الإعجاز العددي في تاريخ استرجاع واد الذهب

الإعجاز العددي في تاريخ استرجاع واد الذهب
الأحد 11 نونبر 2018 - 10:56

2/2

سبق وأن حررت مقالا، نُشر على موقع هسبرس، ويحمل نفس العنوان، يحوي ومضات مشرقة، وإشارات لافتة، تفيد بأن 14 غشت 79م ، وهو تاريخ البيعة من لدن وجهاء وكبراء إقليم واد الذهب، لم تكن مجرد صدفة، بل كانت وحيا من عند الله تعالى، وقد خلف ذلك كثيرا من اللغط، وجر عليّ سيلا من الانتقادات، لارتباط فكرة الوحي عند البعض، بالأنبياء والمرسلين دون غيرهم.

صحيح أن أغلب ما وردت كلمة “أوحينا” ومشتقاتها في القرآن كانت مقترنة بالأنبياء، وأحيانا بالملائكة، إلا أن خرق القاعدة أحيانا، يبعث إشارات منيرة وجب أن يلتقطها الحصيف، ويتوقف عندها اللبيب، من قبيل وحي الله تعالى إلى أم موسى كي تضعه بعد ولادته في التابوت، ثم تطرحه في النيل، ليلقيه النيل على الساحل، فيلتقطه فرعون، فقد جاء في سورة طه آية 38:

“إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى”.

وقد جاء في تفسير الجلالين وغيره، بأن الوحي قد يكون مناما أو إلهاما، هذا الإلهام الذي بُعث أيضا إلى حواريي موسى، فكان مرشدَهم ودليلَهم إلى واحة الإيمان، حيث قال تعالى:

” وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي.” سورة المائدة آية 111.

وقد يشمل الوحي أصنافا من الكائنات الحية، إن لم أقل كل الأصناف بدون استثناء، حيث عن طريقه تتناسل الحيتان في البحر، وبواسطته يبني النمل بيته بهندسة فائقة الإتقان، وتعرف الطيور المهاجرة مسارها عبر عشرات الآلاف من الأميال، وقد جاء في سورة النحل آية 68:

” وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ.”

وقد يتعدى الوحي الكائنات الحية إلى الجمادات، حيث يقول تعالى:

” ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ” سورة فصلت الآية 11.

ومن الجلي أن القول هنا في هذه الآية الكريمة غير القول المألوف، بل هو نوع من أنوع الوحي المعتبر.

وهذا يجرنا إلى طرق الإشكالية التي ظلت عالقة لقرون، عند دارسي علوم القرآن، حول الرسم العثماني، أهو توقيفي أم أنه توفيقي؟ بمعنى، هل هو وحي منزل من عند الله تعالى على رسوله الكريم، وبالتالي فهو توقيفي يجوز الغوص في أسرار رسمه، ويجوز التساؤل، على سبيل المثال، عن الحكمة وراء كتابة كلمة “شجرة” تارة بالتاء المربوطة وتارة بالمبسوطة؟ أم أن الصحابة وُفِّقوا لكتابته على النحو الذي جاء في المصحف، مما يجعل أي بحث يروم التقصي في أسرار هذا الرسم، هو عبث فحسب، لكونه مجرد اجتهاد بشري؟

إن الغيرة المشروعة على كتاب الله، إضافة إلى عدم تقبل فكرة الوحي الذي يُلهِم به الله تعالى بعضا من مخلوقاته، وعدم استساغتها، هو ما يدفع غالبا في اتجاه تبني فكرة أن يكون الرسم العثماني توقيفيا، إلا أن هذا الرأي يجد نفسه أمام مزالق فكرية عظيمة، كما أنه يفتح الباب على مصراعيه لتساؤلات مشروعة من قبيل:

إذا كان الرسم وحيا منزلا على الرسول الكريم، فما مصير باقي المصاحف التي أحرقت بأمر من الخليفة عثمان، والتي لا تختلف فقط في رسم الكلمات، بل أيضا في زيادة بعض الحروف والكلمات أحيانا، وتقديم كلمات بعينها وتأخيرها تارة أخرى؟

ما مصير الابحاث الذي كانت تروم الوقوف عند الأسرار الكامنة وراء كتابة كلمة ما بطريقة غير مألوفة، إذا كنا لا ندري أصلا هل كتبت هذه الكلمة بنفس الطريقة أم لا، في المصاحف التي لم يُكتب لها البقاء؟

إذا كان القرآن كلام الخالق الأزلي، فكيف للغة العربية التي جاء القرآن بلسانها أن تكون مستحدثة من طرف المخلوق؟

إن الإذعان للرأي القائل بالوحي المنزل على الكائنات، من شأنه أن يحل كثيرا من الإشكالات العالقة، وعلى رأسها أن تكون اللغة العربية هي أيضا وحيا منزلا على البشر، وهذا ما يفسر تطابق قواعدها ومفرداتها مع كلام الله، كما أن التسليم بهذا الرأي يجعل الرسم العثماني يحتفظ بنفس القداسة والمهابة، حتى ولو لم يكن منزلا على نبيه الكريم، ما دام الأصل فيه هو الإلهام المُرْسل من عند الله، بغض النظر عن كنه المرُسل إليه.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

‫تعليقات الزوار

4
  • أستاذ الاجتماعيات
    الأحد 11 نونبر 2018 - 19:51

    لا حولا و لا قوة إلا بالله.
    أبحاث مضيعة للوقت و المجهود الفكري، و لا تقدم أي شيء للعقل المسلم. مما يجعل مضرتها على الإسلام و المسلمين أكثر من نفعا، فلا ينتج عنها سوى الفرق المتضادة و المتعاكسة في الرأي، و لا تعود بالنفع على المسلم في حياته اليومية.
    نريد أبحاثا مستنيرة، تجد حلولا لواقعنا المتخلف، في عالم دينامي، تحكمه إقتصاديات متطورة و مجتمعات معرفة، و إذا كان هذا العالم قطارا، و قاطرته الدول و المجتمعات المتقدمة، فالدول و المجتمعات الإسلامية توجد في العربة الأخيرة من هذا القطار الطويل.
    بإختصار شديد، نريد إصلاحا دينيا جذريا، يرمي المسلم في دوامة العالم الحديث، دون أن يفقد هويته الإسلامية، هوية يجب أن يفتخر بها، دين يقدم له حلول لمشاكله المعاصرة، إسلام يكون فيه المسلمون متساوون مع بعضهم و مع الأخر، إسلام لا تكون فيه وصاية لسلطة أو حاكم أو عالم بإسم الدين و الشرع، إسلام يجعل الأخر يحترمنا و يحترم ديننا، نريد إسلاما لا يقزم في العبادات
    و الخوض في الخيبيات.

  • Peace
    الأحد 11 نونبر 2018 - 20:29

    الوحي طبعا له عدة اوجه, هناك من يكلمه الله و هناك الوحي عن طريق الملائكة و و هناك الرؤية و هناك الالهام و هناك المشاهدة او التجلي. و الله يوحي لمن يشاء من مخلوقاته ما يشاء كيفما يشاء. ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: 18] من اين للنملة كمخلوق صغير جدا ان تتعرف على نبي. و ايضا اوحى الله للعنكبوت و الحمام ان يستروا سيدنا محمد عليه افضل لصلاة و السلام و سيدنا ابو بكر رضي لله عنه في الغار. الحيونات و النبات و حتى الجماد يتفاعل مع انبياء الله و الاولياء و الصالحين وهذا له علاقة بالروح. يمكن تصور ذلك كالتالي, مثلا في لافلام يعبر عن ذك المسيحيون اكثر, عندما يمر المسيح عليه السلام من مكان ما, ت تفاعل الطيور معه و الطبيعة. عكس المسلمين, لا يعبرون عن ذلك في الافلام بذلك الشكل. شاهدت مرة فلما عن نوح عليه السلام, فظهر كالمجنون نوعا ما او البوهالي, و هو يبني السفينة, و كيف خضعت لحيوانات لامره للصعود الى السفينة, اعجبني الفيلم فعلا.

  • Peace
    الأحد 11 نونبر 2018 - 20:51

    الاعجاز العددي و الحرفي موجود ايضا في القران الكريم. و سيدنا عثمان رضي الله عنه, جامع القران هو اعلم بهذا العلم من غيره ن الصحابة و خص بهذا العلم و ورثه بعض العلماء المسلمين, الذين خدموا القران اكثر من غيرهم و عذبوا او قتلوا من اجل ذلك او جاهدوا من سيدنا عثمان رضي الله عنه و ارضاء و كل صحابي جليل ورث اشياء او تخصص في اشياء دون غيره…و سيدنا علي كرم الله وجهه هو خاتم الخلفاء الراشدون, اي لخليفة الخاتم, اي يجمع كل العلوم و الحكم.

  • Peace
    الأحد 11 نونبر 2018 - 21:20

    "إذا كان القرآن كلام الخالق الأزلي، فكيف للغة العربية التي جاء القرآن بلسانها أن تكون مستحدثة من طرف المخلوق؟"

    مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) الانبياء

    اللغة العربية او القران نفسه و هو كلام الله, هو محدث, هناك علوم و اذكار و صلوات و ادعية من الاولياء و الصالحين هي ايضا محدثة, وهي محدثة طبعا بالنسبة لنا نحن و ليس بلنسبة لله تعالى, نحن, الذين نعيش في لوقت, اما الله تعالى عما يصفون, فهو لا يحتاج لا لوقت و لا لمكان و لا لزمن و هو ازلي و علمه ايضا ازلي. هناك حكايات صوفية, مثلا ان عالما من المغرب ذهب لى الحج, فرئى رؤية, بانه اصبح شيخا, تقريبا هكذا, و عليه ان يذهب لزاوية ما, و يقول للناس ان عليهم, فقط قول: "الله حي" فكل مكان و كل زمان و كل ولي من اولياء لله, مخصص بكلام او اذكار معينة او صلاة على البي بصيغة معينة. و هذا ايضا ذكر محدث. و من هنا تاتي ايضا كلمة: حديث. لان حديث الرسول ايضا يكون مرتبطا بحدث ما, و لا يمكن عزله عن الحدث, الذي وقع و لمن قال ذلك و المكان ايضا مهم. لذلك لا يمكن العبث بلاحاديث النبوية و اخراجها من سياقها

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة