ترامب أو حينما تحتال سلطة المال على سيادة القانون

ترامب أو حينما تحتال سلطة المال على سيادة القانون
الإثنين 11 يناير 2021 - 00:13

ظاهرة رئاسية أمريكية استثنائية

ظاهرة ترامبيزم Trumpism غزت العالم السياسي؛ أسس لها دونالد ترامب من خلال توظيفه المطلق لسلطة المال في تدبير شؤون العلاقات الدولية؛ في مجالات عديدة متخذا منها الحكم الفصل في علاقاته بعديد من الدول والمنظمات والشركاء، وجعلته يلغي كثيرا من الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها إدارة أوباما، ويعيد النظر في اتفاقيات المناخ والملف النووي الإيراني خاصة، ويسحب الدعم المالي من منظمات أممية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية.

هذا فضلا عن سلسلة الإقالات التي مارسها في حق كبراء موظفي البيت الأبيض؛ من وزراء ومستشارين وقضاة.

ومعلوم أن دونالد ترامب دخل البيت الأبيض سنة 2016، بدعم سيبرنتيكي على يد أنامل روسية متخصصة في اختراق أعتى الشبكات العنكبوتية للتجسس في العالم، والولوج إلى الأبناك المعلوماتية للعديد من الدول، وهذا صار غير خاف على أحد، بعدما كانت منافسته هيلاري كلينتون على وشك الاعتراف بها كرئيسة للولايات المتحدة الأمريكية، لكن وفي آخر لحظة؛ وتحت ذهول العالم أجمع؛ أمكن للقراصنة الروس أن يحولوا خزانات الأصوات الانتخابية إلى صالحه.

لكن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة 2020 أكدت للرأي العام الأمريكي مدى نفوذه المالي واختراقه لدائرة واسعة من المصالح الفدرالية، من أجل إعادته رئيسا للدورة الثانية؛ موظفا ومستغلا صلاحياته الدستورية، وثقله المالي في تزوير إرادة الناخب الأمريكي، فقد حاول مرارا الضغط على حكام العديد من الولايات لشراء ذممهم؛ وبحرص محموم من جانبه؛ لإحصاء أصوات الناخبين وتحويلها لصالحه.

ومعلوم؛ في عالم المال؛ لا يمكن للمقامر أن يقر بهزيمته؛ مهما كانت الظروف والملابسات، فهو يقامر إلى آخر نفس أو بالأحرى إلى آخر مليم يمتلكه، ولو تأتى له الأمر لقامر بساعة معصمه! فترامب؛ ومنذ الإعلان عن النتائج الانتخابية الرئاسية في شهر نونبر الأخير؛ لم يعترف بهزيمته أمام منافسه جو بايدن، على الرغم من محاولاته اليائسة في عرض “قضية التزوير” أمام المحاكم الفدرالية، وبلغ به جنون تمسكه بموقفه أن أعد سيناريو هوليودي جهنمي؛ لم يكن يعي بالمرة تداعياته الأمنية والسياسية، حينما ضرب موعدا لأنصاره وغيرهم من التيارات اليمينية المتطرفة بالتجمهر أمام مبنى الكابيتول حيث مجلس الكونغريس للتصديق على النتائج الانتخابية وتزكية فوز المترشح الديمقراطي جو بايدن يوم 6 دجنبر 2021، هذا التاريخ سيبقى عالقا بالذاكرة الأمريكية لشدة وطأة أحداثه الشبيهة بأحداث 9/11.

كانت الحشود تصل تباعا لتقترب من المبنى، وهي تتحرك امتثالا للتغريدات التي كان يصدرها لهم عبر موقع “تويتر”… منها دعوته للحرس الرئاسي بالسماح لأنصاره من التجمهر “السلمي”، لكن ومع تعاظم أعدادهم الذي اقترب من عشرات الآلاف؛ أخذوا وبتواطؤ سري مع رجال الحرس؛ في اقتحام شرفات المبنى، وقد جردوا آلياتهم ووسائلهم في تسلق المباني وتهشيم زجاج النوافذ، وفي بضع لحظات متسارعة الأحداث؛ تمكنوا من احتلال المداخل المؤدية إلى داخل مجلس الكونغرس، وقد عاين العالم؛ ومن خلال صور حية مباشرة؛ مدى العنف والدمار والتخريب وأعمال الشغب التي لحقت بالممتلكات، أسفر في ما بعد؛ وبعد مضي أقل من ساعة؛ على وفاة أربعة عناصر من رجال الشرطة والعبث بالممتلكات، فضلا عن تهشيم آليات كثيرة لأجهزة الإعلام المرئية؛ تابعة لشبكات مراسلين. كان حينها ترامب غارقا في ساديته وهو يتابع النتائج التي أسفرت عنها مؤامرته العمياء، حاول بعد أن علم بأن أمريكا باتت تحت رحمة أقدام عبثية أنصاره؛ أن يسكن من روعهم ويدعوهم إلى التراجع ولزوم “بيوتهم” شاكرا لهم “جميلهم”.

مستقبل بايدن في البيت الأبيض

كان لتغريداته الجنونية الأثر البليغ في نفوس المراقبين؛ بمن فيهم الجمهوريين وهم يقرؤون فيها أن ترامب سوف لن يتراجع عن مساعيه العمياء في عرقلة السياسة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، وأن هذا الأخير سوف لن ينعم بمقام آمن داخل البيت الأبيض، طالما أن اندحار غريمه ترامب وعدم إقراره بفوزه، واستبعاد حضوره مراسم تسليم السلطة وتنصيب بايدن في 20 من الشهر الجاري.

ومن هول الصدمة التي أصابت المجتمع الأمريكي، وهو يتتبع أعمال الشغب التي حرض عليها الرئيس؛ طالبت العديد من الجهات بمن فيها تيارات داخل الحزب الجمهوري بتفعيل مادة في الدستور الأمريكي تقضي بعزل الرئيس ومحاكمته على إخلاله بالقسم الذي أداه 2016 كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.

‫تعليقات الزوار

7
  • KITAB
    الإثنين 11 يناير 2021 - 08:12

    يبدو أن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب محط استفهامات ضخمة، ماذا بقي في جعبته للمزيد من المناورات، في اعتقادي أن عقيدة المقامر في آخر المطاف حينما تنعدم له الحيل إما سينتحر وإما سيختفي، أما استقالته أو عزله فمستبعدة طالما أن ذلك سيحدث شرخا في المجتمع الأمريكي ووصمة عار على الحزب الجمهوري نفسه، الأيام الثلاثة القادمة ستتضح نواياه، سلمات

  • المرنيسي
    الإثنين 11 يناير 2021 - 11:46

    العالم يعيش واحد القلق كبير، واش ترامب غيستقل واش غيتحاكم واش… غادي يقدم الاستقالة… واش… واش؟ الرجل يمكن ناوي على شيحاجا خايبا.. كلشي بدا يهرب منو… بحال إلى ولا حمق

  • الكرموني
    الإثنين 11 يناير 2021 - 13:31

    ربما دخل مستشفى المجانين، فالإحساس بالعظمة أو مرض العظمة ستستخرج منه في آخر المطاف شيء لا يمكن توقعه، إحساسه بالعزلة ربما ستدفع به إلى الانتحار وأنا متفق مع KITAB بأن نهايته ستكون تراجيدية

  • حتى ننصف الرجل
    الإثنين 11 يناير 2021 - 15:47

    تهاوت أسعار العقارات،قام رجال الأعمال باالمضاربة بأسعار النفط حيث وصل السعر إلى ٢٠٠ دولار ،لتعويض خسائرهم دلك كان او درس لترامب لا يكفي أن تكون رجل أعمال ناجح وتبني ناطحات السحاب عليك التواجد أيضا في مراكز القرار، الرجل لم يكن منغلقا على عالم رجال الأعمال، يعرف فئات المجتمع الأمريكي جيدا ،لقد كان له برنامج في mbc4 لتشجيع المقاولين الشباب ، يكره الخضر ، وكدلك العولمة و تحرير التجارة العالمية،يقول ان الصين و أوروبا دمرتا اقتصاد أمريكا، عندما نتحدث عن موقفه من الهجرة فهو مرادف لمشكل المخدرات ،وهل هناك دولة في العالم من غير أمريكا لها شرطة مكافحة المخدرات ،فهي في حرب دائمة ضد تلك الافة، لقد قال للامريكيين ان فشلت في الانتخابات فعليكم تعلم اللغة الصينية ،الكل تحالف ضده ،كانت التجاوزات من كلى الطرفين الجمهوريين و الديموقراطيين ،الرجل بعفويته وتمرسه بالمجتمع الأمريكي طرح إشكالياتين واقعيتين محاربة الهجرة غير النظامية و تقييد التجارة العالمية الحرة

  • محمد الحمداوي
    الإثنين 11 يناير 2021 - 19:01

    ليسمح لي صاحب المقال ان اختلف معه بعض الشيء وانا لا أدافع الرءيس ترامب لان دفاعي عنه لن يفيدك ولكن المعروف ان الذي يفرز الرؤساء في الولايات المتحدة الأمريكية هو اللوبيات ووساءل الاعلام والمال.
    فالرءيس ترامب حصل على 74 مليون صوت ولولا خطاه في معالجة جاءحة كرونا لفاز.
    فامريكا يحكمها الدولار والسيد ترامب لم يخرج عن هذه القاعدة وهو انه صريح اكثر من اللازم.
    وبالنسبة لنا نحن المغاربة يبقى السيد ترامب احسن رءيس عرفته امريكا.

  • ... حمداوي
    الثلاثاء 12 يناير 2021 - 13:09

    تحية ، الرجل له وجهه اللامع في السياسة الدولية، وله اليد “البيضاء” على القضية المغربية، حتى وإن كنا حتى الآن جاهلين بمضامينها وأبعادها، لكن الذي أثار حنق العالم وجلب له عدة متاعب، بل وكاد أن يضرب ماضيه السياسي في صفر هو أحداث الكابيتول السوداء حينما حرض أنصاره على اقتحام مبنى مجلس الكونجريس، وعاين العالم مدى صور التخريب والدمار… هذه هي النقطة التي أفاضت الكأس والتي ستترك بصماتها على مستقبله كان في السلطة أو طلقها

  • السهلي
    الأربعاء 13 يناير 2021 - 14:51

    ‏‎‎هل يحق لمؤيدى الديمقراطيين اتهام شعبية ترامب بالجهلة وشيطنة الخصوم فى مقابل ملائكة الديمقراطيين السياسة الامريكية ليس بها اى ملائكة ياعزيزى فقط انواع مختلفة من الشياطين وليس لهم علاقة بالشعبوية فقط علاقتهم برؤوس الاموال لا ‏‎‎كل مشكلة ترامب انه فوضوى لم يلتزم بقواعد اللعبة الامريكية لهؤلائك الاسياد وبفوضويته فضحهم والامر كله ليس له علاقة بالشعبية كل الامر مرتبط حكام الولايات والقضاة الذين لكى يصلو لمناصبهم لابد من دعم اسياد واباطرة الاموال وليس الشعب

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش