عن الحضور الوازن للمغرب بالقارة الإفريقية والعلاقات القوية التي أصبحت تربطه مع العديد من الدول الإفريقية.

إن المغرب من الدول المؤسسة للمنظمة الإفريقية، وانسحب بسبب بعض المواقف التي أضرت بسيادته ووحدته الترابية، وهو عاد إلى منظمة كان فيها. وأكثر من ذلك، فالمرحوم الملك محمد الخامس يعد أحد أقوى رموز تحرر الوعي الإفريقي بجانب بعض زعماء ورؤساء دول من إفريقيا الذين دافعوا عن انبثاق إفريقيا متحررة.

إن حضور المغرب داخل المنظمة إيجابي جدا؛ لأن ذلك سيساعده على الدفاع عن مصالحه المشروعة. ففي حال بقاء المغرب خارج المنظمة الإفريقية، فإن خصوم الوحدة الترابية سيزدادون قوة وتأثيراً، وسيعمل المغرب على منع مناوراتهم لإقحامها في قرارات تتنافى مع الأسس التي تعتمدها الأمم المتحدة لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وتتناقض مع مواقف غالبية الدول الإفريقية التي لا تعترف بمطالبة البوليساريو بالانفصال.

إن الزيارات التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى عدد من الدول الإفريقية لدليل قاطع على ارتباط المملكة المغربية بجذورها وهويتها الإفريقية، وبالتالي من غير المستساغ أن يظل المغرب خارج المنظمة الإفريقية.

فالزيارات التي قادها الملك محمد السادس في الشهور الأخيرة إلى كل من رواندا، تنزانيا، الغابون، السنغال، إثيوبيا، مدغشقر، ونيجيريا، توجت بمجموعة من الاتفاقيات والمشاريع شملت مختلف المجالات والقطاعات الحيوية، وفي الإجمال بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والعديد من البلدان الإفريقية أكثر من 590 اتفاقية، ساعدت المغرب على توسيع نفوذه الاقتصادي والمالي في القارة.

ومن أبرز هذه الاتفاقيات، نذكر، مثلا، إطلاق مشروع إنجاز خط أنابيب للغاز الذي سيربط موارد الغاز الطبيعي لدولة نيجيريا بالمغرب، مرورا بدول غرب إفريقيا، والاستثمارات التي سيضخ في تنزانيا المقدرة بملياريْ دولار، وباستثمار ما قيمته 3.7 مليارات دولار خلال السنوات الخمس القادمة لإقامة مجمع ضخم لإنتاج الأسمدة الزراعية بإثيوبيا. بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى ومشاريع كبرى ستعود بالنفع على القارة الإفريقية أولا.

فهل يعقل أن يظل المغرب خارج الاتحاد الإفريقي وقام بكل هذه الأعمال والمشاريع من أجل تقدم إفريقيا وازدهارها. ومن يفكر عكس ذلك، فإن نظره قصير وفاقد للبعد وللرؤية الاستراتيجيين.

*مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية

‫تعليقات الزوار

5
  • أمين
    الثلاثاء 24 يناير 2017 - 06:13

    أنا لاحظت أن دول مؤثرة كجنوب افريقيا استقبلت مؤخرا رئيس البوليساريو استقبال الرؤساء و بالتالي لا أظن أننا سنتمكن من قلب موازين القوى. هذه الجبهة و بفعل تأكيد المحكمة الأوروبية عدم تابعية الصحراء للمغرب قدمت شكوى ضد سفينة بحرية يعني الأمور ليست على مايرام أنا أظن أنه يجب علينا أن نتحلى بالشجاعة و نذهب ألى الإستفتاء

  • عبد القادر ناجي
    الثلاثاء 24 يناير 2017 - 12:20

    اكيد سيعود المغرب الى مقعده الطبيعي داخل الاسرة الافريقية في القمة 29 باديس ابيبا.
    واكيد ايضا ان المحاولة اليائسة التي تحاولها الجارة الجزائر للحيلولة دون رجوع المغرب الى المنظمة قد فشلت رغم حرص الجزائر على تحريك دميتها في زيارة الى دولة جنوب افريقيا وزامبيا.
    والمثير للانتباه، ان رئيس دولة ينتقل بجواز سفر دولة اخرى لزيارة دولة ثالثة.
    لو انه فعلا رئيس دولة فعلية، لاستعمل جواز سفر دولته ذات السيادة.
    كما ان سفراء الانفصال لا يستعملون سوى جوازات سفر جزائرية مما يعني ان المشكل لا علاقة له بالصحراء انما بنوايا اخرى ….
    يقول مسؤولوا الجزائر ان على المغرب الاعتراف بالحدود الاستعمارية كما تنص عليه بنود المنظمة الافريقية: فهل الجزائر تدعم الاستعمار؟ ام تريد ان يعترف بها المغرب كدولة ذات سيادة باعتبارها دولة ناشئة من رحم الاستعمار؟

  • Mohamed-Tanger
    الثلاثاء 24 يناير 2017 - 12:44

    القول انا الحسن تاني احد رموز الوعي والتحرر في افريقيا فهاد ليس كدب علي التاريخ فقط بل انه سخرية من القارئ ـ الحسن تاني رمز للاستعمار والملكية المطلقة و الابوية الدينية حيت انا افريقيا تخلصت من الملوك دوستوريا اي يملك ولا يحكم و سلطة روحية لا تتعدي القبيلة الافارقة يا استاد لهم مؤسسات وانتخابات و تطور اجتماعي و اقتصادي في حين نجد جمود في المغرب وتخلف ـ هل رأيتم كيف مرر قانون المصادقة علي ميتاق الاتحاد الافرقي في جلسة دون مناقشة و غياب الحكومة التي لم تتشكل ـ و عندما تقرأ اعلامي يكتب في منبر حر كهاد المنبر ـ تجاهل تام للحقيقة و لم يتسأل قط لماد انسحب المغرب ٤٠ سنة و يحاول الرجوع رغم انا سبب خروجه لا يزال قائم و هو وجود الصحراء كعضو ـ فمن المسؤل و لماد انسحب قبل شهر من القمة الافرقية العربية ادا مادام سيجلس للابد مع الحراوين بل يستمع كل مرة لي كلمة ممتل الجمهورية الصحراوية لما يلقي مداخلته و سيدخل بي خارطة المغرب مبتورة الصحراء و سيقدمها الوزير مزوار بي نفسه

  • محمد بلحسن
    الثلاثاء 24 يناير 2017 - 14:10

    بمجهودات جلالة الملك سينجح المغرب يومي 30 و 31 يناير من الظفر بكأس الاتحاد الإفريقي في السياسة بمفهومها النبيل رغم ضعف بعض اللاعبين (رجال السياسة) و رغم لجوء الجزائر و الدول التي تدور في فلكها إلى المنشطات و غياب مختبرات متخصصة تسهر على معاقبة كل من سولت له نفسه الإضرار بقواعد الشفافية و الجدية و المسؤولية.
    أنا شخصيا أرى أن السياسية تختلف عن كرة القدم كون الملعب السياسي لا يتوفر على الشباك لجعل تسجيل الأهداف مرئي لعموم الناس. هذا بالإضافة لغياب حكام متخصصين قادرين على إضفاء الشرعية على قرارات سليمة تتخذ للحد من حرمان الشعب الجزائري و شعوب أخرى من استغلال غازها الطبيعي و باقي ثروات في ما ينفعها لا في ما يضر بالوحدة الترابية المغربية و بشعبها الصبور.
    لنعترف بأننا نتوفر حاليا على فريق سياسي:
    – مدربه هو جلالة الملك نصره الله
    – عميده الفريق يشتغل في خفاء لتكوين حكومة جديدة تستجيب لخطاب دكار
    – اللاعب المطالب بتسجيل الأهداف هو لحبيب الملكي
    – حارس المرمى هو صلاح الدين مزوار
    – المعد البدني المعنوي الفكري هو هرفي رونار مدرب فريقنا الوطني لكرة القدم.
    سنحتفل يوم 31 يناير بكرة الدماغ و كرة القدم.

  • الشاوي يجرح العياشة وما يداوي
    الأربعاء 25 يناير 2017 - 21:01

    انسحب المغرب بقيادة الحسن 2 من منظمة الوحدة الإفريقية وكان قراره صائب واليوم وبقيادة محمد 6 قرر المغرب الانضمام وليس الرجوع للاتحاد الافريقي وبشروط الافارقة .ووصف هذا القرار بالصائب بالرغم من أن أسباب إنسحاب المغرب بقيت كما هي لكن تغيرت شروط الإنضمام للاتحاد الإفريقي وهي الإعتراف بالحدود الدولية كما هي مرفوقة بخريطة والتي صادق عليها البرلكان المغربي.ولنعد للب الموضوع من هو على صواب ومن هو المخطئ ؟من إنسحب من منظمة الوحدة الإفريقية أو من يطرق أبواب الإتحاد الإفريقي ويطلب الإنضمام.فهمونا الله إنوركم.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة