الجزء الأول
هذا المقال سأعرضه في صورة الشهادة، أقدمها شهادة للتاريخ وشهادة على بعض العصر.
من أجمل وأسمى ما يجتمع عليه بني الإنسان، هو نشدان الحقيقة، وتحري هذه الحقيقة، حتى تكون إرثا متداولا بين أجيال الإنسان، يقرؤون من خلالها حركة التاريخ، واقعا وأحداثا ومنعرجات، ويستنبطون من خلالها الحكمة، فالحكمة هي الوجه الأخر للحقيقة، ¨ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ¨، ولا شيء أبأس ولا أقبح سلوكا من طمس الحقيقة، إذا كان متعمدا ومقصودا، لأنه سلوك يضلل ويصد الناس عن نبع الحكمة.
يصر السيد بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية، على الترديد بمناسبة وبغير مناسبة، أن سنة التحاقه وإخوانه بحزب الدكتور عبد الكريم الخطيب، هي سنة 1992، وليست سنة 1996، كما يعرفه الناس، والأشهاد، ويذكره العهد، وما بالعهد من قدم.
وما يردده بنكيران ليس صحيحا بالمطلق، إذ الواقع أن التحاق الإسلاميين ، ممن كان بنكيران معهم، بحزب الحركة الشعبية الدستورية للدكتورعبد الكريم الخطيب، كان سنة 1996.
ففي بحر هذه السنة، ومن أجل الولوج للحزب المذكور بكثافة عددية، كما كان يطلب ويشترط ذلك الدكتور الخطيب، جرى توحيد مجموعتين إسلاميتين هما جمعية الإصلاح والتجديد ، التي كان على رأسها: بنكيران ويتيم وبها والعثماني، وجمعية رابطة المستقبل الإسلامي، والتي كان على رأسها: أحمد الريسوني وعبد الرزاق المروري، وأسفر التوحيد عن تأسيس جمعية حركة التوحيد والإصلاح، لتكون رافعة للانطلاق الجديد لحزب الدكتور الخطيب.
وفي بحر هذه السنة أيضا، انعقد مؤتمر الحزب الذي عمد التحاق الإسلاميين بشكل رسمي واحتفالي، بعد أن كان ٱخر مؤتمر في تاريخ هذا الحزب، هو ما تم عقده يوم 20 ديسمبر 1975.
وفي بحر هذه السنة أيضا شارك هؤلاء الإسلاميون، بشكل رسمي وسياسي، وباسم حزب الدكتور الخطيب، في أول محطة سياسية، على طريق انخراطهم في العمل الحزبي، شاركوا بموقف التأييد في استفتاء مراجعة الدستور بتاريخ 24 سبتمبر 1996، ودشنوا بذلك أول فعل سياسي في تاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب منذ انطلاقها سنة 1966.
وحتى وإن كان بنكيران يكرر دوما ويعيد بأن تاريخ البداية لحزب العدالة والتنمية هو سنة 1992، فإنه ينسى ويصحح ذلك لنفسه وللناس، حينما يصرح بأن الملك الحسن الثاني أمره وجمعيته جمعية الإصلاح والتجديد، بواسطة مستشاره أحمد بنسودة، أمرهم سنة 1993، بعدم المشاركة في الانتخابات، كما ورد على لسانه أمام الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب المنعقد أخيرا.
وهذا ما يؤكد بالحجة والدليل، المنساب على لسان بنكيران، وبشهادة منه، على أنه وجمعيته جمعية الإصلاح والتجديد، كانوا سنة 1993 مستقلين عن حزب الدكتور الخطيب، وغير منتمين إليه ولا منخرطين فيه بعد، وإلا فقد كان من المنطقي والموضوعي والسليم والمستساغ صدقا وعدلا، أن يبلغ بهذا الأمر، رئيس الحزب وهو الدكتور الخطيب ، لا أن يبلغ به المرؤوسون سواء، كان بنكيران أو غيره.
ولقد بات معلوما في التاريخ السياسي المغربي، والذي توجد الملكية بدعامة إمارة المؤمنين، في القلب منه وفي الصدارة فيه، بات معلوما أن الحركة الإسلامية، وولوجها المجال السياسي، لم يكن من الشأن المتروك حبله على الغارب، ولم يكن في معزل عن إرادة النظام السياسي في البلاد، ولا في منأى عن رقابته، إذ أن الحقل الديني برمته يقع تحت مظلة إمارة المؤمنين، إشرافا وتحكما ونفوذا وتقريرا.
وإذن فليس هنالك من داع للحرج من النشأة، ما دامت النشأة من الامتدادات الطبيعية التي تتسق والتطور التاريخي للنظام السياسي المغربي الذي أصبح يتسامح ووجود الإسلاميين في المشهد السياسي.
ويبقى السؤال المعرفي الموضوعي: كيف ولماذا نشأ حزب العدالة والتنمية؟
ففي سنة 1996 وعندما انتهى الملك الحسن الثاني من مفاوضة المعارضة السياسية على أساس الشراكة في حكم البلاد، وفي صلب هذه المعارضة، حزب الاتحاد الاشتراكي الحزب الوريث للقوى المناهضة للنظام السياسي، وعندما قرر الحسن الثاني منح صدارة الحكم لهذا الاتحاد الذي كان هو قلب اليسار المغربي وعقله وسواده الأعظم، وكان في بداية تاريخه يواجه النظام السياسي في طبيعته وفي نسقه الملكي، وقد كان هذا القرار الملكي التاريخي من أجل حماية الاستقرار السياسي وضمان استمرارية النظام السياسي.
وفي هذا المنعطف التاريخي، بادر الملك الحسن الثاني إلى اتخاذ قرار استراتيجي آخر يعزز به قرار منح صدارة الحكم للمعارضة الاتحادية، وذلك حفاظا على التوازن السياسي بين القوى، كدعامة أساسية للاستقرار والاستمرارية، وهو القرار التاريخي الذي ضمن للإسلاميين اللحاق بالركب السياسي، بإلحاقهم وإدماجهم في الحياة السياسية، عبر بوابة الحركة الشعبية الدستورية، وتحت وصاية ورعاية ورقابة الدكتورعبد الكريم الخطيب، الزعيم الوطني في حرب التحرير وشيخ المدافعين عن المؤسسة الملكية.
وعبر هذا القرار الملكي التاريخي بضمان توازن القوى، خرج الدكتور الخطيب إلى الساحة السياسية من جديد، بعد أن كان متواريا في غمرة الكمون والحياد، وخرج لإنجاز وضبط المشروع الخطير، مشروع تسييس الإسلاميين، وهو المشروع الذي كان يتشبث به منذ 1967، ويرى من خلاله قيام الحزب الإسلامي كوسيلة للدفاع عن المؤسسة الملكية والثوابت الدينية للمملكة، في مواجهة زحف الحركة الاتحادية ومخاطر اليسار، غير أن الحسن الثاني كان يمانع في ذلك ويتحفظ عليه.
وهكذا أصبح المشهد السياسي الجديد قائما على التوازن السياسي، بإدماج اليسار التقليدي: الاتحاد الاشتراكي في السلطة والحكم، وبإدماج جزء من الحركة الإسلامية في المشهد السياسي، التوازن بين القطب الذي يقوده عبد الرحمان اليوسفي زعيم المعارضة اليسارية والحركة الاتحادية المناهضة سابقا للحكم الملكي، والقطب الذي يقوده عبد الكريم الخطيب زعيم الدفاع عن المؤسسات الدستورية والفاعل التاريخي في تعزيز المؤسسة الملكية بالمرجعية الدينية ومؤسسة إمارة المؤمنين.
وإذن فقد نشأ حزب العدالة والتنمية في أحضان إستراتيجية وطنية تبتغي تحصين الاستقرار السياسي عبر سبيل إحلال التوازن في البلاد بين القوى والتيارات السياسية، وقد تأتى لفريق من الإسلاميين أن يخدموا هذه الأهداف الوطنية بالتفافهم حول الدكتور الخطيب وهو رجل الدولة، ورجل المؤسسة الملكية، وابن دار المخزن وابن الحركة الوطنية وابن الكفاح الجهادي التحريري.
:الترحال السياسي لبنكيران:
-تعاطف مع الشيوعيين 23 مارس
-إنضم إلى حزب أمه "الإستقلال"
-تم طرده من حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بتهمة التخابر للمخزن "تشكامت"
-إنضم إلى الجماعة الإسلامية التي قتلت المناضل الشهيد بنجلون
-قضى شهرا نافذا في السجن بعد إحتفاله وانتشائه بقتل جماعته للشهيد بنجلون ويصفه ب"الكلب الأجرب"
-إنضم إلى الحزب المخزني للخطيب طبيب الملك،الحركة الشعبية الدستورية وتوسل للخطيب (بشهادة "مهندس" خروج PJD إلى النور،الدكتور العقباني) للإلتحاق بالمجاهدين في افغانتسان المموليين والمدربين على يد المخابرات الامريكية ,CIA (الطالبان لاحقا)
-بايع المرشد العام محمد عاطف بمناسبة موت الخطيب (النص الدليل لا زال منشورا على موقع الإخوان المصري ikhwanwiki)
والآن بعدما أعلن رسميا عن مخزنيته وتفانيه في خدمة المخزن ومصالحه ضدا على مصلح ومطالب الشعب، أعطى موافقته على منع المسيرة السلمية للحسيمة
ليس في القنافذ من أملس، كل الإسلاميين انتهازيين، يتاجرون بمعتقد السذج من أجل الوصول إلى مصالحهم. انها مكيافيلية خبيثة نتنة
KK
ما رأي السيد العماري أني كنت عضوا لأول مكتب إقليمي لحزب الحركة الشعبية الدستورية بكلميم سنة1993.وقد جرى حينها التأسيس بحضور السيدين ابن كيران و الوكوتي رحمه الله و كان ذلك خلال شهر رمضان المبارك هذا يعني أن التحاق ابن كيران ورفاقه بحزب الخطيب كان قبل هذا التاريخ.
سواء التحق قبل او بعد 69 فالأكيد ان الإسلاميين نفخت فيهم الروح بأمر من الحسن الثاني وعبر جِبْرِيل القصر الدكتور الخطيب للتضييق على اليسار يوم كان في أوج عنفوانه وكان قد بلغ مرحلة الندٰية في التعامل مع الحسن الثاني وإزعاج النظام ، كانت القامات السامقة من عيار عبد الرحيم بوعبيد بنسعيد آيات إيدير واليوسفي امدّ الله في عمره وقبلهم الشهيدين بنبركة وعمر بنجلون بعد ان لم ينفع معها بطش ولا تنكيل ولا منافي ولا اغتيالات تفتقت العبقرية المخزنية عن ملأ الساحة وتأثيتها بالأراجوزات الاسلامية وتمهيدا تم الاجهاز على المقررات الدراسية كمادة الفلسفة التي تشحد الذهن وتزهر بذرة الفضول والمعرفة لتعوض بالمواد الاسلامية كما انتشرت اللحى في رحاب الجامعات لتحجيم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب العتيد في دور أشبه بدور بنكيران وزمرته من الفرّاشة السياسيين الذين احتلوا المشهد السياسي للتشويش على الضمائر الحية ، الدكتور الخطيب نگًّافة القصر تكلف بتدجين الإسلاميين والذين كانوا على كل حال جاهزين ولا يحتاجون تدجينا كما سبق له ان اشرف على تدجين جيش التحرير وإدماجه في الجيش الملكي حتى يستفرد النظام بالرؤوس المتنطعة
شكرا جزيلا أخي عبدالله على هذه المساهمة الطيبة في نشر حقائق التاريخ باعتبارك شاهدا على العصر
وشكرا هسبرس
المواطن المغربي في أمس الحاجة إلى مسؤولين أو كتاب أو صحافة تلامس وبالواضح الوضاح المشاكل
والصعوبات التي يتخبط فيها من أجل المعيش اليومي لكن الكل وأعني بهم المسؤولين والكتاب والصحافة يلهثون وراء الحصول على الأظرفة المشبوهة للتغاضي عن التستر عن الأفعال المشينة وأمل المواطن الوحيد هو المؤسسة الملكية وبصيص أملها .
إتقوا الله في الوطن وكفى من الركوب عليه وتذكروا جيدا هذا النطق السامي .