هل من مجيب؟

هل من مجيب؟
الأربعاء 24 ماي 2017 - 14:51

مرت أسابيع قليلة على تنصيب السيد سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة خلفا للسيد عبد الإله بنكيران، وهي الحكومة التي استبشرنا خيرا بتشكيلها، سعيا إلى التخلص من الظاهرة الهزلية التي طبعت المشهد السياسي سابقا، والإنتظارية التي استغرقت أزيد من خمسة أشهر بعد استحقاقات 7 أكتوبر 2017، وأملا في مباشرة وتسريع القضايا الاستعجالية التي تشغل بال المواطن المغربي، من قبيل معالجة وتصحيح اختلالات قانون المالية المعد سلفا، والانكباب على إخراج قانون التغطية الصحية الخاص بالمهن الحرة وتعميمه، إلى جانب قضايا التعليم والصحة والتشغيل والعدل… بما يستدعيه الأمر من متابعة متبصرة لكل مستجدات الساحة السياسية، والبحث عن الطرق الناجعة لمعالجتها، باعتبارها أساس الاستقرار الذي ظل المغرب ينعم به على الدوام.

والملاحظ أن الحركات الاحتجاجية التي انطلقت بالحسيمة، بموازاة وفاة محسن الفكري، حركت وضعا تاريخيا واجتماعيا ظل مسكوتا عنه ومؤجلا إلى حين، أذكاه تصريح السيد عبد الإله بنكيران عندما سئل عن أحداث الحسيمة، مدعيا أنه لا يعرف موقع المدينة ضمن خريطة المغرب، بالرغم من العناية الملكية التي وجهت لأقاليم الشمال عموما، ولإقليم الحسيمة منذ زلزال 2004 خاصة؛ فالعوامل التاريخية والمجالية والسياسية والاقتصادية جعلت من الإقليم هامشا لم يستفد من خيرات المركز، فكان طبيعيا أن تكون هذه الاحتجاجات التي أجمعت كل المنظمات الحقوقية على سلميتها ومشروعيتها، بالنظر إلى نضجها التأطيري المحكم، أصبحت تؤطر ارتباك الحكومة، على الرغم من أن المغرب يعد رائدا عربيا وإسلاميا وقاريا في تدبير الاختلاف والتنوع. لذلك كانت ثقافة الاحتجاج عريقة في المغرب عراقة تعايش كل مكوناته وأعراقه، وهذه الثقافة هي التي أنجته من هزات “الربيع العربي” من دون شك.

لكن مع الأسف، فعوض أن تستحضر الأغلبية الحكومية ورئيسها المعطيات التاريخية والآنية لتحصين المكتسبات بحوار ناجح، آثرت أسلوب التخوين والعمالة دون أن تعي خطورة الأمر. ولذلك، فالأغلبية الحكومية أصبحت محط مساءلة بخصوص دورها في تعزيز الاستقرار السياسي وديمومته، وهل هي فعلا قادرة على حمايته في ظل المشهد الحزبي الذي يتسم بضعف المردودية والفعالية في تأطير المواطنين، بما يحقق الامتداد التنظيمي والسياسي لمشروعها المجتمعي إن كان لها أصلا؟

وما هي مسؤولية الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني في رصد التحولات المجتمعية ومواكبتها بما يعزز الدينامية التي أطلقتها الدولة في مختلف المجالات؟

إن الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها الأغلبية الحكومة، لا ينبغي أن يقتصر دورها على استخلاص تمويلات الدولة بعد كل استحقاق، لتعود إلى سابق عهدها بعد انتهاء موسم الجني، علما أن تلك الأموال مستخلصة من ضرائب الفقراء؛ فهم أولى بالاستفادة منها بما ينمي وعيهم السياس ، ويقوي انخراطهم الإيجابي في كل قضايا الوطن، كل من موقعه وحسب مسؤولياته، أما وأن الدولة، أو السلطات العليا، هي وحدها الموكول لها حل كل المشاكل القارية والإقليمية والمحلية في المدن والقرى، فذاك أمر معجز، فضلا عن كونه استنزاف للطاقة، وهدر للزمان، اللهم إن كانت هذه الحكومة مجرد عصابة، حسب ما كتب على إحدى لافتات المحتجين.

الشيء نفسه ينطبق على جمعيات المجتمع المدني، خاصة “الكبرى منها”؛ فاستفادتها من المنفعة العمومية يخول لها الحصول على أموال طائلة، غالبا ما تنأى عن أية مساءلة أو افتحاص لماليتها العمومية، إلى جانب الجمعيات التي مولت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. فعوض أن تصبح هذه الجمعيات بكل أصنافها مؤشرا لمعرفة حاجات المجتمع الضرورية، بما يساعد في التخطيط والتنزيل الأمثل لمختلف المشاريع التنموية، وحلقة من الحلقات الأساسية في التعاقد بين المجتمع والدولة، تصير عائقا ببناء جو من عدم الثقة والمصداقية والنزاهة، فما يجري بالحسيمة لا يخرج عن هذه القناعة التي تزداد يوما عن يوم استفحالا وخطورة، بالنظر إلى الخيارات التي يمكن أن تتبناها.

وعليه، فإننا لن ننتظر انتهاء التجربة الحكومية لتقييم الحصيلة التي بدأت معالمها وتوجهاتها بالاختيارات المرتجلة، ومحاولة التملص من المسؤولية انطلاقا من عدة مؤشرات دالة ومحددة لسياستها، وهي من دون شك تظل بعيدة عن تمثلات المضمون السياسي لخطاب دكار، وعن المساهمة في التنزيل الأمثل لدستور 2011 بما يعزز المشروع الديمقراطي الحداثي.

‫تعليقات الزوار

3
  • عبد الكريم ايت علي
    الأربعاء 24 ماي 2017 - 17:37

    انك تقول بن كيران ما لم يقل ، عليك ان تعلم ان جزءا من احداث الحسيمة كان بسبب البلوكاج الذي وضعه المخزن ، بن كيران رجل دولة والكل يعترف بحنكته ودهائه ولكنكم قوم تجحدون

  • نهاية العولمة
    الأربعاء 24 ماي 2017 - 21:03

    لماذا نجح ترامب في الانتخابات ؟ لما تشرذمت فرنسا ؟فترامب واضح في مسعاه ،انه يحارب العولمة الاقتصادية ،او ربما يعيد النظر في قوانينها ،اي حرية التجارة العالمية ،،ومن يدري فغدا سيطالب باغلاق النمط المجاني للفيسبوك وكل المحركات في دول الجنوب ،فالفيسبوك يجسد فعلا حرية تنقل المعلومات ،استيرادها وتصديرها ،ومنها النماذج المجتمعية ،لان النيت يقرب المسافات ويمحي الاختلافات الثقافية وييسر التواصل ،فادا احتج سويدي في الشارع من اجل أضرار بسيطة فقد احتج أنا غدا من اجل اخرى اكتر ضررا في حيي ،فادا كان ترامب يقول ان اكبر قوة اقتصادية لا يمكنها قبول اخلاقيات العولمة ،فمابالك بالدول المتخلفة مثل المغرب ،فترامت قد يقنن الإنترنيت ويضع عراقيل مادية على إنتاجاته متل نشر فيديوهات مع اخفاء مصادرها ،ربما لنشر مقال او صفحة ستطلب منا غوغل وثائق ادارية مصادق عليها ،

  • محمد أيوب
    الخميس 25 ماي 2017 - 22:23

    لا نريد احسانا بل…:
    "ستقوم وحدة الحرس الملكي كالمعتاد بتحضير وتوزيع حوالي225ألف وجبة إفطار لفائدة الأشخاص المعوزين بعدة مدن مغربية من خلال13نقطة توزيع، وذلك طبقا لتعليمات الملك محمد السادس نصره الله،وبمناسبة شهر رمضان الكريم لسنة1438هجرية،وأوضح بلاغ للحرس الملكي،ن نقط التوزيع تشمل ستة مراكز بمدينة الرباط وهي دار السلام وحي السويسي ومستشفى سيدي محمد بن عبد الله للأنكولوجيا، ومستشفى الاطفال ابن سينا ومستعجلات مستشفى ابن سينا وتوراكة وثلاثة مراكز بمدينة سلا وهي معمورة وقرية اولاد موسى وحي السلام.وأضاف البلاغ، أن هذه العملية ستشمل أيضا4مراكز بمدن طنجة وتطوان ومراكش والنخيلات قرب الرماني".لا نريد احسانا بل توزيعا عادلا لثروة الوطن يغن يالفقير البئيس عن مثل هذا الاحسان الدعائي..أين ثروة الوطن؟سؤال ننتظر عنه الجواب وان كان الكثيرون يعلمون أين هي ومن يستفيد منها..ان من يستفيد منها يصرف على عطله ميزانية من شأنها انشاء عشرات المستشفيات والمدارس والطرق ونقط التزود بالماء وتشغيل الآلاف من العاطلين..أكررها:لا نريد احسانا بل تقاسم عادل للثروة بين جميع أبناء وجهات الوطن..وفي مقدمتها الريف وغيره..

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب