ذكرى 20 فبراير 2011 وتوقف الحكومة والبرلمان بالمغرب

ذكرى 20 فبراير 2011 وتوقف الحكومة والبرلمان بالمغرب
الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 12:38

تحل يوم 20 فبراير 2017 الذكرى السنوية السادسة لظهور حركة 20 فبراير 2011 بالمغرب،َ ونعني بالذكرى من الناحية المنهجية الرجوع بالذاكرة إلى ست سنوات مضت، لمحاولة اكتشاف مميزات تلك السنوات من الجانب السياسي، واكتشاف نتائج أحداثها وتجديد النظرة نحو المستقبل.

وست سنوات بالنسبة لتاريخ الشعب هي مدة زمنية قصيرة، لكنها كثرت خلالها الأحداث السياسة التي تثير الانتباه، وهي أحداث مترابطة. فلا يمكن مثلا محو حركة 20 فبراير 2011 وبقاء الحكومة والبرلمان اللذين نتجا عنها، والأمر نفسه بالنسبة لدستور 2011 والقوانين التطبيقية له، وكذلك الانتخابات التي أجريت بعده. وهي إشارات منهجية تنذر بإعادة حالة المغرب إلى ما قبل 20 فبراير 2011، ما تم التمهيد له بالحملة الجهنمية ضد حميد شباط، قصد إبعاده عن رئاسة حزب الاستقلال، ومحاولة الرجوع إلى رد الاعتبار لما سمي “حكومات التناوب” التي أهانتها حركة 20 فبراير 2011، التي حلت البرلمان والحكومة التي كان يرأسها عباس الفاسي.

ومن علامات محاولة الرجوع بالحالة السياسية إلى ما قبل 2011 تعيين الحبيب المالكي على رأس البرلمان ….وإبراز عزيز اخنوش كممثل للرأسمالية المخزنية التي أهينت خلال الفترة التي نعنيها، وتأسيس تحالف سياسي من بقايا الاتحاد الدستوري وبقايا الاتحاد الاشتراكي، وفسخ التحالف بين حزب الاستقلال والعدالة والتنمية، الذي يهدف إلى تشكيل الحكومة من جديد بين الأمنيين (يسمونهم رسميا مستقلون) و”البيجيدي” والأحزاب الذيلية التي تتبع لهم.

ونفترض بناء على هذه المنهجية أن هذه الذكرى السياسية لها مميزات لا بد من الوقوف عليها ومنها:

1- توقف تشكيل الحكومة الناتجة عن انتخابات7 أكتوبر2016 وتجميد البرلمان بغرفتيه. وتذويب التجميد السياسي للمغرب الحالي يتطلب وجود حركة 20 فبراير 2017، وهي غير متوفرة بالمغرب الحالي، مع اعتبار أن حكومة 3 يناير 2012 (بنكران وحلفاؤه) كانت نتيجة توقف وتجميد حركة 20 فبراير 2011 لأنها تألفت من طرفين؛ هما الولاة الذين انتصروا في أقاليمهم وولاياتهم في القضاء على احتمال قيام ثورة شعبية في الشوارع (مدير الأمن الوطني الشرقي الضريس، وزير منتدب في الداخلية، وحصاد والي طنجة الحسيمة، وبوسعيد والي أكادير ماسة درعة، وتوابعهم في الأحزاب السياسية التي انضمت إلى التحالف الحكومي مثل الحركة الشعبية مع PPS).

2-تجميد خروج جماعة العدل والإحسان إلى الشوارع واكتفائها بنشر البلاغات والمواقف اللفظية، ما يؤكد أنها استفادت من هدنة سياسية خلال المدة المعنية هنا، وبعد وفاة عبد السلام ياسين، والصمت المطبق لابنته نادية التي كانت تطلق التصريحات النارية ضد المخزن قبل سنة 2011؛ وهي هدنة لا شك أنها كانت بثمن ستكشفه الأزمنة القادمة.

3-تجميد تنظيمات الإسلاميين الذين يوصفون بأنهم سلفيين أصوليين أو منتمين إلى حركات الإخوان المسلمين بمصر وباكستان أو إلى الشيعة العراقية واللبنانية والإيرانية…وأنصار حماس بفلسطين بعد التفاوض المخزني معهم، وتمتيع بعض قادتهم بالمناصب والأموال وإطلاق سراحهم المشروط من السجون… وتعويضها بتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تصنف في خانة الأمن الديني.

4- تصاعد وجود التنظيمات التي توصف بأنها إرهابية والمنتمية خاصة إلى “داعش”، أو التنظيمات المسلحة خارج المغرب مثل سوريا وليبيا…وتسجل الأرقام الرسمية التي تنشرها المخابرات هذا التصاعد كلما وقع اكتشاف خلاياها.

5-تصاعد الحراك الأمازيغي في المدن والبوادي والجامعات والمعاهد في مختلف المناسبات خلال السنوات المعنية بهذا المقال (مسيرات ووقفات تاواداTAWADA والأيام الثقافية للطلاب، ومسيرات الريفيين بالداخل والخارج لتعزيز مطالبهم المتجددة، وإحياء ذكريات الشهداء والمعتقلين السياسيين ومراسيم دفنهم ومواصلة نشر الإنتاجات الفنية والدراسات والكتب وتجديد أشكال العمل السياسي…).

6- تصاعد الحركة المطلبية المتعلقة بالثروات العقارية والمعدنية والغابوية وصفقات الدولة، وخاصة ثروة الفوسفاط التي تمول النظام المخزني، والتي يسميها البعض “بدبلوماسية الفوسفاط”، خاصة على مستوى علاقات المخزن بدول إفريقيا.

وقد نظمت حملة إعلامية على مستوى الداخل والخارج في هذه الفترة السداسية ضد الجمع بين المال والسلطة في المغرب، وتم تأليف الكتب ونشر الوثائق ضد ثروة الحكام (خدام القصر مثلا ومؤلفات المنفيين المغاربة إلى الخارج والصحافيين الفرنسيين، ونشر إحصاءات عن أملاك أثرياء السلطة…).

7-شهدت المرحلة تغيرات في المجال العسكري والأمني (المشاركة في حرب السعودية على اليمن، وتغييرات أمنية تجلت في توزيع المناصب الحكومية على بعض الولاة (حصاد، بوسعيد، وتعيين الضريس كوزير منتدب بالداخلية، وضم مديرية الإدارة العامة للأمن الوطني إلى DST، وتعيين عالي الهمة، المعتبر كجزء من القطاع الأمني، كمستشار للملك، وإنشاء فرق مختلطة بين أنواع من القوات تحت اسم “حذر” وترقيات عليا ودق طبول حرب محتملة في منطقة الكركرات بالصحراء الجنوبية….).

8-تغيرت الهياكل الحزبية في حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وحزب الأصالة والمعاصرة (إزالة عباس الفاسي وتعويضه بشباط وإزالة عبد الواحد الراضي وتعويضه بلشكر، وإزالة بيد الله وتبديله بإلياس العمري، وإزالة مزوار وتبديله بأخنوش…) ووضع العراقيل المتنوعة ضد تأسيس الأحزاب الجديدة.

9- تمكين قدماء اليسار المغربي من مزيد من الامتيازات والمناصب قصد فصلهم وإبعادهم عن مطالب العمال والفلاحين الفقراء والفئات المهمشة ومطالب حقوق الإنسان، وهي طبقات وفئات تنزل إلى صفوف الاحتجاج الشعبي ويحتاج المخزن إلى يسار يجمدها (تعيين سفراء من اليسار مثل كرين وَعَبَد القادر الشاوي، وخديجة الرويسي، وأمينة بوعياش، مع تعيينات في مناصب هامة مثل محمد الصبار وإدريس اليزمي، وإشراك آخرين منهم في المناصب تحت ستار اللعب الانتخابية…..).

10-شهدت المرحلة المعنية أصعب لحظات الصراع بين المغرب والجزائر والبوليساريو حول ملف الصحراء، وخاصة باشتعال صراع المخزن مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والصراع السياسي حول توسيع اختصاصات المينورسو لتشمل مراقبة السلطات المغربية حول حقوق الإنسان في الصحراء….

كانت هذه إشارات لم تذكر، وكلما يجب أن يتذكره الشباب والسياسيون بالمغرب خلال ست سنوات مضت، ولكن المهم هو ألا ينسي الشباب خاصة أنه لعب دورا سياسيا تاريخيا منذ 20 فبراير 2011، وأن كل ما وقع من أحداث سياسية بعد هذا التاريخ وما سيقع مستقبلا كان ولازال مرتبطا وموجودا يمكن أن نفسر به كل ما يقع من مكاسب سياسية، وكذلك من خسائر وإخفاقات.

‫تعليقات الزوار

4
  • WARZAZAT
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 17:32

    ما استغرب منه هو أنه بعد كل ما وقع في الداخل و الخارج من فتن و أهوال نجد أن المخزن ، بكل طبقاته المختلفة من أرستقراطية و ساسة و بيروقراطيون و موظفون، لم تحرك نداءات الشعب بالنجدة و الاغاثة فيه شعرة.

    العكس. تصلب و اشتد أكثر في كبريائه و لامبالاته. صعد الموقف و زاد في ''الزيار'' و وتيرة و شراسة تخريب الذات و الرجوع بنا إلى الوراء. الأوضاع ألان في المغرب أكفس بكثير من ما كانت عليه 6 سنوات مضت. التعليم و الصحة و الأمن و الاقتصاد و الادارات في تقهقر مرعب. فقط عدد المشرملون الزنقاويون و الرسميون و أفواج مردا و مستوردي الهراوات هي التي تنمو و تزدهر…لم يعرف المغرب الحديث، بل التاريخ كله، أكفس و أفسد و أعنت و أغرب حكومة كحكومة بنكيران و زبانياته البوجادية.

    سوألي هو ما مغزى هذا التمادي و هذه اللامبالاة و إلى إي مستوى يجب أن نسقط قبل أن نصل القاع و يفهم أصحاب الحال مدى شدة الحاجة و اليأس و حراجة الموقف؟!.

  • لوسيور
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 18:31

    مقال يعري الواقع المرير بالمغرب…سياسة الريع ..او سياسة العصا والجزرة..لقد استمالوا كل المؤلفة قلوبهم حتى جماعة '' العدس والحساء'' استمالوها ودجنوها ..وحركوا ورقة الوظيفة العمومية فلم يقم المخزن بطردهم بل بإعفائهم من مناصبهم وإلحاقهم بالادارة لتقزيمهم ولتهديدهم في قوتهم ، فسكتوا وأذعنوا وخروا ساجدين..
    الشعب لم ينضج بعد..والفرصة الذهبية غير سانحة..وتستمر مسرحية سيزيف..
    ما هو ملاحظ هو عزوف الشعب المغربي عن التصويت بعد ان فقد الثقة في الكل وبعد احساسة بالاهانة الكبرى

  • WARZAZAT
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 20:05

    شكرا لوسيور….فهمتني تاكتيك تهديد جماعة البهت و الخذلان في هذا الوقت بالذات ….هم القطيع الاحتياطي و الطابور الخامس ديال حزب الاستغلال و غلمانهم البوجاديون…..باستثناء تأسيس خلافة راشدة من المحيط إلى المحيط ما عندهوم سوق.

  • الأغلبية الصامتة
    الأربعاء 22 فبراير 2017 - 08:14

    الأغلبية الصامتة التي لم تشارك في الإنتخابات ، هي المساندة للمخزن ولها الثقة الكاملة فيه ، لأن رؤوس الفتنة في تنظيمات " السيبة" لا يقدمون بديلا مقنعا يعوض المخزن.
    ( صورة طبق الأصل لما كان عليه الحال في الماضي من بلاد المخزن الآمنة و بلاد السيبة المخيفة).
    هذه الأغلبية الصامتة هي الأغلبية الكادحة التي لا تطلب إلا الإستقرار لكسب قوت يومها وإن قل في أمن وأمان ، وتخشى المجهول خاصة وأنها ترى ما يحصل في البلدان التي انهارت فيها الدولة وزالت هيبتها ، واستفحلت فيها الفتنة التي دمرت البلاد وشردت العباد.
    هذه الأغلبية الصامتة تفضل نظام المخزن الذي يعتمد على الأعيان ( أولاد الناس) لإرساء سلطته ، على فوضى جماعات الغوغاء المخيفة مهما كثرت خرجاتها في مظاهرات معزولة.

صوت وصورة
الفهم عن الله | التوكل على الله
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | التوكل على الله

صوت وصورة
مهن وكواليس | الرايس سعيد
الإثنين 18 مارس 2024 - 17:30

مهن وكواليس | الرايس سعيد

صوت وصورة
حملة "بن زايد" لإفطار الصائم
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:21 2

حملة "بن زايد" لإفطار الصائم

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال

صوت وصورة
ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:25 15

ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال

صوت وصورة
ما لم يحك | تصفية الدليمي
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:00 1

ما لم يحك | تصفية الدليمي