مسؤولية البرلمان في الحوار الاجتماعي

مسؤولية البرلمان في الحوار الاجتماعي
الإثنين 10 دجنبر 2018 - 03:16

يقوم البرلمان بالمهام الدستورية المخولة له، وفق ما تنص عليه الفصول من 70 إلى 86 منه، بمراقبة عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية.

وتعتبر مرحلة مناقشة القانون المالي محطة أساسية في مراقبة عمل الحكومة، وتقييم ما قامت به خلال السنة التي مضت وتحديد ما يتم القيام به بالنسبة للسنة الموالية.

وتتميز هذه السنة بوضعية جد دقيقة نظرا لحجم الانتظارات والمطالب التي كانت محل احتجاجات خلال السنوات الماضية، بما فيها ما قامت به النقابات أو التي تمت في بعض الجهات والأقاليم؛ وهو ما يقتضي من البرلمان أن يأخذها بعين الاعتبار، وأن يجتهد من أجل إيجاد الحلول لها.

وفي ظل هذه الأوضاع، تمت المصادقة على القانون المالي لسنة 2019 بمجلس النواب ثم أحيل على مجلس المستشارين لمناقشته خلال الفترة الممتدة من 20 نونبر إلى 10 دجنبر ليحال من جديد على الغرفة الأولى قصد المصادقة النهائية عليه.

ويعتبر الحوار الاجتماعي من القضايا الأساسية التي على البرلمان أن يعمل على إيجاد الحلول لها، بعد أن ظل في وضعية الانحباس منذ بداية سنة 2012 إلى 2016 بسبب الموقف غير السليم للحكومة السابقة. وقد استمر هذا الوضع بسبب التأخير في تكوين الحكومة خلال سنة 2017.

وإذا ما اعتبرنا القانون المالي لسنة 2018 قد مر في ظروف انتقالية، حيث أعدته الحكومة السابقة وتم تعديله بكيفية سريعة لم يتأت معها القيام بما كان يجب أن يتم القيام به حسب ما بررت به الحكومة موقفها آنذاك؛ غير أنه من غير المقبول أن لا يتم تدارك هذا الاختلال الذي ظل على ما هو عليه مما يوجب على البرلمان أن يقوم بدوره للخروج من هذه الوضعية، خاصة أن مجلس المستشارين بحكم تركيبته المتكونة من تمثيلية النقابات وأرباب العمل والغرف المهنية والجهات مدعو إلى أن يدفع الحكومة إلى تغيير موقفها.

وبالرجوع إلى مرجعيات جل الهيآت المكونة للبرلمان بالغرفتين، نجدها تتماشى مع مطالب الطبقة العاملة. وفي هذه الحالة، يمكن أن يتم تدارك الموقف عند إحالة القانون المالي من جديد على مجلس النواب بأن يتم إيجاد حل لهذه القضايا والتي سبق أن أشرنا إليها في عدة مقالات سابقة تتمثل في: تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011؛ واحترام حق التنظيم وممارسة العمل النقابي؛ واعتماد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وفق ما جاء به التشريع الدولي والوطني؛ وتطبيق تشريع الشغل بالقطاعين الخاص والعام؛ وملاءمة الأجور والأسعار؛ وتعميم وتقوية الحماية الاجتماعية؛ وحماية وتقوية رصيد الشغل.

إن هذه القضايا إذا ما تم التعامل معها بالجدية والموضوعية والانطلاق من مبدأ الحكم على الشيء يأتي من طبيعته وكنهه. ومن هنا، لا يمكن الاختلاف عليها من حيث المبدأ سواء من لدن الأغلبية أو المعارضة، وهو ما يتطلب أن يتم حمل الحكومة على أن تفتح الحوار من جديد مع المركزيات النقابية وفق ما يؤدي إلى إبرام اتفاق اجتماعي خامس قبل المصادقة النهائية على القانون المالي كخطوة أساسية اتجاه المستقبل، خاصة أن الظرفية الراهنة تفرض على الجميع أن يتجه إلى توسيع القواسم المشتركة وما يخدم الصالح العام..

وإذا لم يتم ذلك فإن حالة الاحتقان والتوتر ستستمر خلال السنوات المقبلة، بنفس ما صارت عليه منذ 2012 إلى الآن وهو أمر غير مقبول. ومن هنا، فإن البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية عليه أن يتحمل مسؤوليته؛ وهو ما سيسهم في إزالة الصورة السلبية التي يسوق لها بأن البرلمان يعتبر غرفة فقط للتسجيل يقوم بالمصادقة على ما تأتي به الحكومة من قوانين وإجراءات وتدابير. ومن الأفيد أن يكون النقاش حادا داخله بدل أن تتحول الاحتجاجات إلى الشوارع من لدن الطبقة العاملة وعلى مستوى الأقاليم والجهات.

‫تعليقات الزوار

6
  • ع - ص - فاس
    الإثنين 10 دجنبر 2018 - 12:00

    ان كانت للحوار الاجتماعي ابعاد اقتصادية واجتماعية لكونه اداة لتنشيط الدورة الاقتصادية والحفاظ على السلم الاجتماعي فإن البرلمان انطلاقا من دوره في مراقبة السلطة التنفيدية مؤهل ليس فحسب للمصادقة على القانون المالي الذي يضمن تنزيل ننائج الحوار الاجتماعي ، بل في مواكبته على مدار السنة للوضعية الاجتماعية للمواطنين والدفاع على قدرتهم الشرائية والبحث عن حلول للمعظلات الاجتماعية من فقر وبطالة وتطبيب وتعليم وصحة ..
    الحوار الاجتماعي يجب ان يتمأسس حتى يكتسب القوة القانونية والاستقلالية عن تضارب التيارات والمصالح.
    شكرا للسبد الرماح الذي عودنا في كتاباته على الدفاع عن المطالب النقابية بتجرد ودون تعصب .

  • خالد
    الثلاثاء 11 دجنبر 2018 - 17:40

    اما ان تقال الحكومة او نحن على وشك ظاهرة السترات الصفراء في المغرب

  • عبد الهادي
    السبت 15 دجنبر 2018 - 17:35

    من غير المقبول أن لا يقوم البرلمان بمسؤوليته من أجل حمل الحكومة على إيجاد الحلول للقضايا المطروحة من طرف الطبقة العاملة لكون هذه القضايا لا يمكن الاختلاف عليها سواء من طرف الأغلبية أو المعارضة وهو ماسبق أن أكدت عليه جميع الفرق البرلمانية خلال المراحل السابقة خاصة وأم جل الأحزاب الممثلة في البرلمان مرجعيتها تلزمها بذلك وهو ما يجب أن يتم قبل المصادقة على القانون المالي

  • متتبع
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 10:49

    سبق لبعض أحزاب الأغلبية أن أصدرت بيانات أكدت فيها على مطالبة الحكومة بتلبية مطالب الطبقة العاملة وبالأخص فيما يتعلق بمطلب الزيادة في الأجور حيث تبنت نفس الأرقام التي تطالب بها النقابات وهي مطالبة الآن بأن توفي بما وعدت به.

  • أحمد الاكاديري
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 12:27

    ان الوضع الاجتماعي المتأزم اليوم يعود سببه لعدم جدية الحكومة بل أكثر من هذا هي مستمرة في تبخيس دور النقابات رغم أن الوضع الاجتماعي يعيش على صفيح ساخن وانتظارات غالبية الشعب المغربي تتابع هذا المسلسل التركي الذي لا يريد أن ينتهي ونحن اليوم بصدد ادراج قانون المالية على البرلمان على الأحزاب السياسية وخصوصا داخل الأغلبية إن تتحمل المسؤولية وكفانة من ازدواجية الخطاب ما معنا إن يدعو بعض قادة الأحزاب الحكومة لتجاوب مع المطالب المشروعة للنقابات مثال إدريس لشكر ونبيل بن عبد الله رغم انهم جزء من الحكومة انه الضحك بعينيه إن استقرار الأوضاع الاجتماعية بالمغرب اليوم وعدم الزج بالبلاد في المتاهات الغير محسوبة تتطلب من الجميع التحلي بالموضوعية والخروج باتفاق اجتماعي لتجاوز كل المعيقات

  • amateur
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 12:58

    إعلاميا اجماع الاحزاب و البرلمانيين على ان عرض الحكومة هزيل سواء الاغلبية او المعارضة.
    سوف نرى خلال المناقشة و التصويت موقفهم الحقيقي

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية