النجاح في فنجان شاي؟

النجاح في فنجان شاي؟
الأربعاء 27 يناير 2010 - 16:48

أردت مشاركتكم ساعة من ساعات النجاح في أمم غيرنا ، واخترت الصين نموذجا ،فكثيرا ما تعجبت ، مما يسمى بمعجزة الصين ،ذلك البحر المتلاطم من البشر ، وتلك الدقة في توزيع الأدوار ،ناهيكم عن الطمأنينة العامة التي ألمسها تعلو وجوه الصينيين رغم صغر عيونهم ؟.

فقلت ولاشك أن السر في قيمهم الثقافية و مصادرهم الأخلاقية ،فرحت بضم الراء أبحث في التعاليم البوذية في صورتها الكونفوشيوسية ،وكم ساءني ألا أستطيع الإجابة عن سؤال ما إذا كان حكماء الصين أنبياء أو مجرد شيوخا خبروا دروب الحياة أم هم مجرد مدعين ؟ . هذا ما دفعني إلى إثارة سؤال آخر كثيرا ما ردده صدى نفسي التواقة إلى المعرفة – لا غير – ، لم كل هذا الكم من الأنبياء و المرسلين في بقعة بمساحة حي صيني ، وفي الأكثر مقاطعة من مقاطعات الصين (( العظيمة )) ؟ ولم لم تجديهم نفعا كل الشرائع و التشريعات التي تتالت عليهم ، في حين نجد تعاليم رجل أو رجلين من الصين القديمة لازالت تفعل فعلها في بلد يكاد يتحدى مملكة النمل و النحل دقة و انضباطا و إنتاجا.. ؟ ولما لم يسعفني البحث السابق إلى جواب مقنع ؟ .

رحت مرة ثانية أبحث في كتابات المستشرقين ،نسبة إلى الشرقيين الأدنى و الأقصى دون الشرق الأوسط ،ذلك أن الأخير تكاد لا تفصله عن صحرائه الجرداء ،وعطاءاته التاريخية غير براميل نفط تذكرنا بهم أحداث التاريخ الحديث لا غير.. تأتي من بعدها رحلة الحج العظيم ،حيث انبثاق النور الوحيد الذي يطغى على سواد نفطهم ؟ نور في كتاب أدخلهم التاريخ رغما عنهم ، نور جسده النبي محمدا الذي

شهد له بعض من أولئك المستشرقين بأن (( لو كان محمد بيننا ، لكان حل مشاكل العالم و هو يشرب فنجان قهوة )) . ثم من خلال هذا الرابط الأخير في كلمة فنجان قهوة ،ثم بعد تأمل طويل عن طريق الملاحظة من دون المعايشة لتقاليد وطقوس الصينيين في جلستهم – المقدسة ؟- لشرب الشاي ،لامست شيئا من الإجابة التي تعوزني عن سر تفوقهم ونبوغهم بشهادة أمم الدنيا قاصيها ودانيها .

ذلك أنهم يحتفون أيما احتفاء بجلسة إعداد الشاي الصيني ،حتى لتخال أنهم في حضرة جلسة صوفية- وإني لأخالهم كذلك- .

بحيث يبدؤون جلستهم تلك ،بإعداد المكان أولا ،فلا زينة ولا ديكور مبهرج ، ولا مثيرات أو مؤثرات ..انسجام تام مع الطبيعة في ألوان ومواد الأثاث و الأدوات المستعملة خلال الجلسة . تركيز كامل في هدوء وصمت وتواضع تام للطبيعة في جلستهم القرفصاء من غير زرابي مبثوثة أو فرش موضوعة أو نمارق مصفوفة ..تجرد تام من التكلف أو الفخامة في أزياء تقليدية حريرية نسجت خيطا خيطا من يد مبدعها ،بألوان تزهو محتفلة بأوراق و أغصان شجرة البامبو تحاكي أجنحة الفراشات وعروض الأزهار..، ثم روائح عطرية تتبارى فيما بينها و تجتر عبق الطبيعة صندلا و عنبرا ومسكا ..تمتزج أيما امتزاج برائحة الشاي الأخضر الصيني ،عنوان حضارتها و طابع بريدها لباقي الأمم. هدوء تام في الإعداد والتحضير ، دقة متناهية في الحركات حين وضع الأواني ورص الأكواب وتناول الملاعق ومزج المكونات .. في جلسة أقل ما يقال عنها ،تأملية أكثر منها جلسة شاي ، حركات من الدقة والانضباط بحيث تحسب صاحبها أو صاحبتها في طقس من طقوس توديع الروح؟

–        هكذا يبدو لي- ليس هناك من ضجيج بالمرة ،غير صراخ الصمت المدفون في   أعماق الروح – من تأمل أو من كبت – .

لا أدري ؟ ولن أدري إلا بعد التجربة ، فأنى لي بها و الصين بعيدة حتى في مخيا لنا (( اطلبوا العلم ولو في الصين ؟ )) . ثم بعد إعداد الشاي ،تأتي طريقة التقديم ،فهي الأخرى ، رحلة أخرى غاية في الدقة والروعة لكأنها – جواب ؟- كورال ؟ – لمعزوفة التحضير والتقديم بصب الشاي ، أما تناول الفناجين ،فرحلة تأملية أخرى لا تقل إمتاعا عن سابقتها ،حتى تختتم أخيرا برشفة الشاي السحرية – ولاشك ؟ – .

إن مجرد ملاحظة الصينيين في هذا الطقس التأملي لشرب الشاي ، في رأيي ، خلاصة دامغة ،مفحمة ، للتفوق الصيني ،الذي توج بأعظم إنجاز في التاريخ بعد سور الصين العظيم ،ما سمي – بالألعاب الأولمبية ببجين ؟- . لا خطأ ، سيطرة مطلقة على الحدث و التاريخ ،مثلما للصين سيطرة مشهود بها على (السوق ؟) . فاقتحام الصينيين للبيوت ، بحضارتهم و إنتاجا تهم و بتفوقهم ، يكاد يضاهي تفوق النمل في اقتحام كل البيوت والحصون ،سواء كانت أكواخا من قش أو من لبنات أو حتى البنايات العالية…حضور النمل طاغ في الطبيعة كما حضور الصين طاغي في حضارة الإنسان ؟.

من كل هذا وذاك ، يجمل بي القول ،أن الحل لمعضلة التخلف – العربي ؟- تتمثل في قراءة فنجان الشاي الصيني ، قراءة تختلف عن قارئة الفنجان إياها ؟.. ففنجان الشاي الصيني هو عنوان للتحدي ،ثم هو برهان على التفوق و الإبداع ، وهو أخيرا احتفاء بالحياة والنجاح .

‫تعليقات الزوار

4
  • omar
    الأربعاء 27 يناير 2010 - 16:56

    من غير زرابي مبثوثة أو فرش موضوعة أو نمارق مصفوفة
    r you trying to be funny ?

  • ا. الترابي
    الأربعاء 27 يناير 2010 - 16:52

    على دكر الشعب الياباني فهو شعب ذا امتيازات عن الشعوب ولديه كفاءات عالية نتيجة لاستعماله لفدراته وطاقاته.. حيت لا يتوارثونها بقدر ما يتناقلونها ويتعلمونها جبلا عن جيل بغض النضرعن الانجازات والتطورات التي وصلوا اليها في شتى المجالات والعلوم باختلافها وتعددهانتيجة لذلك فلا يجب الاستغراب بقدر ما يجب علينااستعمال كفاءاتناوقدراتناالامحدودة..والاستفادة من تجارب ومهارات هاؤلاء لان نحن كذلك وهبنا الله عقول وطاقات..حيت يجب استغلالها واستعمالهاواستتمارهابالفعل والا سنظل نتباها بهم فقط..

  • عادل
    الأربعاء 27 يناير 2010 - 16:50

    يا أخ عبد النور مقالك خارج السياق بتاتاويبدو أنه رغم إقامتك في الصين لا تعرف سوى القشور. كما أن الديالكتيك الذي تعتمد في الربط بين الافكار والتصورات والتهيآت غريب. وابرز الخرافات التي تمررها هي أن جلسة تحضير الشاي في الصين مثل جلسة تصوف. ما هذا الهراء. راجع نفسك فالصين التي تتحدث عنها ليست الا في عقل مريض .

  • منحدر من اليمن
    الأربعاء 27 يناير 2010 - 16:54

    تسآءلت في مقالك عن سبب تأخر منطقة بعث فيها من الأنبياء مايفوق المئات,وتقدم الصين التي لم تعرف هذا النوع من الوحي,وجاء جوابك عن السؤال أو بالأحرى عن التساؤل ملخصا في:طريقة تفكير الصينيين وسلوكهم .
    ولكن ألا يثير هذا الجواب سؤالا آخر وهو مالذي جعل الصينيين يفكرون ويتصرفون على هذه الطريقة؟
    والجواب عليه يتطلب إثارة أسئلة قديمة من نوع; هل يحتاج الإنسان إلى وحي ليعرف الحقيقة ويهتدي إلى ماله فيه فائدة دنيا وأخرى؟وما هي ضرورة بعث الأنبياء والرسل في أقوام دون أخرى؟إن الشعوب التي أرسلت إليها الرسل كانت فقدت إنسانيتها وأصبحت همجية تتخبط في الظلام لم تستطع قيادة نفسها بدون دليل من الله ,ولولا هداية الله لها بالرسل لأصبحت في خبر كان,وما توجد عليه حالا أفضل رغم التخلف مما كانت ستصير إليه بدون هداية.
    يتبع

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة