من احتجاجات بالحجارة والهراوات إلى احتجاجات بالورد والشموع
جل المحللين الذين تناولوا ظاهرة الاحتجاجات بالمغرب، كانوا يتحدثون عن الأزمات الدورية التي يعرفها المجتمع والتي تشير إلى أزمة بنيوية في النظام السياسي، ويستدلون على ذلك بالحركات الاجتماعية التي فجرت الشارع المغربي في سنوات 1958، 1965، 1973، 1981 و1984 و1990… لكن منذ 1990 حتى اليوم، وباستثناء ما عرفته سيدي إيفني عام 2008، لم يعرف المغرب أي هزَّة اجتماعية بالشكل الذي مثلته أحداث الريف عام 1958 وأحداث 23 مارس 1965 بالبيضاء، و20 يونيو 1981 بالبيضاء أيضا، وانتفاضة يناير 1984 بالشمال، والهبَّة الشعبية بفاس في 14 دجنبر 1990.. هل معنى هذا أن المغرب تجاوز أزماته الدورية البنيوية، أم أن السلوك الاحتجاجي تحول إلى سلوك مدني، وأن الدولة غيَّرت بعض أساليبها العنيفة في مواجهة حركية الاحتجاجات الجماعية؟
لقد تغير الإثنان: المجتمع والدولة في سياق كوني مختلف.
بالأمس كانت الدولة تنظر إلى أي احتجاج كما لو أنه نكران الرعية لجميل الراعي، وأنه بمثابة مس بقدسية السلطة ورموزها، أو طعن في شرعية الدولة، لذلك كانت القوات العمومية تتصدى لأي حركة احتجاجية بعنف زائد عن الحاجة، لتتطور الأمور إلى مواجهات دموية مفتوحة في الشارع العام، لم يكن ممكنا السماح بملء الفضاءات العامة من طرف الجماعات. إن منطق “السيبة”، أي وجود جماعات محتجة ضد السلطة المركزية، كان يتحكم بشكل كبير في لا وعي المقاربة الأمنية أثناء المواجهات العنيفة لتفريق المحتجين ومنعهم من ممارسة أي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي للتعبير عن مطالبهم وإبلاغ صوتهم إلى صناع القرار”.
لكن منذ بداية التسعينيات، برزت معطيات جديدة، مع موجة حقوق الإنسان، وارتفاع سقف المطالب الاجتماعية الخالصة من أي رمزية سياسية في بعدها الصراعي التناحري بين الدولة والمجتمع، والانفتاح النسبي للنظام السياسي.. كل هذا خلَّص تدريجيا عقل الدولة من مواجهة الحركات الاحتجاجية بعنف وقمع ومحاولة اجتثاثه، وساهم انخراط جزء من الحركة اليسارية والوطنية في تدبير الشأن العام في تغليب الطابع المدني للحركات الاحتجاجية، لقد استرجع الجمهور الشارع العام كفضاء للتعبير عن رغبة أو الدفاع عن مطلب أو تبليغ النخبة السياسية بحاجيات اجتماعية ضاغطة أو التأثير في القرارات السياسية للحاكمين…
في كل بلد ديمقراطي، لا يعتبر التصويت الشكل اليتيم لمشاركة المواطن في العملية السياسية، لذلك أصبح الاحتجاج الجماعي واحتلال الفضاء العام للدفاع عن قضايا مطلبية.. هو أحد أشكال المشاركة السياسية، من خلالها يؤثر عامة الناس في صناعة القرار السياسي، وسيقف الدارسون مستقبلا، على أن أهم مناعة للنظام السياسي اليوم، وأكبر ما يزكي وضع الاستقرار بالمغرب، رغم كل أشكال البؤس واتساع رقعة الفقر، وازدياد ثقل وحجم المطالب الاجتماعية الملحة، فإن المغرب لا يصنف، في حدود الزمن المنظور على الأقل، ضمن البلدان المهددة بأي هزَّات من النوع الذي عرفته تونس وتستعد ليبيا والجزائر ومصر والأردن… لأن تكتوي بناره.. أكبر مناعة هو تمرس المواطنين بكل أشكال الاحتجاج المدني السلمي، من تلاميذ المدارس، إلى مستعملي القطارات إلى العمال والمزارعين، إلى المتظاهرين ضد غلاء الأسعار حتى المتضررين من فيضان أو حرمان من السكن.. أضف إلى ذلك أُمُّ الحركات الاحتجاجية في المغرب، حركة المعطلين بكل أصنافها..
لقد أضحى الاحتجاج في المغرب الخبز اليومي للممارسة السياسية.. إذ استعاد المواطنون الفضاء العام مرة أخرى، وبشكل سلمي، رغم التشنج والهجوم الذي تبديه أحيانا القوات العمومية في مواجهة المطالب الاجتماعية.
قبل نهاية 1990، لم يكن ينظر للاحتجاجات الاجتماعية، التي كانت أحزاب الحركة الوطنية وامتداداتها اليسارية تستغلها في رفع سقف المطالب السياسية، إلا كتشكيك في الشرعية السياسية للحكم، لذلك اتخذت جل الحركات الاحتجاجية في المغرب بعداً دمويا عنيفا، باعتبار السياق السياسي والتاريخي وهيمنة النظرة الأمنية لدى السلطة، كانت الحجارة والهراوة هي شعار وأدوات المواجهة في الفضاء العام، لذلك كان الانفجار الاجتماعي دورياً، يحدث خللا في البنيات والتصورات والأفكار والمواقف، من خلاله يتم التنفيس عن الاحتقان الاجتماعي، وعن أشكال الكبت والقمع والحرمان والتهميش التي كانت تنوب فيها فئات اجتماعية لها حظ لا بأس به من التعليم تلاميذ وطلبة رجال ونساء التعليم والصحة.. عن فئات اجتماعية أكثر حرماناً وأكثر تخلفا وأمية، لكنها تعيش وضعا قدرياً في التآلف مع وضعها تحت درجة الصفر في الفقر والعدم.. من هنا كان الاحتجاج الاجتماعي الذي يحاول فيه المواطنون احتلال جزء من الفضاء العام، آخر أشكال المواجهة اليائسة تحت مشاعر الإحباط والتهميش والإقصاء الاجتماعي.
لكن، ومنذ التسعينيات ارتفعت وتيرة الاحتجاجات، وأصابت عدواها حتى الهوامش البعيدة، حيث بدأنا نسمع عن مسيرة لسكان دواوير أو مداشر إلى مقرات السلطة للاحتجاج على الحرمان من ماء صالح للشرب أو غياب الإنارة أو الطريق.. وأصبحت الاحتجاجات المدنية السلمية ترسخ ثقافة المواطنة.. لقد تم استبدال النزعة “الثورية” بالنزعة “الإصلاحية”، وفرض المواطنون شكلا جديداً للمشاركة السياسية التي لم تعد تنحصر في الانتخابات أو في مقرات الأحزاب أو في المجالس المنتخبة أو في البرلمان.. إن المجال العام هو فضاء هذه الممارسة بكل طقوس الاحتفال وصراع الرموز..
استفادت الحركات الاحتجاجية من الانفتاح السياسي للدولة، ولم يعد العنف بالضرورة أحد ميكانيزماتها، من حمل الشارة إلى الاعتصامات إلى المسيرة السلمية، إلى إشعال الشموع وحمل الورود وارتداء ملابس خاصة للتعبير عن مطالب محددة، إلى تكميم الأفواه حتى المشي حفاة في الشارع…
تزيَّن الاحتجاج بقيم جديدة لا تخلو من إبداع، وتدل على وجود تنظيم اجتماعي أكثر عقلانية، بعد تخلصه من غرائز العنف والهدم والتدمير وعدم مواجهته بأشكال متطرفة كالقمع والكبت الأمني الذي يؤدي إلى انزلاقات كثيرة، إن الرؤية الخارجية للمغرب اليوم تبرزه، إذا ما استعرنا أدوات تحليل الباحث نور الدين الزاهي، على شكل “مَرْمِيطة” “une marmite“، الماء يغلي في السطح، خضر تعلو وأخرى تنزل إلى القعر، لكن لا شيء يفيض عن المرميطة، إنه غليان هادئ، لا يتم في طنجرة الضغط القابل للانفجار، مادام التنفيس حدث ويحدث إلى أن يظهر الواقع العكس.
****
بسبب الحيف الاجتماعي، ضعف الارتباط الحزبي، توجه فاعلين نحو العمل المدني وبعد الانفتاح السياسي
مجموعات القضايا تركب قوارب الاحتجاج السلمي بالمغرب
لقد تجاوز الاحتجاج الاجتماعي عتبة النشاطات التقليدية للممارسة السياسية، وإذا كان البوعزيزي في تونس قد لجأ إلى إضرام النار في جسده، وامتدت شرارتها لتحرق نظاماً سياسياً بكامله، فإن ذلك كان أقصى تعبير عن الحرمان واليأس والقهر الاجتماعي وكل أشكال “الحكرة”، لذلك أصبح حرق الجسد نمطا جديداً للتعبير عن الاحتجاج، لكنها، شكل يائس فجر كل الأوضاع بتونس… لقد حدث شيء عندنا من هذا القبيل، فقد أضرم معطلون النار في أجسادهم بعد أن صَبُّوا على أنفسهم البنزين، ولجأت جماعة أخرى لشرب السم في محاولة للانتحار الجماعي، ومع ذلك لم تنطلق أي شرارة، ولا غدا أمر إحراق الذات موضة للاحتجاج في المغرب.. ما السبب؟!
منذ القدم، أكد علماء الاجتماع السياسي أن الاحتجاج ناتج عن نمو مشاعر الإحباط والتهميش والإقصاء والعُزلة السياسية، لقد ذهب أرسطو إلى أن العنف والثورة، أي إحداث الأذى الشخصي أو التدمير المادي، ينتجان دوماً عن عدم الرضى والكفاح من أجل ظروف أفضل للعيش… لكن مع عالم الاجتماع تيد رو برت غور (T.R. Gurr)، ستنضج النظرية أكثر، حيث يقول: “إن التسلسل السببي الأساسي في العنف السياسي يبدأ بتنامي الشعور بالاستياء، ومن تم تسييس هذا الاستياء، وينتهي بتجسيده في العنف السياسي ضد أهداف وشخصيات ورموز سياسية”.
في ظل الوضع الحالي تبدو الحركات الاحتجاجية نوعاً من المشاركة في صناعة القرار السياسي، تختلف عن الأسلوب التقليدي للممارسة السياسية.. في القديم، حتى نهاية التسعينيات، كانت أحزاب المعارضة وعبر الإطارات الجماهيرية، هي التي تؤطر المجتمع، من هنا امتداداتها الشبيبية والطلابية والنسائية والنقابية، لقد كانت الأحزاب المضادة للمشروع الرسمي للدولة، تتواجد في كل مكان.. من جمعيات الأحياء والوداديات السكنية إلى جمعيات الأطفال والتلاميذ، إلى الإعلام والثقافة والفن.. وفي كل القطاعات الحيوية: محامون، مهندسون، فلاحون، عمال، موظفون…. لذلك كانت كل الحركات الاحتجاجية التي تقودها هذه المنظمات أو الفئات الاجتماعية.. تفهم من الحكم باعتبارها رسالة سياسية تستهدف شرعية وجوده، من هنا ذلك الشكل الصدامي والعنف السياسي في مواجهة الاحتجاجات التي غالبا ما يكون ظاهرها مطالب اجتماعية أساسية مشروعة، أما ترميزات رسائلها فتحمل بُعد العنف السياسي ضد سياسات الحاكمين.
مع نهاية التسعينيات، تغير الوضع.. حدث انفتاح نسبي، وانتعش فضاء الحريات العامة، وأصبح الاحتجاج عُملة السياسة في المغرب، لم يعد فقط آلية للتعبير عن الحرمان والتهميش والإقصاء، بل أصبح ملاذاً سياسياً أقوى من التصويت والمشاركة في الحملات الانتخابية والحضور إلى الأنشطة الحزبية أو النقابية، إذ رأينا كيف تقلص حجم المشاركة في مسيرات فاتح ماي والحضور في تجمعات الأحزاب.. إن الاحتجاج هنا آلية للممارسة السياسية الشعبية أكثر تأثيرا من النشاط الانتخابي ومن التصويت الذي لم يعد يؤثر لا على صناعة القرار السياسي ولا في تمثيلية حقيقية لمواطنين… فاحتلال المواطنين بشكل يومي في المغرب لمساحات واسعة من الفضاء العام وأمام أمكنة ذات رمزية سياسية: عمالة أو ولاية، برلمان، وزارة أو مؤسسة عمومية، الزحف نحو الرباط العاصمة، ، هو الذي يساهم الآن في ترسيخ ثقافة المواطنة، وينزع عن الاحتجاجات الاجتماعية الطابع الغرائزي والدموي.. يقول الباحث الأنثربولوجي عبد الله زارو: “إن السلوك الاحتجاجي ظاهرة صحية وحضارية، صحية لأنها دالة على أن الجسم الاجتماعي لازال يشتغل بما يعنيه ذلك من قُدرة على الإحساس والتفاعل مع المحيط (…)، وهي حضارية لأنها تكشف عن نفسها وتمارس بالعلن” ويضيف “يبدو أن الاتجاه في الاحتجاج المرح الذي لا يبحث عن تغيير العالم بقدر بحثه لأصحابه عن موطئ قدم في هذا العالم كما هو في ذاته، أقول هذا الاحتجاج هو الذي بدأ في التبلور ببطء ولكن بثقة في أجندة الاحتجاج الاجتماعي المغربي”.
هذا الأسلوب الجديد في المغرب، إذا استمرت الدولة في تفهم مطالبه والابتعاد عن مواجهته بشكل صدامي، هو الذي سيغيِّر أماكن المشاركة السياسية لعموم المواطنين التي لم تعد بالضرورة هي مقرات الأحزاب والنقابات والمنظمات الجماهيرية التي تحولت إلى منظمات للنخبة والعائلة، ولا هي البرلمان أو المؤسسات المنتخبة.. لقد خرج المغاربة من ثقل وطأة الاختيار بين ضريبتين: الصمت أو العنف، وفهم جزء من عقل الدولة أن التدخل العنيف هو الذي يغذي أشكال التطرف، بل إن الدولة نفسها أضحت تلجأ إلى الاحتجاج في الشارع العام من تظاهرات البيضاء بعد أحداث 16 ماي الإرهابية عام 2003، إلى المسيرة المليونية الأخيرة احتجاجا على انحياز البرلمان والإعلام الإسبانيين على هامش أحداث مخيم “أكديم إزيك”، مروراً بالمسيرة الاحتجاجية حول أسرى تندوف التي نظمها “الائتلاف الوطني” بالرباط!
إن استثمار هذا البعد وترسيخه هو الكفيل بجعل الاحتجاج يحافظ على أسلوبه المدني والحضاري ويغدو كآلية للمشاركة السياسية الحديثة، وهنا تكمن الاستفادة من مشاركة المواطن في صنع القرار، لأن الفضاء العام هو مكان للصراع والتنافس بين مواقف وبنيات، بين تصورات وأفكار، بين واقع الحرمان والتهميش والطموح لحياة أفضل وبين إكراهات واقعية… هذا ما يسمح بأن يحافظ البناء الاجتماعي على مرونته سلاسة تطوره، ويصبح للمغرب بنية حوارية لطبقاته الاجتماعية التي لا تصطدم مع بعضها البعض في شكل زلزال أو بركان، بل يغدو الشارع العام مكاناً مكثفا ليبلغ فيه المحتجون أكبر قدر من المعلومات عن أوضاعهم، وليكون لمطالبهم الاجتماعية صدى في صناعة القرار السياسي…
إن ازدياد ضغط المطالب الاجتماعية أفرز تحولا نوعيا في المشهد السياسي، هو ما يسميه الباحث الأمريكي روسل جيه دلتون (R.J. Dalton) في كتابه “دور المواطن السياسي في الديمقراطيات الغربية” بظهور مجموعات القضايا، وهي عبارة عن جماعات صغرى من المواطنين تختلف في بنيتها وحجمها لكنها تتوحد، رغم عدم تجانسها، في الالتفاف حول قضايا محددة: (التنمية، البيئة، الشغل، رفع ضرر، استهلاك، إجادة خدمة، احتجاج على ارتفاع غلاء الأسعار..) أي ما أضحى يشكل انشغالات اجتماعية هي ما يسمح بتعبيرات مدنية أكثر عقلانية، لها مطالب محددة واضحة (جمعية ما تقيش بلادي، ما تقيش ولدي، حماية المستهلك، تنسيقية مناهضة غلاء الأسعار، العنف ضد النساء..) لم تعد تقدمها بالضرورة أحزاب سياسية تخدم بأجندة محددة، بل أضحت وداديات سكنية وجمعيات للتنمية القروية في مناطق نائية أو مجموعة ضحايا في قضية صغيرة جداً.. هي من يؤطر هذه الاحتجاجات التي أصبحت تنمو خارج الحضانة السياسية، وهو ما قد يعني، إذا تم الحفاظ على النمو الطبيعي للظاهرة، أننا أمام مجتمع ينمو خارج السلطة التقليدية للدولة والأحزاب، ليس مجتمعا سائبا بالضرورة، لكنه مجتمع عقلاني.. وإن بدا أحيانا أنه غير مؤطر وهجين ويحمل شعارات الملاعب الرياضية، وينمو بشكل غير متجانس وغير منضبط وغوغائي، فإنه يكتسي جل مميزات المجتمع المغربي، ومنحى تطوره، لكن هل يمكن تفهم تعبيرات ورموز إشاراته؟!
كل شيء متوقف على عقل الدولة والنخبة السياسية بالمغرب، لأن هذا يقدم صمام أمان كي لا يعرف البلد ما شهدته تونس، والذي لن يبق سجين أسوارها، فالعالم العربي عبارة عن صحراء قاحلة وشمسها حارقة، وكل شيء فيها يابس لذلك فهو قابل للاحتراق.. فهل نكون ذلك الاستثناء الجميل الذي لا يتكرر، ونشكل واحة ديمقراطية فيحاء في قلب كل هذه الصحراء المترامية الأطراف من المحيط إلى الخليج؟
Excellente analyse. La preuve éclatante de cette maturité démocratique, la marche de 3 millions de Marocain à Casablanca ou aucune incivilité n’a été enregistrée. Meme dans les pays développés il y a toujours des bandes de casseurs qui se glissent parmi les manifestants pacifiques et foutent la pagaille, mais après la marche de Casablanca j’étais fier d’etre marocain et je me suis dit ca y est on y est, on l’a cette maturité de manifester et de revendiquer sans casser
هناك من ينتظر ربما احداث عنيفة في المغرب تكون في مدن متعددة في وقت واحد… و امثال هؤلاء يجهلون طبيعة المغرب الجغرافية و التاريخية و السياسية… فاما الطبيعة الجغرافية فتعطي مدنا و مناطقا و جهات متقدمة اقتصاديا و طريقة عيش المواطنين فيها لا تختلف عن النمط العصري الموجود في اوروبا كندا او امريكا… لكنها تعطي ايضا مدنا و مناطقا و جهات فقيرة او متوسطة الدخل… مثل صفرو و تنغير و سيدي افني… لكن الشئ الايجابي في المغرب هو انه ممكن في هذا البلد ان ينجح منظموا المظاهرات في سيدي افني مثلا في الانتخابات البلدية و يسيروا البلدية التي كانوا يحتجون على سوء تسييرها… هذا الامر الممكن في المغرب غير ممكن لا في الجزائر و لا في تونس… حيث المحتجون لا يمكنهم حتى ان يحلموا بتسيير بلدية و مصيرهم اما السجن او القتل… في 2011… الطبيعة الجغرافية للمغرب تجعل منه بلدا يمكن ان يشهد احتجاجات محلية محدودة يتم حلها جهويا… لان المشاكل الجهوية مختلفة… و مشاكل جهة الرباط ليست هي مشاكل جهة تادلة ازيلال و ليست مطلقا مشاكل جهة الدار البيضاء و هكذا… بالاضافة الى الطبيعة الجغرافية… هناك الطبيعة التاريخية و السياسية للمغرب… فالمغرب هو اول بلد في شمال افريقيا و الشرق الاوسط الذي توفر باكرا على تقاليد تعددية حزبية متواصلة لمدة تناهز القرن من الزمن… كما توفر باكرا على قانون للحريات العامة بمعايير اوروبية منذ 1958… كما توفر باكرا على حركة نقابية جماهيرية منذ الثلاثينات من القرن الماضي… و كان له دائما مجتمع مؤطر اما حزبيا او نقابيا او جمعويا او اعلاميا… و قد تربى المجتمع المغربي على قيم السلم و النسبية و التسامح كما تعلم عبر العقود من الممارسة بين مد ديمقراطي و جزر مخزني على ان يحتج و يتظاهر بحس حضاري لامع و اثبت انه تشبع بقيم المدينة و المدنية… يمكن الان للملايين من المغاربة ان يتظاهروا دون ان يحصل عنف او تخريب… ما لم يحصل استفزاز… يتبع…
هناك ايضا من يظن ان الشعب المغربي سيخرب و يحرق بلده اذا تظاهر… و هؤلاء لا يفرقون بين جيل محمد السادس و جيل بوتفليقة… و لا بين طريقة تسيير محمد السادس اللينة و المنفتحة و بين القبضة البوليسية الحديدية لبن علي في تونس… اولا جيل محمد السادس هو جيل اكثر تعلما و اكثر وعيا و اكثر تحضرا و تشبعا بالقيم المدنية… كما انه جيل اكثر حرية اجتماعيا… اعلاميا و سياسيا… جيل جعله الانفتاح على الانترنيت و الفضائيات و المعلومات المتنوعة المصادر اكثر حرصا على بلده و اكثر تشبتا بوطنه لانه وقف على قيمته الحقيقية مقارنة مع بلدان اخرى… اما جيل بوتفليقة فهو الجيل الامال المجهضة و الافاق المسدودة… جيل حالة الطوارئ… جيل لم يتعلم ابدا ان ينتظم في تظاهرة سلمية و ممنوع من فتح فمه في وسائل اعلامه… ممنوع عليه الاجتماع… ممنوع عليه الاحتجاج السلمي في الشارع… ممنوع عليه التظاهر في مسيرة مليونية كما نفعل في المغرب في مناسبات عدة و عديدة… ممنوع عليه العيش بحرية… مقموع امنيا و اجتماعيا و اقتصاديا… تقول له الدولة انها تستثمر من اجله سنويا اكثر من 14 مليار دولار… لكنه لا يرى اي شئ… جيل محبط لابعد الحدود… ثانيا في تونس الخضراء التي تحولت الى تونس الحمراء هذه الايام فان ما وقع فيها له سبب امني متمثل في القمع البوليسي الشرس طيلة عشرين عاما و يزيد… لقد ارعب بن علي المجتمع باساليب قمع رهيبة… فلا صحافة في تونس و لا انترنيت و لا حرية تعبير و لا حرية تجمع سلمي و لا حرية احزاب و لا حرية تظاهر و لا حرية جمعيات… حتى اصبحت تونس الصغيرة مساحة اكبر ثكنة بوليس في المنطقة… اضافة الى هذا فان الاقتصاد التونسي وصل لمرحلة يستحيل معها ان يستجيب لانتظارات الشعب التونسي… 10 بالمائة من بين سكان الساحل الشرقي هم الاكثر استفادة من المافيا الاقتصادية دون توزيع على باقي سكان البلاد… اما الاقتصاد المغربي فقد اعلن فقط… انطلاقته… يتبع…
هناك اغبياء يخلطون بين الاحتجاجات و الثورة… الثورة يقوم بها الناس عندما تكون اغلبية القطاعات المهنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية متضررة… و هو امر غير وارد في المغرب… لان القطاعات المهنية مثل المحامين و المهندسين و الاطباء و رجال التعليم وغيرهم من رموز الطبقة الوسطى… مرتاحون في ظل النظام الملكي… تكون لهم مطالب موسمية و لكنها لا تشكل تشكيكا منهم لتفضيلهم للنظام الملكي المستقر و المتطور… كما ان الطبقة السياسية لا يمكن ان تقوم بثورة لانها جزء من النظام… اما قطاع رجال الاعمال و الاقتصاديين فحليف دائم للملكية… ورغم ان الملكية لها استثمارات… الا انها ليست مستحودة… لها بنك وسط عشرات البنوك… و لها شركة تامين وسط عشرات شركات التامين… و تشغل 30000 مغربي اي انها تعيل 30000 اسرة بشكل مباشر… لن يستطيع اي قائد ثورة غبية تشغيلهم او اعالتهم… و الناس في المغرب تقدر نعمة الامن التي هي اول حق من حقوق الانسان… و لها من الحريات و الحقوق ما ليس موجودا في شمال افريقيا و الشرق الاوسط… و لا زالت تطالب بالمزيد و من حقها… و مادام النظام ينصت لشعبه فمجرد التفكير باسقاط حالة المغرب على غيره من الحالات يعتبر بلادة بينة… اما الاحتجاجات في المغرب فلم تنتظر لا ثورة الياسمين و لا ثورة الفل و لا ثورة قاع قلة و بسيبيسة… الاحتجاجات في المغرب منذ عقود تطرقت لجميع المواضيع… و مست جميع المجالات… غير ان ما لا ينتبه اليه كثير من كتبة و مناضلي الساعة ال25… انه حتى ام الحركات الاحتجاجية في المغرب و هي حركة المعطلين التي ظهرت تنظيماتها اول ما ظهرت في شمال افريقيا و الشرق الاوسط في شوارع الرباط… ترفض تسييس ملفها و تحتج من داخل النظام… و عندما سئلت احدهم … قال لي… انك لا يمكنك ان تخرب 70 بالمائة من البناء من اجل 30 بالمائة غير مكتملة… فقلت في نفسي و انا ابتسم… ذكاء المغاربة… ليس اسطورة اذن…
منذ ما يسمى الإستقلال – حيث استقل بعض أهل فاس عن باقي الشعب المغربي- ونحن نسمع أسطوانة الحفاظ على المصالح العليا للوطن و عدم المساس بها، غير أننا لم نر من تلك المصالح سوى الضباب و لم نمسسها لأنها ظلت بعيدة عنا.
و لأننا كلما تطلعنا لهذه المصالح العليا إلا و تشعلقت في عنان السماء و أصبحت أعلى من قاماتنا الملتصقة بالأرض.
دعونا نجرب المصالح الدنيا كما جربتم مصالحكم العليا لبعض الوقت.
مصالح دنيا تهم طبقات الكادحين و العاطلين و المقهورين و هي مصالح بسيطة لا تنقل كنوزها للأبناك السويسرية على كل حال.
– العاصفة قادمة لامحالة.
hamadi
•الرشوة والمحسوبية
•الاستحواذ على ممتلكات الشعب
•انعدام الخدمات الصحية والإجتماعية
•ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب والحاملين للشواهد العليا
•تهريب كميات هائلة من رؤوس الأموال الى الخارج
•انحطاط المستوى التعليمي
هذه العوامل، والقائمة طويلة للغاية، قد ساهمت بشكل أو بآخر في اشعال فتيل الثورة
والله لازالت الحركات الاحتجاجية حتى عندنا في المغرب
ولاكن السلطة عندها يد من حديد فبعد التجارب التي خاذتها في السنوات التي ذكرتموها في التقرير اصبحت السلطة عندها مناعة من جميع التظاهرات حتى تهاهرات الطلب اصبحت تقمع عندنا ولا اخفيكم سيرا ادا قلت ان متل هذه التظاهرات التي جرت في تونس ومصر من المكن ان تقع في المغرب
j’ai trop apprécie le commentaire المغرب… ذاك الاستثناء الجميل
vraiment bravooooo
احسنتم القول فالعالم المغاربي عبارة عن صحراء قاحلة وشمسها حارقة، وكل شيء فيها يابس لذلك فهو قابل للاحتراق فاحدروا الطلبة ؤ المعطلين
انني اتفق مع الكاتب باننا نشكل استتناء على مصر و تو نس في ا شياء كتيرة: تعدد التقافات واللغات و كل من يريد حقه من الكعكعة يكون حزب ٣٥ حزب في المغرب اما الموضة الحالية للاستفادة من كل شي الا نتماء الى حزب الاصالة والمعاصرة او ان تسمي نفسك صحراويا . يا اخي ان الرشوة وصلت الى حدها في كل شي وا دا سميتم السنوات الماضية سنوات الرصاص فاننا سنسمي هده السنوات التي نعيشها مند ٢٠٠٠سنوات الخديعة ,كل مرة شبكة بلعيرج و غيرها حيت اصبحنا نخجل من قضاءنا ومهزلته ,اننا ننتضر من ملكنا خطابايعلن العفو والا عتدار من كل
الدين سجنو ضلما و باسمه و حل البرلمان و تعديل الدستورو ملكية برلمانية و جهوية قبل فوات الاوان
أطلب من هسبرس أن تنشر التعليق 2ـ3ـ4ـ5 كاملاً وكمقال رئيسي حتى يعلَّق عليه. إنه يستحق النشر. فكما عودتمونا على تفتحكم، فأرجوكم أن تبقوا عليه. شكراً لصاحب المقال وشكراً لكم.
Oui vous avez raison. Au Maroc, vous pouvez manifester autant de fois que vous voulez, sauf que personne ne se préoccupera de vos doléance tout simplement parce que tous les postes clés sont aux mains d’une personne qu’aucun n’a le droit de le critiquer
je n’ai pas le moindre doute, que la majorité des commentaires qui confortent les articles pacifistes et élogieux du régime sont signés par une armada de plumitifs mercenaires qui veulent servir le régime corrompu et frileux et nous inoculer d’idée fausses pour conforter le makhzen dans ses pillages et son exploitation.je serai plus que sure que si la révolte tunisienne ou egyptienne a eu lieu au maroc et que les manifestants avait agité les mêmes revendications politiques, je vous assure qu’au nom de la sacralité,et de la particularité des lignes rouges marocaines , non seulement des dizaines de morts qui seront déplorés mais des milliers.si vous ne me croyez pas osez et vous allez voir
تركنا لك المجال لتكتب ما شئت لا شك انك بوق من ابواق الميسورين المستغلين تروات الشعب لانك تطرقت للفأت الميسورة دون الاخرا التي تمثل غالبية الشعب لكن ماذا اقول ان الله سيا خد الحق والسلام
الى صاحب التعليق 5 كيف تحل بدكاء المغاربة ما ورد في التعليق 7 اضف الى ذلك قضاء غير نزيه اقصاد ريعي انتخابات فاسدة
نعم نحن نشكل الاستنثناء فالملكية عندنا توحدنا وخصوصا انها ملكية قريبة من الشعب ولكن يجب ان لا ننسى انن عدد مقاطعي الانتخابات كبير جدا وحملاتنا الانتخابية تعرف بعض العنف ومازالت الامطار هي من يحدد الرخاء او الازمة اذن اظن انه حان الوقت لاطلاق مشروع الجهوية الموسعة واعطاء البرلمان المزيد من الصلاحيات
الى المعلق رقم 5.شملت طبقتك الوسطى رجال التعليم وقلت أنهم مرتاحون..أنا يا اخي من رجال التعليم ولست من الطبقة الوسطى ولست مرتاحا,هضر على راسك أ خويا او سير بحت مزيان فالوضعية د رجال التعليم عاد دخلهم فالطبقة الوسطى أو عاد قول بلي مرتاحين..الى كنت نتا مرتاح بوحدك مانعرف..التغيير ات ات لا محالة فليس بالخبز وحده يعيش الانسان
– العاصفة قادمة لامحالة.
•الرشوة والمحسوبية
•الاستحواذ على ممتلكات الشعب
•انعدام الخدمات الصحية والإجتماعية
•ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب والحاملين للشواهد العليا
•تهريب كميات هائلة من رؤوس الأموال الى الخارج
•انحطاط المستوى التعليمي
هذه العوامل، والقائمة طويلة للغاية، قد ساهمت بشكل أو بآخر في اشعال فتيل الثورة