دعم المغرب في مواجهة الانفصال والإرهاب واجب أممي

دعم المغرب في مواجهة الانفصال والإرهاب واجب أممي
السبت 5 دجنبر 2020 - 23:21

يتأكد لدول العالم، يوما بعد آخر، الدور الرئيسي الذي يلعبه المغرب، ليس فقط في تأمين تنقل البضائع والأشخاص بين إفريقيا وأوروبا عبر معبر الڴرڴرات الشريان الحيوي الوحيد الآمن في شمال غرب إفريقيا، ولكن أساسا التصدي لخطر الإرهاب الذي بات يتهدد العالم بأكمله على مستويات عدة أهمها:

1 ــ المستوى الأمني: خصوصا بعد أن صارت القارة الإفريقية الوجهة البديلة للتنظيم الإرهابي “داعش” إثر انهيار “دولة الخلافة” المزعومة التي أقامها على أجزاء واسعة من أراضي العراق وسوريا وتضييق الخناق على عناصره. فالتنظيمات الإرهابية تستغل هشاشة دول الساحل والصحراء وعجزها عن حماية الحدود ومراقبة مجموع التراب الوطني بسبب ضعف قدراتها العسكرية، وكذا شساعة المساحة الصحراوية المنفلتة من أية مراقبة أمنية أو عسكرية (10 ملايين كلم مربع)، فضلا عن النزاعات العرقية والدينية التي تنخر كثيرا من الدول الإفريقية (الصراع بين قبائل الفولاني والدونزو والطوارق في مالي الذي تستغله التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم “داعش” الذي أسس جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في مارس 2017 بعد اندماج أربع حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي ضد الدولة، الصراع العرقي في موزنبيق حيث بات تنظيم “داعش” ينفذ سلسلة هجمات واسعة بعد التحاق “جماعة الشباب” بالتنظيم وتزايد عدد مقاتليها وارتفاع وتيرة هجماتها التي تجاوزت 370 هجوما منذ هجومها الأول على مركز للشرطة في عام 2017، الصراع العرقي/الديني في نيجيريا بين قبيلتين كبيرتين هما: “الهاوسا” في شمال البلاد وأغلبهم مسلمون، وقبيلة “الإيبو” وغالبية أفرادها مسيحيون، وتستغله جماعة “بوكو حرام” التي استطاعت أن تكسب العديد من الأنصار وتستقطب المقاتلين من أوساط الشباب من قبيلة الهاوسا: بلغت نسبة قتلى العمليات الإرهابية في نيجيريا نحو 13% من إجمالي العمليات حول العالم، حيث ارتفعت نسبة الوفيات بمقدار 33% في عام 2018 مقارنة مع عام 2017. وقد وصل عدد القتلى بسبب العمليات الإرهابية في عام 2018 إلى 2040 شخصا، وأصيب نحو 772، ضمن 562 عملية إرهابية، حسب مؤشر الإرهاب لعام 2018).

2 ــ المستوى الاقتصادي: إذ يتخذ الصراع بين الإثنيات المختلفة صوراً عديدة، في مقدمتها ما هو اقتصادي. فالتنظيمات الإرهابية تستهدف الدول التي تمتلك ثروات طبيعية ضخمة عبر استغلال الصراعات العرقية والدينية بين القبائل. فـ”داعش” الذي فقد مصادر تمويله وقوته في العراق وسوريا، يسعى للبحث عن أماكن أخرى غنية بثرواتها في إفريقيا وشرق آسيا. لهذا أصبح “داعش” التنظيم الإرهابي الأكثر نشاطا في عدد من الدول الإفريقية كموزمبيق مثلا. ذلك أن خطره لا يقتصر فقط على المدنيين (آخر عملياته الإرهابية ذبح 40 طفلا داخل ملعب لكرة القدم)، بل نجده يركز عملياته في المناطق الغنية مثل إقليم كابو ديلجادو بشمال موزمبيق الذي يضم أحد أكبر اكتشافات الغاز في العالم خلال السنوات العشرة الأخيرة، وسيحول البلد إلى رابع أكبر دولة في العالم من حيث احتياطي الغاز. كما تشتهر مقاطعة كابو دلجادو بأنها المركز الاقتصادي الأضخم في موزمبيق بفضل توفرها على أكبر رواسب للياقوت الأزرق الوردي في العالم (العمليات الإرهابية في موزمبيق تهدد مباشرة مصالح شركة “جيم فيلدز” البريطانية التي تنتج حوالي 40% من الصادرات العالمية من الياقوت، كما يهدد استثمارات شركتي “أناداركو” الأمريكية و”إيني” الإيطالية بحقول النفط والغاز الكبيرة في كابو دلجادو).

أما مالي فتتميز بكونها تحتل المرتبة الثالثة إفريقيا في إنتاج الذهب بواقع 61. 63 طنا سنويا، فضلا عن توفرها على ثروات معدنية هائلة تجعلها ضمن أهم الدول الأفريقية إنتاجا ومخزونا للمعادن، مثل اليورانيوم، الذهب، الفوسفاط، الجرانيت، الكاولين، الحجر الجيري، والبوكسيت.

كما تعد بوركينا فاسو واحدة من الدول التي تستهدفها التنظيمات الإرهابية لما تتوفر عليه من ثروات ترتّبها كثالث أكبر منتج للذهب في غرب إفريقيا بواقع 52 طنًا سنويًا. وهذا الذي جعل التنظيمات الإرهابية تكثف من هجماتها على المناطق الغنية بالثروات بدول الساحل ووسط إفريقيا. إذ لم يعد خافيا ما يكلفه الإرهاب من خسائر اقتصادية ومالية.

فقد سبق لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2018 أن أشار إلى أن أوضاع الأمن المضطربة وتعليق العمل بالمناجم، يعطي إشارات سيئة للغاية للمستثمرين الأجانب. فبالإضافة إلى التكلفة البشرية للإرهاب (مئات الآلاف من القتلى والمهجرين) توجد التكلفة الاقتصادية، بحيث بلغت خسائر إفريقيا سنة 2019 حوالي 13 مليار دولار أمريكي بسبب العمليات الإرهابية، حسب المؤشر العالمي للإرهاب.

والخطير في الأمر أن الخسائر الناتجة عن الإرهاب في ارتفاع متسارع؛ بحيث انتقل نصيب إفريقيا من التداعيات الاقتصادية العالمية للإرهاب من3٫1 في المائة عام 2007 إلى 49٫2 في المائة سنة 2019. فالإرهاب كلّف مثلا دولة مالي سنة 2018: 1. 4% من الناتج الوطني الخام، وكلف نيجيريا 2. 7%، والصومال 1. 1%، وكلف ليبيا 1. 2%، حسب المؤشر العالمي للإرهاب الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام للعام 2019. وبلغت خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة العمليات الإرهابية بشكل خاص، عام 2015، ما مجموعه 122 بليون دولار.

وتجدر الإشارة، حسب المؤشر ذاته، إلى أن تقديرات التكلفة هذه “ستكون أعلى بكثير إذا ما جرى احتساب خسائر استثمارات التجارة والسياحة والنشاط الاقتصادي غير الرسمي والنفقات الأمنية الإضافية ومكافحة الإرهاب واللاجئين والمهجّرين داخليا”.

إذن، أمام هذه المخاطر التي تتهدد إفريقيا وكل دول العالم، خاصة أوروبا وأمريكا والصين وروسيا، بات مفروضا على الدول المتقدمة دعم الدول الإفريقية في حل مشاكلها الاقتصادية والسياسية للجم حركات التمرد والانفصال التي يستغلها الإرهابيون، فضلا عن الدعم العسكري واللوجيستيكي لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية.

وفي هذا الإطار، فإن ما يقوم به المغرب من جهود أمنية وعسكرية لا يقتصر مفعولها على حماية وتأمين الحدود الوطنية من اختراق وتهديدات الإرهابيين المتواجدين في منطقة الساحل والصحراء، وإنما أيضا حماية كل أوروبا. وكلما تأخرت الدول الغربية في حل النزاعات السياسية بين الدول الإفريقية وتحجيم حركات التمرد والانفصال، فإنها ستوفر كل أسباب تمدد الإرهاب وتعاظم خطره في إفريقيا؛ بحيث ستتحول تلك الحركات إلى فروع للتنظيمات الإرهابية مثلما حدث ويحدث في مالي ونيجيريا والكونغو وموزمبيق وبوركينافاسو، وحتى عصابات البوليساريو التحق العشرات من عناصرها بالتنظيمات الإرهابية (عدنان أبو الوليد الصحراوي كان عضوا بالبوليساريو ثم التحق بتنظيم القاعد فداعش حيث صار زعيمه في الصحراء الكبرى، سبق للسيد عبد الحق الخيام، مدير المركز الوطني للأبحاث القضائية، أن صرح في أبريل 2017 بأن ما لا يقل عن مائة عضو من البوليساريو انضموا إلى تنظيم داعش).

إن زمن دعم حركات الانفصال والتمرد للهيمنة على الثروات الطبيعية قد ولى بعد أن صارت التنظيمات الإرهابية هي المستفيد الأول من تلك الحركات.

‫تعليقات الزوار

4
  • فريد
    الأحد 6 دجنبر 2020 - 10:43

    ماذا لو أعدنا أمر الصحراء المغربية إلى l'origine إلى مابعد 68 والثورة الطلابية وتغلغل الشيوعية في إفريقيا ومحاولتها السيطرة على كل شيء:في مصر كان هناك نظام عبدالناصر القومي العربي الإشتراكي،ليبيا كانت في بداية جماهيرية القدافي وماأدراك مالقدافي،الجمهورية الإشتراكية الجزائرية وأحلامها الإشتراكية،ثم جمهورية-ملكية بورقيبة(كموكابي في الزيمبابوي)،ومخزن الحسن الثاني،تفطن بومديان ألى وجود إستعمار إسباني في الصحراء وبإسم الإشتراكية وطمعا في منفد للجزائر على المحيط الأطلسي(هذا ماكان الملك الحسن يُردده) قام بتجميع ثوار الصحراء(كل دوي التوجه الإشتراكي من الطلبة الصحراويين المغاربة) تابع

  • فريد
    الأحد 6 دجنبر 2020 - 10:48

    لملمحاربة المستعمر الإسباني ولكن الصراعات الداخلية في تنظيم البوليزاريو حالت دون بداية المقاومة المسلحة وكان كل هذا قبل سنة 1975،عندها تفطن المخزن إلى الأمر وقام بالهجوم المضاد أي الإستعانة بشيوخ وأعيان القبائل التقليديون(ضد الشباب الثائر المتشبع بالأفكار الإشتراكية) وجاءت فكرة البيعة التاريخية وتقسيم الصحراء بين بلدين تقليديين(المغرب وموريطنيا) على حساب الجزائر(التقدمي) أي أصل المشكل هو صراع إيديولوجي لأنه تاريخيا إمتداد المغرب يصل إلى نهر السينيغال وتمبوكتو في مالي والجزائر يطبق عليها قول ما لنا لها وما لها لنا،وبلاد شنقيط منبع دولة المرابطين الأمازيغية هي جزأ من المغرب وماكان أن يُسمح للعرب الرحل بإقامة سد(دولة)بين المغرب ونهر السنيغال وهذا لأن أمن التجارة والطرق في غرب إفريقيا كان من واجبات مراكش ولايمكن اليوم القبول بالتقسيم الإستعماري اللهما إلا بالتوافق

  • Amaghrabi
    الأحد 6 دجنبر 2020 - 12:37

    سيدي سعيد المحترم اسعدك الله في عشك مع وزجك وابنائك ان شاء الله,اضافة الى ما قلت الاترى معي سيدي ان الدولة الجزائرية الحالية دولة ارهابية وتغذي الارهاب فوق ارضها في مدينة تندوف المحتلة وفي مالي التي تستغل فقرها والازمة السياسية التي تعيشها وهي ترهب الشقيقة مريطانيا مما جعلها تعترف بالكيان الوهمي الذي صنعته من اجل معاكسة المغرب.لا بد من مغربنا واصدقائنا واشقائنا ان نبلغ هذه الدولة المارقة الى مجلس الامم المتحدة ويتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته ازاء هذه الدولة التي ترهبنا كمغاربة وترهب شقيقة مريطانيا والجزائر اما ليبيا فقد شتتها واصبح المغرب يشارك في تجميع شتاتها.الجزائر دولة ارهابية وتصنع الارهاب وحتى الارهاب الذي وقع فيها في بداية التسعينات كان من صناعتها

  • jamal
    الثلاثاء 8 دجنبر 2020 - 01:10

    ا نت على حق الارهاب يهدد افريقيا ولا غرابة من اعطاء الضوء الاخضرلتتبع حركات الارهابيين للمغرب من طرف الامم المتحدة وذلك بتاءسيس مركز خاص في المغرب مهمته متابعة الارهاب ومحاربته

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش