آسفي... وزمن "القوق في الصندوق" !!

آسفي... وزمن "القوق في الصندوق" !!
السبت 14 يوليوز 2012 - 23:26

في آسفي التي عاصرت خلال سنة كاملة أعاصير الحراك الشعبي و أخرجت غسيل أزماتها للشارع و قدمت أرواح أبناءها في سبيل نهضة مدينة يداوون أعطابها منذ منتصف الثمانينات بالحقن المهدئة,…هي ذاتها المدينة التي يريدون اليوم خلع ثوب الحداد عنها بتنصيب المنصات العمومية و ربط مكبرات الصوت بالكهرباء حتى يصل إلى أبعد بيت في ليالي هذا الصيف,… الذي أرادوه مفتوحا على أصوات تشبه ما يصفه المغاربة في عاميتهم بـ “جيب يا فم أو قول”.

الذين يبرمجون للمهرجانات في آسفي تنطبق عليهم مقولة : “كينفخو في الجمر و هو طافي”,…فقط لأن صناع القرار في مدينة الخزف و السردين فضلوا منذ سنوات ألا يكون للمدينة مهرجان,حتى يكون بمقدورهم تعلم “الحسانة في رؤوس اليتامى”,…فمع كل سنة يخترعون مهرجانا و يستوردون وجوها من منصات “الكاباريهات” و يصرفون ملايين كان بإمكانها بناء مستشفيات و ترحيل بؤساء المدينة القديمة و ربط الأحياء المهمشة بشبكة الصرف الصحي و الكهرباء و الماء الصالح للشرب و بناء مراكز إيواء للحمقى و المشردين,…و تنظيف المدينة و إخلاء شوارعها من الباعة المتجولين,…إذاك ستكون المدينة مؤهلة لأن يكون لها مهرجان بـ “وجه احمر”.

في آسفي لا يفهم الناس كيف تعلو همة البعض في وضع المنصات مع مكبرات الصوت هنا و هناك,وكيف تصبح فجأة أموال المهرجانات موجودة,..في حين الشوارع كلها حفر و أوراش و مجاري الصرف الصحي الضخمة الموضوعة على قارعة الطريق شاهدة على فشل تدبير مدينة لم تجد بضع “بونات” من القمح و الزيت و التمر و الحليب لفقرائها أياما قليلة قبل شهر الصيام…,لكنها تجد الأموال و الملايين من المال العام لتعلقها على صدور الشيخات.

الناس هنا في آسفي يتذكرون زمن كان فيه صوت الهرم الشعري العربي محمود درويش يصدح من وسط النادي البحري,…زمن كتب فيه العملاق الطيب الصديقي مسرحيته “القوق في الصندوق” في مقهى البريد بساحة الاستقلال في آسفي,…زمن كانت فرقة المعمورة تحي لياليها المسرحية الخالدة,…زمن تناوبت فيه أسماء على خشبة مسارح آسفي زمن الاتحاد الإقليمي لمسرح الهواة برئاسة الفنان امحمد مضمون,… كبوسرحان الزيتوني و كنزة فريدو و رشدي فكار و فاطمة الركراكي,..زمن مهرجان 1983 الذي حمل مشعله الراحل محمد بوحميد مع عمالقة الموسيقى كالدكالي و بلخياط و نعيمة سميح,…وغيرهم,…حتى أحيا الله مدينة آسفي و أهلها و عاشوا يوما أصبح فيه للرداءة مهرجان و إدارة و منصة و شؤكة للتواصل و مكبر للصوت و ميزانية ليست سوى ما يسميه المغاربة بـ”الغرامة” في ليالي “القصارة”.

ما يقع لآسفي اليوم من تيه في الاختيارات الفنية ليست سوى خلاصة لما توصل إليه آبائنا و أجدادنا لما قالوا ذات زمان “تلف الرأي عند أهل الرأي و بقا الرأي للتالفين…النعاج كايتغامزو و السبوعا خايفين”,…فقط لأن الناس في آسفي تيقنوا أن المدينة التي أنجبت الحاج باجدوب و إدمون عمران المليح و أبو بكر البوخصيبي و محمد عصفور و ابن ابراهيم الفخاري و سامي المغربي و فاطمة وشاي و محمد الوديع الآسفي و طه و ياسين عدنان و ربيعة ريحان و كمال الزبدي و محمد الركاب,…وغيرهم كثير في مجالات أخرى, و لا تحمل أصغر زنقة في المدينة اسم أحدهم,…تيقنوا أن آسفي تعيش زمن “الزهايمر”,…زمن يعيش على التناسي,…زمن يحتفي بالنكرات و يدفن ماضيه من الأعلام.

“القوق في الصندوق” عنوان المسرحية التي كتبها العملاق الطيب الصديقي في مقهى البريد في آسفي, تصلح لأن تعرض اليوم,…فقط لأن الزمن الذي تنبأ له الصديقي وصل أخيرا و على عربات “القوق الفني” الذي يعرض اليوم على منصات,… بجانب “الواد الحار” في آسفي.

‫تعليقات الزوار

13
  • bazz
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 00:54

    تلف الرأي عند أهل الرأي و بقا الرأي للتالفين…النعاج كايتغامزو و السبوعا خايفين

    تذكرني بقول الشاعر الحيص بيص

    أسد بات يتقي سوْرةَ الذّئب و بازٌ يخشى من العصفور

  • من أسفي
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 01:15

    موضوع أتاح لي التعرف على الثغرات الفنية و الترقيعات التي أضحى سكانها يشتكون من سوء تدبير المال العام.
    مشكور أجي الكريم ,غيرتك على مدينتك هي تلك التي نحمل,التزام و مسؤولية الجميع.

  • فاطمة امريكا
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 04:31

    اسفي مدينة الاحلام الضائعة .

  • Jalal - Asfi
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 12:50

    Un résumé fort bien relatant l'état des lieux actuel de ma chère ville de naissance et de jeunesse! Bravo, Mahdi! malheureusement, l'époque de la Qamra n'est plus où la médina avait des portes pour ne point laisser les envahisseurs se la couler douce! Meilleures pensées!

  • عبد الإله أبو ياسر
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 14:58

    أحسنت يا السي المهدي، بارك الله فيك.
    إن أسفي أكبر من جميع الذين حكموها، أو بالأحرى أرادوا التحكم فيها.و لن يمضي وقت طويل، قبل أن تعود هذه المدينة العملاقة ، لتطفو على سطح الحياة و الازدهار من جديد.
    إن "عبقرية الجغرافية"، جعلت رجال السياسة و الاقتصاد، يدركون أهمية المكان، منذ القرطاجيين.و سيأتي، يوم قريب،بإذن الله، ليدرك صناع القرار المعاصرون، في كل مجال، أن العبقرية الحقيقية لهذه المدينة، تنبثق من أبنائها؛فيستثمروا في هذه الثروة التي لا تنضب.
    و لقد كان بعض أبناء المدينة،مثل الأستاذ الوزير عزيز حسبي،قد أنتبهوا إلى هذه الحقيقة، و حاولوا رفع شأن العبقرية المسفيوية،لاسيما في مجال الرياضيات،إلا أن محاولاتهم لم تلق الدعم.في حين، يجد مهرجان العيطة كل الدعم.
    ور غم أني أتفق معك في تقييمك للحاضر،إلا أني أختلف معك في تقييمك للماضي.إنه لا يشبه، في نظري على الأقل، الصورة المشرقة التي ترسمها له:لقد اهتم بوحميد بالثقافة، و كان وقتها عضوا في المجلس البلدي، و لكن ذلك كان على حساب مرافق اجتماعية و اقتصادية أخرى ، اكبر أهمية.
    بكلمة واحدة:إن حاضرنا الرديء و السيء،هو ثمرة لبذرة زرعها بوحميد و امثاله.

  • ملاحظ
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 17:37

    هل سنقول "صافي" و"واأسفاه" على أسفي …………………

  • fnoune
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 18:12

    merci ssi Mehdi; mes salutations comme toujours…

  • الشقوري عبدالرزاق
    الأحد 15 يوليوز 2012 - 21:50

    لن ننسى ابدا كيف كانت مدينة اسفي في السيتينات والسبعينات وكيف اضحت اليوم ..قلة من ابناء اسفي الاحرار يتكلمون اليوم عن مدينتهم ويتاسفون على ماضيها المشرق في كل ربوع المملكة.. قلة هم الدين يغيرون على الوضع الدي اصبحت تعيشه المدينة ..فانتم اخي المهدي تحملون شعلة الاسفيين الاحرار ..ابناء البلد ..فسر على الدرب ..ولك جزيل الشكر…انا من ابناء هده المدينة الدين يدرفون الدمع على ما الت له مدينتنا الجميلة…حيث اصبح الرويبضة هو السيد في هده البلدة..

  • ولد اعزيب الدرعي
    الإثنين 16 يوليوز 2012 - 02:25

    نعم=الحقيقة انه صدق من قال=ليس العيب ان تولد في اسفي=ولكن العيب ان اعيش فيها

  • قا رئ نبيه لمقالاتك
    الإثنين 16 يوليوز 2012 - 05:31

    اللا ن تغير كل شئ و نعيش زمنا اخر سمي بزمن العولمة و سلطة الصورة وتر حيل الخدمات .فلا داعي للبكاء على الطلل و النحيب على زمن ولى ولم يعد. لقد كان الشعر الجميل يملء قا عات لفقيه بن صالح ولقصر لكبير و الفن التشكيلي يؤثت اركان مدينة الصويرة و اصيلا وازمور كما ان لسطوة المسرح و الفن السا بع نصيب في تنشيط با قي المدن وكم من مسفيوي شاهد فيلم ابي فوق الشجرة بنصف درهم ان الفنون الشعبية من رقص وغناء واشكال التعبير الجسدي و الا يما ءي اصبحت اليوم من الد لا ئل الرمزية والثقا فية و الا نثروبولوجية التي تعتز و تفتخر بها الشعوب فلا غنى عنها في زمن المسخ ومهما يكن يبقى في النها ية التعبيرالانساني المحلي الحقل الفني الخالد الدي يجب استثماره و رصد اموال كا فية له وهدا ليس مجرد تيه وهديان بالله عليك لماداانت صامت على من غيروا معا لم المدينة ثقافيا وعمرانيا وشوهوا جما ليتها و ريفوها واصبحوا اغنياء العقارفيها وانت تساندهم بصمتك و تدين المسؤولين وتبرء المنتخبين وهده مغالطة كبيرة تكشف غيرتك على المدينة

  • jawad
    الإثنين 16 يوليوز 2012 - 12:22

    لا شك أن التهميش الذي تعانيه هذه المدينة العبقرية سيجعل أهلها يتطرفون في علاقتهم بالمخزن..كردة فعل طبيعية على استثناء المدينة من بعض الاوراش والمشاريع التي استفادت منها مناطق أخرى تحياتي للكاتب

  • Chleh t Asfi
    الثلاثاء 17 يوليوز 2012 - 00:26

    Merci pour l'auteur, moi je suis venu a Safi pour travailler, et j croyais qu'il s'agit d'une grande ville comme marrakeche, Jdida, Agadir, mais helas, j'ai découvert qu'il s'agit d'un grand Douar, mais les gens ils sont magnifiques.

  • ابن الداخلة
    الثلاثاء 17 يوليوز 2012 - 07:53

    ليس لدي ما أقوله أمام واقع بعرف نفسه بنفسه ,
    أسفي كباقي المدن المغربية لما يحل الشتاء تتسابق المجالس البلدية إلى ترقيع مجاري المياء لكن وما إن تبلع الأرض الماء وتقلع السماء حتى تستوي الشخصيات على الكراسي وتستولي على الميزانيات وبعدا لأهل أسفي وسحقا لمهمشيه هكذا هي المسؤولية في زمن اللامسؤولية .
    بارك الله فيك ونصرك على خصومك في المحكمة أخي المهدي

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس