جارة الوادي: زوزفانة العالقة بين المغرب والجزائر

جارة الوادي: زوزفانة العالقة بين المغرب والجزائر
الجمعة 28 أبريل 2017 - 00:54

الصرخة الهوية:

استهلت صارخة، كما يقول الفقهاء حينما يريدون إثبات حقوق شرعية للمولود الحي.

ورغم أن مخاض الأم السورية المهاجرة ألَمَّ بين دولتين عربيتين إسلاميتين سنيتين مالكيتين، فإن المولودة زوزفانة –كما سماها نشطاء من شباب فكيك– لم تُمتع بأي حق من حقوقها الشرعية والإنسانية والقومية، وما شئتم من تصنيفات.

صرخة ارتقت إلى هوية؛ إذ هي كل ما ثبت لها في غياب شهادة رسمية للميلاد تنسبها للمغرب أو للجزائر، أما الوطن الأصلي فقد أصبح بابا لجهنم.

روعها الصراخ في سوريا جنينا في غيابات الرَّحِم، وطاردها عبر الخريطة العربية الصارخة بدورها في هذا الزمن البئيس، لتصل إلى جزائر لم تكفكف بعد كل دموعها. جزائر تتلذذ بصناعة العاهات المغاربية، وإنتاج الزمن الضائع.

طوردت الأم، مع عشرات من بني قومها، عبر مجاهل البيداء القاسية مابين بشار وفكيك. ورغم هذا أصرت زوزفانة على الحياة، وضمنت صرختها البيولوجية المعتادة، صرخة احتجاج ورفض ألقتها في وجه الاستبداد العربي، القومية الكاذبة، الإرهاب الديني، والتنكر الجزائري الرسمي لحقوق المهاجرين، ما عدا من تشغلهم في أوراش الوهم لإنتاج دول جديدة.

وألقتها أيضا في وجه البيروقراطية المغربية التي لم تميز بين جماعة تخترق الحدود بطريقة غير قانونية – ومن هنا ضرورة محاصرتها، حيث بُلِّغت-وبين حالة إنسانية تستدعي معاملة خاصة.

لم تُقدر الجزائرُ، وهي تُغِير على المغرب بعشرات من المهاجرين-كعادتها-وضعية امرأة حامل على وشك الوضع، ولم يُغِث المغرب الحامل وهي في مخاض الولادة في الخلاء.

لا تَمْرَ، هذه الأيام، في نخيل وادي زوزفانة حتى تهز “مريم العذراء” إليها بجذع النخل فيساقط رطبا جنيا. حتى زمن المعجزات ولى.

زوزفانة المكان:

إذا كانت مصالح وزارة الصحة بفكيك قد وقفت عاجزة أمام ضرورة إنسانية ملحة لا يمكن أن يحول دونها قانون –بل في قوانيننا الوطنية، والقوانين الدولية، ما يلزم بتقديم العون في حالات الخطر– وإذا كانت الإدارة الترابية المحلية لم ترق إلى التمييز بين حالة إنسانية مستعجلة، ووضعية جماعات اخترقت الحدود بطريقة غير قانونية، فإن بعض النشطاء من شباب فكيك كانوا في مستوى الحدث، ولو رمزيا فقط، حينما أطلقوا على المولودة السورية اسم “زوزفانة”.

لم تعد هوية المولودة هي صرختها فقط، بل تعززت بالمكان حيث ولدت.

وما أشبه وضع المولودة زوزفانة بوضع شطر كبير من نخيل الوادي الذي حازته الجزائر استبدادا وظلما، ضدا على معاهدة للا مغنية التي ترسم قمم الجبال حدودا، وليس الوادي. لا هي تركته لمُلاكه يتعهدونه ويتعهدهم، كما كان يحصل حتى في زمن الاستعمار، ولا هي تستغله، على الأقل ليظل حيا يانعا.

لقد أكد لي العديد من أهل فكيك أن اليَبَسَ فشا في عشرات البساتين، ولم تعد ترتادها غير الخنازير والثعالب، والحُمُر المتمردة على أصحابها.

في هذه الجغرافية المسلوبة صرخت زوزفانة السورية، وكيف لا تستهل صارخة في خرائط البؤس العربي، وحتى البؤس الإفريقي الذي فرح أيما فرح بالحدود الموروثة عن الاستعمار. بئس الوارث والمورِّث والموروث.

هل تنفع مداراة الخجل؟

أيتها القادمة من بؤس جنرالات البعث وأمراء الإرهاب، إلى جزائر العسكر التي لم تعرف بعد ماذا تريد وكيف تبني مستقبل أبنائها قبل جيرانها.

أيتها القادمة إلى مكان ما بالوادي المغربي المسلوب، عالق بين صرامة القوانين الوطنية والدولية، وحيرة ساكنة فكيك، التي لم يسمح لها بِقِرى الضيف، وإغاثة النفساء، لا يسعني إلا أن أعبر لك عن حزني الكبير، وخجلي منك، ومما نعيشه من أوضاع عربية ومغاربية تزري بنا جميعا يوما بعد يوم.

لا خير في دساتيرنا وحكوماتنا وقممنا العربية والإسلامية والمغاربية والإفريقية، إذا كنا لا نغيث أُمّا مهاجرة في حالة وضع في الخلاء بين دولتين وكأنها من الماعز أو بنات آوى.

لا خير فينا أن تولد زوزفانة في ربوعنا ولا نعرف كيف نفرح بها، وكيف نظهرها للعالم عساه يهب لنجدة الشعب السوري المشرد، ولا نعرف حتى كيف نفضح بها دولة تدعي مناصرة الشعوب، في حين إنها تطارد الأجنة في الأرحام.

Sidizekri. blogvie. com

‫تعليقات الزوار

9
  • ALGERIEN
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 08:54

    اذكرك فقط ان وزيركم لشؤون الجالية في الخارج قال ان السوريين موجودون فوق التراب الجزائري و لا علاقة للمغرب بالامر.

  • hammouda lfezzioui
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 11:00

    ذ كرني اسم زوزفانة باسم علم جديد في العراق اطلقته سيدة عراقية على مولودتها عقب اجراء اول انتخابات بعد سقوط نظام الديكتاتور.لقد احسن الاخوة الفجيجيين اختيار الاسم وزوزفانة هو على وزن جومانة تقريبا و اظن انه سيقبل في بلاد الشام.
    لا تلوموا السوريين ان اتخدوا الصهاينة اصدقاء عندما تضع الحرب اوزراها.
    لاتلومو ا السوريين ان فتحوا نوادي للصهيونية في قلب العروبة دمشق.
    لا تلوموا السوريين ان منحوا مزيدا من الاراضي للكيان الغاصب للارض كمحافظتي درعا والقنيطرة مثلا.
    الايديولوجية الصهيونية ارحم للسوريين من خطابات عروبية لا تسعف حتى مريضا.
    دولة عربية تملك ازيد من 800 مليار دولار كسندات في بنوك اوروبا وامريكا ولم تستقبل لا جئا واحدا ,بينما فتحت الباب ام النخبة لكي تملي على السوريين سياساتها.
    قلنا لكم كامازيغ لقد ماتت العروبة من مهدها ودفنت تحت رمال صحراء نجد تماما كما دفنت قبلها العديد من المواليد الانات في الجاهلية.
    اين الشعارات البراقة التي صدعتم بها رؤوسنا طيلة عقود:''امة واحدة من الخليج الى المحيط,المصير المشترك..التاريخ المشترك..
    رسالتي الى ابناء فجيج الامازيغ لاتبخلوا عليهم بما تملكون…

  • hammouda lfezzioui
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 11:41

    لقد سجل التاريج جريمة ضد الانسانية ارتكبت بين حدود دولتان توصفان بانهما
    ''شقيقتان عربيتان'' كل واحدة منهما تحاول ان تمسح معالم الجريمة وتريد ان تنسبها الى شقيقتها وكلاهما عضو في جامعة تسمى ''عربية''.
    كلاهما تحاول ان تسجل نقط في ''السياسوية'' في مرمى الاخرى ولو على حساب اناس قد يكونون مرضى وجوعى .بئس سياسة الجارتان الشقيقتان.

    رسالة الى صاحب المقال الذي عنون مقاله هذا ب ''جارة الوادي'' ,اطلب منك ان تستمع لجارة الوادي على لسان شابة امريكية درست الموسيقى في كندا وتعزف على العود بشكل جيد ,كما تغني بالامازيغية وتتكلم كل من الدارجة والامازيغية.
    ففي زمن الراداءة والطغيان العربي هذا ,فاءن ما يجيده العرب هو التخريب والدمار…
    jennifer grout ,هاذ السيدة كتجيب لي التمام ف الغنا ديالها لا بتاعرابت ولا بتامازيغت.

  • بوزرواطة
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 11:45

    وما أشبه وضع المولودة زوزفانة بوضع شطر كبير من نخيل الوادي الذي حازته الجزائر استبدادا وظلما، ضدا على معاهدة للا مغنية التي ترسم قمم الجبال حدودا، وليس الوادي. لا هي تركته لمُلاكه يتعهدونه ويتعهدهم، كما كان يحصل حتى في زمن الاستعمار، ولا هي تستغله، على الأقل ليظل حيا يانعا……..وهدا جاء بعد الحرب و قضية اتفاقية لالاك مغنية الغتها دماء الرجال

  • أحمد الجزائري
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 12:44

    بعيدا عن التراشق الاعلامي ومحاولة كل طرف تحميل الطرف الآخر المسؤولية وتبرئة ذمته ، فالادانة الانسانية تطال كلا النظامين ،

  • brahim
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 14:09

    من المؤكد انا كتىر من المغاربة يتألمون متل آلام الاستاد وعلهم اكتر بكاء منه تحصرا علي الاراضى الحدودية المغربية التى سيطر عليها جيش التحرير الجزائرى ـ نتمني للاستاد مديد العمر حتى يعيش تحرير تلك الارضى ولما لا

  • taghit
    الجمعة 28 أبريل 2017 - 15:53

    عجبت لساكنة فكيك التي لا تستطيع حتى المطالبة بما ضاع من بساتينها ونهرها.الا يوجد مجتمع مدني حي يطالب بما ضاع؟

  • من ساكنة فكيك
    الأحد 30 أبريل 2017 - 15:47

    7 – taghit
    و من الذي تقع عليه مسؤولية المطالبة بما ضاع هل هم ساكنة فكيك ام الدولة المغربية اليست تلك اراض مغربية
    لقد خرج الناس محتجين على بساتينهم الضائعة سنة 1976 و قد واجهتهم الدولة المغربية بوعود كاذبة و تارة يحاولون ان يجعلوك تكره اصلا وجودك بفكيك و يبخسون في نظرك ذلك الوجود عندما يحاولون اقناعك بالهجرة بدل ان يتحملوا مسؤولياتهم .. عن المسؤولين المغاربة اتحدث

  • الحقاني
    الأحد 30 أبريل 2017 - 15:54

    …. السوريات على الحدود فازواجهم في المغرب مثلما صرح وزيركم فكيف يفصل الابن عن ابيه

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 8

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 18

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب