الشراكة جنوب جنوب والآفاق الاقتصادية الواعدة

الشراكة جنوب جنوب والآفاق الاقتصادية الواعدة
الجمعة 20 شتنبر 2013 - 18:58

في سياق منظومة دولية تتسم بتركيز الجهوية الاقتصادية، يأتي توطيد علاقات الشراكة بين المغرب ودول إفريقيا الجنوب، كتعبير عن الارتباط بالجدور، ذات البعد الضارب عمقه في القارة الافريقية، و كخيار استراتيجي حسمت فيه بلادنا منذ سنوات خلت من اجل تكثيف التنافس، على المستوى التجاري والمالي، ومواجهة اكراهات العولمة والتحديات المرتبطة بها.

الحضور الملكي لحفل تنصيب الحكومة الجديدة في مالي له دلالاته العميقة. فالمملكة المغربية التي تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، تحظى بالاحترام من طرف الدول الاوربية والإفريقية، وهو مانستشفه في حضورنا في المحافل الدولية، وكونها تضبط وتطور شبكتها العلائقية والتواصلية، فهي المؤهلة للعب الدورالمحوري وأداة الربط بين اوربا وأفريقيا وأمريكا.

ان توقيع المغرب على اتفاقيات شراكة وبروتوكولات همت رزمة من القطاعات، منها التشغيل، التكوين المهني، وتكوين الاطر، تحديث الادارة، وفي مجال الخدمات، الاعلام، الاتصال، المواصلات، و الابناك، توزيع الكهربة والطاقة والسياسات الاجتماعية بما فيها الشباب، والرياضة والمرأة وغيرها من الميادين التنموية، تطلعنا على أن الميزان التجاري للمغرب، في تعاملاته مع السوق الافريقية الصاعدة، مؤشراته في مستوى تصاعدي وتعد بالمزيد. ولنا أن نتدارس العديد من مقترحات خطط العمل من أجل الرفع من مستوى تعاون المغرب مع هذه الوجهة من دول افريقيا الجنوب، من أجل استراتيجية شمولية بأبعادها الاقتصادية والمالية والسياسية والأمنية.

رغم أن المغرب غادر منظمة الوحدة الافريقية زهاء اكثر من عقدين من الزمن، وهو المساهم في تأسيسها، لما عرفته وتعرفه من اختلالات كقبول عضوية كيان وهمي. لكن المغرب ظل حاضرا يسلك سياسة التعاون والتآزر عند المحن والكوارث و يربط علاقات متينة مع زعماء أفارقة، بل واستطاع ان يجمع رؤساء ثلاث دول كغينيا ليبيريا وسيراليون لتقريب وجهات النظر حول الخلاف القائم على نهر”مانو”وهو الانجاز المحسوب له الى جانب مساهمات عديدة اخرى. لقناعته بأهمية الاتحادات والتكتلات الاقليمية القمينة بنفض غبار التهميش على افريقيا وبتشكيل قوة تحقق لها الاقلاع التنموي الشامل انطلاقا من مواردها و طاقاتها وقدراتها الذاتية وخصوصيتها درءا لمفسدة الاستغلال وتعطيلا لهيمنة القارات الاخرى التي تساهم مجاراتها في استنزاف وتجميد الدينامية لحساباتها الخاصة.

المغرب لا يصرح فقط بقناعته بوجاهة التكثلات الاقليمية التي يجب ان توازيها التجمعات الجهوية، بل يسعى الى تحقيق تنمية شاملة في هذه الوجهة من افريقيا و تفعيل ذلك عبر المطالبة بتنشيط اتحاد المغرب العربي الذي يساهم تجميده في رهن مستقبل المنطقة وفي تعطيل التواصل والتبادل المتوسطي من اجل ارضاء انانيات متضخمة لجيران يجمعنا بهم التاريخ والجغرافيا وروابط هوياتية كالدين واللغة، لكنهم وأبوا الا أن يغلقوا حدودا لا يصلنا منها غير الوعد والوعيد، والدعم السري والعلني للكيانات الانفصالية.

ان أسراب المهاجرين السريين التي تقصد دول الشمال تجعل من المغرب المفتوحة شرفاته على رياح اوربا بلد عبور. لكن عندما تغلق عليها المنافذ عبر سبتة مليلية السليبتين تجعل منه بلد إقامة. رغم المجهود الجبارالذي تتعبأ له السلطات العمومية المغربية وجمعيات المجتمع المدني وفقا لمبادئ دولة مؤسسات تحترم القانون والتشريعات الوطنية والدولية والاتفاقيات التي وقع عليها المغرب في هذا الشأن، فالمجتمع الدولي الذي يستحضرالبعد الحقوقي في تدبير هذا الملف عليه ان يستحضر أيضا أن المغرب غير معني لوحده بلعب دور الحارس النجيب لحدود اوربا.

وأن تدبير هذا الملف يتطلب إمكانيات هائلة ومقاربة متجددة قوامها مساهمة شركائنا الاوربيين والتعاون المتعدد من جميع الجهات بما فيها المنظمات الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة. كما يفرض على الاتحاد الاوربي الرفع من مستوى الدعم و التنسيق على جميع المستويات، وليس فقط على مستوى محاربة الارهاب كآلية بربرية للاحتجاج العنيف والذي تتعدد دوافعه لتصل أحيانا الى غياب التأطير وغياب البرامج التنموية والى استغلال الاخر لمواردك الطبيعية والى احتكار السوق والى تضخم الرأسمالية الشيء الذي يجعل بون الشرخ يكبر اكثر فاكثر بين الدول المتقدمة وما يسمى دول العالم الثالث بما في هذه الكلمة من طبقية مجحفة.

المجتمع الدولي أصبح يعي اكثر من أي وقت آخر أن التنمية البشرية هي مفتاح نجاح المخططات التنموية والتقدم والاستقرارالمجتمعي. إن الهجرة السرية التي يتعاطاها ساكنة دول الجنوب، عن طواعية أو مع انسداد الافق، تنبأ بفشل مخططات سياساتها العمومية والسياسات التنموية لهذه الاخيرة، وعدم اشراكها للساكنة في تحقيق النمو والتقدم الاجتماعيين.

وخير وقاية من ظاهرة الهجرة والتشنجات الاقليمية التي تهدد الامن والسلم العالميين هي التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتعايش واحترام قيم الديمقراطية، هي القدرة على التعبئة التي تتماشى مع المقومات الاساسية للمبادئ الانسانية المبنية على احترام القانون، كرامة وحقوق الإنسان كيفما كان اصله عرقه لونه أو معتقده.

‫تعليقات الزوار

3
  • fedilbrahim
    السبت 21 شتنبر 2013 - 15:44

    من خلال قراتي للمقال خاطرت ببالي تساؤلات تهم الشان المغربي الافريقي ومفادها
    تقييم المغرب لصواب خروجه من منظمة الوحدة الافريقية من عدمه خاصة و ان الكيان الوهمي يستغل شغور مكان المغرب و يستغل هذه الفرصة للترويج لاطروحته
    هل يساهم المغرب عبر ديبلوماسيته في تكريس الديكتاتورية او او الديمقرطية الكومبارسية عبر احزاب ادارية و نواب اعيان خلال ديبلوماسيته البرلمانية التجمع و الدستوري والبام….
    هل فعلا مايهم المغرب هو التنمية البشرية في افريقيا ام يهمه الاستقرار و الامن خاصة الخشية من خطر التنظيمات الاسلام السياسي

  • زهور
    الأحد 22 شتنبر 2013 - 14:47

    السلام عليكم الاخت المحترمة فوزية اتمنى لك اكثر تالقا لكن ما اثار انتباهي تقرير من هدا النوع فيه دلالات ومعنى خصوصا على ما انت عليه هل المغرب في طريق صحيح نحو التنمية البشرية في بلده الاول بعد دالك نرى افريقيا نسبة الفقر في المغرب تفوق الدول الافرقية لانها في المغرب تعيش بعض الاعيان وحدها ولكن مستعملة كقناطر لاصحاب المعالي اما اصحاب الديبلومات الحقيقية فهما في السجن كما دكرت في التقرير حول سجن عكاشة ومنه من هو في سجون المملكة ياما في السجن مظالم وبعضهم في برشيد يعانون امراض نفسية ومن هم من يتواجد تحت وطاة سرطان ياكل لحمه ودمه نحن لسنا كما تعتقدون ايتها النواب المحترمون اين تعيش بعض الفئات من المغرب الفقر والتهميش والامية والحكرة اتمنى يوما ان يدخل الى الاحياء الصناعية وترون كيف حالة العمال والعاملات اصبحو بضاعة ما يسمى بالنقابات وارباب العمل عيد الاضحى على الابواب ما اكثرهم يبيع ملابسه لشراء الاضحية او يرسل زوجته للشارع اين نحن

  • جمال
    الأحد 22 شتنبر 2013 - 23:59

    في الوقت الذي يعيش فيه المجتمع المغربي مختلف الوان المشاكل الاجتماعية من فقر وبطالة وتهميش تأتي الاخت بمقال تورد فيه مجهودات المغرب في نفض غبار التهميش في القارة الافريقية،يجب اولا نفض الغبار عن التهميش الذي يعانيه الشعب في شتى المجالات ولن اذكر كل المجالات سأقتصر على قطاع الصحة،حاولي ايتها الاخت ان تلقي نظرة على مستشفياتنا المتعفنة والمكتظة بالمرضى الفقراء بدون اطباء ولا ادوية مما يزيد المريض وعائلته مرضا…

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45

ريمونتادا | رضى بنيس