الوسطية وقضايا الأمة

الوسطية وقضايا الأمة
الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 02:13

إن الوسطية نقيض الغلو والمبالغة والإسراف والتطرف وتجاوز الحد والإفراط والتشدد والمشقة والجفاء والعنف والقسوة…كل هذا عاقبته الهلاك.

إذن الوسطية من حيث التقعيد هي تصور ومنهج وأفق ومواقف وسلوك لشهود حضاري؛ وبالتالي فهي سنة شرعية وكونية واجتماعية تراعي:

-صحيح المنقول وصريح المعقول.

-قواعد فقه النوازل.

-جدلية القطعي والظني.

-فقه التدين وفقه الواقع.

-المرونة في التعامل الاصطلاحي فلا مشاحاة مع المصطلح.

-جلب المصالح أولى من درء المفاسد.

وعندما نتحكم في دلالة المصطلح وتداعياته العمودية والأفقية ومعرفة القواعد المؤطرة لها، آنذاك يمكن أن نتعامل مع قضايا الأمة بالعلمية والمهنية بدل العاطفة والارتجال. ومن أهم المحددات لهذه المقاربة اعتماد العدل؛ لأن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويهزم الدولة الجائرة ولو كانت مؤمنة، والانتصار للخيرية وهي الأهلية والكفاءة، والتوازن لأنه لولاه لهدم العمران ووقع الارتباك في الاستخلاف وعمارة الأرض، والتعاون لأنه مطلوب لاستمرارية الحياة بدون ضرر ولا ضرار، والتدرج لأنه مطلب شرعي على مستوى الدال والمدلول، والإيمان بالمراجعات التصورية والفكرية إن اقتضت الظروف ذلك، وهذا من باب التواضع- ومن تواضع لله رفعه- والتمييز بين العولمة التي تكرس الفروق المتوحشة بين الشمال والجنوب، والعالمية الداعية إلى العدالة الترابية بدون إفراط ولا تفريط، وتبني الاختيار الديمقراطي كخيار منهجي للتداول السلمي على السلطة باعتبارها توزيعا عادلا لقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة..وتبني العلم والعمل اعتمادا على ثلاث ركائز: العمل المندمج المتكامل، الحكامة الجيدة، المقاربة التشاركية.

اعتمادا على ما ذكر يمكن توسيع دائرة الرحمة للعالمين، واعتماد الحكمة في مقاربة قضايا الأمة، وتحقيق إنسانية الإنسان. فالقران الكريم تارة يقول “يا أيها الذين آمنوا”، وأخرى “يا أيها الإنسان”، ثم “يا بني آدم”.. إنها الآدمية التي تعني العمق الإنساني. وإذا افتقر العالم إلى الوسطية سقط في الأذى بدل الآدمية.

ومن الضروري أن نعي مفهوم الأمة بدل حصره جغرافيا فحسب؛ فهي العالمية العادلة. والوسطية لها أبعاد حضارية، لأن الشهادة على الناس مرتبطة بالكفاءة والخيرية والعدل؛ وبذلك يمكن تعزيز الشهود الحضاري العالمي. كل هذا يتطلب اجتهادا كبيرا على مستوى الفاعلية والحضور والمبادرة المستمرة، والعمل على تحضير القرارات والمشاريع وتكثيف التشاور العمومي وتقديم العرائض والملتمسات والاقتداء بحديث الفسيلة. مع مراعاة الزمان والمكان والأحوال أثناء وضع مناهج الإصلاح والتعامل مع قضايا الأمة انطلاقا من منطق الترجيح والتوافق، والذي تفسر أحينا للأسف بالتنازلات.

بناء على المعطيات السابقة نؤكد أن البناء الحضاري متوقف على الاجتهاد في مجال العمارة والتنمية التقنية والبشرية، والابتعاد عن الطائفية انطلاقا من ثلاثي محترم: الإسلام، الدعوة، المؤسسة، والتواصل واستفادة الإنسانية من بعضها البعض، والمعرفة والقراءة، وتشجيع المشاركة السياسية، واعتماد الرؤى الاستباقية ضمانا للاستمرارية؛ لأن الوسطية صناعة. ومن ثم لا بد من التأطير المتواصل حتى نتقدم في مجال تطور الفكر الوسطي، بناء على معطيات ودراسات تساهم في الوعي الجمعي، لخدمة الفرد والمجتمع والأمة والمساهمة في الثقافة الكونية والإنتاج العالمي ورسم معالم السلم والاستقرار والتعايش بدون ضرر ولا ضرار.

‫تعليقات الزوار

2
  • سعيد مسكيني
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 10:09

    الوسطية ليست فقط : نقيض الغلو والمبالغة والإسراف والتطرف وتجاوز الحد والإفراط والتشدد والمشقة والجفاء والعنف والقسوة،
    بل هي أيضا نقيض التساهل والتنقيص والتفريط .
    فالوسطية ما جاء به نبينا محمد (ص) خلاف الغلو الدي قد يقع فيه المسلم كما حصل لرهط حضر إلى بيت رسول الله يسأن عن عبادته، فلما تم إخبارهم، ظنوا لغلوهم في فهم التدين أن ما عليه عليه النبي من العبادة قليل، فرأى كل منهم أن يعمل أكثر من دلك، فمنهم من قرر العزوف عن الزواج أبدا، ومنهم من قرر قيام الليل كله عبادة لله تعالى، ومنهم من من قرر الصيام المتواصل. فلما علم رسول الهدى دلك، قال بعدما وضح خطأ القوم: من لم يستن بسنتي فليس مني.
    أو كما قال. قاصدا (ص) أن لا يزيد المسلم أكثر مما شرعه الله له. وأيضا لا يزيل شيئا مما شرعه الله له . بل يجتهد في الطاعة ما استطاع و لا يغلو.

  • عويس
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 15:23

    سلمت يداك أخي نور الدين قربال ، فنعم التوجيه والنصيحة منك إلى أمة ضائعة ليس من همها إلا الحضور المادي والظاهري في الأشياء دون اللجوء إلى روح الوسطية والاعتدال في جميع الأمور، حتى تصير الأمة بهذا المبدأ الأخير سعيدة بربها ودينها ووطنها

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب