الإنسان اليوم يقتل لكي يأكل ،يقتل لكي يلبس ،يقتل لكي يهاجم ،يقتل لكي يتعلم ،يقتل لكي يرفه عن نفسه …يقتل من أجل القتل. مزيد من العنف اللامتناهي يأتي كنتيجة مباشرة لعدوانية يصعب على أي باحث مقاربتها بالشكل الملائم وإيجاد الحلول لها خصوصا إذا كانت مزمنة .فالدول والأنظمة بأديانها وفلسفاتها وقوانينها وقواعدها السلوكية اهتمت بشكل أو بآخر بتنظيم هذه الظاهرة وعكفت بشتى الطرق والوسائل على ضبطها و تصريفها إيجابيا .
إن إحدى الخصائص المهمة لكل حضارة إنسانية هي الطريقة التي تفهم وتستوعب وتنظم بها العدوانية؛ وهذا الفهم يغرس في نفوس أفراد المجتمع منذ الصغر ،حيث يكون للتربية دور الآلية التي تشرف على توجيه العدوانية إما بكبحها وبإثارتها وقت اللزوم.وهنا لابد من التأكيد على أن القوة والأهداف العامة لأي نظام تقاس بمدى حده أو منعه لظاهرة العدوانية التي تتمظهر من خلال العنف داخل مجتمعه .ففي الدول الصناعية نرى كيف يوجه العنف إلى الخارج لتصريفه على شكل حروب .أما في دول العالم الثالث فهو يوجه إلى الداخل ويتخذ أشكالا قمعية وإرهابية .ولنا في مصر المثال ،باعتبارها بلدا من العالم الثالث ،فغياب الآفاق السياسية ،واستيلاء مؤسسة الجيش على السلطة ،والفساد المالي ،وتردي الأوضاع الاقتصادية …
كلها عوامل جعلت الإنسان المصري يشعر بالغبن المفروض ،وهو شعور يدفع بالشخص مباشرة إلى سلك طرق تدميرية ضد أفراد مجتمعه وغالبا ما يؤدي هذا الإحساس إلى تراكم العدوانية وتفجير الأحقاد في المحيط ،لأن الشخص ذا الميول التدميرية والحالة هاته، يستبدل الحب بالكراهية ،ومن هنا يسقط في الشرعنة التي غالبا ما تظهر من خلال البيانات التحميسية الصادرة من هنا وهناك عن التنظيمات أو الجماعات المسلحة التي تؤطر في الخفاء كل شيء .إن القاسم المشترك للانتحاريين سواء منهم “الذئاب المنفردة” أو “التفجيريون” هو تلك القناعات التي يسجلونها على الفيديوهات والتي يسمونها “الوصية”، فهي تظهرهم على أنهم من مستوى ثقافي متدن يسهل من خلاله للجماعات المتطرفة اختراقهم وتدجينهم ،بل وتبرر لهم عدوانيتهم تجاه الآخر من خلال توظيف الوازع الديني .إن عملية تأثيم الآخر هي ما يشحن بشكل كبير إرادة “الانتحاري” و يجعله يصب جام غضبه و عدوانيته على الآخرين والانتقام منهم ،وهنا لابد من التأكيد كذلك أن الانتحاري يتنكر لعدوانيته ونواياه الآثمة ،فهو يرى نفسه بريئا ،مما يدفع المرء للتساؤل :من يتحمل وزر المسؤولية؟ومن هو البريء ؟؟
إن الأوضاع المزرية التي تعيشها فئة الشباب العربي في هذه المرحلة تنذر بأن القادم أسوأ .فمن خلال إلقاء نظرة على شبكات التواصل الاجتماعي يتبين للملاحظ أن فئة لا بأس بها لا تنفك تستعيد وتكرر مآسيها وكأنها في حداد ونزيف وجودي دائمين ،بل إن الإحباط أصبح حالة مرضية ليس من السهل التخلص منها ،وهو ما يولد مشاعر القهر والمهانة لدى الكثيرين.
لا يجادل أحد في أن حرمان الشباب من متنفسه الطبيعي الذي أسست عليه جل المجتمعات الديمقراطية الحالية هو جريمة بكل المقاييس قد تتطور مع مرور الزمن .كما أن تكميم الأفواه لم يعد يجد نفعا وما كل مرة قد تسلم الجرة ،فحتى الكلاب لا يمكن منعها من النباح وكذلك الخيل فهي الأخرى لا يمكن منعها من الصهيل …
قد يقول قائل إن العنف المنظم غادر الدولة الوطنية مع مغادرة الربيع العربي ،لكن ماذا لو تلقفته مع الزمن دوائر خاصة أخرى لا يمكن أن تخطر على بال أحد كالتنظيمات السرية والجماعات الشبه العسكرية؟ ولنا في منظمة القاعدة العبرة فبعدما كانت مجرد فكرة عابرة للقارات أصبحت أمرا واقعا أي “دولة” من خلال تنظيم الدولة بالعراق والشام ،ولا أحد يستطيع أن يتخيل حينها شكل “عناقيد العنب” خصوصا وأن الثقافة الأصولية المتطرفة السائدة اليوم تشجع على غلق الآفاق بدل فتحها ،وأن الحروب حلت محل التنمية؛ فأطفال سوريا واليمن والعراق فقدوا براءتهم ومن الصعب على المرء التكهن بما قد يصبحوا عليه في الغد القريب .
إن السعي إلى مأسسة العنف والعدوانية من طرف البعض على مستوى المجتمعات العربية لمن شأنه أن يتطور خلال العقود القادمة، فالفكر الذي أسس الحركات الاحتجاجية بالأمس لن ينمحي بسهولة ،فالتاريخ علمنا أن أفكار التمرد لا تموت .فالإهمال والتجاهل يمكن أن يكونا من أسباب السخط ،كما أن الحط من الكرامة يمكن أن يسهل في تعبئة الأشخاص العدوانيين على العدوان. وما يقاس على بعض الدول العربية يقاس على إسرائيل فقدرتها على قهر الفلسطينيين وعزلهم والسيطرة عليهم بواسطة القوة العسكرية سيكون لها عواقب بعيدة المدى بما يتجاوز كثيرا المكاسب السياسية التي يجلبها لها ذلك، فالشعور بالظلم من طرف الفلسطينيين سيدفعهم لا محالة إلى “الانتقام” العنيف .وقد يأتي الأخذ بالثأر ليس فقط من الفلسطينيين ،لكن أيضا من جماعات أخرى.
والأنظمة العربية مدعوة اليوم إلى مراجعة شاملة لبرامج التربية ونقذ الذات والبحث عن التفاعل البناء والتصالح مع شعوبها ولن يتأتى ذلك إلا بالتخلي عن إستراتيجية الرفض والاستبعاد المتبادل بين مختلف القوى.
حقيقة لا وجود لهويات صافية أو نقية أصولية أو نهائية،كما هو شأن الدين أو العرق أو الثقافة. نحن اليوم إزاء تجارب لا تنفك تختلف تتحول ولهذا فالأصولي قد يجحد دنيويته كما يقال بقدر ما يخفي العقلاني منابعه الدينية أو ممارساته اللامعقولة والمعتمة .إن المشكل يتجلى في كيفية ترجمة الأفكار والعقائد والمذاهب والقيم على ارض الواقع المعاش لكي يتمكن الأفراد من إبعاد شبح العدوانية والعنف والعيش سويا لمواجهة الأخطار والكوارث التي تكاد تهدد الأوطان بمن عليها ،وإلا لن يعود هناك حطام يتصارع عليه…
قيل لا أخاف من ينكر وجود الله ولكن أخاف من يقتل ليثبت وجود الله. ثقافة القتل ليست غريبة على العرب ولا مستوردة ولا حتى مؤامرة كما يحلو لبعض المغفلين الترديد كالببغاوات. بل هي ثقافة اصيلة لدى المجتمعات المتدينة التي تتاجر في دون الله و تتقول على الله و تتبع كتب التراث بكل ما تحمله من عفن فقهي و اجرام متأصل. يكفي ان يقرأ احدنا كتاب الفتاوي لمن يسمونه شيخ الاسلام ابن تيمية حتى يصاب بالذعر و نزيف عقلي حاد من هول كمية العنف و العقلية الاجرامية لدى فقهاء المسلمين ومشرعيهم فكلمة يستتاب او يقتل تتكرر لالاف المرات لابسط و اوهى المسائل حتى لمن جهر بالنية و القائمة تطول. الخلاصة جاء دين الله بالسم للناس كافة وجاء بالحرية العقدية لجميع الخلق بل ضمن حتى للكافر حقه و نقل اقواله في كتاب الله بل اعتى المجرمين كابليس و فرعون نقل الله بحرفية اقوالهم بكل مصداقية لا نجدها عند احد من البشر ان ينقل افكار و تعابير عدوه. وجعل الله السلام و الامن و العدل و القسط ميزان الحياة و القتال استثناء للدفاع عن النفس ورد العدوان و فرض الجزية ضريبة حربية لردع كل معتدي و لكن الفقهاء و ابالسة التراث حولوا الدين الى ما نراه.
اتقوا عدوانية السرطان و كم من مسؤول دخل السجن بغتة و كم من رئيس و ملك اقتلعوه و اتقوا و اتقوا ما ليس ببعيد و ربنا و ربكم ترامب دونالد يعلم ما تفعلون ،، و اسمعوا و اطيعوا و من لغى فلا يلومن الا نفسه . انتهى .
ya deux genre de nations, celles qui exportent leur , violence derrière leur frontières
et celle incapables d'exporter et qui finissent de se consommer eux meme !
على الرغم من كون ظاهرة الحياة على كوكب الارض نشأت بالصدفة دون ارادة من احد في الارض او في السماء ، وان جميع الكائنات الحية هم من منتوجات ظاهرة الحياة ، الا ان وجود الانسان ليس عديم المعنى او الغاية ، اننا نرى ان المعنى او الغاية تتمثل في خدمة مجتمعه في اي مجال من المجالات التي تحقق التقدم والرخاء والازدهار فيكون ذلك مبعث فخر واعتزاز له ولاسرته واهله ووطنه .. وبالتالي ينال شرف الانتماء الايجابي الى الانسانية ،كيف يأمر رب المجرات على النضور الديني المؤمن بالعداوة والبغضاء حتي يؤمنوا؟ تقول الآية:بدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا..