أسئلة حمقاء...

أسئلة حمقاء...
الجمعة 20 أبريل 2018 - 18:10

ويحدث أن “تَنزل” عليَّ الكثير من الأسئلة الحمقاء كما تنزل على حكام العرب ومسؤوليهم المشاريع التافهة، والأفكار المعاقة، والملذَّات المريضة…كأن أستيقظ ذات صباح مثلا، وعوض أن أفرك النوم من عينيَّ الكسولتين وأطرده..أجدني أتساءل بتأمل فيلسوف مراهق.

يا ترى كم من “براد” شايٍ شربت طوال حياتي الممتدة على ربع قرن من الزمن؟.

وكم من قلم “بيك” أفرغت دمه الأزرق منذ أن ولجتُ المدرسة؟ مذ ولجت الحياة دون إذن مني…؟ أليست المدرسة هي الحياة؟.

كم مرة كتبت اسمي، كاملا حينا، ومختصرا أحيانا أخرى، على الدفاتر، وفي مقدمة الكتب، وعلى سراويل الجينز الرخيصة، وعلى حيطان المدرسة وطاولاتها المنهوكة وكأنها بقايا حرب؟ في حين أنها بقايا نصب واختلاس وسلب…

أكتب اسمي وكأنه علامة ماركة شهيرة…

أسئلة إن تَبْدُ لكم إجابتها تسؤكم…

لا تحكموا عليَّ بالسفاهة، لو تفضلتم، صبرا عليَّ، فالصبر حكمة كما تقول العرب. اصبروا علي ولو قليلا لو تفضلتم، فمازالت عندي بعض الأسئلة في جيب ذاكرتي، كأن أتساءل عن عدد المرات التي “عاكست” فيها النساء، علما أني رجل بدأ “المعاكسة” منذ زمن طويل، فأنا ممن أصيبوا –ولحسن الحظ/ لسوء الحظ- بالمراهقة المبكرة، عكس جمع غفير ممن تغزوهم المراهقة والثلج قد غطى شعرهم وهجم على لحيتهم… فيرهِقون العالم بنذالتهم وانفصاماتهم…

أو أتساءل كم مرة حملقتُ طويلا في المرآة كعروس تحرس أن تفتح شهية زوجها لمعركة العمر…وغيرتُ تسريحة شعري، وابتسمت أمامها كي أرى جمال ابتسامتي، وربما بشاعتها؟.

وأحيانا أخرى أتساءل عن عدد الامتحانات التي اجتزتها طوال 20 عاما من الجلوس على الطاولة حتى تآكلت جنباتي وجنباتها…؟ وعن عدد الأحلام التي رافقت كل هذه الامتحانات والأعوام.. أحلام كانت تثقل محفظتي، أكثر من ثِقل الكتب؟.

كم من أستاذة كنت أنتبه وأركز على نهديها، ابتسامتها، قوامها، أكثر من تركيزي على المعرفة التي تخرج من ذلك الثغر الجميل؟.

كم قلت “لا” لتلميذة تصير بجمال “ليوناردو ديكابريو ورقة براد بيت” في عينها كلما اقترب موعد الامتحان؟.

ويا ترى، كم كذبت في حياتي من “نَوْبَةٍ”؟ ومتى كانت آخر مرة؟ وكم من رسالة كتبت ومزقت، أيامَ لم تكن الرسائل تنقل في أجهزة صمَّاء وتمحى بضغطة خفيفة على زر “suppr” الموجود يمين أو شمال الجهاز/الذات/ الإله…

أوَ لم تصر الأجهزة الذكية آلهة القرن الحادي والعشرين…؟

أتساءل كم من المسودَّات كتبت واستغنيتُ عنها في سلة المهملات المعلقة على مشجب الذاكرة؟.

كم مرة يا ترى كنت في الصلاة وأفكر في أشياء بعيدة عن الصلاة، أفكر في كل شيء عدا…الصلاة؟.

كم مرة نسيت السور والآيات التي صليت بها؟ وأضفت أو حذفت من الركعات؟.

كم مرة كنت أستمع إلى القرآن في هاتفي أو حاسوبي، وغيرته إلى الموسيقى أو العكس في اللحظة نفسها؟.

أو أتساءل، لمَ لمْ أقل في حياتي العامرة علاقات لامرأة يوما “أحبك” “كنبغيك”، مع أن أول كذبة يتعلمها المراهق/ة وتستمر معه حتى الرجولة فالكهولة…هي هذه الكلمة مرفوقة بنظرة كاذبة، وضحكة ماكرة أيضا…؟.

ولماذا لا أطيق أن تتأبَّط خليلتي ذراعي في الشارع، وأسمح لها أن تتأبط كلِّي، في زاوية قصيَّةٍ من الشارع نفسه؟.

أسئلة حمقاء، أعلم ذلك، لكنها تنزل على مادتي الرمادية، كما تنزل المشاكل على الأمم التعيسة، والتي تتصدرها أمتي، خير بلاد الله، وأرض “الشرفا”، هذا ما قرأناه في درس التاريخ… تاريخهم…

لا تنزعجوا لو سمحتم من سذاجة أسئلتي، فأنا أوشكت أن أنتهي منها:

أتساءل، لماذا كنت عنيدا كل ذلك العناد في أن أقترف الأخطاء؟ هل كنت أحاول أن أبيِّن للشيطان بالملموس، كمّاً وكيفًا، مدى قدرتي وجدارتي على مقارعة الأخطاء والزلات…؟.

وكم من مرة حلقت ذقني التي أحبها وأحرص على حلاقتها كل يومين، وكأني خليجي يملك بئرا من زمزم، عفوا…بئرا من بترول؟.

أو أتساءل، لماذا أنتقد العديد من الظواهر وألبس جلباب الفقيه، و”كوستيم” عالم الاجتماع، وأحلل/انتقد/أعطي بدائل/ أفسر…

في الوقت الذي كنت أنا أول من يمارس تلك الظواهر؟.

كم مرة أقسمت أن أتغير وفشلت؟.

ولماذا أنصح تلامذتي، أخي الأصغر ومراهقي عائلتي المُفرِّخة… بأن لا يدمنوا هذا العالم الافتراضي، وأنا أدمنه؟.

لماذا أنصح بأهمية القراءة اليومية ولا أفعل؟ أهمية الأخلاق، الانضباط، المسؤولية..وأنا لست كذلك؟.

لماذا يا كل العالم ننافق العالم؟.

أظن أنني أشبعتكم أسئلة حمقاء، مثلي، فأسئلة المرء انعكاس له…

لذلك أكتفي بهذا العدد، مذيِّلا إياها بسؤال أخير، مع أن أسئلتي لا تنهي عادة…

لماذا أشارككم أسئلتي الحمقاء هذه؟.

‫تعليقات الزوار

4
  • عبد الرحيم فتح الخير
    الجمعة 20 أبريل 2018 - 19:04

    أنا مجرد رقم ، مجرد هوية لرجل مثلك ، يعيش صراعك مع الأسئلة الحمقاء حينا ، والعاقلة أحيانا . أنا وإن كنت من الغوغاء ، الدهماء ، بسطاء الأرض المباركة ، ارتقيت بأسئلتي لما وراء الممنوع . سؤال الطفل الصغير الذي كنته ، عاودي من جديد . أسئلة كثيرة ما كانت لتخامر مخيلتي ، ماكانت لتتجرأ على مسلماتي ، ما كانت لتقهرني لولا داعش ، وما تفعل داعش ، حاولت أن أبعدها ، ولكنها فاقت في لجوجيتها وتصميمها قدراتي . فتحت الصفحات الإسلامية ، وغير الإسلامية ، ولازلت أسأل من خلق الإله ؟؟ سؤال الطفل صغير . فأجابني المستسلمون لاتسأل ، وأجابني الثائرون لا إله . أخي الكريم قد نموت ولايموت فينا السؤال ؟؟؟؟ من خلق الإله ….

  • جليل نور
    الجمعة 20 أبريل 2018 - 23:37

    أسئلتك يا شافعي لا هي حمقاء و لا هي سخيفة، هي أسئلة جادة جدا يطرحها، و أوقح منها، أي واحد من قرائك بخفوت و بكل تستر..بينما توجهها أنت بصوت جهوري فاضح لنفسك و للجميع في آن..تسائل الشخص الأرعن الكامن فينا، تصدمه، تحاصره في الزاوية و تصرخ في وجهه: أنت أنا و أنا أنت! لست أفضل منك و لا أسوأ، دعنا نواجه نور الشمس و ليتأمل أحدنا وجه الثاني دون مساحيق دون ابتسامة زائفة دون تكشيرة متصنعة ثم انزو مناجيا أشباحك و أوهامك أو استيهاماتك..رجاء استمر و هات ما لم تستطع طرحه بعد من أسئلة قد تطهرك و تجعلك تولد من جديد أو تقودك إلى جنون صعلوك تحرر من السؤال و من الإحساس بالذنب!

  • Tofolat zaman wa lhadir
    السبت 21 أبريل 2018 - 01:11

    Des souvenirs que nous partageons tous ; des souvenirs farfelus existentiels .

  • راحلة
    السبت 21 أبريل 2018 - 17:12

    انها ليست أسئلة حمقاء بل هي أسئلة واقعية تضرب في عمق الواقع ،لكن انت كنت مصمما على طرحها أو إخراجها إلى حيز الوجود. لماذا؟ لأنك انسان واقعي وأمثالك قليلون جدا ..كثيرون من تروج في رؤوسهم مثل هذه الأسئلة، لكنهم يدفنون رؤوسهم في الرمال ويدمنون النفاق لأنهم يخشون الوحدة والعزلة..إن من يقول الحق يسمى أحمق، يخشى ان يصبح منبودا ..اخبرني عجوز بصوت خافت عن ديانته. ..فقلت له لماذا لا تجهر ما تؤمن به علنا؟قال لي أنه يخشى أن لا يذهب أحد في جنازته …إذن فلنغرق في النفاق…لا أظن أن الصمت حكمة.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة