إلى روح البتول، فقيدة معبر سبتة المحتلة

إلى روح البتول، فقيدة معبر سبتة المحتلة
الأربعاء 26 أبريل 2017 - 08:57

سيدتي البتول،

سيدةَ الحمل الثقيل والرحيل الفاجع،

كم هو قاس هذا الوداع…

في مَعبر المذلة، لا أعرف كم كنتِ تحملين من حوائج وأثقالٍ ينوء به ظهرك، حين سقطتِ أرضا وتساقط فوق جسدك المتعب كل الراكضين إلى موعد الخبز المر.

ولا أعلم هل سيكون الآن بين الناس من سيسأل عن مصير أبنائك الذين انتظروا عودتك فلم يعد إليهم إلا جثمانك الصامتُ من وجومٍ والمتكوِّمُ من ألم…

ولا أعلم كم من الشُرَّاح سوف يتسابقون ليلصقوا التهمة بالقضاء والقدر. ويقرؤوا ما شاءت لهم المتون ويهددوا الناس – وأنت بينهم – وعيدا لا يرى في البشر إلا خطيئة عليهم أن يُؤدوا ثمنها من عرق الجبين ودم الكدح الرقراق.

بالأمس كانت الزنبقة “إيديا” تسلم الروح على عجل لأن المستشفيات والتكنولوجيا لا تعترف إلا بأبناء المترفين.

وأول الأمس عربد الولدُ المتخم بالمال السهل والسيارة الوقحة وأهان الشرطة. وقبل ذلك ماتت امرأة بألسنة اللهيب بعد أن أعيتها خناجر الوقت.

وقبل يوم واحد حاولت عائشة أن تلتحق بالسماء حين لاذت بعامود إضاءة لا يؤدي إلا إلى مصيرها الاسود وحتفها الأكيد…

وهناك أنكى وأمرُّ: إحصائية رسمية من بين الإحصائيات الكوابيسية تقول أن جيشا عرمرما تعداده 1.680.000 مغربي ومغربية عمرهم مابين 14 و24 سنة أغلبهم فتيات، لم يعطهم بلدهم شيئا: لا التربية ولا المعرفة ولا التعليم ولا المهنة ولا المستقبل…

أبكي عليك سيدتي البتول.

حقا هناك شيء من الوقاحة في عرض الغنى الفاحش في بلد لا زالت فيه سيداتٌ مثلكِ يواجهنَ الحياة بالخبز الأسود والشاي الرديء والزيتون المالح، لا يعرفن من الحياة إلا تعبها الممض، يحملن على ظهورهن الأثقال سدا للرمق، يُضفنها إلى ظلمِ المجتمع وتكلُّس السلطات، مثلما تحمل سيداتُ الجبالِ الحطبَ حتى تنحني ظهورهن أَوَدًا لا مذلة، ومثلما تعملُ صبايا البوادي منذ سني حياتهن الأولى حتى تزرقَّ أياديهن الوردية وتنتفخ أصابعهن وتنطفئ عيونهن على مهلٍ في شقق السيدات الأنيقات المتنشِّقات آخرَ صيحةٍ من عطر “شانيل”، ومثلما تبيع اليافعات أجسادهن حتى لا يمتن جوعا هن وآباؤهن وأخواتهن…

أنتنَّ الثروة الأولى والأخيرة.

أنتن وكل النساء كريماتُ النفس ممن يستيقظنَ قبل الفجر أو بعده، ليطعمن الجوعى ويقصدن الرزق الحلال ويبزُزْنَ كل من لا يرى فيهن إلا الناقصات. ناقصات العقل وناقصات الدين وناقصات الخُلق.

ألا إنهم الناقصون ولكن لا يعلمون…

‫تعليقات الزوار

8
  • KITAB
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 09:16

    وهل هي ظاهرة كلما توفي شخص ما وتحت ظروف ما إلا وانتفضت قرائح شعرائنا وكتابنا لتدبيج قصائد ومقالات مواساة… فلماذا ينفرد بها أشخاص دون آخرين علما أن حالاتهم هي من التعدد حيث لا يمكن حصرها، فكم من امرأة ينوء بها حملها وهي تعبر باب سبتة أو بوابة بني انصار… يقع هذا شبه يومي؟ فلماذا لا توجه قصائدنا ومرثياتنا إلى الحكومة والتي هي وراء هذه المظاهر من الفقر والجوع والهشاشة لماذا لا نوجه سهامنا صراحة الى السلطات التي تأكل من عرق هؤلاء الأشقياء في كل من سبتة ومليلية من خلال نقط المراقبة الجمركية….!!

  • سوقو خاوي
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 09:26

    صلاح الوديع ، طفحت على محيى كتاباتك روح التفاهة ، انك تخاطب السراب ، العقلاء لا يملكون الا الشفقة ، الشفقة على شخصيتك المهترئة

  • ziad
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 11:41

    لم يتركوا لنا سوى المراثي يا صلاح ياوديع .أعرف صدقك و إنفطار قلبك.حتى الكلمات ما عادت تكفي .لكن كتابتك دليل ، عكس ما يعتقد البعض ،أنهم لم يقتلوا بعد فينا الإحساس بعد. فشكرا لك

  • الشعر...والخبز.
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 11:41

    شعرك يا سيدي-مع احترامي الكامل للشعراء-لن يعيد روحا ازهقت ولن يطعم جائعا ولن يكسو عاريا..اجبن شغل هو اشعال سيجارة كوبية وارتشاف قهوة سوداء وارتداء معطف من دار paco rabane والبكاء على الاطلال..انشاتم دكاكين واسميتوها احزابا ريعية لا ترى ولا تروم الا الكراسي وبعدها فلتمت *بتولك *و*ادياك *و*فتيحتك *و*عائشتك *وكل اسماء الانثى في انفكو واملشيل وتنغير وباب سبتة وووو وكل هدا الوطن المغضوب على فقرائه..تبا لاحزابكم وكل مؤسساتكم ادا لم تضع في اولى اولوياتها توزيع ثر وات هدا الوطن لا خلقها فقط..

  • FOUAD
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 11:51

    الامر لا يحتاج الى بكاء !
    الامر يحتاج الى شجاعة تقول ان 5% من المغاربة يتربعون على 90% من خيرات المغرب و اداراتها و يملكون الوزارات و الفلاحة و الطاقة و البر و البحر و التجارة و الفلاحة الغذائية و التصبير و التصدير و الموانئ و المناجم و الاتصالات و الاعلان و الاشهار وووو
    و هؤلاء ليسوا بنكيران الذي تفننت في قصفه …
    و اذا شبع الراعي جاعت الرعية
    Mon salam

  • عبد الكريم ايت علي
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 12:06

    "حتى تزرقَّ أياديهن " الصواب هو حتى تزور أصابعهن وهذا لا ينقص من قيمة النص وروعته

  • rahmani
    الأربعاء 26 أبريل 2017 - 16:39

    شكرا لكم وعلى تعاليقكم يا اخواتي المغاربة لكن سؤالي مطروح للاستاد من
    الدي سمح للمرحومة وامثالها العبور بالكمية المحمولة ومن واراء دلك التهريب
    المعيشي المتفق عليه هو مائتين وخمسينن درهم ومرة واجدة لاكن هناك اشياء
    اخرى تحفضت عنها وهده هي مصيبتنا فالتحرم على المسكينة وكم من مرة
    تقوم بنفس العملية فالله يخد الحق في المستبدين

  • سعيد مطيع
    الخميس 27 أبريل 2017 - 09:52

    كلام في الصميم نرثي موتانا الفقراء واوجاعهم التي حملوها معهم الى جوف الارض ولا نملك الاموات/الاحياء الاكلمات نودعهم بها عسانا نخفف عمن ؟عنا ام عنهم؟؟؟؟؟

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 17

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة