هل يعتبر نظام التصفية بمثابة تقييد محكمة النقض للمحكمة الدستورية؟

هل يعتبر نظام التصفية بمثابة تقييد محكمة النقض للمحكمة الدستورية؟
الإثنين 22 يناير 2018 - 14:14

وهل يعتبر القانون التنظيمي المحدد لشروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين مطابقا للدستور؟

تعتبر الرقابة القضائية على دستورية القوانين من مستجدات دستور 2011 بمقتضى فصله 133، وبمقتضى القانون التنظيمي رقم 86.15 المحدد لشروط تطبيقه الذي تمت المصادقة عليه من طرف مجلس المستشارين بتاريخ 16/1/2018، بعد أن خلت الدساتير السابقة من هذا المقتضى؛ إذ لم تكن للمتقاضين إمكانية الطعن في دستورية قانون مباشرة أمام مختلف محاكم المملكة، بما فيها محاكم الموضوع ومحكمة النقض والمحكمة الدستورية بمناسبة بتها في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان.

وبعد المصادقة على هذا القانون التنظيمي ودخوله حيز التنفيذ في إطار المبادرات التشريعية الهادفة إلى تفعيل مقتضيات الدستور الذي ارتقى بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية، ومكن المواطن من المساهمة في تنقيح المنظومة التشريعية وتجويد الترسانة القانونية وتنقيتها مما قد يشوبها من مقتضيات غير دستورية، سيُصبِح من حق الأفراد الطعن في دستورية القوانين، سواء تعلق الأمر بالقضاء المدني أو الجنائي أو الإداري أو التجاري بمناسبة عرض نزاع عليه عن طريق الدفع باعتباره آلية دستورية، علما أن هذا القضاء ينحصر دوره في إحالة الأمر على المحكمة الدستورية كلما دفع طرف أثناء عرض النزاع بعدم دستورية قانون سيطبق عليه ويرى أنه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها له الدستور.

وإذا صرحت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون يجب أن تتقيد وجوبا مختلف محاكم المملكة وكذا جميع السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية بالتفسير الذي تعطيه المحكمة الدستورية للقانون موضوع الدفع، وإذا كان من الثابت أن الدفع يثار بواسطة مذكرة كتابية مستقلة وموقعة من طرف المعني بالأمر أو من طرف محام مؤدى عنها الرسوم القضائية وتتضمن المقتضى التشريعي موضوع الدفع بعد الدستورية وتبين أوجه الخرق أو الانتهاك أو الحرمان من الحقوق أو الحريات المضمونة دستوريا، وأن يكون هذا المقتضى هو الذي يراد تطبيقه في الدعوى وإلا يكون قد سبق البت بمطابقته للدستور ما لم تتغير الظروف، فإن المحكمة تحيل وجوبا مذكرة الدفع بعد تفحصها والتأكد من استيفائها للشروط المتطلبة قانونا إلى محكمة النقض داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ ايداعها.

ويترتب عن إيداع مذكرة الدفع إيقاف البت في الدعوى الأصلية والآجال المرتبطة بها، فتتحقق محكمة النقض بواسطة الهيئة التي يعينها الرئيس الأول لهذه المحكمة من توفر شروط الدفع داخل أجل ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ الإحالة عليها وتحيل الدفع بعد أن تتأكد من جديته إلى المحكمة الدستورية التي ينعقد لها الاختصاص للبت في الدفع بعدم دستورية قانون داخل أجل ستين يوما من تاريخ إحالة الدفع عليها.

لكن بالرجوع إلى التجارب الدستورية المقارنة بخصوص إحالة الدفع بعدم الدستورية، نجد أن المغرب انتصر للخيار المعمول به في فرنسا والأردن، الذي تتم فيه الإحالة من محكمة الموضوع إلى محكمة النقض، وهذه الأخيرة هي التي تقرر الإحالة من عدمها إلى المحكمة الدستورية عملا بنظام التصفية، وبعد أن تتأكد محكمة النقض من جدية الدفع، علما أن هناك دولا تتم فيها الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية مباشرة وتوقف البت في النزاع المعروض عليها، وأخرى يتم تقديم الدفع مباشرة أمام المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستورية قانون أو نص أو حكم نهائي متى توفرت شروط الطعن وتم انتهاك حق دستوري.

السؤال المطروح بالنسبة لاعتبار محكمة النقض آلية للتصفية، وهو النظام الذي اعتمده المغرب وبموجبه ينعقد الاختصاص لمحكمة النقض للتحقق من جدية الطلب بقوة المواد من 10 إلى 13 من القانون التنظيمي المحدد لشروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ساري المفعول، ألا يعتبر هذا الاختصاص الممنوح لمحكمة النقض المتمثل ليس فقط في احترام الشروط الشكلية المتطلبة بمقتضى المادة الخامسة من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، وإنما يتعداه إلى البحث والتأكد من جدية الطلب، بل ورد الدفع بعدم الدستورية وتوجيهه فورا إلى المحكمة الدستورية وإلى المحكمة المثار الدفع أمامها وإلى أطراف الدفع، ألا يعتبر رد الدفع بعدم دستورية قانون من طرف محكمة النقض اعتداء وتقييدا لاختصاص المحكمة الدستورية التي خولها الدستور وحدها دون غيرها بمقتضى الفصل 133 اختصاص النظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات المضمونة دستوريا؟ إذ لا يحال عليها الدفع تلقائيا إلا في الحالة التي لا تبت فيها محكمة النقض داخل الأجل المنصوص عليه في المادة 11 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، وهو ثلاثة أشهر.

لكن وبما أن القوانين التنظيمية طبقا للفصل 132 من الدستور تحال إلى المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها لتبت في مطابقتها للدستور، فإنها ستتحرى لا محالة في دستورية المواد من 10 إلى 13 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه التي منحت اختصاص النظر في الدفع بعدم دستورية قانون إلى محكمة النقض، ومدى مطابقتها للفصلين 130 و133 من الدستور.

*محامية نائبة برلمانية سابقة

‫تعليقات الزوار

6
  • عبد الرحيم فتح الخير
    الإثنين 22 يناير 2018 - 14:48

    أنا كمواطن بسيط من ساكنة الهوامش هل يحق لي الاعتراض على تنزيل قانون والدفع بعدم دستوريته . وخصوصا وأنا المتضرر من فرض قانون أراه جاءرا في حقي كمواطن فقير أمتلك دراجة من سي 90 اشتريتها قبل اربع سنوات وفق قانون قبلت به وكنت ملتزما به . الى أن فوجءت كغيري من فرض الترقيم والرفع من قيمة التأمين ، هذا مع الزامية الحصول على رخصة القيادة . وهي مصارف فوق طاقتي وشروط ما كنت لأقبل بها لو كانت من شروط التعاقد قبل اقتناءي لدارجتي ، بل وما كنت لأ قبل بهذه الدراجة ولو كانت بألف درهم . ان أي تنزيل للقوانين يأتي سابقا لطرح المنتوج واي اخلال بهذا النظام يبقى من باب السطو والشطط في حق المواطن . وعليه أرى أن الدولة التي لاتراعي في تنزيل القوانين القدرة الشراءية والالتزامات السابقة لا تستحق ان يقال عنها دولة عادلة ، بل وتدفع المواطن للانفجار في وجهها ،فالضغط يولد الانفجار ومن لا يخاف غضب الحليم فليتوقع الطوفان … يتبع

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الإثنين 22 يناير 2018 - 14:54

    …. على دولة الحق والمؤسسات ان لاتقوم بتنزيل القوانين بأثر رجعي بل عليها وحتى تكون منصفة وأن تخص بالقوانين الجديدة المركبات الجديدة وهو مايترك للمواطن حرية القبول او الرفض لا أن تفرض عليه القوانين الظالمة وبقرار رجعي . وعليه اعلن رفضي لهذا القرار وأرى ان الدولة لم تكن موفقة في قرارها هذا حتى لو كان الهدف هو ترقيم المركبات من أجل سهولة التعرف على من يقوم بالمخالفة ويفر من موقع الحادثة وأطالب ان يكون ثمن هذه اللوحات رمزيا ودون تحايل لاستنزاف الجيوب المستنزفة أصلا .

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الإثنين 22 يناير 2018 - 15:48

    قد يدفع منزلوا هذا القرار بالقول ان هناك من قبل به وهو قول ينطوي على غير قليل من التدليس ووسيلة ضغط ظالمة لاخضاع القطيع . متناسين ان من سارع للاستجابة لهذا القانون الظالم هم فءة موزعي الخبز ومن يستعينون بهذه الوسيلة لحمل بضاءعهم المسوقة من متاجر الجملة واسواق الخضر ،وهم من تتراوح دخولهم مابين المءتي والثلاثة مءة درهم يوميا ولا يمثلون الا رقما قليلا من جيش من لايستعمل هذه الوسيلة لاهداف تجارية . كالطلبة والعمال وساكني الاحياء البعيدة او التي تقع خارج المجال الحضري . وعليه اكرر طلبي بان تسثتنى المركبات المشتراة قبل تنزيل هذا القانون من حتمية الخضوع لقانون لم يعرض علينا ونحن نقدم على شراء هذه الدراجات التي اصبحت لعنة بعدما كنا نخالها نعمة . فلا قدرة لنا على بيعها خصوصا بعدما جعل هذا القرار ثمنها في الحضيض ، ولا نملك أن نشتري غيرها . كل ما نقوم به هو استعمالها وايادينا على قلوبنا أن تصادر منا كلما اجبرتنا الظروف على المرور بدورية امن صادف كمينها طريقا وجب علينا سلوكه .

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الإثنين 22 يناير 2018 - 16:31

    لسنا متحاملين على الدولة ولسنا دعاة فتنة ولكن المنطق وقولة الحق تفترض فينا من باب أضعف الايمان التعبير عن القاعدة الصامتة الامية ، التي لاتملك ولاتعرف كيف توصل صوتها لمن يهمهم الامر من الجمعيات المهووسة بالشأن المحلي وكبار المسؤولين وتنبيههم لخطورة سن قوانين دون الرجوع للفءات المستهدفة . والتي ولو انها تخضع صاغرة بحكم انها تشكل الحلقة الأضعف الا انها تبقى ناقمة ويهتز ولاءها لوطن تراه غير رحيم . فسياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة على المغرب لاتخدم في شيء المصلحة العامة للبلد ككل وان فرضت الى حين ، فهي ستنهزم وستتم الثورة عليها بشكل عنيف فالصبر ليس صكا على بياض وان بدا مؤجل الدفع لأجل . ان سياسة عفى الله عما سلف التي يستفيد منها كبار المسؤولين وتطبيق القانون بالنقطة والفاصلة على المواطن الفقير لايمكنها الا ان تعمق الاحساس بالدونية وتندر بنار قودها الناس والحجارة .

  • chouf
    الثلاثاء 23 يناير 2018 - 07:01

    ما كان علاش نمشيوا بعيد.الشركة الكهرباء والماء اتقول خلص وروح تشكي.كاليك ازمان الى ظربك القايد لمن تشكي.وهلم جرا في اشياء اخرى.الله يحفظ.

  • ليلى بنعلي
    الثلاثاء 23 يناير 2018 - 16:55

    موضوع جد مهم وسيمكن المواطن من رفع الحيف عن نفسه بواسطة هذه المسطرة اذا كان القانون يتناقض مع ما يضمنه الدستور من الحقوق والحريات

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15

البياض يكسو جبال مودج

صوت وصورة
مغاربة والتعادل مع موريتانيا
الأربعاء 27 مارس 2024 - 01:07 20

مغاربة والتعادل مع موريتانيا

صوت وصورة
المخارق والزيادة في الأجور
الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:30 8

المخارق والزيادة في الأجور

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30 3

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس