تَراجُعُ نمُو النَّاتِج الدَّاخلي الخام إِلى 2.2% في الرُّبع الأول من العام الجاري
جاءت الأرقام أخيراً لتقطيع الشك باليقين وتؤكد الركود الجلي الذي تعرفه البلاد منذ بداية العام. إذ أن النمو الاقتصادي بناءً على الأرقام المتوفرة عرفَ فتوراً واضحاً. فقد كشفت آخر تقديرات المندوبية السامية للتخطيط عن تراجع معدل نمو الناتج الداخلي الخام إلى 2.2 %، وهو أدنى رقم يتمُّ تسجيله منذُ ست سنوات. فخلال نفس الفترة من عام 2011 بلغ معدل 4.9%، وفي الربيع الأخير من نفس العام كان قد وصل إلى 5.3%.
ومِن المرتقب أن يشهدَ الوضع تحسُّناً في الربع الثاني من العام الجاري، إذ تتوَقَّعُ المندوبية السامية للتخطيط نموا بنسبة 2.8%. لكن الأفقَ يشي بتراجع في النشاط، بشكل يتبدَّدُ معهُ حلم بلوغ معدل نمو سنوي في حدود 4.1%. وذلك حسب تخمينات المندوبية للميزانية الاقتصادية التي تمَّ الإعلان عنها للعموم في فبراير الماضي.
وفي حمأة الأرقام، يطرحُ سؤال ملح بشأن سبب هذا الركود؟ ليستحضرَ الجواب بدءً تراجع القيمة المضافة للفلاحة بنسبة 11.7%، بسبب تدهور غلة محاصيل أغلب المنتجات النباتية سيما محاصيل الحبوب (48 مليون قنطاراً عوضَ 70 قنطاراً في الموْسِم المَاضِي). إضافة إلى زراعة الخضروات، والزراعات السكرية وبعض الزراعات الشجرية، ويعود هذا التراجع بالأساس إلى الظروف المناخية السيئة التي عرفتها جميع مناطق البلاد.
لكن ما يقلق أكثر، هو أن تراجع النُّمو راجع أيضاً إلى ارتفاع جد متواضع للأنشطة المزاولة خارج المجال الفلاحي: 4.3% بدَلَ 5.1% و 5.6% بشكل متتالٍ في الربعين الأول والأخير من عام 2011.
تراجع الإنفاق الاستهلاكي بالمغرب
ارتفعت نسبة الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 1.9% بخلاف الربعين الأول والأخير من عام 2011 حيث بلغت بالتوالي 6.3% و 8.4%. وتعود هذه النتيجة بالخصوص إلى تراجع استهلاك المواد الأولية (الفلاحية منها)، وارتفاع أسعار المواد الغذائية عُموماً بنسبة 1.4%. وفي المقابل حافظت وتيرة استهلاك المواد غير الغذائية على وتيرة نشيطة، فقد ارتفعت على سبيل المثال نسبة قروض الاستهلاك لتبلغ 12.8% فيما ارتفع استيراد المواد الاستهلاكية المستوردة بنسبة 12.6%.
أرقام وتوقعات المندوبية السامية للتخطيط لا تعني لي شخصيا حتما الحقيقة , فهي إطار تابع للحكومة والغالب في مثل هاته الحالة حتى لدى بعض الدول المتقدة إقتصاديا , أن أرقام و إحصاءات و توقعات مثل هاته المؤسسات لا تعكس الواقع وتكون في أغلبها موجهة نحو التفاؤل . والسبب في ذلك بكل بساطة هو عدم هز ثقة المستثمرين بالإقتصاد المحلي , فقوة أي إقتصاد في العالم تكمن في مدى ثقة المستثمرين به ومدى إيمانهم بتزايد المردودية منه .
من جهة أخرى كلنا يعلم أن الإقتصاد المغربي مرتبط بشكل كبير بالقطاع الفلاحي و أن هذا القطاع مرتبط بدوره بشكل أكبر بحالة التسقطات المطرية اللتي خيبت التوقعات هاته السنة و التقرير يعترف بذلك ولو ضمنيا , لذلك أنحى إلى التأني في قبول أرقام التقرير , و أجزم أن الوضع أسوء مما جاء به و أنه سيتزايد سوءا .و أسجل كذلك أن القليل من الإيجابية اللذي جاء به التقرير بخصوص إرتفاع استهلاك المواد غير الغذائية . ليس نعمة على الإقتصاد ولكنه نقمة خاصة في جوٍّ يسهل فيه الحصول على قروض الإستهلاك , وفي غياب إنتجاية تقارب على الأقل نسب ذلك الإستهلاك , ولعل خير ذليل على ذلك ما حدث ببعض الدول الأوربية