الرئيس الأمريكي جو بايدن .. الديمقراطية والكاثوليكية والموجة الوردية

الرئيس الأمريكي جو بايدن .. الديمقراطية والكاثوليكية والموجة الوردية
صورة: أ.ف.ب
الإثنين 25 يناير 2021 - 00:22

يرى الدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن رئاسيات نونبر 2020 تميزت عن باقي الرئاسيات الأمريكية السابقة، حيث ساهمت شخصية الرئيس السابق دونالد ترامب وطريقة تدبيره وتسييره لفترة عرفت “بالترومبيزم”، وتغييره أولويات السياسة الخارجية الأمريكية وترتيبات تحالفات استراتيجية جديدة.

ووفق مقال جديد لبوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، عن الانتخابات الأمريكية الأخيرة وفوز بايدن، فإن الحروب التجارية، خاصة مع الصين، وكذا طريقة تدبير أزمة جائحة كورونا وارتفاع الضحايا والسباق العالمي حول اللقاح الفعال، والمشاكل الاجتماعية والتمييز العنصري (Black Lives Matter)، ونظام التغطية الصحية، ساهمت كلها في جعل انتخابات نونبر الماضي متميزة من جهة، وكانت ساحة كبيرة للفاعل السياسي والإعلامي والمثقفين ولمعاهد الدراسات ومؤسسات الاستقصاء من جهة أخرى.

مقال الدكتور عبد الله بوصوف كما توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية:

تم تنصيب جو بايدن (78 سنة) كما هو متعارف عليه يوم 20 يناير 2021 كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية رقم 46، بعد حملة انتخابية قوية صاحبها الصخب والصراع من كل جانب، حتى بعد إعلان النتائج بإعلان فوز الديمقراطي “جو بايدن” كرئيس منتخب، ومحاولات دونالد ترامب بالطعن في النتائج والتشكيك في سلامة التصويت الإلكتروني، مستعملا كل الوسائل بما فيها الالتجاء للقضاء أو الحملات الإعلامية.

ومن المعروف أن الانتخابات الأمريكية هي الأكثر متابعة إعلاميا والأكثر إثارة في العالم، وهذا راجع بطبيعة الحال إلى موقع الولايات المتحدة الأمريكية كفاعل قوي على أكثر من مجال، خاصة في معادلات السياسات العالمية والتحالفات الاقتصادية والعسكرية على مستوى العالم.

لكن رئاسيات نونبر 2020 تميزت عن باقي الرئاسيات الأمريكية السابقة. حيث ساهمت شخصية الرئيس السابق دونالد ترامب وطريقة تدبيره وتسييره لفترة عرفت “بالترومبيزم”، وتغييره أولويات السياسة الخارجية الأمريكية وترتيبات تحالفات استراتيجية جديدة. كما ساهمت الحروب التجارية خاصة مع الصين، وكذا طريقة تدبير أزمة جائحة كورونا وارتفاع الضحايا والسباق العالمي حول اللقاح الفعال. والمشاكل الاجتماعية والتمييز العنصري (Black Lives Matter) ونظــام التغطية الصحية. كل هذا وغيره ساهم في جعل انتخابات نونبر الماضي متميزة من جهة، وكانت ساحة كبيرة للفاعل السياسي والإعلامي والمثقفين ولمعاهد الدراسات ومؤسسات الاستقصاء من جهة أخرى.

وفي يوم التنصيب (20 يناير) قال الرئيس الأمريكي الجديد بايدن: “نحتفل اليوم بفوز، ليس المرشح بل الديمقراطية، الديمقراطية ثمينة.”، ثم يعود مخاطبا العالم: “أمريكا ستقود ليس بإعطائها مثالا على قوتها فقط، بل أيضا بفضل قوة النموذج الذي سنقدم”.

وهنا نلاحظ الذكاء في استعمال مصطلح “القوة” الذي خدم مفهوم القوة العسكرية والاقتصادية من جهة، وخدم مفهوم قوة النموذج الأمريكي الديمقراطي من جهة ثانية، خاصة بعد أحداث الكابيتول وتشديد الإجراءات الأمنية في العاصمة واشنطن، لضمان التسليم السلمي للسلطة ولتفادي أعمال الشغب والاصطدام مع أنصار ترامب، وبعث رسالة قوية للعالم على الحالة الصحية القوية للنموذج الديمقراطي الأمريكي.

كما شهد “يوم التنصيب” استعمالا قويا للعديد من الرموز والرسائل، بدءا من أداء الرئيس المنتخب بايدن للقسم على إنجيل جلدي تملكه عائلته منذ سنة 1893 ويتميز بصليب يرمز لأصوله الإيرلندية، وهو نفس الإنجيل الذي أقسم عليه يوم تنصيبه كنائب الرئيس باراك أوباما. وهو الأمر الذي أعاد للواجهة الحديث عن “جو بايدن” كرئيس كاثوليكي أو الكاثوليكي الرئيس.

وتناولت على إثره العديد من التقارير الإعلامية الجانب الديني في حياة الرئيس بايدن، ونشر الدكتور ماسيمو فوغولي، وهو مؤرخ في الأديان وأستاذ بجامعة “فِيلاَ نُوفَا” بمدينة بينسيلفياني الأمريكية، كتابا جديدا “جو بايدن والكاثوليكية في الولايات المتحدة”، حيث قارن فيه الرئيس جو بايدن كثاني رئيس كاثوليكي بأول رئيس كاثوليكي، أي جون فيجرالد كنيدي، وأبرز اختلاف المحطتين التاريخيتين وعرج على فشل محاولات كل من جون كيري سنة 2004 وهيلاري كلينتون سنة 2016، كما تناول علاقة بايدن بالبابا فرانسيسكو، ورمزية وضع بايدن لصورته على مكتبه البيضاوي. وأيضا الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا والأساقفة.

الرمزية كانت حاضرة، أيضا، في أداء نائبة الرئيس الأمريكي “كامالا هاريس” للقسم على إنْجيليْن اثنين، واحد يعود لأمها الثانية “ريجينا شيلتون”، والثاني يعود لـ”تورغرد مارشال”، وهو رمز حقوقي كبير وأول نائب عام من أصل إفريقي. وستستمر الرمزية بالحضور القوي من خلال أداء كامالا هاريس للقسم أمام القاضية بالمحكمة العليا “صونيا صوتومايور” ذات الأصل الأمريكولاتيني.

وسيُسجل التاريخ أن هذه الرئاسيات عرفت “الموجة الوردية” قامت بها نون النسوة داخل المشهد السياسي الأمريكي. كما أن الذاكرة السياسية الأمريكية لن تنس الصراع العلني الذي قادته “نانسي بيلوسي”، وهي أول رئيسة مجلس النواب الأمريكي ضد الرئيس ترامب، وكانت وراء تقديم ملتمس سحب الثقة من الرئيس ترامب، ولازال الجميع يتذكر حادث تمزيقها لخطاب ترامب أمام عدسات الإعلام الأمريكي والعالمي، كما أن “كامالا هاريس” نفسها تعد أول امرأة تشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي، وأول امرأة من أصول إفريقية / أسيوية ومن أسرة مهاجرة.

ومن جهة أخرى، فقد رصد المحللون الحضور القوي للعنصر النسوي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، سواء من عدد المرشحات الذي ارتفع مقارنة مع الاستحقاقات الماضية أو من حيث النتائج، إذ يعد رقم 141 رقما قياسيا للحضور النسوي في الكونغرس الأمريكي من ضمنهم 51 نائبة من أصل إفريقي وهو رقم قياسي جديد. وهو ما يعني ترقب الحضور القوي لملفات تكافؤ الفرص والعنف ضد المرأة والمساواة في الرواتب بين الرجل والمرأة وغيرها. ستكون حاضرة بقوة في نقاشات الكونغرس أو الإعلام الأمريكي. إذ سُجل على كل النائبات الحضور القوي في الحياة السياسية والحقوقية والمشاركة السياسية على المستوى المحلي أو الفيدرالي. وأن وراء كل نائبة بالكونغرس تراكم حقوقي أو سياسي قوي وتكوين أكاديمي عال وتجربة مهنية وإنسانية دالة.

الرمزية واستعمال الرموز الدينية والسياسية والحقوقية كانت هي الصفة الطاغية على مسلسل الانتخابات وفي يوم التنصيب. إذ إن التلويح بعهد جديد شمل تغيير خريطة تكوين الكونغرس وكذا الإدارة الأمريكية الجديدة. التي تميزت بحضور العنصر النسوي بقوة وكذلك بالتنوع العرقي والثقافي والإثني للمجتمع الأمريكي. بل حتى “المكتب البيضاوي” لم يخل من رمزية وبعث الرسائل التغيير بدءا من السجاد إلى لوحات الرؤساء الأمريكيين السابقين إلى صور القادة الحقوقيين الأمريكيين وصورة مع بابا الفاتيكان. بل التغيير شمل أدق التفاصيل ومنها أقلام توقيع الرئيس جو بايدن.

ويبدو أن القطع مع أدبيات الماضي ليس بجديد في حياة الساكنة الجديدة بالبيت الأبيض “جيل بايدن” (67 سنة). إذ ستعتبر أول سيدة أولى تحافظ على عمالها في مجال التعليم طوال ثلاثين سنة. لكنها فعلت نفس الشيء عندما كانت السيدة الثانية في عهد “ميشيل أوباما”. فالتعمق في تفاصيل حياة السيدة “جيل بايدن” فيه الكثير من الرمزية والعرفان للتعليم ولرجال التعليم التي تعهدت بالاشتغال عليه وحل مشاكل رجال التعليم والمربين.

وستمتد الرمزية إلى تفضيلها اسم “الدكتورة جيل بايدن” وليس “السيدة بايدن”، حيث يحضر الاعتراف بتكوينها الأكاديمي وتحصيلها العلمي من جهة، كما أنها تحترم ذكرى السيدة “نايلا” زوجة جو بايدن الأولى، والتي ماتت صحبة ابنتها في حادثة سير سنة 1972، وتعتبرها هي “السيدة بايدن” من جهة ثانية.

إن كل تلك الترتيبات والتفاصيل والإسقاطات والاستعمال حتى التخمة للرمزية، تلهمنا لتحديد أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة، سواء في ترتيب بيتها الداخلي أو ترتيب تحالفاتها ومصالحها الاقتصادية والاستراتيجية على المستوى العالمي. وهو ما سنرجع له في المستقبل القريب.

‫تعليقات الزوار

5
  • Taza haut
    الإثنين 25 يناير 2021 - 01:03

    لدي احساس ان هذا الرئيس لن يدوم طويلا و ان نجاح الانتخابات كان مجرد لعبة لخلخلة معارضي حزب ترامب كما هو الحال مع العدالة و التنمية و تنتظره مشاكل لا حل لها و اللوبي المسيطر في طريقه لفرض حرب كبرى على المجتمع الامريكي

  • الموجات الزلزالية للإنتخابات الأمريكية في 2020ـــ موجة كورونا، رقصة النساء
    الإثنين 25 يناير 2021 - 02:00

    قبل 2020،لم يكن أخد يتوقع حدوث صدمات،هزات زلزالية بموجات ارتدادية أقوى .الترامبية مزدهرة،مكتسحة،إنجازية اقتصاديا،متمددة شعبيا،شعبويا،مذهبيا!في المرشحين للتمهيديات في الحزب الديموقراطي لم يظهر مرشح كاريزمي بمواصفات الشخصية القوية بروفيليا قادر على منافسة ترامب بشراسة؛وربما هزمه غير كمالا هاريس!أسقطها الحزب العميق في الطريق!موجة كورونا!تمازح معها ترامب!عصفت به!موجة جورج فلويد!كمالا هاريس:قارب العودة،سترة النجاة!الحزب الديموقراطي يرتب البيت،الحسابات!موجة الكوسموبوليتية في مواجهة موجة القومية،الانعزالية،الحمائية،العنصرية،التفوقية!موجة بايدن هاريس مدعومة أوباميا،كلينتونيا،شعبيا،تعدديا!تسونامي بيلوسي خدش رمزية ترامب محاكماتيا!موجة الإصابات,الوفيات جراء كورونا!انهيار إنجازات،صورة ترامب!ترسيخ موجة التغيير في عواصف الأزمات الكبيرة الأمريكية منذ روزفيلت!موجة،صدمة التشكيك في الانتخابات!موجة،شبح1861والحرب الأهلية!موجة،صدمة التطبيع!موجة اقتحام الكونغرس!من السقوط الانتخابي السياسي الفعلي؛للسقوط الرمزي الأخلاقي للترامبية, الترامبيت!ترامب لم يرقص جيدا على موجة النساء كما رقص بايدن!

  • أكاديمي مغربي من ألمانيا
    الإثنين 25 يناير 2021 - 02:20

    إسمعوا أيها المسؤولون المغاربة. البوليزاريو فعلا تهاجم وانتم تنفون وتستصغرون الامر لأهداف سياسية… موريتانيا أكدت الهجوم الخاطف.
    هذيك السياسة ديال المهادنة لانريدها.
    نريد مهاجمتهم في عقر دارهم. فالجزائر هي من يرسلهم عندنا يضربون بسرعة ويعودون في دقائق لجحورهم البوليزاريو_جزائرية. والمغرب لا يريد المجازفة بمهاجمتهم وراء الحدود.
    لم لم تشتكوا للأمم المتحدة وتتخذوا خطوات… أو على تهددوا بأن الرد سيكون موجها. اعطيوا لامهم علاش كيقلبوا. ماذا تنتظرون. إلى متى ونحن ننتظر ننتظر نتظر الصحراء وننتظر سبتة ومليلية… نريد حربا شاملة تعيد رسم الخريطة المغاربية لما كانت عليه الأمور قبل الإستعمار الفرنسي للجزائر والمغرب. هل فهمتم؟. مغرب اليوم يمكنه استعادة ماضاع واستعادة مساحة أكثر من 2 مليون km2.

  • أمريكا، كيلنتون، ترامب ـــ عن جورج واشنطن
    الإثنين 25 يناير 2021 - 03:28

    لفهم شخصية ترامب وعهدته لن نجد أحسن من مقارنتة بالرئيس كلينتون.تجمعهما قواسم مشتركة شكلية وتباينات جوهرية.انتخابهما كان مفاجأة،صدمة!كلاهما خضعا لمحاولة عزل مع التبرئة!ترامب تنتظره محاكمة ثانية قد تكون إدانة ثابثة؛احتمال محاكمة جنائية!كلاهما ارتبطا بالفضائح:جنسية لكلينتون،سياسية،انتخابية،ضرائبية لترامب!عقارية لكليهما!كلينتون فقير،شعبي،شاب،ماكدونالدي،متواضع،وسيم،زير النساء،أبيض محب للسود ويحبونه،رجل قانون،رجل دولة،مدعي عام،حاكم أركنساس،ديموقراطي خالص،مثقف،صاحب أطول فترة توسع اقتصادي في زمن السلم الأمريكي،خطيب بارع!حافظ على إنجازاته!له إرث رمزي!21مليون وظيفة في عهده!محاضر مميز بعمق تاريخي و فلسفي، ديموقراطي يميني،وسيط سلام ناجحفي إرلندا الشمالية؛بدرجة أقل في الشرق الأوسط!رجل أعمال يتاجر بمحاضراته!ترامب دونالدي،رجل أعمال،ملياردير،منشط إذاعي؛غير مستقر عاطفيا،عائليا،نفسيا،سياسيا،وحزبيا :ديموقراطي،جمهوري غير جمهوري، إصلاحي، جامد إديولوجيا،شعبوي قومي حمائي، حبه للسود ظاهري انتخابي، شيخ، انعزالي، تدخلي مندفع؛وسيط سلام متحيز منحاز!دمر إنجازاته!إرثه التقسيم، الفوضى، التويتات الثرثرية!

  • sun shine state
    الإثنين 25 يناير 2021 - 04:39

    au commentaire 1
    occupe toi juste des problemes de Taza
    il faut vivre aux etats unis pour bien connaitre comment ca Marche les choses ici.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين