من أجل ولادة ثالثة لحزب العدالة والتنمية

من أجل ولادة ثالثة لحزب العدالة والتنمية
السبت 18 نونبر 2017 - 08:42

(رسالة مفتوحة إلى قيادة الحزب)

يجتاز حزبنا فترة حرجة من مساره، تكاد تكون الاولى من نوعها، بالنظر الى الظروف والمعطيات التي افرزتها، وبالنظر الى مستوى الاتفاق والاختلاف بين قيادة الحزب حول أسلوب التفاعل مع هذه المعطيات والتعامل معها، مما يجعلنا أمام منعرج ليس من المبالغة وصفه بالخطير، سيتطلب منا جميعا درجة عالية من الصراحة والصدق والجراة والشجاعة فيما بيننا لنقول الكلام الذي ينبغي أن يقال، ولاتخاذ المواقف المناسبة للحفاظ على صورة الحزب أمام أعضائه وأمام المواطنين، وإعادة تفعيل آليات التعبئة داخله ولو بعد حين.

لقد كان إعفاء الأخ الأمين العام من مهمة تشكيل الحكومة، لحظة قاسية على الحزب وعلى المواطنين أيضا، وذلك لأن هذه المهمة هي التي أطرت في العمق خوض الحزب لانتخابات السابع من أكتوبر 2016، ومن أجلها شهدت الحملة الانتخابية ما شهدته من اقبال منقطع النظير على الحزب، وعلى المهرجانات الانتخابية التي أطرها الأمين العام، وشكلت عنوانا للتلاحم بين الحزب وناخبيه، وعنوانا للنجاح في الانتقال بالاصلاح السياسي في البلاد الى مستوى تُحترم فيه ارادة الشعب، ويكون فيه لصوت المواطن قيمة واعتبارا.

ويظهر من خلال تفكيك كل الأحداث التي عرفها المشهد السياسي في البلاد، منذ بداية الإعداد لانتخابات السابع من اكتوبر، والى غاية اعلان تعيين شخصية ثانية من الحزب برئاسة الحكومة، أن القيادة السياسية للحزب بما فيها الاخ الامين العام، ارتكبت أخطاء في التقدير وفي الاشتباك، أدى تراكمها الى ما نحن عليه اليوم.

غير أن المطلوب هو النظر الى المستقبل كما أجمع عليه أعضاء الأمانة العامة في اجتماعاتهم الأخيرة، ولملمة الجراح والخسائر في أقرب الآجال، لاستعادة التوازن والانطلاق من جديد نحو غاية الحزب، لكن -بالضرورة- بنَفَس جديد وبأفق متجدد وبحماسة مرتفعة، تمكننا من تجاوز هذه الفترة الحرجة وعدم التوقف كثيرا عند مسبباتها إلا في حدود أخذ العبرة.

لقد راكم الحزب سنوات من التقدم السياسي والانتخابي بفضل الجدية والمصداقية اللتان ميزتا حضوره خطابا وممارسة، وتفوق على مكونات حزبية سبقته بالتجربة، ومكونات أخرى استمدت دائما تواجدها الانتخابي من جهات في الادارة، وبلغ هذا التقدم أوجه خلال انتخابات 2015 و 2016 على الرغم من كل محاولات التأثير على اختيار المواطنين، وأحرز حزبنا نتائج غير مسبوقة ترجمت الروح التي بثها بين الناس وعكست التقدير الذي يحظى به عند شرائح مختلفة من المجتمع.

وقد لعب الأخ الأمين العام دورا كبيرا في هذا التقدم والانتصار الانتخابيين، بما تحلى به من صفات القائد للمعركة المنفذ لأطروحة الحزب الجماعية سواء الصادرة عن المؤتمر الوطني السادس، أو المؤتمر الوطني السابع، وكان له دور فعال في ما تحقق بإشراكه للمواطنين في معادلة السياسة وتقريبها من العموم والمساهمة في مصالحتهم معها، بما شهدت به مستويات متابعة لقاءاته الجماهيرية أو لقاءاته الرسمية في البرلمان وفي غيره.

هذا الدور إلى جانب أدوار أخرى ساهم فيها أعضاء الأمانة العامة وعموم المناضلين، نقل الحزب إلى ما يمكن أن نسميه التنظيم التيار، وجعله في موقع قيادة تيار مجتمعي، وليس مجرد حزب يفوز في الانتخابات، وكان طبيعيا أن يزعج الوضع الجديد للحزب أطرافا كثيرة، منها ما تربطها بالحزب علاقة ثأر انتخابي، أو خصومة ايديولوجية، لكن أساسا مع أطراف ظلت تعتقد أنها حارسة لنموذج تقوم عليه الدولة وتقوم عليه العلاقات داخلها، ونموذج لتدبير علاقة الدولة بالمجتمع.

ولذلك كان متوقعا من هذه الأطراف اللجوء إلى مختلف الأساليب والوسائل، لكبح استمرار تدفق الروح التي خلقها الحزب وحفزها، ولم يكن من طريقة أسهل وأنجع سوى الاستهداف المباشر لرمز هذه العملية الأخ الامين العام، خاصة بعد أن حوّل رئاسة الحكومة إلى مركز قوة لصالح الحزب ولصالح الشعب.

إن ما وقع لا ينبغي التعامل معه على أنه مجرد استهداف عادٍ في السياق المذكور، أومجرد اختلاف في التقدير بين القيادة أثناء تدبيرها لهذا الاستهداف، ولا ينبغي حصر أثره في مجرد موقع حكومي أو علاقة مع السلطة أو حتى مع المواطنين بخلفية انتخابية، إن ما وقع يُسائل في الجوهر مجموع القناعات التي نعتقد جميعا أن الحزب تأسس عليها، ويُساءل مختلف الأدبيات التي أطرت الحياة الداخلية للحزب وحكمت مواقفه، ويُسائل الرهانات التي بني عليها الحزب، مما يجعل الخوض فيها يتطلب إحداث مراجعات عميقة تهدف إلى إعادة النظر في نموذجنا الحزبي كأداة إصلاحية في المجتمع وفي الدولة من خلال المؤسسات المنتخبة، وعلى الحزب اليوم أن يجتهد في ايجاد أجوبة مناسبة لأسئلة فرضتها التحولات التي تعرفها البلاد، أو تدقيق الجواب على أسئلة ظلت مرافقة لممارستنا الحزبية ومنها:

ماهي رسالة الحزب الحقيقية؟ كيف ينبغي أن تظهر مرجعية الحزب الإسلامية في خطابه وقراراته؟ كيف ينظر الحزب الى بنية الدولة وحدود المتاح فعله والمسموح القيام به للفاعل الحزبي صاحب الشرعية الانتخابية؟ هل يتابع الحزب ويرصد الخلفيات النظرية والتاريخية المؤطرة لاختيارات الدولة؟ هل ما يزال مفيدا استمرار الحديث عن علاقة الحزب بحركة التوحيد والاصلاح بمعطيات مرحلة الإحياء والتوسع (الولادة الثانية للحزب)؟ ما هو حجم التفاعل مع السياق الدولي والاقليمي المؤثرين على حركية الحزب داخليا؟ من اين يستقي الحزب معلوماته وكيف يلتقط الاشارات التي تعنيه في مجال تدخله؟ الم يحن الوقت لإعادة صياغة نموذج تنظيمي أكثر عصرنة واستجابة للتحديات التنظيمية؟

إن الخروج من المأزق الذي دخله حزبنا منذ لحظة إعفاء الأخ الأمين العام من مهمة تشكيل الحكومة بعد انتخابات 7 أكتوبر، لن يتأتى من خلال المدخل التنظيمي فحسب، المتجسد في إنجاح المؤتمر الوطني الثامن، على الرغم من أهمية هذا الرهان، لأن الأزمة أعمق بكثير من أن تكون تجلياتها تنظيمية فقط، وإنما فكرية وسياسية في الأصل، وبالتالي فإن النسخة الحالية للحزب انتهت عمليا، وسنكون إزاء ولادة ثالثة للحزب بعد المؤتمر الوطني الثامن، وعلينا أن نختار بين أن تكون هذه الولادة لحظة تأسيس لنموذج حزبي حديث ممتلك لمقومات الإسهام الحقيقي في الإصلاح السياسي في البلاد، وبين أن تكون هذه الولادة نسخة إضافية للأحزاب التي فقدت جانبا كبيرا من مصداقيتها أمام الشعب، وجعلت نفسها ناطقة باسم جهات ولوبيات نافذة في السلطة، أو قبلت أن تبدد رصيدها لتتحول إلى جماعة وظيفية، تؤدي أدوارا محددة ضمن سيناريوهات معينة تتداخل فيها رغبات الداخل والخارج.

*عضو المجلس الوطني للحزب

‫تعليقات الزوار

8
  • pijidi,satan
    السبت 18 نونبر 2017 - 09:34

    le pijidi est un parti marchand de l'islam qui cherche à être loyal au service du makhzen en remplaçant les partis créés par le makhzen,le rni,le pam, l'uc,ces partis du makhzen sont très enracinés dans les administrations qui ont le plein pouvoir et ne permettront jamais l'arrivée des obscurantistes islamistes,de plus les islamistes pijidi sont aussi pourris que les rni,le pam et l'uc,
    le pijidi est l'envoyé de satan,

  • مغربي
    السبت 18 نونبر 2017 - 13:06

    ا ختزال حزب سياسي في شخص واحد يضر اكثر ما ينفع هذا الحزب ان من شان ذلك ان يفضي الى احتكار السلطة اطول فترة ممكنة وبنفس الرؤية السياسية لان نفس الشخص لا يكون قادرا على التاقلم مع المتغيرات فيدخل في دوامة التكرار وهو ما ينافي فكرة التغيير نحو الافضل

  • MOHAMMED MEKNOUNI
    السبت 18 نونبر 2017 - 14:07

    ماذا قدم الحزب للمواطن ؟ لتكن الجرأة في إستظهارالغنائم المكتسبة من تولي السلطة ٠
    أما المرجعية الإسلامية فالفصل ٣ من الدستوركفيل بها ٠
    ليس هناك إستهداف بل هناك عدم الكفاية وعدم قدرة تحمل المسؤولة والتشبت بالغوغائية مما عجل بإبعاده لأنه ليس أهلا للمسؤولية ٠وكفى من الديماغوجية ٠

  • بالحاج
    السبت 18 نونبر 2017 - 19:59

    سي حسن لقد أهلكتم الشعب بإصلاحكم المزعوم
    لقد سببتم آلاما كثيرة ومضاعفة للفقراء والمساكين لا سبيل للخروج منها
    لو علمتم حجم المعاناة التي سببها حزبكم وأخوكم بن كيران للشعيب لبكيتم دما بدل الدموع
    نسأل الله أن يبعد حزبكم من تدبير شؤون البلاد والعباد أما ما ظللتم توزعوه علينا من الكذب فسترون حكمه يوم المحشر يا سي حسن

  • rachid
    السبت 18 نونبر 2017 - 20:29

    قضية التمديد هي في الحقيقة مسالة داخلية تهم بالاساس اعضاء الحزب وتخضع لتصوبت حر وديمقراطي وترتكز على الاستراجية المستقبلية للحزب بغض النظر عن الاشخاص.

  • غ،ص مغربي
    الأحد 19 نونبر 2017 - 00:17

    العدالة والتنمية الذي ضحى وما يزال منذ تاسيسه للحفاظ على سياسة الوسطية والديموقراطية داخل الحزب،وتبلور ذالك من خلال مشاركته في الحكومة ،وقد عبر الناخبون عن موافقتهم للحزب في الانتخابات الجهوية ٢٠١٥والبرلمانية ٢٠١٦…لكن محاولة الحزب للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي
    لقيت معارضة بكل الوسائل وبعد البلوكاج المفبرك لإخراج حكومة تمثل نتاءج الانتخابات السابع أكتوبر ٢٠١٦…
    رغم كل العراقيل حاول ممثلو الحزب المذكور في الحكومة برئاسة بن كيران ،تنفيذ بعض القرارات الصعبة للإصلاح ،ورغم كل ما يزعمه البعض من ،المعارضين للحزب ، وكل ذالك لزعزعة قوة الحزب المتفوق في الانتخابات !..وذالك لم يرضي أغلبية الأحزاب ،وأضعف قوتها…
    لكن أين هصلحة الوطن والشعب من كل ذالك!..لقد فقد الناس الأمل في انتضار الإصلاح والتغيير الذي لا زال يعاكسه البعض من السياسيين والمسؤولين لحد الان. وما حراك جهة الحسيمة الأ نتيجة واكبر دلالة على هذا التشاؤم المعبر عنه من طرف أغلبية الشعب بالمغرب…وقد حان الاوان لمراجعة جذرية للسياسة المتبعة بالبلاد…ولن تنفع أضعاف المصلحين وتغيير الحقائق لمعالجة مشاكل الشعب والبلاد ..

  • chouf
    الإثنين 20 نونبر 2017 - 06:27

    وحنا مالنا يطلع بن كيران او اي كان معركة داخلية.يبقى السؤال العريض الاجابيات ال تي اتى بها هاذا الحزب الشعبوي.نامل الخير للوطن المغرب الحمد لله في موقع جغرافي متميز وكل الدول تحبه .وتتعاطف مع الا الجارة الحسودة صاحبة المشاكل .ديروا انتخاب وطلعوا اللي اعجبكم.

  • Ismail Hariri
    الإثنين 20 نونبر 2017 - 09:51

    يا أخي صباح الخير، كل الشعب المغربي سوى أطياف لا يزالون تحت مخدر "الإسلام هو الحل" الذي ترفعه كذبا وزورا أحزاب خرجت من بين فرث ودم لبنا مخزنيا!! لا أحد يزايد على الشعب المغربي في إسلاميته، فنحن مسلمون أبا عن جد، بالوراثة والتاريخ والبرهان، لكن أن تضحكوا علينا وتستغبونا ب"صوتك فرصة لمواصلة الإصلاح" !! فهذا قلة احترام للمغاربة، ما هو المشوار الذي بدأتموه حتى تتموه؟! وأين الصقور الذين كانوا يرغون ويزبدون ويكسرون مقاعد البرلمان بضربة مثل بطل الكاراتيه؟! مالهم أصبحوا حمائم ونعائم أمام المخزن؟! وهل يتفرس المغاربة خيرا في رئيس حكومة/أمين عام على شاكلة شامبو وملين في وقت واحد كان يرسل التقارير للبصري عن الإسلاميين؟!! ثم ها أنتم هؤلاء دخلتم المعترك السياسي بدون برنامج مجتمعي، ولا رؤية واضحة حول التعليم والاقتصاد والفن ووو..إن أي حزب في أوروبا يحمل بين طياته برنامجا متكاملا لتسيير الدولة يعرضه على المواطنين ليختاروا بمحض إرادتهم البرنامج المناسب ثم يحاسبوه بعد انقضاء الأمد على مدى جدية التطبيق..أما لحى البنكيرانيين المخففة فلا يعرفون برنامجا سوى: "جئنا لتقليل الشر" ما كاين شي وجوه الشر غيركم!!

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15

البياض يكسو جبال مودج

صوت وصورة
مغاربة والتعادل مع موريتانيا
الأربعاء 27 مارس 2024 - 01:07 20

مغاربة والتعادل مع موريتانيا

صوت وصورة
المخارق والزيادة في الأجور
الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:30 8

المخارق والزيادة في الأجور

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30 3

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس