حزب التقدم والاشتراكية وأطروحته حول الثورة الوطنية الديمقراطية

حزب التقدم والاشتراكية وأطروحته حول الثورة الوطنية الديمقراطية
الثلاثاء 23 ماي 2017 - 19:37

تعتبر أطروحة الثورة الوطنية الديمقراطية من بين أهم الأطروحات السياسية التي بلورها حزب التقدم والاشتراكية في مؤتمره الوطني الثاني، المنعقد بقصر المعرض الدولي بالدار البيضاء، أيام 23 و24 و25 فبراير 1979، وقد حصل لي شرف الاطلاع عليها عندما كنت مستخدما بالمقر المركزي للحزب بالرباط.

رغم مرور حوالي أربعة عقود من الزمن، فإن الباحث السياسي يجد في تلك الأطروحة المتفردة مضمونا، والتي سميت آنذاك “المهام الراهنة للثورة الوطنية الديمقراطية”، وهي مهام لازالت قائمة لمغرب اليوم، وكأن السياق السياسي لم يتغير ولم يتزحزح، وأن ما جاءت به من توصيف للواقع السياسي وما أنتجته من حلول يدفع بالباحث إلى الاعتقاد بأن ما قدمه رفاق علي يعتة بالأمس هو نفسه جوهر ما يقع اليوم من أحداث وحراك، خصوصا في ظل تنامي احتجاجات الجماهير الشعبية، وما أفرزته من نقاش العمومي؛ فالأطروحة تذهب إلى كون كل تجاوز للأزمات الاجتماعية لا بد له أن يبتدئ من الإصلاح الاقتصادي، عبر الاعتماد على النفس، هذه “النفس”، التي تسمى في النظريات الاقتصادية الجديدة بالعوامل الذاتية للتنمية. لكن الشرط الأساس لإنجاح هذه الخطوة، تورد الوثيقة، هو تقليص امتيازات الأوليغارشية لما فيه خير الكادحين، فمن الضروري وضع حد للاختلالات الفادحة الموجودة بين المناطق.

ومما لاشك فيه – تورد الأطروحة- “أن المناطق الأكثر تخلفا ستلتحق بسرعة بركب المناطق الأخرى لو تم توسيع الديمقراطية على المستوى المحلي والجماعي، فيما لو تحملت الدولة كامل مسؤوليتها؛ فليس هناك تفاوت أكثر فظاعة من ذاك الذي يطبع الهوة الموجودة حاليا بين كمشة – يعني بها قلة – من المحظوظين والأغلبية الساحقة من الشعب”.

وفي هذا الصدد، ولمحاربة التفاوت الطبقي، الذي هو أصل كل شر، اعتبر علي يعتة أنه بات من الضروري والمنطقي فرض ضريبة على الثروة، وقال في الأطروحة ذاتها التي تليت على المؤتمرين: “إن الأمر لا يتعلق بسلب البورجوازيين أو تأميم ممتلكاتهم، وإنما بتحميلهم ثقل التقشف وفقا لمداخليهم”. ويتابع الزعيم علي يعتة بالقول: “لقد آن الأوان، من جهة أخرى، لإدخال الإصلاح الشامل على نظام الضرائب المباشرة في اتجاه فرض ضرائب أكبر حجما على الثروات الضخمة، وجعل حد للفضيحة المتمثلة في المستوى جد المنخفض للضريبة الزراعية بالمقارنة مع ثروات الملاكين العقاريين الكبار. كما ينبغي تخفيض عبء الضرائب على المداخيل المتواضعة”.

إن كل ثورة ينبغي أن تضع في مقدمتها مسألة التعليم، وهو ما لم تغفله الأطروحة، عبر تركيزها على أن ما يستلزم فعله هو إعادة النظر في نظام التعليم بما يجعله مطابقا لحاجيات مغرب جديد عصري متطور ومواكب للتكنولوجيا، كما يستلزم القضاء على الأمية وتلقين الجميع حدا أدنى من الثقافة، وجعل إجبارية التعليم حقيقة ملموسة بالنسبة إلى كل طفل وطفلة، وخاصة في البوادي، وجعل تعميم التعليم مهمة أولية، الأمر الذي يتطلب سياسة جريئة في ميدان تكوين الأساتذة، وتحمل الدولة كامل مسؤوليتها في هذا المجال.

وإذا تأملنا الاحتجاجات اليومية الآن، سنندهش لكون الأطروحة تطرقت إلى كون “الممارسة العادية للحريات ستسمح بمحاربة ناجعة لكل الأفكار البعيدة عن الواقع واللامسؤولة والمغامرة”، “باحترام أكثر صرامة لحقوق الرأي والتعبير والتجمع، دون ميز اتجاه أي فئة من المواطنين، باستثناء الذين يضعون أنفسهم خارج الأمة ويخونون مصالحها العليا”. وبالفعل، فكل تضييق على الحريات العامة والفردية اليوم هي بمثابة الحشرة التي تعكر صفو الحليب. لكن هذا الشرط لم يكن مطلقا، بل قيده حزب التقدم والاشتراكية بضرورة الوفاء للوطن أولا.

وقد عملت الأطروحة، قبل نهايتها، على الإشارة إلى أن الحزب – يقصد علي يعتة حزب التقدم والاشتراكية حاليا- “انطلاقا كذلك من الملاحظة الموضوعية يرى أن أي قوة سياسية في الساحة الراهنة لا تستطيع أن تخوض بمفردها سياسة قادرة على تسوية المشاكل الوطنية الكبرى”.

‫تعليقات الزوار

2
  • عبد الرفيع الجوهري
    الثلاثاء 23 ماي 2017 - 21:26

    إننا شعب نظري ولم نصل بعد لمستوى شعب طبيقي يعني لقد حللنا كل ما يجري عندنا وعرفنا ماهي الحلول ونتائج التحاليل م تدع لنا الشك فيما سيصيبنا و الكارثة أننا لا نزال في خانة المتكلم أتدروا لماذا لأننا شعب محجور عليه أو بعبارة أخرى شعب موقوف تابع للأوقاف شعب بالدارجة متقف وليس مثقف

  • mustaphaé
    الخميس 25 ماي 2017 - 06:11

    فات الكاتب التذكير بالاطروحات الاخرى للحزب اياه , والتي لها شديد الارتباط والتكامل مع مسألة الثورة الوطنية الديموقراطية, ومنها على الخصوص التحليل الطبقي للمجتمع المغربي , والتي تكفل بها اسماعيل العلوي , وكذا مسألة البرولتاريا ودور الحزب في قيادة الثورة ,والتي تناولها المرحوم ليفي
    ويسكت الكاتب عن انزياح القيادة الحالية عن كل هذا , وتموضعها في خانة البورجوازية الوصولية والانتهازية مما ادى الى فشل تحقيق الثورة اياها , وبالتالي تردي اوضاع الطبقة الكادحة من عمال وفلاحين , واستمرار سياسة تفقير الفقير واثراء الثري

صوت وصورة
احتجاج عمال  شركة "كيتيا"
السبت 16 مارس 2024 - 01:11

احتجاج عمال شركة "كيتيا"

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | قصة قراصنة سلا
الجمعة 15 مارس 2024 - 23:00 1

مع الصديق معنينو | قصة قراصنة سلا

صوت وصورة
المدينة القديمة | شفشاون
الجمعة 15 مارس 2024 - 22:30

المدينة القديمة | شفشاون

صوت وصورة
ملفات هسبريس | الساعة الإضافية في المغرب
الجمعة 15 مارس 2024 - 22:00 8

ملفات هسبريس | الساعة الإضافية في المغرب

صوت وصورة
رمضانهم | يوسف التمسماني من إسبانيا
الجمعة 15 مارس 2024 - 21:30 2

رمضانهم | يوسف التمسماني من إسبانيا

صوت وصورة
الفهم عن الله | أمراض العصر
الجمعة 15 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | أمراض العصر