اللاقانون و"شرع اليد" والفوضى في البلاد .. إلى متى؟

اللاقانون و"شرع اليد" والفوضى في البلاد .. إلى متى؟
الأحد 17 شتنبر 2017 - 04:34

مطاردة هوليودية تلك التي عاينها مجموعة من المواطنين -وكنت واحدا منهم- وكان أبطالها مجموعة من سائقي سيارات الأجرة الكبيرة، أو كما يطلق عليها بالعامية “الطاكسيات البيضاء”؛ وذلك وسط مدينة الدار البيضاء، حيث طاردوا شابا في مقتبل عمره من سائقي السيارات التي تشتغل بنظام Uber، وحالما تمكنوا منه أوسعوه ضربا واعتقلوه، وهددوا كل من يصور بهاتفه المحمول بالضرب؛ وكان الجو المسيطر فعلا يشي بغياب القانون جملة وتفصيلا، وكنت واحدا ممن طالهم من الشتم والكلمات النابية جانب، وذلك لاعتراضي على ما يقع.

إن غياب الردع لهؤلاء يجعلهم فعلا يستقوون على الكل، وفي مقدمتهم المواطنون، فأنا أتذكر ذات صيف، إذ جئت عبر القطار من فاس إلى الدار البيضاء، ونزلت في محطة القطار الوازيس، وبقيت رفقة أسرتي ما يناهز ساعتين، حتى اضطررت إلى أن أتصل بأخي ليأتي ويأخذني؛ فالمساومة هي السمة الغالبة في تلك المناسبات …إضافة إلى عديد الأمور التي تجعل المرء يطرح التساؤل التالي: هل هؤلاء الناس فوق القانون؟.

الحدث الثاني الذي يجعل الإنسان يتساءل عن حال القانون في هذه البلاد السعيدة هو الدخول المدرسي.. إن ما تقوم به بعض المدارس الخصوصية هو الإرهاب بعينه؛ إذ تضع الأسعار التي تريد، غير عابئة بجيوب المواطنين وقدراتهم، والأنكى والأدهى أنها تلزم الآباء بشراء المقررات منها بالثمن الذي تحب..إذن ما فائدة حرفة الكتبيين؟ كما تلزم الآباء بدفع مصاريف إضافية كل سنة.. لا أدري على أي أساس قانوني يستندون؟ في غياب أي رقابة كيفما كانت.

الأب الذي بالكاد خرج من دوامة مصاريف شهر رمضان وعيد الفطر والعطلة الصيفية، ولم يجد جيبه إلى الراحة سبيلا، ها هو قد واجه عيد الأضحى الذي شكل بحد ذاته كارثة بعد أن اخضرت وتلونت بالزرقة لحوم الأضاحي، وها هو يواجه عبء الدخول المدرسي المكلف جدا.

ثالثا، أود أن أتساءل عن جدوى الحملات ضد مقاهي “الشيشة” وبؤر الإجرام..هذه المقاهي التي تؤذي المواطنين أذى شديدا لا تواجه سوى بحملات خجولة، يُكتَفَى فيها بحجز بعض قنينات “الشيشة” واستنطاق بعض الرواد… إذا كانت تلك المقاهي تعمل خارج نطاق القانون فيجب إغلاقها فورا، وإلا فليجدوا لها إطارا قانونيا تعمل ضمنه. أما اللعب على الحبلين فلا أجد له من تصنيف.

أما في ما يخص مسألة “التشرميل” فحقيقة أن المرء يؤسفه أن يقول إن الجريمة استفحلت وأرخت بظلالها على هذا الوطن؛ فلا يكاد يمضي يوم حتى تهتز أركان هذا البلد الجميل على جرائم بشعة ليس أولها الذبح من الوريد إلى الوريد، وليس آخرها الاغتصاب والتحرش المتبادل بين الجنسين. ورغم ما تبذله الشرطة من مجهود تشكر عليه إلا أنه لا يكاد يرى بالعين المجردة.

رابعا، ما هو القانون أو الإطار التنظيمي للحجاج المغاربة؟ إن العائدين من حج هذا العام يرسمون صورة قاتمة جدا عن التنظيم وعن الإشراف عليهم كحجاج، إذ تم التخلي عنهم في جبل عرفات وهم قرابة 4000 مغربي، فاضطر عدد منهم لركوب “طاكسيات” النقل السري “الخطافة” بـ200 ريال سعودي، ما يعادل 500 درهم مغربي، في حين اضطر آخرون لركوب حافلات مخصصة للحجاج الموريتانيين؛ ناهيك عن أن المشرفين أو المطوفين استغنوا تقريبا عنهم وتركوهم لمصيرهم حسب عدة إفادات.

وقد قال عدة حجاج إن المشرفين، وجلهم طلاب، كانوا ينؤون بأنفسهم عن المشاكل التي يواجهها الحجاج من فندقة إلى مطعمة إلى إرشاد وغيره…فما جدوى إرسال مشرفين يحتاجون من يشرف عليهم؟.

هذه بعض الملامح التي لا نسعى من خلالها إلا إلى تقديم صورة نسعى كمواطنين في المقام الأول إلى أن تتحول من اللون القاتم إلى لون رمادي على الأقل، ولم لا في الأفق البعيد إلى اللون الأبيض الناصع؛ فالقانون يجب أن يسود ويحكم، وكل ممارسة غير قانونية يجب القطع معها فورا وبلا تردد.

*باحث في القانون والإعلام والنوع الاجتماعي

‫تعليقات الزوار

2
  • هذا اللون من ذاك
    الأحد 17 شتنبر 2017 - 11:05

    لقد وصفتَ اشكالية تطبيق القانون وصفاً مُوفقاً بالنظر لحرصك على الاختصار. ما لم تتطرق إليه هو موضوع أسباب المشكل من ناحية علل هذه المظاهر المتخلفة واللاقانونية مُجتمعياً ومن ناحية علل عدم تطبيق القانون حكومياً.
    نحن هنا بصراحة أمام شكوى أو تشكي أو ربما نوع من الاحتجاج كما نرى ذلك عند الكثير من المواطنين وبوسائل وتحت ظروف مختلفة.
    ما ننتظره من أصحاب الأقلام هو فعل التعرية الذي يذهب ـ بعد وصف المشكل ـ إلى جدوره أي الخوض في أسبابه وعلله من أجل تنوير الرأي العام ومساعدته على الفهم وبالتالي ربما اختيار طريق للمساهمة في الحلول. فالإكتفاء بوصف المشاكل يا صديقي لا يكفي لأننا جميعاً نعرف هذه المشاكل من واقع الحال.
    نظراً لضيق المكان أُعطي فقط بعض الإشارات لما أقصد:
    نحن نعيش ضبابيةً، لوناً قاتماً في توزيع المسؤولية فكيف ننتظر أن يخاف المسؤول ـ اللامسؤول من المحاسبة ومَن هو المُحاسب أصلاً. هل الحكومة تحكم؟ هل لها سلطة على الداخلية والقضاء؟ باختصار اختلاط السلط بدل فصلها هو أصل المرض. أما عن الشق الثاني فيمكن التذكير بالحكمة المأثورة: "فساد الرعية من فساد الحكم". لنُصلح الرأس حتى يستقيم الجسد. وشكراً

  • WARZAZAT
    الأحد 17 شتنبر 2017 - 14:51

    و من سيطبق القانون؟؟!!…..''خدام الدولة'' الذين هم أكبر مافيا و عصابة إجرامية فالبلاد!…كما يقول المثل:'' فساد السمكة يبدأ من رأسها''

    سوق الطاكسيات و ''الكريمات'' من قمم الفساد و التخلف في البلاد. ما هو ذلك الشيء الذي يجعل من سائق طاكسي ذلك المخلوق المقدس و المرفوع على كل البشر. اكونو اطباء أو مهندسين نقدر نفهم الفشوش شي شوية.

    … هذا من ناحية من ناحية أخرى…

    Uber مافيا و وحش رهيب يأتي على الأخضر و اليابس. Uber ممنوع في كل الدول المتحضرة لانهم محتكرون و لا يعترفون بالحقوق العمالية و الضرائب الاجتماعية.

    كما أني اشتاق إلى أن أعرف من هو شريكهم المغربي الذي سمح لهم في غزو السوق. أكيد أنها نفس الجهة التي تتحكم في ''الكريمات''. المخزن أبطل ''كريمات'' خدامه و صغاره ب ''كريمة'' واحدة إبتلاعت السوق يتقاسمها مع البراني. ما يعني أن حرب الطاكسيات في العمق إنشقاق مخزني!!!..حرب أهلية حقيقية!!

    للاشارة…هناك ''كريمة'' أخرى شدوها صحاب الامارات تسمى ''كريم''!!!

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات