الشعور بموت السياسة

الشعور بموت السياسة
الخميس 22 فبراير 2018 - 10:36

(( الناس في السياسة عادة لا يختارون من بين الحلول السيئة والحلول الجيدة، لكن بين السيئ والأسوأ))

يوسف بناش

غريبة هي ملاحظات كثير من الناس، عندما تلتقيهم في أماكن شتى، يرددون بقوة أن الوضع السياسي سيء، وأن السياسة انتهت، في بعض الأحيان أجاملهم بابتسامة بلهاء، وفي كثير من الأحيان أطرح عليهم السؤال: كيف ماتت السياسة؟ ولماذا؟ فتصطدم بأجوبة في جلها لا موضوع لها.

يبدو أن هناك نوع من الشعور السلبي اتجاه السياسي و السياسة، بدأ يرخي بظلاله على عموم الناس، فيعتقدون إن لم أقل يجزمون بأن السياسة انتهت في المغرب، كجواب عن إحساسهم العميق بالفراغ السياسي في البلاد، وهذا الإحساس الذي يسميه الروائيون “الشعور بالخواء”، أصبح ينعكس على مواقف وتصورات الكثيرين.

فالمرء قد يستنتج ظلما أو حتى عبثيا، أنه تم تهميشه إراديا، فيشعر بالإحباط، ويحكم على السياسة بالسوداوية، وبأن الليل السياسي قد أرخى سدوله على كل شيء، لذلك يستفزهم كثيرا هذا الوضع، وحتى تختلف معهم دعونا نعيد نطرح السؤال نفسه و بشكل جماعي: هل فعلا انتهت السياسة في هذا البلد؟.

لا أعتقد ذلك مادام في المجتمع حركية دائمة، أما هذا السكون فهو وضع سياسي مؤقت، صحيح أن السكون والجمود يلتهم ويهدر الزمن السياسي، أو حتى في بعض الأحيان قد يتم توظيفه بشكل إيجابي، إذا استطعنا من خلاله استرجاع أنفاسنا السياسية، غير أنه كلما طال زمن السكون السياسي، فإنه ينتقل إلى مستويات أخطر ينم عن تهديد لاستقرار الدولة.

فالكل يطرح السؤال خاصة بعد الأزمة الحكومية ثم الزلزال السياسي: وماذا بعد؟ ما البديل؟ ففي السياسة عندما نفكك هندسة وضعية معينة، علينا أن نبني مكانها هندسة أخرى، تكون بديلة لتشغل الناس، وتكون موضوعا للسياسة.

قد يقول البعض أن ذلك البناء يحتاج إلى مرحلة انتقالية، أي إلى زمن سياسي، لترتيب الأمور أكثر، وبالتالي فهم ما جرى، ويقول البعض الآخر، أن الزلازل لها ارتدادات تحتاج إلى نوع من الإدارة تنبع من أهداف الزلزال نفسه، ومن تم علينا أن نقيم الزلزال لنفهم الارتدادات ليس بمنطق الخطأ أو الصواب، بل لاستهداف التوظيف الإيجابي لهما “الزلزال والارتداد” على السياسة باعتبارها تلك الدينامكية التي لا يمكن التحكم فيها كليا، لأن المداخل كثيرة، والمتدخلين مختلفين ومتعددين، وبالتالي لا يمكن التعامل مع الوضع السياسي إلا من خلال الرمزيات والإشارات، وعلى الفاعل السياسي أن يفهمها، رغم اختلاف قدرة الفهم والاستيعاب من فاعل إلى آخر، و من طبقة إلى أخرى، وحتى من قوة سياسية إلى أخرى، بل إن البعض سيجتهد في أن لا يريد فهمها، خاصة وأن من نقائص الشعوب المثير للاستفزاز هو قدرة جزء كبير منها على النسيان السريع، أي الانقراض السريع للذاكرة .

لذلك فإن القدرة على فهم الإشارات في التعامل داخل المجال السياسي، لا يتحكم فيه فقط الوضع الذاتي للسياسي نفسه، بل وكذلك الوضع الذاتي للتنظيمات والمؤسسات، إذ في غياب رد فعل مبني على حقيقة ما وقع، والشعور بالشك في استيعاب فهم ما حصل، يسيطر الجمود الذي يهدر الزمن السياسي، بهدف ترميم ما وقع، فيصبح ذلك الصمت المريب للسياسة هو مصدر فزع الآخرين، أولائك الغير معنيين مباشرة بالسياسة أي المواطنين.

إن الشعور بموت السياسة، هو شعور قد يكون مبالغ فيه، لأنه ما دامت هناك دولة، وهناك مؤسسات، وهناك نظام سياسي، وهناك أحزاب ثم هناك فاعلين، فالسياسة لن تموت أبدا، لأن موتها قد يهدد الدولة، رغم أن أخطر ما يهدد الدولة هو غياب الإحساس بالمسؤولية اتجاه الدولة واتجاه المواطن، في حين أن أخطر ما يهدد السياسة فهو ليس فقط غياب الإحساس بالمسؤولية لدى الفاعلين السياسيين، ولكن يكمن في اعتقاد البعض منهم بأنهم وحدهم من يملكون الحقيقة وأن الآخرين عليهم أن يكونوا تابعين لهم مثل القطيع.

‫تعليقات الزوار

3
  • elle existe
    الخميس 22 فبراير 2018 - 12:04

    les oppositions progressistes ont commis de graves erreurs d'appréciation,leurs slogans sont devenus leurs politiques,car ces slogans entés dans des têtes vides deviennent des prémisses à l'anarchie,
    pendant que les opposants fabriquent des slogans ,le pouvoir préparait ses cadres dans tous les domaines pour encadrer solidement le pays,des milliers de cadres de toutes les classes sociales sans distinction ont eu accès à des hauts postes,distinctions auxquelles ils n'ont jamais rêvé,
    le pouvoir de l'ancien makhzen est devenu un pouvoir moderne,les opposants se sont retrouvés sans cadres capables de faire des oppositions saines tout en regardant avec attention le développement du pouvoir,plus que ça des anciens opposants sont devenus de hauts commis de l'état d'intérêts opposés aux slogans qu'ils propageaient,
    les gens assez naifs qui croyaient à ces slogans sont déçus et commencent à être pessimistes,alors ils disent il n'y a plus de politique,ci ,la politique existe,ils ont changé

  • ع الجوهري
    الخميس 22 فبراير 2018 - 19:50

    شيء طبيعي السي وهبي لما ينتخب هؤلاء الناس حزب لتسيير أمورهم وبعد صرف أموال طائلة أموال دافعي الضرائب و تجند المواطنين للتصويت وهم يحلمون بالتغيير وفجأتا وبعد ظهور النتائج عوض أن يسير الحزب الأول يمنح التسيير للأحزاب الأخيرة التي عاقبها المواطنون بعدم التصويت عليها بعد هذه المهزلة ماذا تريدهم أن يقولوا لك نحن لا نقول السياسة كلها ماتت بل السياسة الرديئة الفاشلة هي التي لا زالت على قيد الحياة ونريد تغييرها بالسياسة الإجابية التي تجعل من المواطن يفتخر بانتمائه للمغرب واش فهمتي شكرا

  • brahim1
    الخميس 22 فبراير 2018 - 23:53

    السياسة ماتت او انها تحتضر.. اعتقد هذا شيء طبيعي في بلد كالمغرب لماذا؟ اغلبية الشعب تقاطع الانتخابات اما لسبب عدم الاهتمام بالسياسة نتيجة كثرة الاحزاب بدون فائدة اوفسادها كما ان الامية مازالت متفشية وانشغال الشعب بقوت يومه وانعدام الشغل…الخ. علما ان هناك جهات تحاول جاهدة قتل السياسة وخلق احزاب كثيرة بل تعتبر الانتخابات مجرد مسرحية للاستهلاك الداخلي والخارجي وهذا هو المعطى الخطير في القضية. الى هنا ماتت السياسة فعلا ولا امل في احيائها الا بنشر الوعي السياسي بخطورة الموقف صراحة, دعونا مما يسمى تاطير المواطنين من طرف الاحزاب لان الاحزاب كلها انتهت وتم اختراقها خارجيا بما فيها الحزب الحاكم في البلد.. الوعي والتربية السياسية ستنطلق من وسائل الاعلام والشارع, اليس الاعلام احد اسس الحضارة الغربية وتقدمها بعد سيطرتها المالية والعسكرية؟ نعم هناك اليوم حرب مسعورة على وسائل الاعلام والتواصل لقتل السياسة وبالتالي نشر الفوضى وفق اجندة تخريبية في المنطقة العربية فعلى المثقفين والسياسيين التحرك ونشر قيم التضامن والاخوة بين كل المغاربة لان الجميع مستهدف ولان العالم اليوم يحترم فقط الاقوياء!..

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات