التعليم الطبقي بالمغرب

التعليم الطبقي بالمغرب
الإثنين 18 شتنبر 2017 - 12:17

لماذا أضطر إلى الدفع للمدرسة الخصوصية بداية كل موسم مبلغا ماليا مهما من راتبي، بالإضافة إلى مصاريف التأمين؟

لماذا لا أسجل أبنائي في المدرسة العمومية، كباقي أبناء السواد الأعظم من الشعب؟

وماذا يقول المواطنون ذوو الدخل المحدود ومن لا دخل لهم؟ ألا أخجل من نفسي؟ أم أن القضية فيها تميز ومباهاة؟ أم البحث عن الجودة؟

يتملكك نوع من الخوف عن أبنائك، فلذات كبدك، حين تسمع بعض الوقائع عن التعليم العمومي وعن التراخي من لدن المدرسين في القيام بواجبهم كاملا وعن التمييز داخل القسم الواحد بين من يؤدون واجب الساعات الإضافية ومن يستغنون عنها ، زد على ذلك حوادث العنف المدرسي بكل أشكاله داخل المؤسسة وفي محيطها.

ولكن هل التعليم الخصوصي يشكل بديلا عن سلبيات التعليم العمومي؟

لا تسلم المؤسسات الخصوصية نفسها من ظاهرة التمييز بين أبناء الأعيان والباقي من الناس، بالرغم من أن الكل يدفع ماله للمدير (صاحب المشروع الربحي).

فلماذا التعليم في المغرب يكرس الفوارق الطبقية؟ ولماذا يطلق يد أصحاب الرأسمال لنهب جيوبنا ومنحهم الامتيازات؟

سيقول الذي في نفسه مرض حتى في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا يوجد التعليم الخصوصي، ولماذا هذا التباكي؟

وأقول لا مجال للمقارنة مع وجود الفارق، سواء في السبق الحضاري والثقافي أو في مستوى الدخل الفردي أو في توجهات الدولة وسياساتها العمومية الواضحة الأهداف.

مدارس الأعيان تم تأسيسها بالمغرب في البداية كمستنبت للنخبة الحاكمة لتغدي الدولة بالأطر واليوم المؤسسات الخصوصية لا تقوم بالدور السابق؛ ولكنها تنهب جيوب الطبقة المتوسطة وتسهم في خلق جيل من الضباع، جيل لا يستطيع رفع التحديات عن نفسه وبالأحرى عن الدولة، جيل لا يعترف إلا بالمادة والاستهلاك السريع في المأكل والمشرب واللباس والموسيقى والتحصيل، يريد النجاح بسرعة وبأي ثمن.

إن واقع التربية والتعليم المتردي وتخلي الدولة عن النهوض بقاطرة التنوير وإنتاج الكفاءات هو من بين ما أوصل البلاد إلى ظهور جيل من اليائسين الذين ينتقمون من أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، إن هذا التوجه يؤدي إلى “تسليع المعرفة” أو “تبضيعها” وأصبح البعض يتحدث بعبارات السوق عن: “العرض التربوي” و”الطلب التربوي”… وبدورنا نستحضر كارل ماركس، رحمه الله، ونقول هذا تعليم طبقي فمن له “رأس المال” يمتص دم من ليس له إلا مجهوده العضلي والعقلي، ومن له “رأس المال” يستطيع أن يدرس أبناءه في أحسن المدارس والمعاهد والجامعات الخصوصية التي تصل فيها مصاريف الدراسة إلى مبالغ خيالية، إن هذا التوجه يؤدي إلى زرع الحقد الطبقي.

فلماذا لا ننهض بمدرستنا العمومية التي تخرجنا منها؟ لماذا لا آخذ أبنائي من الغد إليها وأنا مرتاح الخاطر والبال وأنا فخور بهؤلاء المدرسين المخلصين والمدرسات المخلصات في عملهم.

إن العبرة بالنتائج، والدليل هو أن أعلى المعدلات في نجاح الباكالوريا 2017 كان مصدرها المدرسة العمومية وأبناء الطبقة الفقيرة “البروليتارية “، لهذا على الدولة الاعتناء بالتعليم العمومي ورد الاعتبار لهيئة التدريس ومكانتها في المجتمع.

“فلولا أبناء الفقراء لضاع العلم “

*أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول بسطات

‫تعليقات الزوار

6
  • قليلا من الرحمة
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 13:11

    وان قادم من المقاطعة رأيت طفلة تبكي وبجانبها محفظتها الثقيلة سألتها مايبكيك قالت امي لم تحضر كما عادتها وهذه المحفظة اثقلت كاهلي قلت ولما لم تأتي الا بالكتب اللازمة لليوم قالت المدرسة لم توزع علينا بعد الاستعمال الزمني لاعرف اي المقررات اترك وايها احمل رجاءا هيءة التدريس اسرعوا بتحديد جدول المواد رأفة بالصغار والصغيرات .

  • مدرس للفلسفة.
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 15:04

    هذا وجه من أ وجه اليبرالية المتوحشة في بلاد الوحوش الآدمية. تحياتي أستاذ.

  • محمد أيوب
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 15:36

    وما السبب؟وأين الصراحة؟:
    يقول الكاتب:"إن واقع التربية والتعليم المتردي وتخلي الدولة عن النهوض بقاطرة التنوير وإنتاج الكفاءات هو من بين ما أوصل البلاد إلى ظهور جيل من اليائسين الذين ينتقمون من أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم.."..ويضيف:"إن العبرة بالنتائج،والدليل هو أن أعلى المعدلات في نجاح الباكالوريا2017كان مصدرها المدرسة العمومية وأبناء الطبقة الفقيرة"البروليتارية "،لهذا على الدولة الاعتناء بالتعليم العمومي ورد الاعتبار لهيئة التدريس ومكانتها في المجتمع".ليسم الأمر كما يقول الكاتب المحترم بالنسبة لأعلى المعدلات..اذ عليه أن يتبين نوع الشعب أولا وأن يرى نسبة الناجحين بين التعليم العمومي والخصوصي بدون النظر الى نقط المراقبة المستمرة..ثم ان أبناء الطبقة الفقيرة يعجزون عن مواصلة تعليمهم الجامعي لسبب بسيط وهو:المخزن..هذا العامل يتغاضى عنه الجميع اما خوفا وهذا هو الغالب،واما انتهازية..والجميع يعلم من هو المخزن ومن الذي بيده القرار..لذلك فالفجوة بين أبناء الأغنياء وأبناء الفقراء تزداد اتساعا وذلك بتزكية من هذا المخزن..فما يهم هذا الأخير هو خدام الدولة والباقي مجرد عدد لا قيمة له الا في الملمات..

  • طالب جامعي
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 17:02

    "فلولا أبناء الفقراء لضاع العلم "
    مقولة صحيحة أستادي الفاضل, نحن الفقراء من يدرس, نحن الفقراء من يمثل المملكة في المسباقات الدولية في جميع المواد العلمية و الأدبية, وكدى في الاختراعات.

  • طنسيون
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 19:01

    المشكل ليس في عمومي أو خصوصي بقدر ما هو في رؤية ومنظور تعليمي يحقق متطلبات الجودة والتنمية المستديمة لقطاع يعتبر ركيزة و أساس التنمية والتطور لمجتمع متحضر ومنتج للراسمال البشري و للثروة، فبنجاحه يتطور الاقتصاد وتنهض الثقافة وينتشر الوعي وتتطور العلوم والفنون وتنمو به مفاهيم الهوية والانتماء والمواطنة لتلتحم بينها حول الوطن وتصير مشروعا عمليا وفعليا على أرض الواقع. فهل منظورنا التقليدي المتخلف للتعليم حقق شيء من هذا ؟ طبعا لا، فتعليمنا مصنفا في آخر اللائحة حسب مؤشر التنمية وجودة التعليم في دافوس 2017 . إذن ما هو الحل ؟ الحل هو تغيير هذا المنظور بمنظور عصري على غرار ما هو عليه بالدول المتقدمة التي طورت وحسنت من جودة التعليم العمومي ومردوديته مما دفع بالقطاع الخصوصي إلى التنافس على الابتكار والإبداع لمشاريع تربوية جديدة ومواكبة للعرض ومتطلبات المجتمع ورغباته في التنمية. وبهذا يصير التنافس المتكافئ الفرص على الجودة معيارا للتنمية المستدامة.

  • متتبع
    الإثنين 18 شتنبر 2017 - 19:25

    ردا على صاحب التعليق 03 نقول له : لا تخف لن يغلقوا لك مدرستك الخصوصية فالدولة ممعنة في التخلص من ابناء الشعب و رميهم في الشارع لكي تنهبوا جيوب ابائهم و أوليائهم .

    ليتــني أرى يوما مدرسة خصوصية تفتح أبوابها و تدرس في سبيل الله ؟

    ولدي اقتراح :

    لماذا لا تفرض الدولة على المؤسسات الخصوصية قسما لليتامى كامتياز لهم بما أنها منحت لهم امتياز الثمن الرمزي لشراء الارض و امتياز الإععفاء الضريبي ؟

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 1

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج