ثمانون سنة على "محرقة غرنيكا"

ثمانون سنة على "محرقة غرنيكا"
الأحد 30 أبريل 2017 - 00:06

“غرنيكا” المستقبل !

حلت يوم الأربعاء 26 أبريل الحالي الذكرى الثمانين لكارثة “غرنيكا”. للتذكير، إن كان الأمر يحتاج إلى تذكير فعلاً، فالقصف الجوي لمدينة “غرنيكا” الباسكية حدث في نفس التاريخ من سنة 1937. ورغم اختلاف الروايات سواء تلك المتزامنة مع الحادثة أو التي جاءت بعدها، فمن المرجح أن القصف تم بواسطة أربعة وأربعين طائرة من طابور “كاندور” الألماني النازي وثلاثة عشرة طائرة تابعة لسلاح جو إيطاليا الفاشية. ومن شبه المؤكد، رغم إنكار الجنرال فرانكو وكذبه المفضوح في هذه القضية، أن القصف جاء كدعم للانقلاب العسكري الفرانكوي ضد حكومة الجمهورية الإسبانية الثانية.

خلِّدت الذكرى كما ينبغي في مدينة “غرنيكا”، ومعها تذكر العالم أبشع رمز لأولى تدخلات السلاح الجوي العسكري ضد المدنيين العزل في التاريخ. لذلك اعتبر بحق عملا إرهابيا نظرا لاستهدافه سكان المدينة بسلاح متطور جدا آنذاك، من طائرات حربية ثقيلة وخفيفة محملة بأطنان القنابل المتفجرة والحارقة، ونظرا كذلك لعدد الضحايا من المدنيين. حيث قدره طرف محايد، وهو “جورج ستير” مراسل صحيفة “تايمز” البريطانية في ذلك الوقت بما بين 800 إلى 3000 من قتلى وجرحى من أصل 7000 نسمة، وهو عدد سكان “غرنيكا” حينذاك.

بعد ثمانين سنة، انهمرت الدموع من عيون شيوخ كانوا أطفالا حين وقعت الواقعة، خيمت الفاجعة بظلالها على “غرنيكا”، كأن جروحها مازالت مفتوحة وحروقها لم تتوقف عن النزيف على مر السنين… كأن ألوان ومعالم لوحة بيكاسو الشهيرة التي تحمل نفس اسم المدينة/المأساة أصبحت أشلاء وجثث متناثرة وأطراف دامية من جديد.

في كل مرة تُستحضر فيها هذه الصفحات السوداء من تاريخ الجنون البشري، تحضر نفس الأسئلة: فيمَ كان يفكر من اتخذ قرار إبادة بشر لا يعرفهم حتى؟ وبماذا شعر بعد تنفيذ فعلته الشنيعة ورأى الدمار والنار والموت في الصور، وربما لمح من بينها جسد رضيع متفحم ملتصق بجثة أمه؟

وأم الأسئلة كلها: متى سيتوقف هذا الجنون وهل سيتوقف يوماً؟ أم أننا سنستمر فيه إلى أن تفنى الأرض ومن عليها جميعا؟

الماضي لا ينتهي على هذه البسيطة، ومؤشرات الحاضر لا تدل سوى على سياق دولي لا يبشر بنهاية الحرب، ولا بانقراض العنف، ولا حتى بهدنة مؤقتة يستريح فيها البشر من الظلم ومن خطابات الكراهية والتحريض على العنف ضد الآخر المختلف، ضد الآخر الشبيه، ضد الآخر الضعيف…

فيما تغرق السفينة، يستمر العزف على الوتر الحساس، أي معاداة أي “آخر” متاح، الذي أوصل إلى قمرة القيادة أشخاصا معروفين بتطرفهم وتماديهم فيه حتى النهاية.

شيئا فشيئا، ولم يمر على غرنيكا وعلى هيروشيما وناغازاكي القرن بعد، يعيد التاريخ إنتاج نفسه. وربما نجد أنفسنا قريبا أمام نفس الجرائم وبصيغ أبشع، وعلى صعيد أكثر شمولية من مدينة أو منطقة بعينها. فالشمولية تعني فيما تعنيه انتقال العدوى؛ عدوى الإرهاب، عدوى اليمين المتطرف، عدوى الحرب، عدوى الظلامية، عدوى إفلاس القيم… ليس القيم المنقولة وغير المنقولة، لكن إفلاس القيم الإنسانية.

‫تعليقات الزوار

7
  • اكسيل البورغواطي
    الأحد 30 أبريل 2017 - 00:38

    اربعة واربعون طائرة من سرب الكوندور زائد ثلاث عشر طائرة فاشية هو عدد مهول بالنسبة للقيام بهجوم على دوار صغير اسمه كيرنيكا…..

    بالمقابل يجب التذكير بجرائم العلوج في الشمال المغربي التي فاقت كل تصور.

    جرائم ضد الاطفال والنساء والمسنين ولم يسلم من حقدهم حتى الحيوان والشجر.

    بالاظافة, فحكومة ا قليم الباسك هي من الداعمين لاطروحة اعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

    الى متى سنبقى هازين الهم للبراني?

  • jaead
    الأحد 30 أبريل 2017 - 01:09

    مناخ من اليقين التام

    وهم يعلمون – كما ينبغي على علماء البيئة أن يعلموا – أن التاريخ مفعم بالكوارث البشرية الناجمة عن الخطايا العلمية المرتبطة بالسلطات السياسية.

    بريت س.

  • الرياحي
    الأحد 30 أبريل 2017 - 06:43

    قنبلة كرينكا لم تكن ضرورة حربية بل كان هذفها تجربة السلاح الجوي النازي لطرق هجومات جديدة يطلق عليها bombardement en pique. وثانويا ترهيب الساكنة وضرب معنويات الفيالق الدولية
    قصدي هو ان تلك الهمجية شارك فيها مغاربة اللذين لا ناقة ولا جمل لهم فيها وهي من كرست كره الإسبان للمغاربة "المورو" رغم ان عدد من المغاربة(نحو ألفين) تطوعوا وانضموا للقوات الجمهورية
    شارك المغاربة في عدد من الحروب بل تقريبا كلها بداية من حرب 1870 وختموها بحرب الفيتنام واينما حلوا تَرَكُوا الخراب ونهبوا
    وحرقوا والغناء لا يفارقهم ومنهم من قمع الريفيين ونكل بهم ثم انتقل لإسبانيا وأعاد فعلته ورجع للمغرب لينتقم ثانيا من نفس الريفيين بنو جلدتهم ومع كل هذا نال الرجل المال الجاه والتقدير من يفهم كل هذا يضع تفسير .
    ان الحرب ما علمتم

  • hammouda lfezzioui
    الأحد 30 أبريل 2017 - 11:39

    ا لرياحي رقم 3 ختمت تعليقك ب من يفهم كل هذا يضع تفسير.
    التفسير هو :من ضح بالغال والنفيس من اجل الوطن فهم واحفادهم يئنون في صمت عائلة الخطابي مثلا مشتتة في كل اصقاع المعمور من مصر الى هولندا…

    لا شك انك كنت تقصد الماريشال في تعليقك ,احد افراد عائلته اراد ان يؤسس له متحفا في ابني انصار ,لكنه وجه بمظاهرات واعتصامات تندد بالذي يقع ومن بين الشعارات التي رفعت ''لا لمتاحف العار'' ,ما لا يستوعبه عقل اي ادمي هو كيف للدولة ان تزكي متاحف العار وتمنع مؤسسة محمد بن عبد الكريم الخطابي من التاسيس..
    المساءلة لا تحتاج لاءن يكون الانسان نجيبا لكي يفهم.

  • Axel hyper good
    الأحد 30 أبريل 2017 - 13:25

    مرة اخرى نقول ليس المريسكال امزيان من طلب تدخل اسبانيا وفرنسا لقمع السكان الاصليين….

    الوزر يتحمله من وقع على معاهدات الحماية.

    و اذا فسد الراس فسد الجسد تباعا.

  • nihilus
    الأحد 30 أبريل 2017 - 21:46

    combien d'années ont passée de bombardement de rif??

  • سعيد مطيع
    الثلاثاء 2 ماي 2017 - 08:38

    الماضي لا ينتهي على هذه البسيطة، ومؤشرات الحاضر لا تدل سوى على سياق دولي لا يبشر بنهاية الحرب، ولا بانقراض العنف، ولا حتى بهدنة مؤقتة يستريح فيها البشر من الظلم ومن خطابات الكراهية والتحريض على العنف ضد الآخر المختلف، ضد الآخر الشبيه، ضد الآخر الضعيف…

    فيما تغرق السفينة، يستمر العزف على الوتر الحساس، أي معاداة أي "آخر" متاح، الذي أوصل إلى قمرة القيادة أشخاصا معروفين بتطرفهم وتماديهم فيه حتى النهاية.صحيح مقال رائع حقا ماشبه الامس ياليوم وان اختلفو من حيث الشكل

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب