هَلْ سَيُطِيحُ حِرَاكُ الرِّيِفِ بِـ"إِسْلَامِيِّي الْحُكْمِ"؟

هَلْ سَيُطِيحُ حِرَاكُ الرِّيِفِ بِـ"إِسْلَامِيِّي الْحُكْمِ"؟
الخميس 29 يونيو 2017 - 11:57

مع السابع من أكتوبر كانت البداية..

لا يمكن أن نقرأ ما يجري في مغربِ الحراك والرفض، وما يُدبَّر من أساليب للمرحلة من طرف الدولة المغربية، دون استحضار ما عرفه المغرب السياسي منذ السابع من أكتوبر، وما تلاه من “بلوكاج” حكومي غير مسبوق، انتهى برأس أحد أجرإ السياسيين المغاربة الذين “ركبوا ظهر” حراك شعبي ناجح، واستطاعوا أن يقودوا مرحلة سياسية دقيقة للغاية، بالكثير من الحنكة السياسية، والمناورة البوليميكية، وبغير قليل من “اتشلهيب” والشعبوية الفجة. كما استطاعوا أن ينقلوا المغرب إلى “بر الأمان”، ويخرجوه من عنق الزجاجة في ظرفية إقليمية خاصة جدا، ووسط هبات شعبية تحولت إلى ثورات عفوية في أكثر من بلد عربي انتهت إلى فوضى وصراعات تدَخَّل فيها القريب والبعيد، وتشكلت على إثرها خرائط وسياسات، ولم تنجح أغلبها في تسليم قِيَاد الحكم بالسلاسة الممكنة، حتى انتهت إلى صراعات تُبَارِزُ على حافة الوجود… !

فلقد تم التدبير بحنكة سياسية خاصة فيها الكثير من المناورة الميكيافيلية، ملفَّ التواجد الإسلامي في الحكم، والذي لم تؤثر في انتزاع امتداده الجماهيري، وصلابة تواجده السياسي، كل محاولات الأغيار المناوئين، التي وظفت كل الوسائل الدنيئة في حربها القذرة ، ضد هذا “المارد” الذي بدأ يتحرك من قمقمه، ويُحْرِج المغرب الرسمي أمام عالم بدأ يرتب علاقاته البينية على مشترك الحرب ضد الإسلام السياسي بمختلف تلويناته الفكرية، وقناعاته السياسية؛ المتطرفة منها والمعتدلة.

إذ لم يعد العالم مع ترامب الأمريكي، وبوتين الروسي، ونتانياهو الصهيوني، والأصوات المتطرفة في الغرب الديمقراطي، والشرق الحليف، يقبل بشيء إسمه:”إسلامي”. كما لم يعد يرضى لعلاقاته الديبلوماسية، والسياسية، وشراكاته الاقتصادية مع الأطراف العربية أن تُوَقِّعَ على موائد يحضرها أصحاب “المشروع الإسلامي”، وإن كانت ممارساتهم السياسية ظلت وفِيَّة لقاعدة المشترك الذي لا يفسد لِوُدِّ العلاقات البينية قضية.

مُمَانَعَة.. فاستسلام!

لقد أصبح أصحاب “المشروع الإسلامي”، من التيار المعتدل، الذي دخل اللعبة على قاعدة شروط الممارسة التي تجمع الجميع، وتشكل ميثاق العهد الفاصل بين الولاء التام والجنوح المُنْبَتِّ، غير مرغوب فيه، مهما حاول أن يثبت بالواقع والملموس أنه قد تخلص من ماضيه “الرجعي”، وأحسن توبته، وصدق في مراجعاته. إنها الكلمة الأخيرة التي يململها المغرب الرسمي في مواجهة هذا “المارد” الذي لم تؤثر فيه قراراته اللاشعبية، وتلكؤه عن التزاماته في محاربة الفساد والاستبداد، في أن يتصدر انتخابات السابع من أكتوبر، ويترأس حكومة على المقاس، رغم محاولات التدجين والتركيع والمساومة الرخيصة التي دامت أزيد من ستة أشهر ولم تستطع أن تنال من عزيمة السيد بنكيران، حتى تم إعفاؤه وتعويضه بالرجل الثاني الذي يُسِّرت له الأمور كلها، وتمكن في ظرف قياسي من تشكيل حكومة “انتقالية” وتحت الطلب، لم يشكل فيها الحزب الحاكم إلا عضوا ملاحظا، وسط قوة الوزارات التي أسندت إلى غيره من الأحزاب والتكنقراط الذين بدوا بشخوصهم، ذات “الكريزمات” القوية، قوة حاضرة في المتداول الشعبي؛ حصاد في التعليم، وأخنوش في الفلاحة والصيد والبحري، ولفتيت في الداخلية، والتوفيق في الأوقاف،… كأيقونات غطت بقراراتها، المثيرة للجدل، على المحاولات المحتشمة للسيد العثماني وفريقه الوزاري الغائب عن الساحة الشعبية.

بداية النهاية..

إنها المحاولات الذكية لصناع الخرائط والسياسات المغربية لمحو هذا “المارد” الذي كافأه المغاربة يوم السابع من أكتوبر، وتحويله إلى الهامش، بأقل الخسائر، بعد أن كان يثير الجدل، ويحمي وطيس النقاش العمومي يوم كان السيد بنكيران “يَتَبَوْرَدُ” على الجميع تحت قبة البرلمان، وفي الملتقيات، وأثناء الحوارات، وفي الداخل والخارج سواء.

إنها بداية نهاية “الأيقون” الإسلامي المغربي الذي جرب حظه مع التسيير الحكومي لولاية حكومية كاملة شكل فيها الحدث الوطني والدولي، وكاد يقفز إلى التجربة الأردوغانية “يلاعبها” في هذا البلد، لولا التدخلات التي قزمت من حضوره، وحولته إلى أثر على طريق الانمحاء.

نعم، لقد كانت أولى الأخطاء السياسية القاتلة التي سقطت فيها حكومة العثماني، أو أريد لها أن تسقط فيها، هي بلاغ التخوين الذي صدر عن الأغلبية ضد حراك الريف الذي كادت شرارته تنطفئ، قبل أن يتحول إلى السرعة القصوى في المواجهة وفرض الشروط، وما تلا ذلك من استفزازات، واعتقالات، مما لم تعد معه، فيما يبدو، إمكانية للملمة الوضع رغم أن الحلول المقترحة من الحكومة، التي لم تعد قادرة على إيقاف الهبات الرافضة، لم تستطع أن تقنع شبلا من أشبال الحراك بصدقها بعد أن فقدت الجماهير المنتفضة ثقتها في الحكومة العثمانية، وانضافت المطالب الحقوقية إلى المطالب الاجتماعية والاقتصادية بعد الاعتقالات الأخيرة التي أظهرت القصور التام للحكومة أمام الاستجابة لها، وأصبح الملف بيد الملك الذي يعتبر الشخص الوحيد القادر اليوم على حل الملف، وإنصاف المنتفضين.

ختاما.. الضريبة المُرَّة!

لكن الضريبة المرة التي سيؤديها إسلاميو الحكم، وعلى رأسهم السيد العثماني، كثمن لهذا الحل المضمون، في اعتقادنا، هي ذات الضريبة التي أداها السيد بنكيران جراء مقاومته لسيناريوهات تشكيل الحكومة، ووقوفه ضد التحكم. وهي التحييد من ساحة الحكم، بعد أن يُحَمَّل مسؤولية الفشل في تدبير حراك شعبي كاد يجر البلاد إلى المجهول(!!). وهو أحد السيناريوهات الأكثر ورودا في هذه الظرفية الإقليمية والدولية الخاصة.

فالدولة المغربية قادرة على حل ملف الحراك في أي لحظة، ودون مخلفات، ولكن استمراره، سيخدم أصحاب الأجندات المناوئة، الذين ينتظرون رفع السيد العثماني للراية البيضاء، والإعلان عن عجزه في تدبيره، ومن تم سيسهل الإطاحة به، واستبداله، في الوقت المناسب، بمن سيُعان على حل المشكل في الظرف القياسي، تماما كما حُلَّ مشكل “البلوكاج” الحكومي بالسيد العثماني؛ سواءً بسواءٍ!.

إنها ضريبة التمسك بالسلطة التي سيؤديها “إسلاميو الحكم” في المغرب، بعد أن أصبحوا طيْفاً غير مرغوب فيه، وأصبح بقاؤهم في السلطة مسألة وقت ليس غير، في ظل عالمٍ قرر فك الارتباط مع إسلاميي الحكم، وأصدر حكمه النهائي، غير القابل للطعن، بإعدامهم السياسي!.

دمتم على وطن..!!

‫تعليقات الزوار

9
  • himself
    الخميس 29 يونيو 2017 - 12:37

    Puisque vous – "Islam Politique" comprenez tous ces trucs, et vous avez depuis le début vus les "pièges" qui étaient tendus pour vous laminer, pourquoi avez vous accepté de jouer le jeu
    Il faut appeler un chat un chat, vous êtes comme tous les autres, vous êtes la pour profiter, et quand vous êtes arrivé en fin de course, vous avez commencé à chercher des excuse

  • Ait talibi
    الخميس 29 يونيو 2017 - 14:22

    Non seulement cet islam politique du PJD cherche des excuses mais sa fraction qui est fidèle au populiste de Benkirane allume le feu au rif. Alors que leurs chefs BenKiran est en premier lieu la cause des émeutes au rif.C'est sous son gouvernement que les ministres ont refusé de financer les projets de Houseyma manar almotawassit.

  • Ibrahim
    الخميس 29 يونيو 2017 - 15:05

    حراك الريف مجرد ذريعة ! البيجيدي يحتضر منذ فوزه للمرة الثانية وأيامه معدودة !
    هكذا يريدون له اصحاب القرارات الفوقية!
    قضاو بهاد الحزب الإسلامي عرض سياسي ظرفي وكذالك دوزو على ظهرو إجراءات لا شعبية بحال الزيادات المتتالية في بعض المواد ..ودبا غادي يطوقوه ويضيقو عليه المنافذ حتى يفهم راسو ويحط السوارت!
    ثم يرجعوننا الى حكومة تيقنوقراطية انتقالية تمهد البلاد للاقلاع الاقتصادي المنشود منذ الاستقلال….!!!

  • من مكر القدر
    الخميس 29 يونيو 2017 - 15:35

    هذا هوموضوع الساعة. ويبدوأن الكاتب سقط في أحابيل التعميم من خلال إسقاط مآلات نماذج أفرزها الربيع العربي على الحالة المغربية، وذلك دون مراعاة حالة الإستثناء باعتباره تأكيدا للقاعدة، فقام منذ البداية بمصادرة على الجواب على السؤال الذي طرحه في شكل عنوان. والإستثناء هنا لا أعني به ذاك الإستثناء الذي لا تنفك الدولة تتشدق به عبر الأصوات والأقلام المستشرية، بل أعني به مكر القدر المتربص بكل مكر … ومن يعتقد أن العدالة والتنمية ستهوى ومعها التقدم والإشتراكية وفق ما هو مخطط لهما وكما هو مرتقب … فإنه لم يستوعب بعد أن حراك الحسيمة بوصفه ردة فعل لم تكن في الحسبان إنما يحمل في ثناياه من حيث لا يدري تحذيرا للدولة العميقة أنها ممكن أن تنهار .. وفي رمشة عين.

  • متسائل
    الخميس 29 يونيو 2017 - 21:24

    كان عليك ان تقول : هل سيطيح إسلاميو البلد الدين هم خارج الحكم ، بتحريكهم لمحرك الحراك الريفي ، بإسلاميي الحكم ؟
    لقد اعتاد الإسلاميون اختيار الأيام الدينية بدقة لخلق البلبلة ، أيام الجمعة و اليوم يوم عيد الفطر و سموه اليوم الدموي ، حسب الصور و الفيديوهات كان هناك عشرات من الشباب في مواجهة رجال الأمن بينما 400 ألف مواطن مغربي في الحسيمة يحتفلون بعيد الفطر ، ففشل المحركون في الوصول إلى هدفهم بل رأينا مصابين ملتحين أصيبوا بجروح نقلوا في سيارات و يصيحون الله أكبر .
    من يحرك المحرك إذن ؟
    يبررون الحراك في الحسيمة بالتهميش و الفقر و كأننا نحن في بقية القرى و المدن عايشين في النعيم ، شبابنا في المغرب كله يعانون التهميش و تركوا عرضة للمخدرات و الحشيش الذي يأتينا من الريف للأسف.

  • عابر سبيل
    الخميس 29 يونيو 2017 - 21:47

    في الأسبوع الثاني من رمضان سبقت الأحداث وتطرقت لهذا الأمر وقلت مايلي:يبدو ان أحداث 2011 التي عرفت ميلاد 20 فبراير بموجب موجة الربيع العربي قد تركت الدولة تستنزف جميع أوراقها الناعمة من كتابة دستور إلى تفكيك الحكومة والبرلمان والتسريع بالإنتخابات واليوم أصبح من الصعب القول أن الحراك دعوة إنفصالية او خطة مدروسة لاسقاط الإسلاميين بل مطالبه مشروعة ونضاله سلمي والحل هو الإستجابة له بقدر الإمكانات المتاحة،ونتمنى ألا يتم موجهته بالمقاربة الأمنية او بخطط ترقيعية كإسقاط العثماني الذي لم يتورط في الفساد وتبديله بوجه أخر لأن كل الوجوه سقطت في أعين الجميع ومنذ عشرين فبراير ،ولهذا عليكم محاسبة كل مسؤول على المفسدة والتسريع بالتنمية وبارك الله في الصالحين الاوفياء لخذمة الدولة بصدق وبرك في كل مناضل يحب العزة والكرامة والإصلاح والخير للوطن والملك والشعب

  • محسين لامنتمي
    الخميس 29 يونيو 2017 - 23:08

    فعلا سقوط الحكومة أصبح حديث الساعة والأكثر على هذا أصبح علف يتغذى على موائده خصوم بيجيدي اليوم،لكن بعيدا على تأجيج العواطف أو ذغذغتها من طرف التيارات المتذاخلة ومتفرقة في الوقت نفسه على المصالح، هل سيكون سقوط الحكومة مع سقوط الوجوه القديمة ومحاسبة الفاسدين أو سقوط العثماني في إنتظار إعادة إنتاج سيناريو 2011 وهذه المرة ليس إلى ما بعد 20 فبراير بل ماقبله حيث تبدأ سلطة العاىلات الرأسمالية ومعها الأحزاب المخابراتية وأخرى المصنوعة تحت نظرياتهم بوجه شبابي في إيقاذ المغاربة من النوم بعد شهر عسل إستغرق ست سنوات

  • عمر 51
    الجمعة 30 يونيو 2017 - 08:20

    جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة [حـَرك]: [الحـَراك ] بفتح الحاء وليس بكسر الحاء.
    حرك : الـحَرَكة: ضد السكون، حَرُكَ يَحْرُك حَرَكةً و حَرْكاً و حَرَّكه فَتَـحَرَّك، قال الأزهري: وكذلك يَتَـحَرَّك، وتقول: قد أَعيا فما به حَــرَاك، قال ابن سيده: وما به حَــرَاك أَي حَرَكة؛ وفلان ميمون العَرِيكةِ و الـحَرِيكة.
    وجاء الحـَراك بفتح الحاء , وليس بكسر[الحاء ] ــ كما تنطق به أغلب أفواه الناس, التي لا تقيم وزنا, ولا قاعدة, ولا فهما, ولا تملك قلوبها حسا لغويا, وعقولها تفكيرا, وليس لذويها في بيوتهم معجم عربي واحد, ــ: في كل من المعجم العربي الأساسي الذي تبنته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم , والمعجم الوسيط المعتمد من قبل المجمع اللغوي العربي في القاهرة , والمعجم العربي الحديث (لاروس) الذي استغرق صاحبه ومؤلفه في إيجاده لإصلاح الأفواه المعوجة , وفي مقدمتهم الذين يدعون مهنة الصِـحافة بكسر الصاد, و ليس[بفتحها ]ـ 20 عامــاـ.

  • هشام
    الجمعة 30 يونيو 2017 - 21:51

    لن ينتهي مد الاسلام السياسي مادام اغلبية المغاربة يرون في دين الاسلام كمنهج سياسي صالح للحكم.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة