كيف ترنح التعليم وانهار ..؟

كيف ترنح التعليم وانهار ..؟
الجمعة 24 فبراير 2017 - 23:00

أربع جوائح أصابت المنظومة التعليمية في مقتل:

أولها: التعريب المرتجل الذي دعا إليه تخطيط شوفيني متهافت وغير مدروس، وحماس أهوج، ورهان خاسر. وقد جاء ذلك في حمى تعريب المواد العلمية قاطبة في الأطوار والأسلاك التعليمية الثلاث ( الابتدائي ـ والإعدادي ـ والتأهيلي ).، وجاء من لدن حزب وطني معروف عند توليه وزارة التربية الوطنية، كان السبب الراجح في التخبط الذي تعانيه المنظومة.

وثانيها: الإجهازعلى الفلسفة أي الإجهاز على الفكر الجدلي، والشك المنهجي، والنظر الاستقرائي، والعقل الاستنباطي، والمبادرة الحية، والإبداع، وفي مقدمته: السوسيولوجيا التي تعرضت إلى اضطهاد وتضييق، ومنع، وتصفية ( بول باسكون، وعبد الكبير الخطيبي تمثيلا )، وغرس ـ بدلا من ذلك ـ في عقول الناشئة الفكر الخرافي، وإقرائهم النصوص الأدبية التراثية المنغلقة على نفسها أي المحتفلة بالشقشقة اللفظية، والتقعر اللغوي، والمعاني الغائرة المطلسمة، ما يجعلها بعيدة، تماما، عن تطلعات التلاميذ وانتظاراتهم، ولا تحيل مطلقا، ولو بسبب واهٍ، إلى الواقع واليومي والجمال والحياة.

وثالثها: الإعلاء المرضي المغرض منذ عقود، للعلوم الرياضية والفيزيائية، والطبيعية، والتنقيص ” المخدوم ” الجاهل من قيمة وأهمية العلوم الإنسانية والآداب، وفي طليعتها كما أسلفت: العلوم العقلية، والذوقية، والفنية، والإناسية، والثقافية. وهو ما قاد إلى استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية في حقول الرياضيات والفيزياء، والطبيعيات، والبيولوجيا، وقاد ـ من ثمة ـ إلى اغتناء لآلاف الأساتذة والأستاذات الذين يدرسون هاته المواد على حساب الجودة والنهوض بها بمؤسسات التعليم الحكومي العام الذي طاله الغياب والاكتظاظ، والعنف، والإهمال، والتسرب. وعلى حساب الفنون القولية، والتعبيرية والبصرية والتشنيفية السماعية من شعر ومسرح وقصة ورواية، وتشكيل وموسيقا، وفكر فلسفي، ومدونة نقدية أدبية، التي أصبح الانتماء ـ تلمذيا وتدريسيا ـ إلى حقولها، مدعاة للتنقيص والتبخيس، والوصم بالتخلف والانحطاط. لكن، ظلت اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية حيث هما، تحظيان بالتكريم والدعاية والاعتبار، والإلحاح على طلبهما والاستزادة منهما بالمعاهد المعدة لذلك، والمراكز الثقاقية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، ولإنكلترا، ولفرنسا، إذ أنهما ـ في تقدير التلاميذ والطلبة والآباء، وأصحاب القرار، تتيحان فرص العمل والشغل والتوظيف، والاعتبار الإداري والمجتمعي.

أما رابعها: فهو ما سمي بتلك التكوينات / التكاوين الأساس والمستمرة، العجيبة التي ازدردت وقتا ذهبيا معتبرا، وقبعت تجتر مرتجهات ونواتج الخواء والرداءة حيث لم يعقبها نجاح أو فلاح أو تجويد للمنظومة التربوية بالبلاد، أي أن تطبيقاتها أو وضع مخرجاتها رهن التشغيل والأجرأة، والإعمال والبلورة، أبانت عن فشل ذريع، وكشفت عن قتل فظيع للوقت، وعن تفويت لرأسمال تربوي بيداغوجي ضاع وسط الغط والولائم، والموائد الطافحة بكل ما لذ وطاب من الأكل والشراب، والتعويضات المجزية الجزافية التي ذهبت إلى جيوب الخلان والأحباب والمحسوبين على هذا المدير أو ذاك، وعلى هذا الرئيس أو ذاك.

وإذاً، سيكون من العبث، ومن قبيل الكتابة على الماء، والصيحة في واد، كل كلام عن إنقاذ المنظومة التربوية مما هي فيه، من كماشة الانتهاز والابتزاز، والمحسوبية، والعلاقات التي على البال، ما لم ينتبه أولو الحزم والعزم، ذوو الضمائر المؤرقة الحية، والمواطنون الراسخون في المواطنة وحب الشعب، الحريصون على أن يكون لنا موطيء قدم تحت الشمس، المصممون على إدراج البلاد في أتون التحولات والتطورات، وأفق الحداثة والعدالة الاجتماعية والمساواة، والنهوض الحضاري من خلال تنمية شاملة ومستدامة مركزيا وجهويا وإقليميا، إلى القطع المبدئي والفوري ـ استحضارا واستدخالا لمعنى المصلحة العليا للوطن ـ مع الأثافي الأربع التي ذكرت، وإن كنا نعلم ففي أدبيات الأنتربولوجيا أن الأثافي ليست سوى ثلاثة

‫تعليقات الزوار

9
  • كاتب من اشردوق
    الجمعة 24 فبراير 2017 - 23:19

    شخصيا اقف جوار الكاتب مع آرائه الحانقة الدفينة ابصم عليها و اشاركه جميع البوح الذي ما كان ليكون لو فاز حضرته بمقعد رئاسة كتاب المغرب .

  • بيضة الديك
    الجمعة 24 فبراير 2017 - 23:48

    يقول السيد الكاتب عن اسباب ترنح التعليم

    أولها: التعريب المرتجل الذي دعا إليه تخطيط شوفيني متهافت وغير مدروس، وحماس أهوج، ورهان خاسر. وقد جاء ذلك في حمى تعريب المواد العلمية قاطبة في الأطوار والأسلاك التعليمية الثلاث ( الابتدائي ـ والإعدادي ـ والتأهيلي ).

    وفي حديث آخر بمعرض مقاله يقول

    لكن، ظلت اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية حيث هما، تحظيان بالتكريم والدعاية والاعتبار، والإلحاح على طلبهما والاستزادة منهما بالمعاهد المعدة لذلك، والمراكز الثقاقية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، ولإنكلترا، ولفرنسا،

    وتحياتي

  • almohandis
    السبت 25 فبراير 2017 - 10:19

    يعتبر تعليم هولاندا و جامعاتها من الأحسن عالميا
    ١.) هم لا يدرسون الفلسفة الا مدة 6 شهور في الثانوية العامة كمادة اختيارية
    ٢)لا يدرسون المواد العلمية بالفرنسية و لا بالإنكليزية
    في التعليم الابتدائي يركزون على اللغة و الحساب فقط بعدها يجتاز التلاميذ امتحان عام و قياس الذكاء
    مدارس الإعدادية و الثانوية متعددة المستويات و الخبرات و الحقول المعرفية
    يتم اختيار المدرسة و الحقل المعرفي (تقني ،اقتصاد ،فلاحي ، عام الخ )بناء على الرغبة و المستوى المحصل عليه من امتحان قياس الذكاء ليس كل التلاميذ يلجون الثانوية العامة (bac générale )
    في نظري سر نجاحهم
    ١) تربية الطفل على الإبداع و النقد و التفكير و هذا راجع الى البرنامج التعليمي و الثقافة التعليمية و الاستاذ المؤهل
    ٢)المنافسة: حيث الاعلام و زارة التعليم و المجتمع المدني الخ يهتمون بالمدارس و ينشرون نتائجها و نجاحاتها و يشجعونها
    ٣)بناء على النتائج تمنح الدولة الميزانية للمدرسة و بناء على النتائج يختار الآباء المدرسة لأولادهم
    ٣)سهولة اللغة بالنسبة للاطفال كما يتحدثونها في الشارع يدرسونها في القسم

  • عبد الرفيع الجوهري
    السبت 25 فبراير 2017 - 19:50

    لو تمعنتم شيئا ما في عمق الموضوع للاحظتم أن الدول العربية جلها بما فيهم الغنية لا يملكون تعليم في المستوى وهنا نستنتج أن المسألة ليس لها علاقة بالمال بل هي سياسة الحكام الدكتاتوريين على اختلاف مستوى دكتاتوريتهم إلا أنهم متوحدون في جعل شعوبهم دون المستوى التعليمي المطلوب و هذه المؤامرة تصب في صالح المستعمر فأبنائهم يدرسون عند المستعمر مما يضمن للمستعمر استمرارية تحكمه في قرار المستعمرة وكذالك يضمن عدم قدرة المستعمرة على الإعتماد على نفسها وكذلك يهيؤون البديل لحاكم المستعمرة في حالة عصيانه فمعظم حكام العرب درسوا في الغرب ومنهم من انقلب على أبوه بعد عودته ومنهم من قتله فهل هذه صدفة وختاما ما جاء في المقال إما جهل للأسباب أو تمويه للحقيقة وشكرا لهسبريس

  • طنسيون
    السبت 25 فبراير 2017 - 22:47

    منظومات التعليم العربية والمغربية خصوصا ظلت حبييسة منظور تقليدي متخلف اعتمد على تنقيل المعرفة العالمة عبر وسائل تقليدية تنحصر في الكتاب المدرسي والدفتر والسبورة والطباشير للتطبيق وظل الأستاذ المدرس يلعب دور محور العملية التعليمية التعلمية كمكون لمفهموم المدرسة وأسس عرفا وتقليدا للمجتمع و للشعوب العربية وصورة راسخة للمدرسة رغم نهاية عصرها مما شكله من تخلف وتناق وفرق جلي لما يجري من تطور وتجديد في مجال التعليم والتعلم عند الدول المتقدمة في البحث المستقبلي للتربية والتكوين وفي استشراف مهن ووظائف وكل مقومات العيش في المستقبل.

  • العزيز
    السبت 25 فبراير 2017 - 23:32

    أضيف ، أستاذ بودويك ، عاملا آخر ويتجلى في الفقر والعمى الثقافيين اللذين يسمان جل المسؤولين الذين أسندت لهم مهام التدبير والتسيير إقليميا وجهويا ومركزيا وتلك معضلة كبرى

  • atlas
    الأحد 26 فبراير 2017 - 00:34

    أعتقد أن السؤال الصائب هو : منذ متى كان التعليم في المغرب غير مترنح ومنهار ؟

    كيف لنا أن نسأل عن حال التعليم ونحن مازلنا إلى يومنا هذا نعيش مع جيل شاهد عن حجم التخلف و الأمية التي كان يعانيها أجدادنا ابان عهد السيبا و مشتقاتها ..
    يجب الاعتراف بأننا كنا مقلدين ومازلنا نقلد الغرب في مناهجهم
    أما إن أردنا النهوظ بتعليمنا فيجب في اعتقادي ان يتواضع من يسمون أنفسهم بصفوة و نخبة المجتمع وذلك بتخليهم كليا عن لغة موليير في تخاطبهم مع ابناء جلدتهم
    ولما لا تحويل المدارس و الجامعات إلى مسيد و جوامع على شاكلة القرويين تدرس فيها العلوم و الفنون " المترجمة كذلك " باللغة الأم لا غير مادمنا قد توقفنا في ابداعاتنا في مجال التعليم في هذه الحقبة القروسطية
    خصوصا و أن مؤسساتنا التعليمة "العصرية" لازالت لا تنتج لنا سوى الطّلْبة " حفظة القرآن .. "

    ورحم الله من عرف حق قدره .

  • مصطفى
    الأحد 26 فبراير 2017 - 11:41

    أستاذ بودويك يتميز بالمواضع التي يشارك بها في هذا المنبر الإعلامي.
    لعل أطروحاته تساهم في تعميق التفكير حول قضايا يراها شائكة،وتفتح آفاقا لمقدمات رصينة تساهم في تلمس مكامن القوة في المشروع المجتمعي الذي يتفق أو يتوافق عليه المغاربة إسهاما في تصويب مسار تنمية شاملة لكل أبعاد الإنسان.
    البعد الروحي الذي لا نستوعبه إحداثياته بدون الاستهداء بنصوص الوحي، التي تجيب عن الأسئلة الوجودية،والتي تخرجه إلى فضاء أرحب للحرية،ليكون عبدا لله الواحد الأحد و تخلصه من التيه الذي فرضته "مسلمات" عدمية و تبعده اعتقادات خرافية.
    البعد العقلي الإبداعي من خلال الدراسة الواعية لكل المواد التي تنميه: العلوم و فلسفة العلوم.
    البعد التواصلي الوجداني من خلال اكتساب أدواته و آلياته ليندمج الفرد المتعلم في محيطه الاجتماعي و الكوني منفعلا و فاعلا.من هنا تأتي الخلفية التي توم اكتساب المواد الأدبية.

  • ابن البناء
    الإثنين 27 فبراير 2017 - 14:37

    الاستاذ بودويك ابن الميدان و يعرف بدون شك أن أعطاب المنظومة متعددة و متشابكة .. ولكن ان يحددها في اربعة فذلك اختزال؟ كيف تخطى إشكالية مرور الآلاف من الابتدائي إلى الثانوي دون التمكن من الكفايات الاساسية : الحساب و الكتابة و القراءة.. كيف تخطى الاختلالات في تكوين أطر التعليم.. كيف تخطى التفاوتات المجالية الحضرية القروية الجبلية … وحكم على المنظومة بالترنح وهو يعلم أن مجهودات بذلت وأن التعريب الذي يقدح فيه مكن من رفع مستوى آلاف المغاربة .

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب