أبعاد الغش في امتحانات الباكلوريا

أبعاد الغش في امتحانات الباكلوريا
السبت 28 يوليوز 2012 - 06:12

لمدة أسبوع كامل تعرض الغش لحملة قصف موسمية… كان ذلك بمناسبة امتحانات الباكلوريا منتصف يونيو 2012، وقد تزامن ذلك مع وجود وزير تعليم يتواصل مع الإعلام باستمرار…. وزير أدخل الشرطة للثانويات ومنع إدخال الهواتف المحمولة والحواسيب إلى مراكز الامتحانات…

خطابيا تم التذكير بالحكمة التحريضية “عند الامتحان يعز المرء أو يهان”… في جلسة الحكومة خاطب رئيس الوزراء الغشاشين وذكر بصيغة غير متداولة للحديث النبوي “من غش فليس منا”… في اليوم الأول من الامتحانات تأكد أن مرشحين تمكنوا من تسريب أسئلة الاختبارات على الفايسبوك… ضبط آخرون مسلحين ب “الحروز”، وأصل “الحرْز” صفحة مقاس 29 سم على 21 تم تصغيرها بآلة ناسخة ليصير طولها خمس سنتميترات وعرضها ثلاثة، تصعب قراءتها.

بعد الامتحان أعلن وزير التعليم ضبط 1390 حالة غش على المستوى الوطني٬ بل وجرى اعتقال بعض المُمتحَنين، بعضهم هدد السلامة البدنية للأساتذة المراقبين…

يرتكب الغشاش حماقته بكامل الجدية لأنه واثق أن الغش مكسب لا تنازل عنه… ويتعزز هذا الاعتقاد بفضل الإفلات المستمر من العقاب… النتيجة: انقلبت المعايير.

من يضبط في حالة غش لا يعتبر نفسه على خطأ، يلوم من ضبطه. يتوقع أن يخجل المراقب لا الغشاش. عادة يميز التلاميذ بين المراقب الطيب والمراقب الشرير. من هو الشرير؟

هو الذي يطبق القانون. ينظر إليه بأمنه “مسموم” وحقود… يعاقب بعنف لفظي أو جسدي… عادة يخشى المراقب على سلامته البدنية فيتظاهر أنه أعور…

بفضل عادة الإفلات من العقاب تزداد ثقة الغشاشين في حقهم، يعددون فوائد الغش، ومنها تقوية عضلتي العين والسمع ونشر روح التعاون وفي النهاية إسعاد الوالدين بالنجاح. واضح أن الوالدين تهمهم النتيجة بغض النظر عن الوسيلة…

من فرط الحماس دخل أعضاء مجلس النواب على الخط، نددوا بالغش بشراسة مدهشة، ساءلوا الوزير حول تفشي الغش، في رده نفى بجدية أن يكون الغش قد ظهر في عهده وأكد أن الغش قديم… كان ذلك رسالة وتلميحا عميقا لتهم الفساد والغش المتبادلة في بين نواب المجلس الذين لا يحضرون الجلسات كلهم إلا حين يأتي الملك للبرلمان…

نواب يتكلمون بلا خجل، كلهم يرفعون شعار “لا للفساد”.

فمن الفاسد؟

الجواب: إما الجميع أو لا أحد.

من حسن الحظ أن الحقيقة لا تصدر من الفم بل من الواقع، فبالتزامن مع هذا الجدل اعتقل برلماني اشترى أصوات في الانتخابات، برلمانية اشترت شقتين بمليوني دولار في باريس، تجادل وزير التعليم مع رئيس حزبه واتهمه بالكذب… والعلامة الفارقة للوقاحة كانت حين تقدم برلماني محكوم بسنة سجنا بسبب الاغتصاب، تقدم ليطرح سؤالا على الوزير في جلسة تبث مباشرة على التلفزة، وذلك ليعرف الشعب أن النائب لم يعتقل…

نسي هؤلاء كيف حصلوا على أصوات الناخبين… ولائم ومال… ويراهنون على النسيان. لأنه بعد الانتخابات كما بعد الامتحان لا يطرح سؤال من غش؟

فقط يطرح سؤال: من نجح؟

بذلك يتم التطبيع مع الغش، خاصة وأن الإفلات من العقاب مضمون إلا في حالات استثنائية. طبعا حين تكون المحاسبة موسمية يشك الناس في العدالة…

حين بثت التلفزة تصريحات رئيس الوزراء اكتشف أن مقص الرقيب غشه، إذ بث الفقرة الخاصة بحديث عبد الإله بنكيران عن غش التلاميذ الصغار، بينما حذفت حديثه عن غش الكبار… هذا الغش الذي يجري طيلة 362 يوم، غير أنه يتم تسليط الضوء على غش التلاميذ لثلاثة أيام الامتحان…

مع ذلك يتبارى الغشاشون الكبار لتقديم الدروس للغشاشين الصغار، ولا يوجد شيء يفقد أعصابي أكثر من هذه الوقاحة، وهي وقاحة تمارس بكثافة لا نظير لها هذه الأيام… يصعد الفلول ومعلمو اللصوصية المنابر الإعلامية ليدافعوا عن الشفافية…

مع الأسف صار الخجل عملة نادرة… حلت محله الوقاحة التي تدفع الزناة لرجم الزانية… لقد صار الغشاشون الكبار مضطرين لذلك… صاروا مكشوفين بشكل غير مسبوق… كشفتهم الثورة الإعلامية ووعي الشعوب ببؤسها… كلما قل الوعي الزائف وعرفت الجماهير حقوقها صار وضع مستغليها أصعب… وكلما كلما انكشفوا زادت شراسة دفاعهم عن مصالحهم… بلا خجل…

‫تعليقات الزوار

11
  • ابو محمد الكوثري
    السبت 28 يوليوز 2012 - 07:39

    لايخفى على أحد منا أن ثقل المسؤولية وتكاليفها المعنوية تجر على نزهائها الويلات في مجتمع انبرى أفراده إلى السطو على حقوق نظرائهم بدعوى الحق والظرف والسياق المجتمعي الذي انقلبت فيه القيم وتعرت فيه المبادئ وانكشفت عوراته ،والبس بلبوس مغربي خالص صار فيه الغش نزاهة وشطارة،والمسؤولية الشعبية لاتخاد القرارات المصيرية فرصة العمر لجني المال والجاه وأضحت الخدمة سيادة ،والحداثة تعري وشدود عن المجبول ،والتطرف نزاهة واستقامة،والحرية الفردية حرية جنسية دون قيد أوشرط ،والفاسق متحرر ومدني والمحافظ متزمة ومعقد، والديقراطية ديمحرامية المنهج والتطبيق ..إنه نتيجة الغش التي ترعرع عليها الفرد ووجدت تربة سهلت استنباتها من قبيل أعراف وأمثال غدت عندنا حكم وعظات مثل (مادير خير مايطرباس..سبق لا ترتاح..من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه جلس في قسمه..) والأمثلة كثيرة ..فمشكل الغش بتلويناته عندنا بنيوي شيدت عليه أمال والام شعب بأكمله تشارك الجميع مع استثناء مرفوض طبعا لأنه يصادم المألوف عندنا..من الصعب على نزهاء البلد اعادة صرح القيم المختل إلا إذا توفرت إرادة غير مغشوشة تواجة ضربات الغشاشين وتصمد محتسبة عملها لله

  • في صميم الواقع المر
    السبت 28 يوليوز 2012 - 10:33

    أولا لا يفوتني ان أنوه بجريدة هسبريس التي هي فعلا أول وأفضل جريدة الكترونية عن جدارة واستحقاق اذ تتناول مواضيع شاملة ومتنوعة ومعبرة عما يعيشه الوطن ومنها موضوع الفساد الذي استشرى وتفشى والغريب كما قال الكاتب أن الجميع يندد بالفساد فمن الفاسد؟
    فيما يخص الغش في امتحان الباكالوريا ,حصل أكبر الغشاشين على هذه الشهادة التي فقدت قيمتها وذلك بالقوة عن طريق الضغط على الاساتذة المراقبين الذين لا يتمتعون بالحماية وعن طريق الضغط على التلاميذ المتفوقين ليمرروا لهم الاجوبة الصحيحة هذا فضلا عن استقبال الاجوبة عن طريق الهاتف
    وأكبر الغشاشين لهم السلطة والثروة ويتحكمون في الرقاب والبلاد فكيف تنتظر للوطن الرفاهية والتقدم

  • الهواري
    السبت 28 يوليوز 2012 - 11:48

    فعلا ادا اسندت الامور الى غير اهلها فانتظر الساعة

  • محمد بنيو
    السبت 28 يوليوز 2012 - 13:01

    فمن الفاسد؟

    الجواب: إما الجميع أو لا أحد.

  • salassib alaouin
    السبت 28 يوليوز 2012 - 13:33

    للغة العربية صيغ أسماء الآلة و الأمكنة. و لقد ورد في النص تركيب الهواتف المحمولة وهو المتداول أو المستعمل في المجتمع المغربي. وهو لحن من منظوري المعتمد على قواعد دقيقة.
    ما يحمل من أداة تعبر عنه لغة الضاد ب مفعل مثل مبرد و منجل وبالتالي هلأ قيل مهتف
    و من اجتهادي البسيط أن ما هو ثابت من اسم أداة أو آلة يعبر عنه بصيغة مفعال مثل محراب فلم لا يقال مهتاف….
    و ما يتكاثر فعله في مكان يعبر عن دا المكان ب مفعلة مثل مغسلة و مزرعة فلم لا يقال مهتفة لتعويض مخدع الهاتف ….
    و كلمة حواسيب :محسب و محساب و محسبة
    و أشير هنا أنني احتفظت بنفس الجدور و لم أقترح أو أناقش مصطلحات بديلة مستعملة في مجتمعات أخرى مثل المنادي -نفس مفهوم الهاتف- وشكرا

  • MKAWLAB
    السبت 28 يوليوز 2012 - 13:51

    SVP la fraude ne concerne pas uniquement le bac ,j'ai vu
    des Profs agés trichent
    pdt les examens
    d'inspection et tarquia

  • نسرين
    السبت 28 يوليوز 2012 - 14:22

    ^^^^مع الأسف صار الخجل عملة نادرة… حلت محله الوقاحة التي تدفع الزناة لرجم الزانية… لقد صار الغشاشون الكبار مضطرين لذلك… صاروا مكشوفين بشكل غير مسبوق… كشفتهم الثورة الإعلامية ووعي الشعوب ببؤسها… كلما قل الوعي الزائف وعرفت الجماهير حقوقها صار وضع مستغليها أصعب… وكلما كلما انكشفوا زادت شراسة دفاعهم عن مصالحهم… بلا خجل…^^^^

  • مغربي
    السبت 28 يوليوز 2012 - 18:01

    كلامك منطقي وواقعي وصحيح وكل من بلغ أقصى درجة من الوعي يعلمه …
    لــــــــكننا إذ نخاف من سطوتهم وشدة توغلهم في الغش وعدم تحسب ردهم ..
    ……….. نقول إذا عمت هانت …

  • professeur
    الأحد 29 يوليوز 2012 - 02:55

    La question de la triche est un fléau certain qui mine notre enseignement….Le bilan saute aux yeux..Notre problème je crois c'est qu'on sait bien poser les problèmes mais jamais les décomposer………….Le problème exige une approché pédagogique (proposer des épreuves qui ne sollicite pas la mémoire…Des programmes utiles …)… Les tapages médiatiques (à visée politique) ne résourdront rien Traîner les élèves devant les tribunaux pour avoir
    tricher aux examen est tout ce qu'il y a d'absurde…Et puis il ne suffit pas de dire au parlement que notre enseignement va bien pour que les choses changent……………Cest grave malheureusement ce déni de réalité…..Le MEN VA DE MIEUX EN MIEUX …..

  • Outinghir
    الأحد 29 يوليوز 2012 - 03:44

    L'école marocaine est une sorte de grosse machine dont la panne échappe à celui qui l'a conçue.Un cumul d'erreurs méthodologiques qui a façonné un système qui reproduit l'habitus social dans sa forme archaique.Un corps professoral en carence de formation,un corps administratif étranger aux véritables questions de pédagogie,un corps inspectoral vieille école,des réformes improvisées et reconverties en affaires lucratives pour les rapaces pédagogiques, des élèves dont la médiocrité donne à réfléchir à l'âne.De temps en temps des lumières se dégagent de ce paysage dantesque et prmettent de redorer le blason de la dame école ratatinée

  • lahsen nora agadir
    الأحد 29 يوليوز 2012 - 18:44

    غالبا ما يلقي اللوم علي التلميذ أو الطالب و تأخد الجهات المسؤولة دور المصلح و الناصح و القائم بالقانون؛ إذا ما حاولنا أن نفهم ظاهرة الغش وجب إستحضار أسبابها ولنكن موضوعيين ونطرح السؤال علي أنفسنا إنطلاقا من واقع الطالب؛وهنا أتقدم بإجابتنا كطلبة . يثم اللجوء إلي آلة الغش في جميع الإمتحانات و ذلك للأسباب التالية
    ١ الهوة المعرفية بين المعطي والمطلوب
    ٢ ضعف التكوين و في مرحلة من المراحل نجد أنفسنا مطالبين بما لا نعرفه
    ٣ العلاقات الزبونية داخل المدارس و الكليات
    ٤ فساد الإدارات و تهاون رجل التعليم في أداء واجبه
    ٥ إنعدام المتابعة و المراقبة
    في النهاية نجد أن ظاهرة الغش في المدارس مرتبطة بقطاع التعليم في المغرب و ما يشهده من إنحطاط وبالتالي لا يمكن إصلاح فروع شجرة جدورها فاسدة ،ومهما أحدتت الدولة من أجهزة ومعدات للحد من الغش لن تتمكن من ذلك إلا عن طريق إصلاح قطاع الثعليم ككل

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 6

احتجاج أساتذة موقوفين

صوت وصورة
نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:35 4

نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة

صوت وصورة
نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:15

نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"

صوت وصورة
الفهم عن الله | الاحتضان الرباني
الأربعاء 27 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | الاحتضان الرباني

صوت وصورة
نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان
الأربعاء 27 مارس 2024 - 17:00 1

نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15 2

البياض يكسو جبال مودج