أية تسوية سياسية الآن ستكون أسوء من اتفاقية أوسلو

أية تسوية سياسية الآن ستكون أسوء من اتفاقية أوسلو
الأربعاء 21 يونيو 2017 - 19:11

سيكون واهما مَن يعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة جادة في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما يؤدي لقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 حتى بمواصفات الشرعية الدولية وقراراتها والتزاما بالاتفاقات الموقعة والتفاهمات السابقة بما فيها التي تقول بأن الدولة ستكون منزوعة السلاح وتمنح ضمانات أمنية لإسرائيل .

من هذا المنطلق يجب عدم الجري وراء الأوهام والاستبشار بقرب الحل لأن ترامب أرسل للمنطقة مبعوثيه جيسون غرينبلات وكوشنر لبحث إمكانية تحريك عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،سواء من خلال إحياء مشروع جون آلان الذي سبق وضعه وطرحه على نطاق ضيق عام 2014 ، أو أي مشاريع أخرى من خلال حل إقليمي أو ما يسمى بالصفقة الكبرى .

نعم السلام مطلب إنساني والشعب الفلسطيني يرغب بالسلام ،ولكن السلام لن يتحقق إلا في ظل إرادة الطرفين بتحقيقه وفي ظل موازين قوى شبه متوازنة أو في ظل دعم دولي أو إقليمي للطرف الضعيف – الفلسطينيون – ،وهذه أمور غير متوفرة ، وعليه فإن سبب هذا الحراك والزيارة للمبعوثين الأمريكيين وما سيتم طرحه من مشاريع للتسوية إنما لتقول واشنطن بأنها مهتمة بالتسوية ولديها مشاريع للحل وبالتالي لا داع لأن يتدخل أي طرف خارجي ليحل محل واشنطن ،و حتى لا يُقال إن العالم أدار ظهره للشعب الفلسطيني ، أيضا تهدف لمنح إسرائيل مزيد من الوقت لاستكمال مشاريع الاستيطان ،ولإلهاء الشعب الفلسطيني حتى يبقى في حالة مراهنة على التسوية .

ومن جهة أخرى فإن مجرد التفكير بمشاريع تسوية جديدة هو اعتراف بفشل كل المبادرات السابقة بما فيها اتفاقية أوسلو وخطة خارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام ،والتفاف حول اعتراف غالبية دول العالم بالدولة الفلسطينية .فأن تكون مبادرة جديدة معناه العودة للمفاوضات مجددا ، ولكن هذه المرة في ظل موازين قوى أكثر اختلالا لصالح إسرائيل ومجاراة لشروط إسرائيل ،مما سيؤدي لعبثية مفاوضات جديدة لن تؤدي ،في حالة قبول منظمة التحرير الدخول فيها ،إلا لمنح إسرائيل مزيد من الوقت لاستكمال مشاريعها الاستيطانية وتعزيز حالة الانقسام الفلسطيني .

مع أن الرئيس ترامب يقول بأنه يريد تسوية نهائية وليس حلولا مؤقتة إلا أن الإدارة الامريكية تعلم بأن الظروف غير مواتية لتسوية تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ،لأن إسرائيل ،في ظل الحكومة الحالة والمناخ العام السائد في إسرائيل ،لن تنسحب من الضفة الغربية بما فيها القدس لا كليا ولا جزئيا ،ولن تسمح بأية سيادة فلسطينية عليها ،لأنها تعتبر الضفة بما فيها القدس جزءا من أرض إسرائيل ،ومن تابع تعليقات وتحليلات الصحافة والسياسيين الإسرائيلية قبل أيام في ذكرى حرب 1967 سيلمس هذه الرؤية عند الإسرائيليين وأن الأسباب الحقيقية لحرب 1967 كانت احتلال هذه الأراضي المقدسة في نظرهم للسيادة الإسرائيلية ،لأسباب عقائدية وأمنية إستراتيجية .

أيضا إسرائيل لن تنسحب لأنه لا يوجد ضغوط أو مصادر تهديد وخطر عليها تُجبرها على تقديم تنازلات لم تقدمها سابقا ، لا مصادر خطر وتهديد من النظام السياسي الفلسطيني بسلطتيه وأحزابه ،ولا من المحيط العربي والإقليمي ،ولا على المستوى الدولي ، بالإضافة إلى أن هشاشة الوضع الداخلي للرئيس ترامب يجعله حذرا في اتخاذ أي قرار يُغضب إسرائيل واليهود .

هذا لا يعني أن واشنطن ستُدير الظهر للصراع في الشرق الأوسط ، فهذا أمر غير وارد وخصوصا بعد العاصفة الإعلامية التي أثارتها زيارته للمنطقة والحديث عن تحالفات وأحلاف وحروب وصفقات بمئات مليارات الدولارات واحتمالات تمدد فوضى الربيع العربي لإيران ودول الخليج وربما تركيا ، ولكن ما نرمي إليه أن الرئيس ترامب سيغير في الأولويات وسيخلط الأوراق ،فهو أولا سيفصل ما بين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والصراع العربي الإسرائيلي ،من خلال التحايل على المبادرة العربية للسلام التي تتعامل مع الصراع كصراع عربي إسرائيلي لن ينتهي إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطين المستقلة ،حيث سيقلب ترامب المعادلة وسيدفع لتطبيع العلاقة بين العرب وإسرائيل قبل تسوية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،بل يسعى لأكثر من التطبيع لتصل الأمور لتحالف بين إسرائيل وبعض الأنظمة العربية لمواجهة ما يعتبرونه خطر مشترك – إيران وإرهاب الجماعات الإسلاموية المتطرفة – .

ما سيساعد ترامب على تحريك عملية التسوية في إطار مفاوضات عبثية جديدة ،أن التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وخصوصا خليجية بدأ قبل مجيئه والأوضاع التي تمر بها الدول العربية اليوم تجعلها أكثر قابلية للتطبيع مع إسرائيل وإدارة الظهر للقضية الفلسطينية ،بالإضافة إلى أن الوضع الفلسطيني الداخلى على درجة من الضعف بحيث لا يستطيع مواجهة الترتيبات الجديدة في المنطقة .

ولأنه لا يمكن المراهنة اليوم على أية تسوية سياسية عادلة أو تلبي الحد الأدنى للحقوق السياسية الفلسطينية ولأن أية تسوية في ظل الظروف الراهنة ستكون أكثر سوءا من اتفاقية أوسلو ، نتمنى على القيادة الفلسطينية عدم التوقيع على أية تسويات سياسية لا في إطار الحل الإقليمي والصفقة الكبرى أو أي مشروع تسوية أخرى ،لأنها ستكون شاهد زور على ما يحاك للمنطقة من مخططات تحت عنوان مواجهة الإرهاب ومواجهة الخطر الإيراني ،والأخطر من ذلك ستكون شاهد زور على تصفية القضية الفلسطينية .

[email protected]

‫تعليقات الزوار

5
  • سلوى
    الأربعاء 21 يونيو 2017 - 21:27

    التسوية التي لا ريب فيها هي التي جاء بها القرآن الكريم بأننا سندخل القدس فاتحين محلقين برؤوسنا في جدران المسجد الأقصى إنشاء الله شكرا هسبريس

  • MOHAMMED MEKNOUNI
    الأربعاء 21 يونيو 2017 - 22:32

    هل الأستاذ، لازال متشبتا بالفكرة القائلة بأن القضية الفلسطينية رقم قياسي يصعب حله ؟
    وهل سيادته يتذكر بأن هذه المقولة تدخل بها أثناء ندوة بكلية الحقوق أكدال في حقبة الثمانينات ؟
    بالنسبة لي القضية الفلسطينية تستوجب من أطراف النزاع وحدهم ، الإبتعاد عن فكرة الإقصاء مع عقلنة التعايش السلمي لحل النزاع .

  • المغرب الكبير
    الخميس 22 يونيو 2017 - 20:17

    السلام عليكم ورحمة الله
    الدول العربية أنهكتها الحروب الداخلية التي كانت آخر مسمار في نعش القضية الفلسطينية..فلسنا ندري تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين..او اللاجئين السوريين الاهتمام بحصار غزة…او حصار قطر..هذا كله يتطلب جهدا..وإجماعا عربيا اسلاميا وهو للاسف مفقود لذا اسراييل ايضا ترى أنها الفرصة المناسبة لتمرير مخططاتها..وإزالة المقاومة الفلسطينية من الوجود. باسم الحرب على الإرهاب..شكرا

  • amahrouch
    الخميس 22 يونيو 2017 - 20:38

    Si les arabes avaient renoncé à toute la Palestine,ils auraient été largement gagnants.D une part ils gaspillent toute leur énergie pour reconquérir une parcelle de terre en partie désertique et inculte et d autre part ils nous disent que c est difficile à y arriver tellement les juifs ont leur emprise sur le monde !Ils reconnaissent qu ils perdent leur temps !Où,diable,ces petits gens veulent en venir ?!Ils contrarient les juifs soutenus par les USA,la Russie,la Chine,la GB,la France etc et affrontent tout ce monde,eux qui ne savent fabriquer même pas une aiguille à coudre !!La Palestine n est pas la vôtre,Orchalim est le berceau du judéo-christianisme,les symboles du judaisme et du christinisme en témoignent,les lieux sont donc saints pour lui !Toutes ces vérités,vous les balayer d un revers de la main.Le temps est venu pour qu on vous les signifie.Trump va les vomir sur vos visages.La déportation des palestiniens est pour bientôtVous aurez alors été perdants sur toute la ligne

  • amahrouch
    الجمعة 23 يونيو 2017 - 10:54

    Les arabes nous disent que l islam ést universel qui se préoccupe du sort de toute l humanité et veille à son bien-être.J en conviens !Mais leurs cousins juifs ont subi des exactions à travers l histoire,le calife Omar aurait bien fait s ils avait rétrocédé la Palestine à es ayant droit les juifs pour que ces derniers oublient tous les maux subis et retrouvent enfin un abri!Niet !depuis la disparition du prophète,ses successeurs ne cherchaient que femmes et butins !Pour eux,cette universalité signifie assujettir les peuples et faire de leurs biens les leurs !En 1948,l ONU,cette organisation véritablement universelle,qui se préoccupe des vies sur Terres,décide de ramener les juifs à la patrie de leurs ancêtres et leur offrir un abri sur la planète.Et depuis les arabes et les musulmans n ont jamais cessé de crier chacun de là où il est :mort à Israel,mort à l Amérique etc.Si ces égoïstes avait un grain d islam dans le sang ils auraient approuvé la décision onusienne et aidé leurs cousin

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 1

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب