رئيس وبلطجي

رئيس وبلطجي
الخميس 3 فبراير 2011 - 18:39

في الاستبداد نصيب من الحمق لا يخفى، ولهذا فإن المستبد مصر على حمقه حتى يأتيه اليقين أو الطوفان، وإلا فكيف يمكن تفسير تصامم وإصرار الرئيس المصري، وهو نموذج للحاكم العربي،على البقاء رغما على شعبه.


فليرحل الشعب وليبق فخامة الرئيس !فليمت الشعب وليحي الزعيم !. هكذا هي المعادلة التي تفسر عندي ارتفاع نسبة السكر وضغط الدم والأمراض النفسية عند الشعب المصري من ثلاثين سنة، فقد فسدت الحياة برمتها وفسد العمل السياسي وانقلب إلى فتنة صماء وانقسام مهلك.


ما من شك في أن ما تابعناه من تعنت وتجنيد لعصابات الإجرام وعناصر الداخلية من أجل الهجوم على المتظاهرين المسالمين بساحة التحرير والداعين لتنحي الرئيس “العجوز” هو مرآة تعكس الإدارة البلطجية للأزمات.


إن حسني مبارك ببلطجته وتمزيقه لشعبه ارتقى ليكون مجرم حرب يقتفي آثار فرنسوا دوفاليه François Duvalierطاغية هايتي حذو القدة بالقدة ، بل هو من خريجي مدرسته في الإدارة والحكم حتى إن الرجلين يكادان يمثلان صورة واحدة.


لقد اعتمد دوفاليه على آلية الإلهاء،فأشغل الريفيين بالأعياد والاحتفالات الفارغة عن جرائمه، ومثله يفعل مبارك فإعلامه الجهنمي بقنواته التتفيهية التي لا تنتهي قد خدر الشعب المصري بالمسلسلات والسهرات والبرامج الهابطة، وبسياسة التضليل الإعلامي استطاع زمرة من المنافقين والمنافقات والمتسلقين والمتسلقات الإعلاميين والإعلاميات أن يؤجلوا الثورة الشعبية لسنوات بتطبيلهم لباطله على مدار24 ساعة.


ومثلما أعلن دوفاليه حالة الطوارئ والعمل بالقوانين العرفية ، جرى خلفه مبارك فأعلن الطوارئ ليكمم الأفواه ويحكم قبضته على الشعب، فالطوارئ تعطي الحق للحاكم أن يضحي بالناس دفاعا عن “الأمن والسلام المزعومين”، ويطلق العنان للمزاجية السخيفة للحاكمين.


وإذا كان دوفاليه نموذجا للعمالة الأمريكية بسماحه للولايات المتحدة أن تبني قاعدتها الصاروخية في بلاده، فإن مبارك قد فاق كل التوقعات والتكهنات بعمالته لأمريكا وطفلتها المدللة إسرائيل، حتى إن رحيله بات يوجع الحكام الصهاينة، لشدة إخلاصه وتفانيه في خنق المقاومة في غزة التي أقضت مضاجع المحتل، ولن ينسى له التاريخ أبدا أنه قتل آلاف الفلسطينيين بالجدار الأمني العار الذي أكمل به مفاخره وآثاره.


كان دوفاليه ساديا يحب الدماء ولهذا كون جهاز الأمن من ميلشيات المجرمين وخريجي السجون الذين كان يلبسهم الزي الأزرق ويزودهم بأدوات الفتك والقتل من المسدسات والسواطير للنيل من كل معارض، وللمزيد من ترعيب وترهيب الناس كانت الميلشيات تحمل نظارات سوداء يتطاير الشرر من أعين حامليها، وقد أخذ مبارك “الشاطر” عن دوفاليه هذه الخبرة السادية فبات جهاز الأمن عنده جماعة من محترفي الإجرام الذين لا يتورعون عن فعل أي شيء من أجل بقاء الرئيس البلطجي وعصابته من”الحزب الوطني”، وهاهم اليوم يقتلون الشعب المصري من أجل راحة الرئيس وإثبات شعبية الرئيس “المريض”.


لقد قضى دوفاليه على كل معارضة تنتقده بالسجن والنفي والتعذيب وحول الجمهورية إلى ملكية، وكذلك كان التلميذ “النجيب” في مدرسة الاستبداد حسني مبارك الذي استحال إلى أستاذ مبرز في أكاديمية الاستبداد، لم يترك الرئيس، الذي ظل طوال عمره يحلم أن يكون”السلطان الأبدي”، معارضا إلا وزج به في السجن أو نفاه أو سلط عليه زبانيته من الدهماء والمخبرين كوابيس في اليقظة والمنام،… أعوذ بالله من الشيطان، وأعوذ بالله من السلطان !!


*أكاديمي ومفكر مغربي

‫تعليقات الزوار

1
  • rifi marocain
    الخميس 3 فبراير 2011 - 18:41

    سبحان الله خمسة اشخاص يملكون خمسين مليار دولار واكثر من ثلاثين مليون شخص لا يملكون حتى القوت اليومي هذا هو حال الشعوب العربية مع حكامهم والدليل الحي من مصر

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة