الجسد الأنثوي بين الإبداع والإشهار

الجسد الأنثوي بين الإبداع  والإشهار
الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:32

أيهما يضع جسد المرأة في مكانه الصحيح،وأيهما ينصف هذا الجسد ؟ الإبداع أم الإشهار.


إن المبدعين يعتبرون المرأة ملهمتهم الأولى فيستحضرونها في قصصهم ورواياتهم وأشعارهم، ويفرشون الورد في طريقها ،فهي الحلم الذي يسعون للوصول إليه عن طريق صوغ تخييلي يبرز جسد المرأة في كماله وجماله وغوايته الأسطورية.


فالمبدع يريد أن يرد على التهميش والتشييء الذي أصبحت تتعرض له المراة العربية، فجسد المرأة أصبح منتهكا وهو يعرض في وصلات الإشهار وعلى أغلفة المجلات، وغيرها من الممارسات التي تجرد هذا الجسد من إنسانيته وتجعله مجرد سلعة ،ومجرد تابع للأشياء وخادم لها ومعبر عنها، ومجرد وسيط بين السلع والمستهلك، في زمن لا يؤمن إلا بالربح، وما نراه من تجارة الرقيق الأبيض وتصدير الجسد الأنثوي خير دليل على ما وصل إليه الجسد من مهانة ومن تشييء .


المبدع يحاول من خلال إبداعه ، أن يستعيد لجسد المرأة ما هدر من إنسانيته وجوهره اللذين جرده منهما الواقع المتهافت على المادة، والذي جرد المرأة من كل ما هو روحي، فيرد المبدع على هذا الواقع فيرصد هذا الجسد في كماله الروحي والجسدي بطريقة تجعل جمال الروح والجسد وروعتهما وسموهما يغيبان تحت وطأتهما بشاعة الواقع، عند المبدعين الجسد الأنثوي هو جوهرة الكون وسره ومصدر كماله .


والمبدع لا يجعل من جسد المرأة مجرد منبع للذة والمتعة، وأغلب المبدعين أصبحوا لا يقرأون أبجدية الجسد قراءة مباشرة وحرفية، وإنما عملوا على تحرير المرأة من التشييء عن طريق إبراز جمالها الكامل ، الروحي والجسدي.


إن الإبداع المعاصر يرد على الواقع وبقوة ،هذا الواقع الذي جرد الجسد المرأة من حقوقه وشيأه ، فرفع من قيمة الجسد ولم يجعله وسيطا بين السلع والمستهلك وإنما جعل منه وسيطا بين المبدع وحقيقة الكون، فوصل به الأمر في الكثير من الإبداعات إلى تجريد جسد المرأة من ماديته وحسيته، فاستحضروه بطريقة صوفية وفانطاستيكية ، فأبرزوا بذلك عطاءه اللامحدود ،هذا العطاء النابع من الروح والجسد وسيلته .


إن الإبداع المعاصر يصون جسد المرأة ويرفع من قيمته، فالمبدع يسعى إلى رصد الجسد الأنثوي في كماله، حيث لا تعتريه أية نقيصة، فيصوره كطريق موصل للمطلق والسمو ، في حين يبريوظف الإشهار جسد المرأة كطريق موصل لجيوب المستهلك فيعرضه في ماديته وحسيته ومباشريته.


المبدع يستحضر جسد المرأة في الإبداع ليعبر من خلاله عن الكمال المفتقد في الواقع،إن الكثير من المبدعين يردون بوصف جسد المرأة في كماله وسموه على مرارة الواقع المفجعة ، فالمرأة بجسدها وروحها يبرزونها كواحة ظليلة في صحراء الحياة يحتمي بها الجميع.


لكن بالمقابل نزل الإشهار بالمرأة إلى الحضيض، وهدر إنسانيتها،وأصبحت مجرد آلة في زمن الآلة التي أتت على الأخضر واليابس، ومما أتت عليه الكرامة الإنسانية، ومنها جسد المرأة حيث نجد المرأة في الإشهار مبتذلة تعرض فتنتها كاملة أو بالتقسيط، فنجد السلعة تعتمد على الوجه او الشعر أو الشفتين أو الأضافر أو الرجلين ،وغيرها من تفاصيل جسد المرأة التي تعرض كاملة أو مجزأة على أغلفة السلع أو في الملصقات أو الوصلات الإشهارية وذلك حسب ما تقتضيه السلعة ، إن جسد المرأة يطالعنا حيث ولينا وجهنا في التلفزيون وعلى الملصقات في الشارع وعلى السلع التي نقتنيها، فهو مجرد شيء مطفأ بلا روح. لكن الإبداع بالمقابل يجعل المرأة هي الوحيدة القادرة على جعل الاشتعال يعود إلى جذوة الروح التي انطفأت في داخل الإنسان في زمن طغت فيه الآلة فانظم الإنسان إلى قائمة الأشياء، فهي أم الوجود. إن المرأة عند المبدعين لا يقاربون جسدها فقط ،وغنما هي الروح والجسدالأم والحبيبة والصديقة إنها من تمنح الدفء في برد الحياة وزمهريرها، وهي من تمنح الإشراقة والجمال لكل شيء محيط بنا، إنها معطاء بلا حدود .


المبدعون يرفضون تكريس المرأة واختزالها في جسد فاتن بلا حياة كما يفعل الإشهار، أو كما يفعلون بها في سوق الرقيق الأبيض ، وإنما يردون لها الاعتبار ويصورون جسدها كوسيلة للسمو بالروح ويعتبرون هذا الجسد منبعا للجمال الخالد ،وللعطاء الذي بلا حدود إن الإبداع يرد للمرأة اعتبارها الذي غمطها إياه الإشهار .ألا تستفيق النساء إلى ما يتعرضن له من مهانة ،ومن هدر لكرامتهن أم متطلبات العصر وتطوره وإكراهاته أصبحت تجعل بعض النساء متواطئات على الانضمام إلى قائمة الأشياء؟


[email protected]

‫تعليقات الزوار

8
  • Ingénieur
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:40

    بداي من تصويرتك ، دايراها لاش؟؟؟

  • أمير السيسيولوجيا
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:38

    لا يستطيع أحد أن ينكر أن التشهير بجسد المرأة في الاعلانات و المجلات ما هو الا مهانة مباشرة للمرأة و جعلها كصورة يتمتع بملامسة أدق تفاصيلها الكثيرون . مهانة هي بكل المقاييس أن تمثل المرأة أمام الجميع في مسرحيات أو أدوار كاشفة عن الجسد المنهك بسهام الشهوة و الأعين المتلهفة للتدقيق في دقائق الجسد الجميل . هنا لا يتم النضر للمرأة الا على أساس واحد فقط و هو اعتباره وليمة فوق السرير وهذه الحقيقة لأننا لا ننضر اليها الا على هذا الأساس اذا انكشف اليتار تنتهك حرمة المرأة و تنحصر في دائرة الشهوات التي من شأنها أن تأجج في الانسان الروح الغريزية الصارخة داخل الدواخل و المكننونات التي لا يمكن أن تغطيها لا ثقافة و لا ايديولوجية و لا فن لأنها تخاطب ذلك السر المودع في النفس البشرية و الذي لا يمكننا كبشر أن نتحكم في دوافعه .
    من هنا ان ضهور المرأة بجسدها أمام الناس سواء بسنما أو مسرح أو غيره ليس ابداعا و ليس منصفا لها تحت دريعة الفن أو التمثيل الراقي أو غيره لأسباب سالفة الذكر و لأنهن قوارير يجب تغطية أجسادهن حشمة من الأعين و طاعة للخالق

  • tetouaniya
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:48

    سيل احد الفلاسفة كيف تختار امراتك فاجاب
    لا اريدها جميلة فيطمع فيها غيري ولا قبيحة فتشميز منها نفسي ولا طويلة فارفع لها هامتي ولا قصيرة فاطاطى لها راسي ولا سمينة فتسد علي منافد النسيم ولا هزيلة فاخسبها خيالي ولا بيضاء متل الشمع ولا سوداء متل الشبح ولا جاهلة فلا تفهمني ولا متعلمة فتجادلني ولا غنية فتقول هدا مالي ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي
    كان هدا اختيار الفيلسوف اتمنى ان اعرف كيف يختار الشاب المغربي امراته

  • الدكتور
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:36

    عندك الحق أيها المعلق الاول خير الكلام ما قل ودل
    … أيتها الكاتبة ألبسي حجابك اولا واستري عورتك ماستر الله قبل ان تاتي لتتكلمي عن بروز جسد المراة في المجلات انت اولهن وسابقتهن

  • marocaine de montreal
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:42

    juste pour dire que le 1 er commentaire m a fait trop rire

  • zaman
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:46

    موضوع جميل و لكن أعاتب الأخت كاتبة المقال معاتبة أخوية حبذا لو لم تقومي بإرفاق مقالك بصورتك أو على الأقل اختاري شي صورة مافيهاش بزاف ديال البهرجة و الله الموفق

  • نيزار
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:44

    اجابة عن سؤالك الاول،الذي جاء في دفاعك عن المراة،اقول لك،ان الاسلام قد كفل للمراة جميع حقوقها منذ ازيد من 1431سنة ،وجعل كرامتها في عفتها وحشمتها،وليس في تبرجها وعريها،والقائمة طويلة.

  • حسن
    الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 09:34

    شكرا لصاحب المقال 8 و 2 هدرتو يعطيكم الصحة

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب

صوت وصورة
حملة "بن زايد" لإفطار الصائم
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:21 2

حملة "بن زايد" لإفطار الصائم

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال

صوت وصورة
ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:25 15

ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال

صوت وصورة
ما لم يحك | تصفية الدليمي
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:00 1

ما لم يحك | تصفية الدليمي