تعاطي المنشطات وقايةً من الجائحة!

تعاطي المنشطات وقايةً من الجائحة!
الإثنين 25 يناير 2021 - 00:50

مستحضرات فوق العادة

يمر إنسان الألفية الثالثة؛ في الآونة الأخيرة؛ بفترة زمنية عصيبة ألقت بظلالها على جميع مرافق الحياة جراء انتشار وباء كورونا، وما رافقه من إجراءات وتدابير احترازية؛ وصلت إلى مستويات قياسية في العزل والتباعد والهجر والحجر الصحي.. بل امتدت آثارها إلى موروثه وأنماط عيشه وتقاليده وسبل تعليمه وتفكيره… وإلى هذا؛ وكردود فعل لغريزته في البقاء؛ راح يبحث عن تأمين وجوده وصيانته، فتفرقت به السبل بين الإذعان لهذه الأنماط السلوكية الجديدة التي فرضها الفيروس كوفيد -19، وبين الانسياق وراء “أكاسير الحياة”؛ و”الوصفات السحرية” التي ما فتئت الميديا الشعبية ومنصات التواصل الاجتماعي تفجرها بين الحين والآخر، بصور وأشرطة محتالة، لا يملك الإنسان ضعيف الوعي أمامها سوى أن يختار “نوعية الجرعة” التي تتوافق مع وضعيته ومحيطه؛ وصفات تتنوع بين مستحضرات شعبية وأخلاط كيماوية ودخينات تبغية أو أشربة روحية أو منشطات…

وقد كان للحجر الصحي الذي خضعت له كل الأمم والشعوب تداعياته السيكوسوسيولوجية الخطيرة، عدى وطأته الاقتصادية القاسية؛ حبلت بها تقارير منظمة الصحة العالمية التي همّت مؤشرات ارتفاع معدلات الجريمة والطلاق والانتحار.

رغم الحجر الصحي في مجال التنقل

على الرغم من تعطل وسائل النقل في أجزاء كثيرة من العالم فقد ظلت تجارة المخدرات رائجة عبر ممرات بحرية وبرية، ووجدها تجار المخدرات فرصة سانحة بتحويل المواد، على سبيل المثال، من الهيروين إلى المواد الأفيونية الاصطناعية، والقيام بترويجها على أساس أنها مضادات “حيوية” لفيروس كورونا. ووفق تقديرات المكتب الأممي المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2020 فإن حوالي 269 مليون شخص تعاطوا المخدرات خلال عام 2018، إلا أن هذا الرقم عرف قفزة ملحوظة خلال عام 2020؛ مع بداية ظهور الجائحة إلى حوالي 280 مليون شخص.

وفي السياق ذاته وارتباطا بموضوع الإقبال على المنشطات، أسفر بحث: Alcohol And Drug Use Increase COVID-19 Pandemic، أجراه الباحث Emilis Marrero، داخل عينة مكونة من 1000 أمريكي، عن النتائج التالية:

* نسبة المتعاطين للكحول ٪88؛

* نسبة المتعاطين للماريخوانا ٪37؛

* نسبة المتعاطين للكوكايين ٪15؛

وقد عبر العديد من المشاركين عن الأسباب والدواعي التي حملتهم على إقبالهم على هذه المنشطات كما يلي:

* لمقاومة الإجهاد…. ٪53؛

* للتخفيف من الشعور بالملل…. ٪39؛

* للتعامل مع الأعراض الصحية العقلية مثل القلق والاكتئاب…. ٪32.

عادات مغربية تناسلت مع الجائحة

غني عن البيان أن الأمية الأبجدية ما زالت تضرب أطنابها في أوساط المجتمع المغربي، وزادت وسائط التواصل الاجتماعي أن رسخت فيه الثقافة الشعبوية التي أصبحت أبرز منهل تكرع منه معظم الشرائح الاجتماعية، وفي هذا السياق نلاحظ أن كل ظاهرة استجدت أو حادث عابر؛ إن على المستوى السياسي أو السوسيواقتصادي؛ إلا وتنبري له هذه المنابر فتتداولها على أوسع نطاق؛ في شكل آراء ومواقف وحلول ووصفات، بمختلف الأصناف، يجد فيها المريض “ضالته” والمدمن “وجهته” والحائر “مخرجه” والمجرم “أسلوبه” والجائع “غايته” والمسامر “محفله”، فيكفي فقط للواقف على عتبتها أن ينقر الأحرف الأولى لبغْيته حتى تنهال عليه البوابات ليكتال منها ما يشاء!

وبخصوص جائحة كورونا؛ وخلال الحجر الصحي الذي رافقها؛ لاحظنا أنماطا سلوكية شرعت تنتشر بين المغاربة في التعاطي مع الوباء؛ منها إطلاق بخور مواد عشبية و”التنفيحة” أو “طابا” والتي يرى فيها أصحابها أنها تمثل “دقّة بطْلا” للعدو الكوروني؛ بينما ذهب آخرون إلى “عودْ النّوار” وأن دفن حبة منه تحت اللسان كافية لتغلق المنافذ على الفيروس، إلا أن هناك نسبة كبيرة من المغاربة؛ وتحت وطأة الحجر الصحي؛ بدأت تتعاطى للمنشطات والمنبهات الكيماوية وغيرها؛ منهم من جعل من فيتامين سي 1000 ديدنه حتى إن الصيدليات بدأت؛ في الآونة الأخيرة؛ تشكو نقصا حادا في هذه المادة. هذا ودون أن ينسينا أن نسبة لا بأس بها من الشباب وجدت في تعاطيها للمخدرات الصلبة “دواء” جراء تزايد الضغوطات والشعور بالاكتئاب أو فراغ الجيب من المصروف اليومي، لذا لاحظنا السلطات الأمنية المغربية كانت تتصدى في كل يوم بالكاد إلى شحنات كبيرة من المخدرات في طريقها إلى التسويق، علاوة على ارتفاع أسعارها.

وعموما يمكن القول بأن اتباع هذه الأساليب اللاصحية؛ في تخطي تداعيات كورونا؛ قد فجّر قضايا عديدة؛ منها ارتفاع معدلات الطلاق والانتحار والجريمة المنظمة، فضلا عن الوفيات المحتومة والسلوكيات الخرقاء؛ مما يؤشر على أن الثقافة الشعبوية؛ وفي تعاطيها مع الوباء؛ لم تُذِقْ المغاربة إلا المرارة وتعقيد الأوضاع، فكان حريا بالسلطات السياسية؛ وعلى رأسها رئيس الحكومة أن يفند هذه الأطروحة ويدعو المغاربة إلى استشارة الأطباء وأهل الاختصاص؛ بدلا من استشارة الدّجل والدجالين والركون إلى ثقافة “فيسبوك”!

‫تعليقات الزوار

3
  • كريم
    الإثنين 25 يناير 2021 - 08:19

    راه مع الفقر وانعدام آفاق الشغل والحقوق، يمكن للإنسان أن يشرب أو يأكل شيء لإنهاء حياته أفضل له من الموت البطيء، تصوروا حتى مقدم الحومة أصبح سبع كيف يمكن لك أن تلقاه وتطلب منه الحصول على وثيقة..؟ القضايا تأخرت في المحاكم ينبغي لك انتظار سنوات ضوئية ليتم عرض القضية أما التداوي في المستشفيات العمومية خاصك موعد اديال عام ولا عامين… خاص شيوزاىا الجديدة سميتها سير الضيم

  • كورونا قتلت الحركة
    الإثنين 25 يناير 2021 - 11:47

    الوضع صعب جدا، الوباء شل الحركة في كل القطاعات، الحكومة غائبة ماذا سيفعل الإنسان ليعيش لقد باع كل شيء ولم يتأخ عن بيع نفسه في السوق إذا وجد من يشتريه مقابل العيش… اللهم الطف بنا

  • هناك فجوة...
    الإثنين 25 يناير 2021 - 16:26

    كبيرة اتسعت بين الفقراء و الأغنياء بسبب كورونا، من تداعياتها ارتفاع منسوب التوتر داخل المجتمعات وربما عمل على تفجير الأوضاع بها إذا لم تسارع الحكومات إلى تطويق الأوضاع بتخصيصها لإعانات مالية عاجلة لذوي الدخل المحدود، أما تزيار السمطة فلن يفيد الحكومة في شيء سوى تفاقم الأوضاع

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين